الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفجيرات اليوم واللجان المناطقيه من جديد .

فيصل البيطار

2010 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


في مقال سابق تناولنا أهمية تشكيل اللجان المناطقيه الشعبيه في حماية الأحياء والشوارع والمناطق والأسوق الشعبيه ، رود فعل الساده القراء كانت متفاوته ولكنها بمعظمها رافضه ومتخوفه من هذه اللجان .
تفجيرات اليوم المتزامنه والشامله تدفع الموضوع ثانية للمقدمه . التفجيرات تحمل بصمات القاعده حسب رأي المحللين ورأينا، رغم النجحات اللتي حققتها أجهزة الأمن في مطاردة القاعده وتصفية بعض رموزها من القياديين، التجربة تقول إن في باكستان أو العراق أن تصفية بعض الرموز القياديه ليس من شأنه أن يقطع دابر الإرهاب، وقد إستمر تنظيم القاعده في بلاد الرافدين تحت واجهة دولة العراق الإسلاميه في رحلة التفجيرات والقتل العشوائي رغم مقتل قائده السابق الزرقاوي، وها هم يستقبلون العراقيين اليوم بتفجيرات داميه وقاسيه جديده ولم يمر سوى أيام معدودات على مقتل زعيميها والقاء القبض على واليها والشخص الأول في مدينة بغداد ، ورغم الحملات الأمنيه المستمره في بغداد وحمرين وغيرها .

في الجزائر لم يتم دحر الإرهاب الديني التكفيري إلا عن طريق تلك اللجان الشعبيه، وتجربة الصحوات تخبرنا أن العامل الأساسي في دحر الإرهاب كان بسبب من دور اللجان الشعبيه تلك بمسميات الصحوات، ليس في المنطقه الغربية وحدها، إنما في أحياء بغداد وجنوبها خاصة حيث كان الإرهاب هو المتسيد والمقرر مصير تلك الأحياء والمرتكز الذي تنطلق منه في عملياتها الإجراميه في كل أنحاء العاصمة . لجان الصحوات والتي جاءت بمبادره أمريكيه أولا، كان لها أن تستوعب العاطلين عن العمل من الذين أرغموا بفعل ظروفهم الإقتصاديه على العمل كإرهابيين برواتب شهريه، وهي التجربه التي يحاول الأمريكان تعميمها في باكستان وأفغانستان بشكل خجول إستنادا إلى سياسة أوباما الخجولة ذاتها والتي تراجعت كثيرا عما حققته سياسية سلفه بوش عام 2007 من تقدم على صعيد دحر الإرهاب . السياسة الإنتقاميه بواسطة الطائرات بدون طيار من شأنها أن تتصيد بعض القاده وتوقع بهم، لكن دحر الإرهاب بشكل نهائي وكامل أعقد من هذا بكثير، الإرهاب ومهما إتخذ من أشكال، بل والنضال الوطني والطبقي الثوري، لا ينتعش ويتقدم ليحقق المنجزات على الأرض إلا بتوفر حاضنة إجتماعية تؤمن له الدعم المالي والسلاح والمعلومات وحرية الحركه وكل أشكال الدعم اللوجيستي والعلاقات الإجتماعيه، كل تجارب الشعوب التي قاتلت تؤشر نحو هذا المنحى، وهو الأمر الذي على الساسه العراقيين أن يحملونه محمل الحقيقه الراسخه دون إغماض الأعين والإرتكان إلى نشوة مقتل هذا القائد الإرهابي أو ذاك .

مازلنا مصرون على أن معالجة الوضع الأمني في العراق لا يتم فقط عبر أجهزة الجيش والشرطه وباقي الأجهزه الأمنيه، على أهمية الدور الحكومي هذا . لنا أن نقول ونحن مطمئنون أن دور أصحاب المصلحه الحقيقيه في إرساء الأمن وإبعاد شبح القتل وتفجير الأسواق هو الدور الحاسم في وضع العراق الحالي، ومهما تزايد أعداد أفراد الأجهزه الأمنيه، ومهما إمتلكت من وسائل قتاليه وكلاب بوليسيه، فإن الإرهاب لن يتوقف أبدا مع وجود من يحضنه ويقدم له الحماية والدعم على نطاق واسع، الم تلاحظ دولتنا العتيده وسياسيونا وعسكريونا الأفذاذ، إنقطاع دابر الإرهاب في المحافظات الكوردستانيه والمحافظات الجنوبيه إلا ما ندر ؟ ببساطة شديده، الأمر لا يعدو عن كونه إفتقار الإرهاب في تلك المحافظات لحاضنته الإجتماعية وليس بسبب من نشاط وأهلية أجهزة الأمن هناك وهو الذي لا يختلف في جوهره وآلياته عن نشاط وأهلية الأجهزة في المحافظات التي يعبث الإرهاب بها، وهو ما يجب أن تعمل عليه الحكومة العراقية وبشكل سريع، بالتخلص من سياسة وأيدلوجية الدولة المركزيه أمنيا نحو سياسة الدولة المتفاعلة بشكل حي وخلاق مع أصحاب المصلحه في العيش بأمان .

