الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات - بِمَ نبدأ ؟

رضا الظاهر

2010 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



لعل سؤال: بم نبدأ ؟ هو أحد أكثر الأسئلة إلحاحاً في ظرفنا الراهن. ولابد أن الاجابة على هذا السؤال الخطير الشأن تتطلب، من بين أمور أخرى، تشخيص المهمات الأساسية وفقاً لأولويات مستلزمات كفاحنا ومتطلبات الواقع وآفاقه وضفاف آمالنا وغاياتنا الساميات.
وحتى لو اشتد أوار الصراع السياسي بين القوى المتنفذة، وشهدت أوضاع البلاد ولوحة الائتلافات تبدلات وتحولات حادة في اتجاهاتها، تبقى مهماتنا الأساسية، في الجوهر، ذاتها، ولكنها، بالطبع، تتكيف للجديد المختلف في الواقع، وتتبع الأساليب الملائمة لهذا الجديد.
ولكن بم نبدأ ؟ .. بالتقييم المتوازن لآخر تجاربنا، ونعني بها تجربة الانتخابات .. بنقد الذات، وتشخيص الواقع الموضوعي، وتدقيق سياستنا وأساليب عملنا وأوضاع منظماتنا وعمل رفاقنا، والمهمات الملموسة التي يقوم بها الجميع، ومتابعة التنفيذ المبدع لهذه المهمات.
ومن نافل القول إن المساعي الدؤوبة تتواصل على مختلف الصعد في إطار التقييم المتوازن لتجربتنا عبر التحليل النقدي لأسباب انتكاسنا، واستخلاص الدروس من تجربة غنية ومريرة، ورسم خطط التحدي عبر تشخيص وتطبيق المهمات الملموسة على نحو خلاق، في جولات الكفاح المقبلة، والسعي، بروح الاقتحام والأمل، الى تقييم القصور الذاتي والعائق الموضوعي.
وسنبقى، ونحن نسعى الى إعادة نظر دائمة في منهجنا النظري وسلوكنا التطبيقي، نعتبر "الخسارة" التي منينا بها "لحظة تحرير" من زاوية معينة، تعيدنا الى الينابيع، وتضع في أيادينا رايات جديدة تحملها أجيال جديدة لا نرتاب في أنها ستلتحق، على الدوام، بجيش الشيوعيين.
وفي سجالنا النقدي نتمسك بالموضوعية في التحليل، بعيداً عن الخشية من تشخيص إخفاقاتنا من ناحية، والمبالغة في جلد الذات من ناحية ثانية، حتى يمكننا هذا النمط من التفكير العقلاني من الوصول الى الحقيقة، وحتى يمكن لهذه الحقيقة أن توصلنا الى الناس، وهم سياجنا الحقيقي الذي به نحتمي، حيث نسعى الى اجتذابهم وتبصيرهم بواقعهم وتحفيزهم على المشاركة في تغيير هذا الواقع.
وفي غضون ذلك نعيد النظر، أيضاً، بسياستنا ومنهجنا الفكري والاعلامي والثقافي على النحو الذي يسهم إسهاماً فعالاً في معركتنا الاجتماعية.
ومادمنا نرى رؤية عميقة تلك الدروس المريرة والغنية التي قدمتها تجربة الانتخابات، فان هذا يعني أننا نرى حقيقة خسراننا شوطاً لا غير من أشواط تدعونا، على الدوام، لخوضها بروح التحدي والمسؤولية والأمل، ونحن ندرك واقعنا الجديد وإمكانياته المختلفة.
