الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصف كلمة : نظرة مستقبلية للبرلمان الجديد

عبد الرزاق السويراوي

2010 / 5 / 11
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


لا شك بأنّ حالة الحراك العام لمجمل الأوضاع العراقية وبتنوعاتها , تعاني من مجموعة من العقد والأزمات الموروثة في بعض منها , من مرحلة البعث الصدامي , لتُضاف الى ما أفرزته وتفرزه , والى الآن , مسارات الأحداث ما بعد 2003 .عموماً يمكن القول بخصوص هذا التوصيف ,أنّ السمة المتحكّمة في تحريك هذه الأزمات , إخفاءً وإظهاراً ,على تنوّعها , هو العامل السياسي . فالأوضاع الأمنية المستقرة حيناً والمتوترة حيناّ آخر , وظاهرة إسْتشْراء الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة, وضعف أداء بعض الوزارات , إنْ لم تكن جميعها , وإنتشار البطالة وغيرها ,مردّها لتحكّم الجانب السياسي المقترن بإيديولوجيات عديدة ومختلفة . ومعلوم أنّ منطق الآيدلوجية السياسية يمتاز دائماً , ببعدين يصلان حدّ التناقض , إمّا أنْ يبني أو يدمر , تبعاً لرؤية ووعي حامليه والعاملين به .
مجلس النواب العراقي , وفقاً للتوصيف المذكور , لم يستطع هو الآخر , أنْ يفلت من كمّاشة هيمنة الجانب السياسي . فمجلس النواب , وطبقاً للمنظور الدستوري والمهني , هو ترجمان حيّ , للتشريع والرقابة . من هنا نطرح هذا التساؤل , هل نجح مجلس النواب العراقي , مهنياً ,بالأداء المناسب لمتطلبات المرحلة ؟؟. هذا التساؤل والإجابة عنه ولو بعجالة , بالمستطاع أن نجعله نافذة نطلّ من خلالها للوقوف على إسْتشْراف بعض آفاق الدورة النيابية الجديدة .
بالعودة الى التجربتين البرلمانيتين اللتين مرّ بهما العراق , حيث كانت الاولى قصيرة زمنياً فيما كانت الثانية والمنتهية الآن ,دامت لأربع سنوات وهي دورة دستورية تامة , السؤال هنا , ما مدى موضوعية وقوة الأستقراء لمرحلة نيابية جديدة لم تبدأ بعد , إعتماداً على تقييم الدورة التي قبلها ؟؟ .هل يُعتبرمثل هذا الحديث رجماً بالغيب ؟ أمْ أنّ قراءة مرحلة نيابية منتهية بما لها وعليها , يمكّن من بلورة ملامح عامة للدورة الجديدة ؟ مع ضرورة الأخذ بنظر الأعتبار مرهونية الدورة الجديدة بظروف لم تولد بعد ويتعذر ربما , التكهن بما ستتركه من بصمات سلبية أو إيجابية على مجمل الاوضاع العراقية العامة , بما في ذلك , عمل مجلس النواب الجديد نفسه .وقبل الدخول في تقييم اداء البرلمان , أشير بالقول عن البرلمان العراقي كتشريع وكممارسة , بأنّه يُعدّ من أعظم الإنجازات والمكتسبات التي تحققت في فترة ما بعد 2003 , لأنّ التأسيس لأركان دولة تعتمد البرلمان كنظام لتداول السلطة سلمياً , والإنطلاق من خلاله لتشييد أسس الأنتقال لمرحلة البناء الديمقراطي , هو بحد ذاته كما قلت , جعل من الأنظمة الشمولية في المنطقة , ترقب نضوج هذا الخيار الديمقراطي بحذر , وليت الأمر يتوقف على المراقبة فقط , وإنما تعدّاه , ليبلغ حدّ تهيئة الأرهابيين وإرسالهم للعراق بغية إفشال العملية السياسية المعتمِدة على النظام البرلماني لأسباب ما عادتْ خافية على أحد , هي أولاً وأخيراً خشية هؤلاء الحكام من نجاح هذه التجربة التي من الممكن ان تهدد عروشهم وتطيح بها , وهو عين ما جرى لطاغية العراق .