كما أكدنا من قبل، اللجان الشعبية المناطقيه سوف تتشكل من أبناء المنطقه ذاتها، بعمل تطوعي أو برواتب رمزيه، ستكون مسلحه وتضطلع بمهمات الدوريه الثابته والمتحركه والتفتيش والتوقيف الإحترازي بل وحتى الإشتباك مع من يحاول إقتحام المنطقه لأغراض تخريبيه، هذه اللجان لن تعمل وحدها، بل بالإتصال والتنسيق الكامل وتحت إشراف الإجهزه الأمنيه ذاتها من خلال غرفة عمليات مشتركة جماهيريه - أمنيه وعلى مستويات شامله وتصاعديه، ولا داعي أبدا للتخوف منها، الذي سيرهبه الفعل الجماهيري ويخافه، هم من يضمرون له شرا ويسعون لتفجير أحيائه وأسواقه، وهم أيضا ممن لا يثقون بقدرة الجماهير وفاعليتها ويرهنون دورها وتلك الفاعلية والقدرة بجرها نحو صناديق الإقتراع والتصفيق والتهليل واللطم في المناسبات الدينية وغيرها لا أكثر .

الشهداء حتى هذه اللحظه ثمان وسبعون شهيدا والجرحي مائتان وخمسون ومنهم المخطرون، والخسائر في المملكات كبيره، ولنا أن نتوقع في المستقبل القريب عمليات إرهابيه جديده وقاسيه ودموية كما عودتنا خلايا الإرهاب التكفيري، ولا تكفي الإدانة اللفظيه، المطلوب فعل على الأرض يستند إلى الجماهير ذاتها بآلية مشتركة وفعالة معها ودون تخوف منها أو تردد . هذا لاينفي سيادة الدولة بالتأكيد عندما تكون هذه السيادة لصالح الجماهير نفسها وبمشاركتها الفعالة .

تخليص الإرهاب من حاضنته الإجتماعيه، لا يتم فقط عبر آليات الدفاع عن المناطق أمنيا، سياسة الدولة الإقتصادية والإجتماعيه لها من الأهمية ما يفوق أو يتوازى مع أهمية تشكيل اللجان المناطقيه، تعويض أهالي الشهداء والجرحى وبناء ما دمره الإرهاب خطوة مهمه على الطريق، لكن الأهم من هذا، هو الإلتفات بشكل جدي لمشاكل البطالة ونظام الخدمات في الكهرباء والماء والمياه الثقيلة والطرق والصحه والتعليم ورعاية الأسر الفقيره ... وكم هائل من المشاكل يرزح تحتها المواطن العراقي ويئن من وجعها، وهو ما يمثل أرضا خصبه للإرهاب في التحرك وسطها . المواطن لا يشعر بمواطنته لمجرد إنتمائه في بطاقة هوية، وإلا لما هاجر أحد وترك وطنه، المواطنه فعل متبادل بين نظام الخدمات وتأمين المصالح الإقتصاديه والإجتماعية وبين المواطن نفسه، وعليه وبقدر ما يؤمن الوطن من حياة كريمه وحريات لأبناء شعبه، بقدر ما إشتدت صلته به وتلاصقت مصلحته معه، ولندع الشعارات القوميه اللفظيه جانبا في فهمها للوطن والمواطنه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثمن
عبد الكريم البدري ( 2010 / 5 / 10 - 20:08 )
اخي فيصل
عمت مساءا
مقترحك هذا يذكرني بالمثل العراقي الذي يقول يكد ابو كلاش وياكل ابو جزمة. يعني الحكام اهل المصائب في المنطقة الخضراء وعوائلهم تعيش في اوربا واحنا ولد الخايبة تريدنه نصد ألأرهاب؟ لو عندك رأي آخر لم افهمه؟
تحية وتقدير


2 - الاخ عبد الكريم البدري
فيصل البيطار ( 2010 / 5 / 10 - 20:14 )
نعم أخي كريم ، في ظل عجز الدوله يصبح مساهمة اصحاب المصلحه في الإستقرار والأمن مهمة وضروريه ، وقد بينت أهميتها في الجزائر وتجربة الصحوات ، ليست الدوله هناك ولا هنا هي التي أنهت الإرهاب بل الناس اصحاب المصلحه .
تحيه لك أخي كريم وسلام .


3 - الارهاب وارقام السيارات واجازات السوق
على عجيل منهل ( 2010 / 5 / 10 - 20:43 )
الاخ الفاضل الاستاذ فيصل حياك الله على هذا المقال المبدع والعميق. واود ان اوضح لك ان كل التفجيرات او اغلبها تتم بالسيارات هل تعرف لحد الان لاتوجد ارقام للسيارات بشكل دقيق واغلب السواق بلا اجازات سوق وفبل شهر وقعتوزارة الداخلية وبموافقة مجلس الوزراء عقد مع تركيا التى تقطع وتقلل مياه د جلة والفرات عن العراق وقعت عقد لعمل وتنظيم ارقام السيارات واجازات السوق بمبلغ خيالى 81 مليار دينار نعم 81 مليار دينار عراقى ان الحرص على الدم العراقى والاموال العراقية معدومة عند حكومة الاسلام السياسى فى بغداد وان الجماهير والحركات المناضلة يجب كما اقترحت انت ان تقوم بشكل تطوعى بحماية نفسها ومطاردة المجرمين القتلة فى المدن والاحياء والفرى والشوارع الفرعية


4 - الاخ علي عجيل منهل
فيصل البيطار ( 2010 / 5 / 10 - 20:49 )
تحيه لك اخي علي ، نعلم ان دعوتنا هذه تتعارض مع مصلحة الطبقه الحاكمه وهنا تأتي مهمة القوى الديموقراطيه في التحريض بهذا الإتجاه .... الإرهاب لن ينتهي إلا بفعل جماهيري وبالطبع متعاون مع أجهزة الدوله ، وليس دونه .
تقديري لك أخي علي ودمت .


5 - أسئلة تبحث عن أجابه
أحمد ( 2010 / 5 / 10 - 21:22 )
عزيزي أستاذ فيصل .. . أتفق معك الى حد كبير ولكن لا أؤمن أن حل مشكلة الأمن من خلال لجان شعبيه أو العشائر كما في الجنوب فنصبح ببلوتتين وأعتقد أن الأمن سيتحقق بحل سياسي وعندما يقرر الأميركان أوانه . الأسئله من هم مرجعية أرهابي العراق وهل أن هذه الجماعات عصية على أميركا فعلاً أم أنها صنيعتها وتنفذ أجندتها تحت شعارات تكفيريه لاتقنع حتى الطفل ؟ أين أبن لادن والظواهري ؟ لقد قُدم عبدالله أوجلان عربون صداقه لتركيا بكل بساطه كيف؟ دخلت العراق في ٢٠٠٤ بحقائب ضخمه لم يفتح الأميركان لي حقيبه في نقطة طريبيل فبأمكانك أن تُدخل ماشأت حتى لو متفجرات أما عند خروجك فيصادر الجندي الأمريكي حتى الشامبو وعلبة الدواء لماذا؟ تعرض المسيحيين في الموصل للقتل والتهجير لماذا تصمت الحكومه عنه وكأنه خارج صلاحياتها وتكتفي بالمواساة وعلاج المصابين ؟ لماذا ألقي الشهيد الصحفي قبل أيام في الموصل حتى يُقال أن قتلته عصابات أرهابيه ؟ ياعزيزي حارث الضاري يتنقل بين تركيا وأوربا والخليج وهو قيادي للأرهاب فهل أنه عصي على أميركا أم هي التي حمته وسهلت مهمته ؟ أشكرك والحقيقة وحق البشر من وراء قصدي .


6 - الاخ العزيز احمد
فيصل البيطار ( 2010 / 5 / 10 - 21:41 )
اعرف ان الحقيقه ومصلحة وطنك هي هدفك ، واسمح لي ان اقول ان الارهاب لم يوفر امريكا ودول اوروبا ، هذه هجمه دينيه تكفيريه مدعومه عربيا ضمن معادلة الصراع الإيراني - العربي المحافظ ، ليس الضاري وحده الذي يتجول بل دعم الإرهاب يتم ماليا وتسهيل تنقل الإنتحارين ونقل السلاح وغيره هي أجنده عربيه ضمن تلك المعادله .
احترم رأيك اخي احمد ودمت بخير .


7 - اين مخابرات وتكنلوجيا الامريكان
صباح ابراهيم ( 2010 / 5 / 10 - 21:52 )
الصديق العزيز الاستاذ فيصل
مقالك جيد وتحليله ممتاز ، وانا اؤيد كلام الاخ احمد ، لو كان الامريكان جادين بانهاء العنف والفوضى بالعراق لفعلوا ذلك. هل يعقل ان تعصى عصابات على قدرات امريكا الاستخبارية والتكنلوجية وهي تحتل العراق منذ سبع سنوات ؟ الا اذا كانت الفوضي لمصلحتها وهي من تغذي الاطراف المتقاتلة لمصلحة بقائها مادام القتل لايطال جنودها الان ، وانما الشعب والمواطن الفقير هو من يقاسي مآسيها ويخسر من ابناءه كل شهر ما لا يقل عن 400 مواطن شهيد عدى الجرحى.
لقد اكتشف الامريكان السيارة المفخخة في احد شوارع نيويورك قبل ان تنفجر, ولم يكن للارهابي الباكستاني شريك بالعملية والقي القبض عليه بعد يوم او يومين من كشف السيارة . فلماذا لايتم الكشف عن عصابات القاعدة وما يسمى بدولة العراق الاجرامية في العراق؟ اين مخابرات وتكنلوجيا الامريكان ؟


8 - العزيز صباح ابراهيم
فيصل البيطار ( 2010 / 5 / 10 - 21:59 )
امريكا خسرت في العراق ما يقارب 3500 جندي وحوالي 6 تريليون دولار في حربها مع الإرهاب ، نحن لا نعتقد ان الأمريكان قادرين على إنهاء الإرهاب بشكل كامل ويعرضوا عنه .
الإرهاب التكفيري منظم وفاعل وله إمتدادت داعمة في الدول العربيه وله حاضنه إجتماعيه تأويه وهو ما يجب معالجته .
تحية ود لك أخي صباح ودمت بخير .


9 - اختراق البعث للاجهزة الامنية والرشوةهما الداء
ابومودة ( 2010 / 5 / 11 - 05:45 )
الحبيب الوفي الاستاذ البيطار
طاب صباحك ايها العزيز
لازال في بغداد وجود اعداد غير قليله من المصريين (المتشددين) منذ ثمانينات القرن الماضي وهؤلاء تم توطينهم وتشجيعهم من الزواج من عراقيات
ولهم علاقات جيده مع الاجهزه الامنيه البعثيه المقبورة وهم مادة خصبة للارهابيين وداعم قوي لعودة البعث
ونفوذ مصر وسيطرتها على الكثير من القوى السياسية و الدينية والقومية السنية واضح وعلني اذ ترفض اعطاء اقامه لغير البعثيين والسنه
وهذا ديدن مصر وتاريخها الاسود في دعم الانقلابات الدموية في العراق والتمردات و استغلالها للخلافات القومية والمذهبية
اضافة الى ضعف الاجهزة الامنية الحالية المخترقة من قبل البعثيين
والرشوة المتفشيه بين منتسبيها اذ يتم تغيير اوراق التحقيق لاي مجرم مقابل المال
وصدق من قال ( أرسل حرامي للقبض على حرامي)فهناك من يعمل لصالح البعث في اهم مفاصل الدوله عامه والامنية خاصه
اللجان الشعبيه ضروريه في التصدي للارهاب خصوصا في الجانب الاستخباري لكن بلا تسيس او تجيير لصالح بدر والصدر وحزب كذا ومليشيا كذا للقضاء على حواضن البعث الارهابي
دوما لك حبي واحتراميومودتي ايها الحبيب


10 - اخي فيصل
نادر عبدالله صابر ( 2010 / 5 / 11 - 06:24 )
عمت صباحا
مررت من هنا لألقاء السلام عليك وتحيتك ولا يسعني الا الدعاء والأبتهال من اجل عراق عظيم ينعم بالمقراطية الحقة ويرفل بثوب الحرية متحررا من التمزق والجهل منصهر ومتمازج بين مكوناته مستلهم من ارث حضاراته التليدة المجيدة
لك كل احترام اخي الرائع فيصل ودام قلمك سيف مسلول في وجه االهمجية


11 - الصديق ابو موده
فيصل البيطار ( 2010 / 5 / 11 - 09:19 )
ويتم رفد الموجودين بإنتحاريين جدد من الخارج ، لكن الأهم ، أن هؤلاء يجدون من يحضنهم ويؤمن لهم السبل لتنفيذ عملياتهم القذره .
تحية لك صديقي العزيز .


12 - العزيز محمد الحلو
فيصل البيطار ( 2010 / 5 / 11 - 09:23 )
يسعدني مرورك ولك تحيه حاره .
تضامنك مع العراق دليل نبلك وأصالة معدنك .
كل المحبة لك صديقي .

اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24