وفي هذا العمل يمارس المثال المضيء الذي يقدمه الشيوعي وسط الناس أعظم تأثير في تغييرهم وتغيير واقعهم. ولا ريب أن أسطع سمة من سمات هذا المثال واقعيته وقدرته، في الوقت ذاته، على الالهام لتغيير الواقع، عبر إقران القول بالفعل، وتجسيد القيم الأخلاقية الانسانية الرفيعة والثقافة الجمالية العميقة.
وفي هذه المهمات، وفي سواها، نعود، على الدوام، الى إرثنا الماركسي والتنويري الذي يقدم لنا خبرة حركتنا، فنطبقها على نحو واقعي مبدع. وتكتسب مقالة لينين اللامعة الموسومة (بم نبدأ ؟)، التي نشرها في صحيفة "إيسكرا" في أيار 1901، أهمية استثنائية في ظرفنا الراهن تستدعي منا دراستها واستيعاب الأفكار البرنامجية التي تضمنتها.
فقد قال لينين إن "الجماهير لن تتعلم ممارسة النضال السياسي ما لم نساعد على أن يربى قادة لهذا النضال ... وهؤلاء القادة لا يمكن أن يتربوا إلا على أساس تقديرهم، بصورة يومية منتظمة، لجميع وجوه حياتنا السياسية، لجميع محاولات الاحتجاج والنضال التي تقوم بها مختلف الطبقات في مختلف المناسبات".
ولعل من بين القضايا الأساسية التي عالجتها (بم نبدأ ؟) مسألة الدور الذي تمارسه الصحيفة في حياة الحزب، وهي "داعية ومعبيء ومنظم جماعي". فقد جاء في هذه المقالة أيضاً أنه "إذا ما استطعنا فعلاً أن نجعل اللجان والجماعات والحلقات المحلية جميعها أو بعضها أو معظمها تشترك اشتراكاً نشيطاً في العمل العام يصبح بامكاننا أن نصدر في المستقبل القريب جريدة أسبوعية توزع بصورة منتظمة في جميع أنحاء روسيا بعشرات الألوف من النسخ. وتصبح هذه الجريدة جزءاً من منفاخ حدادة هائل ينفخ في كل شرارات النضال الطبقي والسخط الشعبي ويجعل منها حريقاً هائلاً. وحول هذا العمل، الذي هو بريء جداً وصغير جداً بحد ذاته، ولكنه منتظم وعام بكل معنى الكلمة، يتعبأ بصورة منتظمة ويتعلم جيش دائم من مناضلين مجربين ... يقفون على رأس الجيش المعبأ ويستنهضون الشعب كله للاقتصاص من وصمة العار واللعنة الجاثمتين على صدر روسيا ... هذا ما ينبغي لنا أن نحلم به !".
* * *
يتعين علينا، إذن، ومن بين مهمات كثيرة وجليلة أخرى، أن نعود الى ينابيعنا، لنستلهم من هذا الارث معرفة وخبرة لا غنى عنهما. ولكننا إذ نمارس هذه العودة، نقوم، في الوقت ذاته، باعادة نظر نقدية دائمة، ونمضي، كذلك، في مهماتنا الملحة وبالأساليب المثمرة .. وإذا ما أغلقت أمامنا أبواب برلمان أو حكومة، فلا ينبغي لخسران "الكراسي" أن يعوقنا عن خوض التحدي، بل إن هذا التحدي يعطي ثماراً أعظم عندما يكون وسط الناس، والكادحين منهم على وجه الخصوص.

