الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعوّق.. إحدى شتائم سياسيي لبنان!

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2010 / 5 / 13
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة


في لبنان حياة سياسية ناشطة إعلامياً بالإضافة إلى نشاطها في المكاتب والدوواين. فنشرات الأخبار تنتظر كلّ يوم مقدّمة مثيرة تغطّي نشاطاً بالغ الأهمية من هنا وترصد خبرا محركا للرأي العام من هناك، أو تُبرز مشادة سياسية بين أقطاب الطوائف لا تخلو من الإهانات والشتائم المتنوعة، وكذلك تطبع الجرائد اليومية في افتتاحياتها.

هدأت العواصف الإعلامية كثيرا هذا العام عن الأعوام الخالية منذ اغتيال الحريري. لكنّ المثير للإهتمام أنّ كلّ ما قد قيل خلال تلك الفترة وارتفع من شتائم وسباب علني صار من أسس السياسة اللبنانية. فبات من السهل مثلا أن نسمع سياسيا ينعت منافسا له بكلمة بذيئة يهلّل لها أنصاره، فيبدو المشهد وكأنّ شتيمة كهذه توثق الروابط أكثر بين القائد ومؤيديه في الدلالة منه على أنّهم أبناء مدرسة واحدة.

إشتهر كثير من الشتّامين وبرزوا على امتداد تلك الفترة ولعلّ أبرزهم وئام وهاب وميشال عون وسمير جعجع ووليد جنبلاط وعلي عمار والمفتي محمد علي الجوزو وآخرين. أما شتائمهم وبما أنّ معظمهم يؤكد على أنّ الخلافات سياسية لا دينية ولا طائفية، فقد ابتعدت عن الإهانات الدينية والإتهامات المذهبية المتنوعة، لكنّها وقعت في المحظور الإجتماعي الحقوقي حين أساءت إلى فئات تناضل يوميا من أجل نيل حقوقها المشروعة والأكيدة. فكان المسّ يومها ولم يزل بالأشخاص المعوقين.

بين يديّ الآن ورقة حصلت عليها اليوم خلال مؤتمر صحفي لحملة حقي- الحملة الوطنية لإقرار الحقوق السياسية للأشخاص المعوقين. ورقة تعرّف الإعلاميين على مصطلحات وكلمات قيلت وكُتبت ضمن أحاديث صحفية ومهرجانات ولقاءات لسياسيين بارزين، ووردت ضمن مقالات وتحقيقات لصحفيين معروفين. كلمات جُمعت من الجرائد اللبنانية تعلن مصطلحاً كـ"المعوّق" شتيمة قد يجد مطلقها ربما أنّها مؤثرة ومضحكة أيضا. ولا تتوقف المصطلحات عند هذا الحدّ بل تجعل من كلمات "الأعرج والعرجاء، والكسيح، والعميان والأعمى، والأعور، والمنغولي المعاق، والبتراء، والأبله، والأطرش والطرشان، والمكرسح، وذوي العاهات العقلية..." تجعل منها شتائم أسوأ بكثير من شتائم العرض والدين والأشخاص المقدّسين.

أستغرب حين يطلق سياسي أو صحفي مثل هذه المصطلحات بقصد الإهانة؛ ألا يمتلك صلة قرابة أو جيرة أو صداقة أو حتى معرفة بأحد من الأشخاص المعوقين؟ ألا يحسب أيّ حساب لهؤلاء الأشخاص؟ هل يعتبرهم مواطنين مثلهم مثله لا يختلفون عنه بالحقوق أم إنّه أكبر من ذلك وأرفع مقاما؟ لا أعلم صراحة ما الذي فكر فيه حين كتب وارتجل أو حين قرأ وردد ما كتبه له مستشاروه، لكنني أعلم من خلال المعطيات التي عملت عليها خلال انتخابات العام الماضي النيابية أنّ حزباً واحدا فقط، من أصل ثمانية أحزاب هي الأكبر على صعيد لبنان، ذكر في برنامجه الإنتخابي فقرة تخصّ الأشخاص المعوّقين، ولو كان ذلك دون تنسيق منه مع أصحاب القضية والشأن أنفسهم.

نضال جمعيات الأشخاص المعوّقين ومؤسساتهم الأهلية قائم على الدوام. لكنّ منع استخدام مثل هذه المصطلحات يتطلّب شراكة مع الإعلام بمختلف أشكاله وهو ما حاولت اليوم حملة حقي تعميمه كما حاولت مرارا من قبل عبر إطلاق فكرة بل مشروع الإعلام الدامج.

يفترض بمثل هذا المشروع العمل على تثقيف الإعلاميين ومؤسساتهم وتحذيرهم من الوقوع في مثل هذه الأخطاء المخلّة بحقوق شريحة كبرى من اللبنانيين. ويفترض كذلك إدخال مصطلحات حقوقية معيارية في المناهج الدراسية الثانوية، والجامعية خاصة تلك التي تمسّ الإعلام والشأن العام؛ مثل كلّيات الإعلام والتوثيق والعلوم السياسية والإدارية والحقوق والعلوم الإجتماعية والآداب والعلوم الإنسانية وغيرها. وكذلك لا بدّ من دفع الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع إلى التصرف الجدّي باتجاه تحرير تصريحات السياسيين -الذين لا أمل بتثقيفهم على ما يبدو- قبل نشرها وبثها وإذاعتها بما تمليه المصطلحات المعيارية المطلوبة، حتى وإن لم ترض تلك المصطلحات غريزة الشتم لدى مسؤول منهم أو أكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين