الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية شهر في الريف للكاتب الروسي إيفان تورجنيف في ستوكهولم

عصمان فارس

2010 / 5 / 12
الادب والفن


جو من الحب واللعب واصطياد الرجال تحت شمس مشرقة


وتتسم مسرحية شهر في الريف ان الكاتب تورجينيف يركز علي المشاعر الداخلية لشخوصه اكثر من تركيزه علي المظاهر الخارجية، فالاحداث السيكولوجية تجعل من هذا العمل عملا اصيلا بكل ما في هذه الكلمة من معني. كانت حياة ايفان تورجنييف مليئة بالاضطراب وكان عصره حافلا بأسباب القلق، مليئا بالحركات الاجتماعية والسياسية والانتفاضات العالية ولكنه عشق الحرية ورفع رايتها وكافح في سبيلها بالرغم من انه كان يحيا في جو ساده العسف والطغيان والكبت والحرمان . ولد إيفان تورجنيف سنة 1818 في اسرة من اعيان الريف، وتزوج أبوه زواجا ماديا من امرأة غنية اكبر منه سناً وكانت مليئة بالعقد النفسية وانعكس ذلك في سلوكهما ومعاملتهما لاطفالها وعبيدها معاملة كلهما قسوة وعدم احترام. درس وتعلم تورجنيف في روسيا ودرس في جامعة موسكو وكذلك سانت بطرسبورغ ومن ثم في برلين عاش تجربة قصة حب مع مغنية وعلي اثرها حصلت القطيعة بينه وبين امه وتوقفت عن مساعدته ماليا، فعاش حياة بوهيمية حتي وفاتها. وبعد ذلك اصبح تورجينيف من الاغنياء واحب من طرف واحد مدام فياردوا الحب الذي شغله طوال حياته، وترك ذلك اثرا عميقا في رواياته، وهجر تورجنيف الشعر الي المسرح ومن ثم ترك المسرح واتجه الي كتابة الرواية وقل ان تجد له نظيرا بين الروائيين العظماء، وفي مسرحيته شهر في الريف يتبين انه خير من يملك مفاتيح مشاعر الانسان وانفعالاته اجلها واحطهما النبيل منهما والخسيس، ويفهم جميع شخصياته, ففي عطلة شهر واحد في الريف الجميل من خلال الضياء والشمس المشرقة والشعر الانساني الحي. استطاع المخرج يان هوكانسون ان يبرز الجوانب الانسانية وقيم الجمال في شخصياته بعيدا عن الكراهية والقبح، وابراز الجانب اللطيف والممتع من الطبيعة الانسانية وهو الألفة والمحبة والجو الشاعري المليء والمتدفق بالحب ما بين الشابه فيرا وحبيبها الشاب الكسي. وفي الجانب الآخر اظهر لنا شخصية ناتاليا المرأة الهادئة والجذابة للرجال لكنها مليئة بالتآمر والاثام وضروب القسوة، صور لنا المخرج وبكل ذكاء الحياة بكل اوحالها واقدارها، بالرغم من كل الصراعات ما بين الشخصيات لكن يسود روح التسامح البعيد عن الحسد والحقد الذي هو الظل الأسود للاحاسيس الانسانية ,ففي مسرحية شهر في الريف جعلنا المخرج نغوص في عالم الحب الطفولي المليء بالبراءة قصة حب جميلة اشبه ما يكون بلعب الاطفال ما بين الشاب الكسي والشابه فيرا كان المخرج يان هوكانسون فنانا دقيق الحس ومرهف المشاعر، اظهر لنا الحب المرهف المشاعر أجلَّ الحب في شفافيته وصفائه وعذاباته ومباهجه، وبدأ الصراع الحقيقي عندما تقع زوجة الاب ناتاليا في حب الشاب الكسي ـ هنا تبدأ الكوارث ويثور العاشق ميكائيل الهاديء والرومانسي والعاشق بشكل هاديء (لنتاليا)، هذه المرأة الجميلة والرصينة والرسامة، ولكن في اعماقها ذات طبيعة بطولية، ولكنها كالطفلة تستجيب لجميع مؤترات الحياة، وهذه المخلوقة الجميلة والرقيقة المشاعر كانت تظهر للمتلقي انها تخفي شيئاً من الكبرياء والانانية وانهما لا تحب الا نفسها. كشف المؤلف تورجنيف والمخرج يان هوكانسون اسرار روحها ـ وتحولت في لحظة الي نمر جريح وحولت خشية المسرح الي سيرك للصراع مع ابنة زوجها (فيرا) هنا برزت امكانية المخرج في تصوير ناتاليا علي حقيقتهما امرأة مليئة بالغيرة رغم قوة العقل والعواطف الجياشه والالهام الشعري في شخصيتها وانهما من النساء التي يغرم بها الرجال من النظرة الاولي, اما شخصية الزوج اركادي فهو مهندس معماري لا يهتم الا بشـؤون عملة ومهنته وترك الزوجة دون اي عـلاقة حب بينهما. فوقعت في البداية ناتاليا في قصة غرامية مع العاشق الضيق ميكائيل وكانت شخصية شان الالماني الاصل المليء بالمفارقات والكوميديا ومطاردته للوصيفة كاتيا الشخصية الرقيقة والشفاقة وتمتاز بخفة الدم وحلاوة الكلام وحركاتها الرشيقة علي خشبة المسرح وكل هذه الشخصيات الثانوية حركها وصورها المخرج بشكل دقيق وعبارة عن صور منمنمة ـ فالشخصيات جميعها كانت محبوبة ويتعاطف المتلقي معها ولا يشعر به الملل من رفقتها طوال العرض المسرحي. فالشخصيات المسرحية كانت تتصرف وتتحرك بصدق علي خشبة المسرح رغم رتابة الاجواء والحياة، ولكنهما كانت مليئة بالمفاجأة وحافلة ببعض المشاهد الكوميدية رغم اسباب القلق والاضطراب. لقد سيطر الممثلون علي عواطفنا طوال مدة العرض المسرحي. وهذه المسر حية عبارة عن موسيقي هادئة تنساب بشكل عادي وتدخل افئدتنا دون دخل للعقل في ذلك، هنا تجد قوة الكلمة وسحر الانسجام لقد عشنا المسرحية بكل احداثها وتفاصيلها. فمسرحية شهر في الريف قصة حب جميلة بكل تفاصيلها ما بين الكسي وزوجة الاب ناتاليا وقصة حب طفولية ما بين فيرا والكسي وكان اجمل مشهد هو المطاردة ما بين الكسي والشابه فيرا مع الطيارات الورقية لقد امتلأ المكان بالسحر والعواطف الجياشة ما بين الحبيبين. واحيانا يتحول الحب الي كارثة ودموع تجري علي الخدود وخاصة في مشــهد معـــرفة الشابة فيرا بالعــلاقة ما بين حبيبها الكسـي وزوجة الاب ناتــاليا. وقد تم عرض هذه المسرحية شهر في الريف سنة 1879 في فرنسا وكانت شخصية الشــــابة فيرا هي محور الصراع في شخصيات تورجينيـف ومفتاح مهم لشــــهرة الكاتب. ساد المسرحية جو من الحب واللـــــعب وصيد الرجال من قبل ناتاليا المرأة التي تشعر بالفراغ العاطفي نتيجة غياب الزوج. وقد ادت دور ناتاليا (كونيلا) الممثلة الســـويدية وهي ممثلة رائعة ولها قدرة رائعـــة في استيعاب الدور والشخصية علي خشـــبة المسرح نتيجة الاندماج والتكيـف مع الشخصية المراد تمثيلها، اما شخصية فيرا الشابة والتي ادتها صوفيا هيلين انها ممثلة هائلة الامكانات وتفهم مفتاح شخصيتها وكانت تؤدي دورها بشكل متوازن ودقيق ومتعه للمتلقي دون اي تشنج وانفعال غير اما الشخصيات المسرحية الاخري فكان الزوج بيرساندييري وهو يمتلك شخصية قوية رغم قلة ظهورها لكنها شخصية مقنعة ويمتلك صوت قوي اما شخصية العاشق الضيق ميكائيل وقام بتأديتها الممثل نيكلاس فالك ممثل هاديء ورصين رغم قلة حواراته لكنه كان مقنعاً في صمته ايضا هذا ما يدل علي امكانياته كممثل وله حضور قوي علي خشبة المسرح اما الشخصيات الاخري كلها كانت مقنعة وآخاذه واجادت في ادوارها اما مترجم النص تراين فريل وهو مترجم لاكثر النصوص الروسية وهو كاتب ايرلندي ومترجم حر لكثير من اعمال تورجينيف مثل الاباء والابناء، وكذلك شهر في الريف، لا يجيد اللغة الروسية ولكنه يترجم من اللغة الانكليزية الي السويدية وهو مختص بالادب الروسي ويهتم بالمادة الادبية وهي الاساس في كل عمل مسرحي ومعالجتها بشكل مسرحي، اي مسرحة الشعر في المسرح او الرواية ونقلها الي اسلوب القائي خاص بلغة المسرحوإيفان تورجنيف من الروائيين البارزين ومؤلف روايات مسرحية أظهر تفهمًا عميقًا للمجتمع الروسي وشعبه. تورجنيف من الكتاب البارعين في تجسيد وبناء نسيج الخيال ومعرفة كاملة بكل مفاصل الحياة، وهو يمتلك جميع مفاتيح المشاعر الانسانية وكل انفعالاته ويسلط الضوء ويكتشف طبيعة البشر واسرارهم، والكاتب تورجنيف مغرم بحب اشعة الشمس والطبيعة وخبير في كشف طبيعة الانسان وكوامنه من خلال مشاعره وحسه المرهف، والتركيز علي حيوية الشباب وحيوية الحب وصفائه وشفافيته وعداباته.عاش تورجنيف في عصر الكفاح السياسي وقل اهتمام الناس باهمية الفن وهذه شكلت عائقآ قويآ في سر معاناته وساعدت روايته دفتر الرياضي 1852 علي تأجيج عواطف الجماهير نحو عبيد الأرض في روسيا ووصفهم تورجنيف بأنهم أناس ذوو مودة وكرامة. وصور أصحاب الأرض بأنهم أشخاص غير ناضجين وأنهم عديمو الإحساس. وفي رواية رودن 1856 يصور تورجنيف الرجل التقليدي خالي الوفاض بوصفه شخصًا متحررًا، مصابًا بالإحباط، أما الآباء والأبناء فقد جاءت في المرتبة الأولي من بين أعمال تورجنيف في محتواها الدرامي وتحليل شخصياتها. وهو يعرض فيها الشباب الروسي المتطرف في السنوات الأولي لستينيات القرن التاسع عشر الميلادي يصفهم بأنهم ذوو إرادة قوية، وهم لا يحترمون السلطات ولا يراعون التقاليد ويرغبون في إحداث التغيير، غير أن المجتمع ليس مستعدًا للقيام بالثورة. ويموت البطل بازاروف في حالة يأس وإحباط. وكان أحد موضوعات تورجنيف المفضلة هو الحب الناشئ كما جاء في آسيا 1858 والحب الأول 1860. ففي الحب الأول يمر شاب بتجربة صدمته، حين يكتشف أنّ البنت التي يحبّها هي خليلة أبيه. وفي أنجح رواياته المسماة شهر في الريف وقد أكملها عام 1850 يسرد تورجنيف قصة مماثلة، حيث تتنافس إحدي البنات وولية أمرها علي حُب مدرس شاب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي