الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة من ياسمينة دمشقية

غادة السمان

2010 / 5 / 12
الادب والفن



حين يهطل المطر على حين غرة ،أذكرك .
هكذا تسللت إلى حياتي ذات مساء كعصفور مذعور.
وبينما كنت أداوي جناحه الجريح
كان يتأهب ليطر..
وها أنا وحيدة في الخواء ،
مع ذكرى عصفور حلق بعيداً تحت المطر .
أتساءل : حتام يتنزه حبك فوق أشلاء نومي ؟
حتام نتستر على جرحنا ونجامل فراقنا ؟
أمشي في دروب لا تبالي ..
أركب قطارات لاتبالي ..
أسقط ميتة على الرصيف ويتدفق الدم من فمي ،
أتأمل العابرين بعينين مفتوحتين للتوسل .
يتقدم حلاق ، يتحسسن شعري ثم يقصه ويبيعه لعابرة .
يمر بي رسام،
يفتح علبة ألونه ويجلس مقابلي ليرسمني وأنا أنزف،
ويمر بي جراح ، فيخرج مشرطه
ويسرق أحد أعضائي ليزرعه لمريضه الثري.
يمر بي بائع التوابيت فيحاول أن يبيعني كفنا.
تمر بي قوافل سيدات الجمعيات الخيرية والعشاق ،
والخارجون من أعمالهم ورجال الشرطة والمتسكعون ،
والسياح ، والباعة المتجولون .
لاأحد يلحظ موتي أو يسمع صوتي .
يمضون إلى أنفاقهم، ليستقلوا مترو الموت اليومي.
ثم يهبط ليل شاسع ،
لايبالي بياسمينة دمشقية تحتضر على إسفلت سوهو !
أيها الشقي ،
يتبعني حبك كالضوء متسللا تحت خواتمي ،
وداخل شعري حين أحل عقدته ،
وداخل ذاكراتي حين أتعري منها ،لاستقبل نوماً عصياً ،
كعاشق عسير المراس.
حين أنحو منك إلى النوم،
أجدك في براري الحلم بانتظاري ،
لأتابع موتي بك ، واحتضاري السيزيفي ..
فأين المفر، وعيناك من أمامي، والذاكرة من ورائي ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكوى وعشق وإستسلام للنهر
الحكيم البابلي ( 2010 / 5 / 12 - 02:11 )
معلمتي الأولى السيدة غادة
إفتقدتك على صفحات المتمدن ، وسعيد لعودتك
رغم تعرفنا بعشرات الذين يمرقون في ذاكرتنا وحياتنا ، والذين يختفون بسرعة السنين الضوئية ، فيمرق أمامنا هلامهم كما تمرق المحطات الصغيرة التي لا تستحق وقوف القطار، يبقى ذلك الذي نبحث عنهُ ، شبحاً بلا ملامح .. يزوغ عبر أيامنا المتناقصاتِ عدداً في ليل الزمن
في عمر معين ، وعندما نتصور إننا بدأنا نعرف بالضبط ماذا نريد ، نجد أن أجسادنا وأهوائنا وقلوبنا قد تحولت بقدرة لا نستطيع التحكم فيها إلى علامات إستفهامٍ كبيرة
فأين المفر سيدتي ؟
وكل الألوان جميلةٌ ، وكل الأنهار عذبة وكل الموسيقى تقود إلى آلهة العشق والحب
إستسلمتُ للقدر ، كزورق متعب أسلم قياده للنهر الذي لن يقوده إلا الى الفردوس ... الأرضي
تحياتي


2 - لاتذلي وتحزني
الحارث السوري ( 2010 / 5 / 12 - 16:34 )
فمازالت ياسمينتنا حية رغم الطاغوت المتربع فوق تربتها .. ,أنت ودمشق وقاسيون باقون وأعمار الطغاة قصار .. يبقى الحوار المتمدن بدون مرورك عليه جافاً فلاتبخلي عليه وعلى محبيك - مع الحب


3 - هكذا أنتِ
كاظم الفضلي ( 2010 / 5 / 12 - 19:48 )
سيدتي المبدعة السمان .. ياسمينتكِ الدمشقية عساها بخير لتضمد جراح المرأة العربية وتلملم اشلاء الحبيبات المبعثرة المقطعة على طرقات أرضكِ ودروب المدن الموحشة بالنزيف ، وصراخ الأطفال ، وعويل الأمهات ، ونخوة شيوخ تعكزة سنوات العوز والقحط على صبر لابد أن يولد معاق . هكذا تقف الشطآن والبرك الدافئة بصغار الأسماك المعلولة تشكو التذمر أن لا يأتي الرمح كي يغرز بعضه في جسد لا يقوى الأ بجراحه المثخنة ، والأرض الثكلى بالشكوة والجور العابث بعفتها . وأنتِ هكذا تأتين جموعاً ولافتة رفضٍ وغناء يجمعنا بالصدفة كي ننبش في الماضي حكايات طفولتنا . ليتكِ تأتين لنقرأ معكِ ماكتبته غادة السمان


4 - رائعة دوماً انت ياغادة
سميرة عباس التميمي ( 2010 / 5 / 13 - 06:15 )
لم أٌقرأ في حياتي وصف أبلغ من وصفك لمشاعر المرأة المجروحة أو العاشقة بلغتكِ الخاصة بكِ والتي لاتشبهها أي لغة وبهذا تميزك أيتها الراقية العظيمة.

يتقدم حلاق ، يتحسسن شعري ثم يقصه ويبيعه لعابرة .
يمر بي رسام،
يفتح علبة ألونه ويجلس مقابلي ليرسمني وأنا أنزف،
ويمر بي جراح ، فيخرج مشرطه
ويسرق أحد أعضائي ليزرعه لمريضه الثري
لم اقرأ ابسط من كلمات قصيدتكِ (اعتقال إشارة استفهام )واعمق منها في وصف مشاعر المرأة العاشقة
وكلماتكِ في اعتقال ليلة البكاء ب 99 قرشاً, ففيها وصف رائع دقيق لمشاعر امرأة مجروحة حتى النزف وهذه التجربة الحياتية الشاشعة كقارة التي تملكينها تعكسينها في كتاباتكِ بمهارة منقطعة النظير
تقبلي تحياتي ست غادة


5 - احبك
عُلا النوري ( 2010 / 5 / 13 - 13:44 )
أعتقد أنك أفضل من يمثل الأفكار اللتي تجول في مخيلة بنات جنسك..
أتمنى أن تكوني دوماً بخير لتعبري عني وعن الملايين غيري ممن لا يستطيعون الكلام بلغة تشبه لغتك الهادئة المحببة القريبة للنفس..
سلمت أناملك الذهبية..


6 - شكرا للوردي على صدرك
dawdi slah ( 2010 / 5 / 13 - 16:17 )
هذا اجمل نص كتبته امرأة بالعربية وقرأته هذا العام


7 - شكرا للوردي على صدرك
dawdi slah ( 2010 / 5 / 13 - 16:18 )
هذا اجمل نص كتبته امرأة بالعربية وقرأته هذا العام

اخر الافلام

.. صراحة مطلقة في أجوبة أحمد الخفاجي عن المغنيات والممثلات العر


.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24




.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع


.. عوام في بحر الكلام - د. أحمد رامي حفيد الشاعر أحمد راي يتحدث




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يوضح محطة أم كلثوم وأح