وبالعودة الى الوقوف على مجمل أداء الدورة البرلمانية المنتهية وإحتمال إنتقال بعض العوامل التي ساهمت في عدم انضاج العملية البرلمانية , الى الدورة الجديدة .أقول ليس من باب التجني على الدورة المنتهية , القول بأنّ إخفاقاتها اكثر من عناصر نجاحها , بدليل أنّ معظم اعضاء هذه الدورة غير راضين عن ادائها , البعض يعلّل سبب هذا الإخفاق لحداثة التجربة البرلمانية في العراق وأيضاً عدم التأني في إصدار بعض التشريعات غير المدروسة وأنها – النشريعات - وُلدتْ قيصرياً نتيجة ضغط الظروف القاهرة , يضاف الى ذلك ظاهرة غياب الكثير من البرلمانيين وخاصة مَنْ هم متواجدون خارج العراق ولا يشاركون في الكثير من جلسات البرلمان , الأمرالذي يضطر رئاسة المجلس الى تأجيل الجلسات لعدم اكتمال النصاب القانوني . بطبيعة الحال , أنّ العوامل المذكورة وغيرها , أثّرتْ سلبا , بشكل أو بآخر , على اداء البرلمان , ولكن في تقديري , وكما قلت في بداية الحديث ,يبقى التأثير الأكبر , سابقا ولا حقا ايضا , هو للعامل السياسي , خصوصا ما يتعلق منه بجانب الخلافات شبه الدائمة , بين الكتل السياسية الكبرى ذات الثقل الكبير داخل البرلمان , بحيث انسحب هذا الخلاف بدوره , على اداء السلطة التنفيذية المتمثل بالحكومة , حيث توسعت الفجوة , بين البرلمان كسلطة تشريعية ورقابية , وبين الحكومة كسلطة تنفيذية . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا وبقوة , في وقت ما زالت فيه , الكتل السياسية التي حصدت العدد الأكبر من مقاعد الدورة البرلمانية الجديدة , تتحاور فيما بينها وتتجاوز احيانا خطوط التحاور المألوفة , لتصل حدّ التهم المبطنة في ما بين الكتل نفسها وعلى لسان سياسييها , السؤال : ماذا لو أنّ حدة هذا الخلاف في الرؤى لدى هذه الكتل والذي يسود الساحة الآن , إنتقل كما في الدورة السابقة , ليتغلغل في فضاء الدورة البرلمانية الجديدة ؟؟ الاجابة واضحة وقد مرّتْ خلال السطور السابقة , فإذا صحّ مثل هذا الاحتمال فأنّ الدورة البرلمانية الجديدة , لا شك بأنها ستكون أكثرعرضة لأخطاء الماضي , خاصة وأنّ الدورة الجديدة , تنتظرها جملة من القرارات والمشاريع المؤجلة من سلّة الدورة السابقة , فضلاً عن ما ستفرزه آنية الظروف المستقبلية .
أعتقد أنّ مسؤولية الكتل السياسية جسيمة جداً , ووحدها هي التي تستطيع , أنْ تخرج العراق من أزمة سياسية ربما هي أخطر مما نتوقع , عن طريق مراجعة نقدية شاملة من قبل الكتل السياسية , لكل برامجها وأنشطتها السياسية والخروج من قمقم ضيق الافق السياسي والنظر للآخر كشريك شرعي في العملية السياسية تمهيدا لدخول بوابة الدورة البرلمانية الجديدة , من باب العمل على القواسم المشتركة , وما أكثرها , وأهمّ هذه القواسم , هو قاسم مصلحة العراق أولاً , وحب العراق وأهل العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م