طريق الشعب - 11/5/ 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ابدأو بالاستماع الى رفاقكم
محمد الخضري ( 2010 / 5 / 11 - 17:02 )
ابدأو بالاستماع الى رفاقكم الذين طالما حذروا من العواقب الوخيمة لاستمرار السياسية الرسمية الخاطئة.. جربوا الاستماع ولو مرة واحدة بعد ان مارستم الاملاء على طول الخط
تقدموا خطوة نقدية جريئة تقترن بأجراءات تنظيمية جذرية

ان توجيه النداءات المخلصة على اهميتها غير كافية , بل ستكون غير مقنعة ان لم تقترن بتوجه مخلص وعملي نحو كوادر الحزب المعارضة لتساهم في انقاذ الحزب من ازمته

ابدأو بمراجعة التحذيرات التي يطلقها حتى رفاقكم من العاملين في التنظيم او محسوبين عليه ..ولعل ابرز مثال على ذلك تحذير الفنان فيصل لعيبي في (رسالة الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي)
(الرفاق الأعزاء
تحية عراقية صادقة .
تَردَدتُ كثيراً في كتابة هذه الرسالة اليكم ، لغرضِ نشرها في صحافتنا العلنية،لأني سبق وان أرسلت رسالة قريبة من هذه تحدثتُ فيها عن تجربتي الشخصية في الحزب ، الى الثقافة الجديدة ، لكن رئيس تحريرها رائد فهمي رفيقكم في اللجنة المركزية حالياً ًرفضَ نشرها بحجج واهية ، وكان الحال لايختلف مع طريق الشعب ، حيث أرسلتُ مادةً بيد أحد الرفاق النقابيين ، الذي حضر الى لندن قبل أكثر من سنتين ، مع رسالة


2 - تابع-ابدأو بالاستماع الى رفاقكم
محمد الخضري ( 2010 / 5 / 11 - 17:16 )
مع رسالة خاصة وبطل كونياك راقي ( بخشيش ) الى إبراهيم الحريري شخصياً , وهي عبارة عن أسئلة تراودني , وربما تراود العديد من أعضاء الحزب ,فلم تنشرها حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذه المادة ، حدث معي نفس الشيء مع موقع الحزب على الأنترنيت ، إذ رفض نشر مادة لي متذرعاً -بحجج وكلام - ، وهي مادة تصب أيضاً فيما يشغلنا جميعاً، لهذا كله ولمعرفتي بعقلية العديد من الذين يديرون دفة الحزب وإعلامه حالياً ، لا أظنكم ستنشرون هذه الرسالة في صحافتنا العلنية ، التي يجب أن تكون مفتوحة للجميع وليس لعكس وجهات النظر المطابقة لوجهات نظركم فقط ، مع الإشارة الى أني قد َسّلمتُ رسالة الى عزت صادق عضو اللجنة المركزية حالياً لنشرها في نشرة قضايا فكرية أو في مناضل الحزب وأمام أبو داود أثناء الإعداد لمؤية الرفيق فهد قبل سنوات ، لكنه رماها على أكثر الإحتمالات ، في سلة مهملاته المليئة بآراء - الروافض - من أعضاء الحزب الذين لم تعجبهم طريقة صعوده - الديموقراطية - الى اللجنة المركزية للحزب ، وكان هناك إتفاق أيضا لنشر كل ما يتم إنجازه حول هذه المئوية بكتاب ، يحمل إسم المناسبة ويقدم وجهات النظر المختلفة حول فهد وتاريخ الحزب في


3 - الجواب: بمصارحة الذات و...مصالحتها!
سمير طبلة ( 2010 / 5 / 11 - 18:14 )
وسيحمّل كثيرون الكثير لهذا التعليق! ولكن...
لا بد من مراجعة مسؤولة وشاملة و... صريحة، تنتصر أولاً للانسان، وحقه المطلق بالحياة، تليها الأهداف النبيلة الأخرى، وبصدرها شرف العمل لوطن حر وشعب سعيد.


4 - تتمة - ابدأو بالاستماع الى رفاقكم
محمد الخضري ( 2010 / 5 / 11 - 18:15 )
فترة قيادته وآثارها على مستقبل الحزب نفسه ، لكن الذي جرى هو ملف عادي وبسيط جداً ولا يليق بقامة فهد وأهمية الحدث ، إستثنى وجهات النظر الغيرتقليدية نشرته الثقافة الجديدة في وقتها بينما أهملت العديد من المداخلات والمواد التي أعدت لهذا الغرض ونٌسِيَ الهدف الأصلي لمثل هذه المناسبة الإحتفالية والتقييمية معاً ، أي إعادة النظر والمراجعة الموضوعية

وعندما ايقن الفنان فيصل لعيبي ان احدا لم يصغ الرسالته المنشورة في 2006 / 3 / 14 وبعد انتظار المتأمل الصبور .. عاود محذرا بنشر مقالة جديدة تحت عنوان (ماقبل الكارثة !! بتأريخ8/7/2007 مطالبا هذه المرة وبكل وضوح (فالمطلوب منا حالياً حسب قناعاتي ما يلي : -

• الإنسحاب من الحكومة الحالية، بإعتبارها حكومة طائفية ورجعية بإمتياز وقد تم تشكيلها حسب المحاصصات ، التي ندينها بالأقوال ونشارك فيها عملياً ، والكف عن الرطانة والإسطوانة المشخوطة حول - دعم العملية السياسية - التي نرددها، في الوقت الذي نعلم فيه درجة تغلغل نفوذ الإحتلال في قراراتها العديدة ودعمها لإرهاب ميليشيات الأحزاب الحاكمة وأن لانربط مصيرنا بمصير هذه الحكومة كما كان الحال دائماً مع الحكوما


5 - خاتمة - ابدأو بالاستماع الى رفاقكم
محمد الخضري ( 2010 / 5 / 11 - 21:42 )
وأن لانربط مصيرنا بمصير هذه الحكومة كما كان الحال دائماً مع الحكومات السابقة التي تعاونا معها .........• العمل على تجميع قوى اليسار والديموقراطية والعلمانيين في جبهة تقدمية فاعلة حقاً، وليس بالأقوال فقط .
• رسم برنامج واقعي ، يلبي حاجات الناس ويغطي المهام الضرورية والملحة جداً ، والدخول به في الإنتخابات القادمة .
• التقليل من التفاؤل الزائد والثقة المبالغ فيها ( المرض المزن للقيادات المختلفة للحزب بما فيها القيادة الحالية ) وتنظيم إنسحاب تدريجي من العمل العلني المبالغ به أيضاً والذي ليس له ضرورة ، فنحن مستهدفون ولايغرنا الغزل الكاذب من البعض.) ولم يستمعوا هذه المرة ايضا .....وهاهي الكارثة على الطريق



6 - كتب كادر حزبي متقدم قتل في ظروف غامضة
محمد الخضري ( 2010 / 5 / 13 - 06:34 )
قبل عشرين عاما على رسالة الفنان فيصل لعيبي كتب كادر حزبي متقدم رسالة تتناول من حيث الجوهر نفس المسألة ( رسم سياسة الحزب والنقد والنقد الذاتي) كتبها في نهاية الثمانينات وهو في طريقه الى الداخل في مهمة حزبية غامضة ادت به الى ان يقتل على يد فرقة امنية خاصة , ولم يشر الحزب لا من بعيد ولا من قريب حتى يومنا هذا الى هذا الكادر المتقدم وما آل اليه مصيره او طبيعة المهمة الخاصة وكيفية وصول الفرقة الامنية الخاصة له وتصفيته , الذي كتب في رسالته ( وأبادر إلى التذكير أن ثمة من يعترض على مثل هذه المكاشفة، طارحاً بعاطفة يفترض أنها نبيلة، السؤال التقليدي وهو لمصلحة من نشر غسيلنا أمام الآخرين؟ ويمكن الجواب على هذا السؤال بعدد من الأسئلة هل من مصلحة الحزب والشعب والمجتمع أن نتستر على أوساخ عالقة في جسم الحزب جراء مسلك القيادة، إلا يؤدي ذلك إلى التعفن؟ أليس من مصلحة الحزب أن نكشف عن نقاط ضعفنا ليتسنى لنا تلافيها؟ ثم لماذا الاستهانة بالحزب وبأعضاء الحزب وعدم قول الحقيقة لهم؟ وكشيوعيين أين شعارنا القائل كل الحقيقة للجماهير؟ أليس الكشف عن النواقص علامة هامة من علامات جدية الحزب في تحمل مسؤوليته أمام الجماهير

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر