الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثير إنسحاب القوات الامريكية على العراق

منذر الفضل

2010 / 5 / 12
السياسة والعلاقات الدولية


تأثير إنسحاب القوات الامريكية على العراق
الدكتور منذر الفضل
الاصل ان إنسحاب القوات الاجنبية من أي بلد يتعرض للاحتلال من قوات دولة اخرى , مسألة ايجابية لأنها تأتي وفقا لرغبة الشعب مادامت مؤسسات الدولة المحتلة قادرة على ضمان الجانب الامني للمواطنين وتوفير مستلزمات الحياة الاساسية من الخدمات و تستطيع حماية السيادة الوطنية بدون دعم خارجي , غير ان وضع العراق يختلف عن هذا الحال , إذ برغم ارتكاب القوات الامريكية لجرائم خطيرة ضد الاهداف المدنية والسكان المدنيين غير المسلحين وبدون سبب مشروع , إلا ان هناك تحديات داخلية واخرى خارجية سيكون لأنسحاب القوات الامريكية من العراق تأثير كبير في زيادة حدتها .
فالتحديات الداخلية تخص الجانب الامني أي جرائم قوى الارهاب وبقايا النظام السابق وضعف القوات الامنية العراقية واختراقها من الشبكات الاجرامية التي لا تريد نجاح العملية السياسية ووجود المحاصصات الطائفية في هذه المؤسسات , وكذلك الفساد المالي والاداري والبطالة , و الصراعات بين الاحزاب والكتل العراقية المتناحرة والمتنافسة على السلطة .
واما التحديات الخارجية فهي كثيرة وأهمها الوضع الاقليمي وتدخل دول الجوار في الشأن العراقي بصورة فاعلة , وبخاصة ايران وسوريا الداعمتان للارهاب في العراق , وقضية إخراج العراق من بند الفصل السابع بعد ان نفذ جميع الالتزامات الدولية مع العالم .
ان العلاقة التي تحكم بين القوات الامريكية والعراق هي قرارات مجلس الامن الدولي والاتفاق الذي وقعته الحكومة العراقية والولايات المتحدة الامريكية بشأن انسحاب قواتها من العراق وتنظيم انشطتها خلال وجودها المؤقت فيه منذ تشرين الثاني 2008 , والتي نظمت عملية انسحاب القوات الامريكية من العراق ( المادة الاولى ) كما حددت المادة الرابعة منها المهمات الواردة في الاتفاقية مثل العمليات المشتركة بين قوات الطرفين ضد الارهابيين والجماعات الخارجة عن القانون وبقايا النظام السابق وفي كل هذه الفعاليات القتالية المشتركة يجب احترام الدستور العراقي والقوانين العراقية .
ومما يتعلق بذلك هو ما نصت عليه الفقرة (3) من المادة 22 من اتفاقية انسحاب القوات سالفة الذكر التي جاء فيها مايلي: (( للسلطات العراقية ان تطلب المساعدة من قوات الولايات المتحدة لغرض توقيف افراد مطلوبين او القاء القبض عليهم )). وهو ما حصل في مناسبات كثيرة ومنها الضربة المشتركة الاخيرة ضد رؤوس تنظيم القاعدة الارهابي ابو ايوب المصري وابو عمر البغدادي في منطقة الثرثار يوم 19 نيسان 2010 .
ومع ذلك فأن الوضع الامني في العراق ما يزال يتعرض الى تهديدات جدية من التنظيمات الارهابية ومن شبكات الجريمة المنظمة وبقايا البعث الخارجين عن القانون وان هناك خروقات امنية وتسلل من عناصر خطرة الى المؤسسات الامنية فضلا عن تفشي الفساد بصورة كبيرة مما ينعكس على استقرار الوضع الامني في العراق عموما (عدا كوردستان ) التي تتمتع بالامن والاستقرار لظروف معروفة .
ولهذا فاننا نعتقد ان اي انسحاب للقوات الامريكية قبل معالجة هذه الملفات ومنها تطهير العراق من الارهاب ومن الخارجين عن القانون ومساعدة العراقيين في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية سالفة الذكر , سيشكل وضعا حرجا لمستقبل العراق لاسيما وان هناك وعودا قطعت من الجانب الامريكي ومن الرئيس الامريكي اوباما شخصيا في حل المشكلات تلك . ومن هذه المشكلات الخلاف بين حكومة المركز وحكومة اقليم كوردستان من خلال حل العقد الدستورية ومنها قضية المادة 140 وكركوك والمناطق المتنازع عليها ( وهي من الحقوق المشروعة للكورد والثابتة دستوريا ), إذ ان هناك ضمانات وتعهدات من الادارة الامريكية في هذا الشان مما ينبغي الالتزام بهذه الضمانات والوعود وتنفيذها قبل الانسحاب من العراق الذي لم يبق عليه الا فترة قصيرة .
ان ترك العراق وهو يغرق في بحر مشكلاته الجوهرية والخطيرة سالفة الذكر و عدم ضبط الحدود الدولية بصورة دقيقة وصارمة وكذلك ترك العديد من القضايا الدستورية المهمة دون دعم في ايجاد الحلول لها , يعني المزيد من التعقيدات على الوضع العراقي الهش من جميع الجوانب . وهذا يعني كذلك ان هناك سلسلة من المشكلات السياسية والاقتصادية والامنية والاقليمية والداخلية تتطلب دعما ومساعدة من الولايات المتحدة الامريكية في حلها لضمان الاستقرار ونجاح العملية السياسية في العراق.
ان استقرار العراق الفيدرالى التعددي الديمقراطي , ينعكس حتما على تطور العراق ويوفر فرص الاستثمارات ويؤثر على الدولة والمجتمع ايجابيا ويدعم التنمية , وهذه القضايا من الصعب ان تتحقق بينما العراق مازال يرزح تحت بنود الفصل السابع من قرارات مجلس الامن الدولي مقيدا ومثقلا بقيود كبيرة لابد ان يتحرر منها بعد معاناة طويلة من هذه القرارات المجحفة والتي يعود سببها الى اخطاء وجرائم نظام صدام والحزب النازي الذي يقوده .

ولعل من المفيد الاشارة الى التوصيات الاخيرة لمجموعة حل الازمات الدولية الذي صدر في 8 تموز من عام 2009 حيث نشرت تقريرها عن العراق تحت عنوان :
(العراق والأكراد: مشكلات على خط الزناد) وتناول التقرير قضية كركوك والمناطق المتنازع عليها وتأخر تنفيذ المادة 140 من الدستور , وهو ليس التقرير الاول اذ سبق وان نشرت تقارير اخرى منها التقرير الذي نشر عام 2006 تحت عنوان ( العراق والأكراد: المعركة تتجمع حول كركوك ). وفي جميع هذه التقارير قدمت مجموعة حل الازمات توصياتها للحكومة العراقية ولحكومة اقليم كوردستان وللامم المتحدة ولاطراف اخرى ذات صلة بالموضوع قبل ان تنسحب القوات الامريكية من العراق نهائيا عام 2011 حسب الاتفاقية الموقعة بين الطرفين العراقي والامريكي .
ان السلام الذي يجب ان تتركة القوات الامريكية بعد انسحابها من العراق يجب ان يكون سلاما دائما وليس مؤقتا وضعيفا , ويخدم العراق الاتحادي التعددي, ويسهم في تعزيز الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة , وينسجم مع الوعود التي قطعتها الادارة الامريكية للكورد وللعراقيين والمجتمع الدولي , وبخاصة دعم العراق ضد الارهاب الذي عانى منه العراقيون كثيرا وضد التدخلات الاجنبية , لا ان تترك البلاد تتخبط بفوضى الازمات القاتلة التي تتولد عنها ازمات اخرى مما يؤثر على مصداقيتها بين العراقيين والرأي العام العالمي .
Stockholm
‏12‏/05‏/2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال


.. عبر الخريطة التفاعلية.. تحركات عسكرية لفصائل المقاومة في قطا




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس


.. قصف إسرائيلي على حي الصبرة جنوب مدنية غزة يخلف شهداء وجرحى




.. مظاهرة في العالصمة الأردنية عمان تنديدا باستمرار حرب إسرائيل