الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كي لا نتستر على الجريمة: لنتضامن مع عارف دليلة

أكرم شلغين

2004 / 8 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أن تستدعي سلطات أمن النظام السوري وللمرة الثانية، وبفترة قصيرة، ثلاثة من أشقاء المعتقل الدكتور عارف دليلة وتطالبهم بممارسة الضغط عليه لإقناعه بإجراء عملية جراحية لقلبه فذلك واضح بدلالاته أن وضع المعتقل خطير جداً، وربما أشد حرجاً مما حكي حتى الآن. أما أن يكون استدعاء الأمن لأخوة المعتقل ينبع من الحرص على حياته فقطعاً "لا" لأن في عزله في الزنزانة وتعذيبه والإساءة إليه بهذا الشكل تكمن انطواءاتاً أبعد من قرار سجن العشر سنوات، فما صدر بحق عارف دليلة ليس قراراً بالسجن بقدر ما هو بمثابة قرار بالإعدام لمن هو في سنه وفي شروطه الصحية؛ فهم أرادوا نهايته حين نطقوا بقرارهم الاستبدادي الجائر وهو التصفية النهائية بـ"الموت البطيء" في "العالم السفلي" حيث تنعدم ليس فقط الحرية وإنما الكرامة الإنسانية، وقرار السجن بعشر سنوات لمن هو في عمر الستين في سورية يعني القرار المتعمد بعدم رؤية النور ثانية أو يعني الخروج من المعتقل ليس إلى الحرية بل إلى القبر. إنما السبب المحض لاستدعاء الأمن لأشقاء المعتقل بغية الضغط عليه لإجراء العمل الجراحي فهو أن أرباب النظام السوري محرجين من موته في داخل الزنزانة تحديداً لأن ذلك لن يخدمهم على كافة الصعد وسيصبح من الصعب حتى على أقرب المقربين إليهم المساهمة في تلميع الصورة التي يجهدون لتسويقها في الخارج قبل الداخل.

وأما عارف دليلة نفسه فجوابه واضح وصريح: لا حياة بلا حرية، ولا مساومة بأي حق منهما على حساب الآخر. فمن عزلته في السجن يعلّمنا جميعاً هذا الدرس، ومن داخل زنزانة المعتقل يقول قلبه المريض لكل الصامتين على جريمة قتل هي على وشك الوقوع: أين قلوبكم وأين تضامنكم؟ النظام القمعي السوري على وشك ارتكاب جريمة أخرى، وبسابق الإصرار والتصميم يُقتل الأستاذ الدكتورعارف دليلة والقاتل يجلس في القصر الرئاسي واسمه بشار بن حافظ الأسد، وسط صمت الجميع.

لن يغتفر هذا الصمت على الجريمة لأحد، كما لن نصمت على هذه الجريمة للنظام السوري. مطلوب منا جميعاً (وخاصة لجان إحياء المجتمع المدني) القول بصوت عال: "لا للجريمة" و"نعم للحرية"، وذلك أبسط الأقوال. عارف دليلة يستحق تضامننا جميعاً وأقل ما يمكن فعله هو إصدار البيانات والاعتصام وبدأ الحملات ومطالبة بشار الأسد الواضحة (وليس رجاؤه أو طلب رحمته) بالإفراج الفوري عن عارف دليلة (وبقية سجناء الرأي والضمير والمعتقلين السياسيين) ووقف الظلم الواقع عليه (وعلى غيره) وإعادة حقه المسلوب في الحياة بحرية وكرامة. أوليست رسالة واضحة لنا جميعاً عندما نسمع أن معتقلي الرأي في داخل السجن كانوا السباقين إلى التضامن مع عارف دليلة قبل حوالي ثلاث سنوات بأن أضربوا عن الاستراحة اليومية المقررة لهم احتجاجاً على المعاملة السيئة التي لقيها عارف دليلة داخل السجن ولأن مسؤولي السجن رفضوا تقديم العلاج له ونقله إلى المستشفى؟

عندما وقف عارف دليلة يتكلم في المنتديات وبجمهور من المئات كان الجميع يصفقون له.. والآن لا أثر لهؤلاء! أين هم من كانوا يصفقون حينها؟ أين هم وما هو موقفهم الآن من هذه الجريمة التي يرتكبها النظام؟ ألا يستحق عارف دليلة سؤالهم عنه ومطالبتهم به!؟ هل هذا الصمت من قبل الجميع لأن عارف دليلة ليس متحزباً؟ لم يكن عارف دليلة من النوع الذي يصمت على خبر اعتقال أحد، ففي منتدى الأتاسي وبتاريخ 2. 9. 2001 بدأ عارف دليلة مداخلته عن "الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول" بالتعليق على خبر اعتقال رياض الترك قائلاً: " أصبح القول جريمة، أما الفعل مهما بلغ من الخطر على البلاد والعباد، فلا يُعتبر جريمة يُحاسب عليها. آن الآوان أن نعترف بحرية الرأي والكلمة والقول، وأن نحاسب الناس على أعمالهم ونتائج أفعالهم التي يتحمّل الوطن والشعب والحاضر والمستقبل أعباءها". في ذلك الوقت كانت الناس تصفق.. واليوم يصمت الجميع والنظام يستفرد بعارف دليلة ليقتله وليستعرض عضلاته امامنا جميعاً عن قوته التي لم تخمد، ليقول للجميع أنا القوي وأنتم الضعفاء، ليقول لنا أنا أملك قوة السلاح وأنتم لاتملكون حتى قوة النطق بالكلمة، وليقول لنا أنا السيد وأنتم العبيد، أنا مالك سورية وأنتم عالة علي فإما اقبلوا بي ربكم على الأرض وكل ما يصدر عني هو من الرب أو ارحلوا عن هذه الأرض....

هذا التردي العام في الرؤيا السياسية في سورية، بل بالأحرى فقدان الجميع للبوصلة السياسية، لا يُصدق، فما سمي حديثاً بـ"بيان المثقفين السوريين" جاء اهتماماً بزيارة إياد علاوي لدمشق والإحتجاج عليها وأما جريمة قتل زميل مثقف هي قاب قوسين أو أدنى من الوقوع فلا تستحق بياناً يقول "لا للجريمة"! ولجان المجتمع المني تكرس من وقتها ما فيه الكفاية لتجتمع وتصوت لإصدار بيانات مثل بيان نفي انتماء المناضلة حسيبة عبد الرحمن إلى "اللجان" وليس لديهم الوقت والقلب ليجتمعوا على قول لا لجريمة قتل عارف دليلة!

هناك من يهمس أن عارف دليلة يجب أن يقبل بإجراء العملية وإلا سيموت... عارف دليلة لم يختار الموت بل اختار الحياة، اختار الحياة والحرية متلازمتان. وهذا درس للجميع، للصامتين وللمروجين للنظام. عارف دليلة لم يفعل شيئاً كي يتشفى منه بشار الأسد بهذا الحقد. إذا كان حب الوطن بنظر بشار بن حافظ الأسد جريمة فعلى الجميع أن يوضحوا موقفهم بإعلان الولاء إما لبشار الأسد أو للوطن! وهذا هو المحك الحقيقي للجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح