الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيوش الوجع تداهم مظفر النواب !

جبار عودة الخطاط

2010 / 5 / 13
الادب والفن


جيوش الوجع تداهم مظفر النواب !

علمت من قبل احد الاصدقاء القادمين من سوريا قبل ايام بتردي صحة الشاعر الكبير مظفر النواب فتملكتني مشاعر الحزن والالم .. لذا اجد من قبيل الوفاء لهذا الرمز العراقي الشامخ ان اعيد ما كتبته قبل فترة عن شاعرنا الكبير تحت عنوان ( إنه مظفر النواب ايها السادة ) مع ابتهال الى الله سبحانه وتعالى ان يكلل هام النواب بتاج عافيته .
جبار عودة الخطاط

مو حزن
لكن حزين
مثل بلبل كعد متأخر
لكه البستان
كله إبلايه تين
مثل صندوك العرس
ينباع خردة عشك
من تمضي السنين

بهذه المقاربة الشعرية المؤثرة والتي تحمل في ثنايا سطورها النازفه كل اوجاع وإحباطات السنين العجاف يصف الشاعر الكبير المناضل مظفر النواب مآل أحواله وهو يصارع آلآم الوحدة والمرض في لجج الغربه

وحين يبادره الدكتور قاسم حسين صالح في رد يكتنز كل محبة العراقيين له فيقول :
- لا يمكن ان يصير مظفر النواب مثل صندوق العرس الذي يباع ( خردة عشك ) !..يأتي جواب مظفر النواب بضلع كسير :
- هاي تبقه يم العراقيين وأنا حزين على الناس أولا وعلى المبدعين وعلى الوضع العالمي وحزني حزن شجاع جسور ...يحاول حرق خبايا تبدو غريبه لكنها اقرب الى الحقيقة !

أولا, شكرا للدكتور قاسم حسين صالح الذي أتحفنا بمحاورته غير الصحفية الحميمه مع الشاعر الرمز مظفر النواب عبر الامسية الدمشقية التي اغبطه عليها حيث جمعه اللقاء بالشاعر الكبير في مقهى الهافانا بدمشق و الذي دأب مظفر على إرتياده وقضاء جل وقته فيه وقد نشرها في الملحق الثقافي لجريدة طريق الشعب في عددها ليوم الاحد 1 أذار 2009

والحق انني تألمت كثيرا لدى قراءتي لما نقله الدكتور قاسم حسين صالح عن الكبير مظفر ...فهل حقا إننا هكذا نتعامل بكل هذا الكم الهائل من الجفاء مع رمزنا الكبير مظفر النواب ؟! نتركه يكابد ويلات الغربه القاتله المعمّده بنافورة المرض في شقة صغيرة أعارها له أحد الاشقاء السوريين بدون مقابل...ثم يقوم على خدمته شاب سوري من مريدي مظفر إسمه حازم الشيخ وهو كما يصفه الدكتور قاسم شاب دمث الاخلاق مهذب السلوك يرعى مظفر أكثر مما يفعل الولد لابيه

فهل اصبح قدر رموزنا المزيد من المعاناة والاهمال من حكوماتنا المتعاقبه ؟! يصف شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري حال الرصافي في أواخر ايامه فيقول : ( في تلك الغرفة الجرداء التي لا انساها ابدا وكأنما فيها الآن وكان الرصافي هو الذي ينام عليه , سرير من السرر الرخيصة لولا ان الرصافي هو الذي ينام عليه وكأن هو الان وقد أحس بي وأنا ادب على أطراف أصابعي لئلا اوقضه وكانت الحيرة في اين أجلس إذ ليس في الغرفة كرسي أو خشبة او حتى حجر للجلوس وكأنما هي في هذه الساعة لا غيرها إذ تبددت الحيرة بإستيقاظ الرصافي وبوجودي محلا على طرف السرير فيتحامل على نفسه فألح عليه ملتمسا ألا يفعل فيأبى فأطيع فأتحدث اليه آخر حديث أرجعه قبل ان يموت بأيام وقد أنقضى عصر الرصافي في هذه الغرفة الجرداء ولم يسدل عليه ستار وكان الجو مشمسا والضوء يؤذي العيون وكان الجو على درجة من الحرارة لا يطيقها مريض مثقل لابد من ان يمد عليه الغطاء أحلف صادقا إنه لم يكن في غرفة صاحب هذا الجيل أي ستاره ) !!
نعم ...هكذا نكرم رموزنا !!

وان مما يزرع الغصة في الجوانح أن يكون مظفر كما ينقل الدكتور قاسم مصاب بمرض باركنسون رغم ان الدكتور قاسم يقول ان ثمة اعراض خفيفة تشي بهذا المرض بادية على شاعرنا الكبير !

إنـه مظفر النواب...أيها السادة !!

مظفر النواب الذي طالما ضفر لنا بيديه الجميلتين جدائل الجمال والالق الذي يلامس وجعنا العراقي فليت شعري اهكذا يجازى هذا الرمز الذي جمع بين شعريته الفذة كقامة شعرية عربية كبرى وبين مواقفه النضاليه المبدئية إذ وقف بكل إباء وشموخ بوجه اشرس طاغية عرفه التاريخ المعاصر ! وما اجدر ان اسجل هنا ما عبر عنه المفكر العراقي الشهيد عزيز السيد جاسم واصفا حال الشاعر يقول ( الشاعر كائن لا يطأطئ هامته تحت سقوف الدهاليز والاماكن الضيقه , وإن كانت ترفل بكل الانوار التي تضخها المصابيح المصنوعه الشاعر الحقيقي يحمل مشكاته التي يفجر بها نور النهار , الاسود من الظلمه فما قيمة بهرج ظاهر لنهارات زائفه بإزاء الحقيقة التي يبحث الشاعر عنها فيطارد غيلان الارض وحجب الفضاء وسدفها مخترقا اللجج متجها هناك حيث ترقد الارواح المستنيره التي تبهت دونها الشمس ) ومظفر النواب هذا الرمز الشفيف الذي أستطاع أن ينحت بأزميله العذب مدنا سحرية تعج بالحسناوات الشعرية الخلابه لتتوهج جمرة الشعر في كفه العراقي النقي هو شيخ شعراء العراق والعرب فهل يعقل ان تنام معاملته التقاعديه في رفوف وزارة المالية العراقية في الوقت الذي يتقاضى فيه الساسة مرتبات خرافية جدا ؟ وهذه أمامنا ما يسمى بالرئاسات الثلاث تتسلم سنويا مليارات الدنانير كمنافع اجتماعية فضلا عن مرتباتهم الخرافية العجيبه ثم اين مجلس النواب العراقي مما يكابده رموزنا الكبار كمظفر النواب ام انهم في وارد الانهماك في ترتيب الامتيازات المالية الهائله كحصول النواب وجميع افراد عوائلهم على جوازات دبلوماسية مدى الحياة وتخصيص قطع اراض سكنية فاخرة تبلغ مساحتها 600 متر مربع في أي مكان ينتقيه السيد النائب ! ومخصصات اضافية بملايين الدنانير تضاف على مرتباتهم الضخمه وتخصيص مبلغ 200الف دولار لكل نائب لشراء سيارة مدرعة لفخامتة !!! وغيرها الكثير الكثير من البلاوي ! هذه لعمري قسمة ضيزى !
أقولها بكل صراحة ان الكثيرين ممن يلفطون اليوم الملايين من أثداء خزينتنا المكتنزه بالدر العراقي الثري لا يساوون والله شسع نعل مظفر بل ان ما هو أدهى وأمر إن بعضهم قد ولغ بدماء العراقيين الابرياء !!

ماذا اقول... ان الصدمه تفوق حد التصور...هذا هو ديدننا دائما نتجاهل مبدعينا ورموزنا الكبار حتى إذا ما لفظوا أشعارهم الاخيرة وغادورا هذه الدنيا السافلة تدافعنا بالمناكب للبكاء عليهم وإقامة الاماسي والمهرجانات و....وو !

لماذا لا نكرمهم وهو يتنفسون بين ظهرانينا إبداعا وفرادة عراقية كي نشعرهم باننا نحاول ان نرد لهم الحد الادنى من إستحقاقهم من فروض تكريمهم والاحتفاء بهم قبل ان يغادروننا نحو العالم الآخر....فلابد ان يأتي اليوم الذي نستقبلهم بالاحضان ليقول لهم الوطن مرحى بنوارس الجمال والحضارة

لابد أن يأتي هذا اليوم وعلينا جميعا ان نبذل قصارى جهودنا حتى ندرك ذلك اليوم

يجي يوم إنلم حزن الايام
وإثياب الصبر
وإنرد لهلنا
يجي ذاك اليوم
لجن آني خايف
كبل ذاك اليوم
تاكلني العجارب

ويختمها مظفر النواب بمقطع يودع فيه كل اوجاعة واسفار روحه الباسقه فيقول :
يجي ذاك اليوم
وإذا ما جاش
إدفنوني على حيلي
وكصتي لبغداد ...
ذكرتني كلمات النواب هذه ببيت شعر كتبه العارف و الشاعر الصوفي الشهير جلال الدين الرومي يقول فيه ( بعد أزوفات تربت مادر زميني مجوى
در سينهاي مردم عـارف مزار ماست
وترجمته بالعربية : يا من تبحث عن مرقدي بعد شد الرحال / قبري في صدور العارفين من الرجال !
فمظفر يقول :
يجي ذاك اليوم
وإذا ما جاش
إدفنوني على حيلي
وكصتي لبغداد
نقول نحن عشاق مظفر النواب نقول للكبير مظفر ستبقى سيدي متربعا في واحات قلوبنا المتعطشه لصوتك المترع بالدفء والفرادة اما اذا شاء الله وانتقلت للدار الآخره قبلنا فكما يقول جلال الدين الرومي قبري في صدور العارفين من الرجال ونحن نقول سيكون قبرك النابض بالحياة والشعر في قلوب الشعراء والشرفاء...أطال الله عمرك سيدي أبا عادل فأنت حقا ولي صالح من أولياء الشعر والنضال الحقيقي

اختم كلامي برسالة شعرية كتبتها الى الرمز الكبير تتحدث بلسان كل العراقيين الذين عشقوا مظفر وانتظروا مظفر فأقول :

الى المبدع الكبير الرمز مظفر النواب :
ياريل وصل حمد
مني سلام وشوك
كله الشِعر ياحمد
الصايته ايلوك
ياملح شِعر العرب
يلشَعر راسك شلب
سافر إبجسمك سفر
وروحك تظل ياوفي
مشتوله وي الكصب

***
ياطير من ينذبح يجفل
يغرّد تعب
يسـَكت إغراب النعب
رفة إجناحك سحر
رفة إجناحك شعر
عندك قصايد نوك
عندك فخاتي شجن
عَ النجمه غنن فوك
عَ النسمة ناحن شوك
***
آنه ارد اروح الحمد
ماروح انه الغيره
وأحجيله ...
صارت صدك
وباعوني إبليرة
والليره طلعت شبه
وإشتعلت الحيره
والناس تنطر حمد
يرجع بريل السعد
محمّل أشعار ورد
ويكحّل الديره
آنه ارد أروح الحمد
ماروح أنه الغيره
***
ياريل وصّي حمد
خل يطوي ليل السفر
ويجمع تصاويره
ياريل شنهي العذر
ماتعباه السفر ..
وهوَّ بجحيل العمر
والدنيه فريره
***
ياريل بلكت تمر
توصّل سلام الِشعر
وبوساتنه إبكجه
ياريل اوصل حمد
ياساحر الحِسجه
ياريل لا تشتمر
إضلوعي الك سجه
***
( ياريل صيح بقهر
صيحة عشك ياريل
هودر هواهم ولك
حدر السنابل كطه)
ياريل خاف إتعَثر
بخيال ذيب السِطه
اليحوف نص الليل
ياريل حّمل نده
من هور اِلغموكه
وإخذ الجفن لو رحت
سويه غلك فوكه
وضم النده والدمع
الحوشيه لتبوكه
***
الشعر عندك وطن
والوطن عندك شعر
الوطن عندك جرح
الشعر كمر الصبح
والشعر كيمر ملح
عالناس خضر ضوه
فتّحت باب الِشعر
خليته يشتم هوه
حسيت بيه مخنوك
خاويته من الزغر
وكل ساعه بيه محروك
الشعر عندك شعر
يجري بسواجي الفجر
وعد غيرك اصبح سوك
***
ياحمد هلبت تمر
ويشتعل بينه الحيل
وإنرد ندك اكهوه
ويرجع يشمنه الهيل
مر بينه مره حمد
وصافح صبحنه اريوك
ياريل بلغ حمد مني سلام وشوك
مني سلام
وشووووووووك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انقدني مظفر..اصبحت شاعرا
محمد نور الدين بن خديجة ( 2010 / 5 / 15 - 12:44 )
الى الاستاذ جبار عودة الخطاط..التحية والتقديرللاوفياء زمن الغدر والردة.

ها أنا أقرأ ما كتبته عن احد عظماء قرننا في وطن يقدس ويعلي من قيم التخلف
ويتنصل من كل من يعلي من قيم الكرامة والحرية والتحرر.لا أخفيك لقد غلبني البكاء وأنا أقرأ ما كتبته عن شاعر وهب كل حياته من أجل أن نعيش أحرارا وشرفاء.لا أخفيك يا أخي أن للكلمة وقع السحر ..فانا أتذكر باستمرار تلك الحفلة التي اقيمت على شرفي في مخافر التعذيب بالمغرب وانا لازلت في سن السادسة عشرة من عمري...حفلة لن يعرفها الا من اكتوى من نير الانظمة العربية...وفي خضم هذا الاحتفال وانا معصوب العينين ومعلق على عمود بين السماء والارض وفمي مملوء بمناديل نثنة والضربات تتالى علي من كل حذب وصوب واخر تفنن في ان يخز مؤخرتي بقضيب حديدي..واخر بلسعات كهربائية لكي اعترف باشيلء اجهلها واجهت الموت والجلاد باصرار في لحظة حولت الاستسلام الى قوة حيث حضرني مقطع من قصيدة لمظفريتحدث عن التعذيب وكيف واجهه حيث حضرته وجوه الشهداء علي لومومبا غيفارا..وبانها تتشابه هكذا انقدني مظفر هكذا انقدني الشعر هكذا ربحت الكرامة هكذا انتصرت على الجلاد حيث هددني بالا اكتب شعرا بتاتا...و


2 - انقدني مظفر ..اصبحت شاعرا.
محمد نور الدين بن خديجة ( 2010 / 5 / 15 - 12:56 )
قلت بان الجلاد هددني بالا اكتب شعرا مرة اخرى..حيث ان التهمة كانت شعرا وبعض المجلات والتهمة الجاهزة الاخلال بالامن والنظام العام...الخ.
خرجت من قمقم العفريت وتحديت وكتبت القصيدة التي انطلقت ولم تتوقف رغم مرور 27 سنة على هذا الحادث الذي غير حياتي كلية وغير كل مفهومي عن الابداع وكانت البداية مع مظفر ولا زالت...ولكن ما يؤلمني ليس موقف السلطات منه ولكن موقفنا نحن احبته الكادحون ..والمثقفون الاحرار ماذا نستطيع ان نفعل من اجله..اي مبادرات نستطيع العمل عليها تجاهه؟...هل نظل نتاسى وننتظر .فقط هذه تساؤلات اتمنى التفكير فيها بجدية.
محمد نور الدين/شاعر من المغرب.


3 - دم بخير اخي بن خديجه
جبار عودة الخطاط ( 2010 / 5 / 15 - 13:06 )
الاخ العزيز الاستاذ محمد نور الدين
تحية واعتزاز
كلي سعادة وغبطة لمرورك المؤثر في صفحتي .. دم بعافية الرجال الرجال في زمن الاشباه .. وثق بأن الكبار كالنخيل العراقي الشامخ لا يموتون او يموتون وقوفا وربما تنبلج من فضاء موتهم حياة زاخرة بعطائهم الثر ليبقى بلسما يداوي الشرفاء في كل عصر
سلمك الله من كل مكروه وشرفني مرورك
آملا التواصل مع الود

جبار عودة الخطاط / بغداد
[email protected]


4 - انقدني مظفر اصبحت شاعرا
محمد نور الدين بن خديجة ( 2010 / 5 / 15 - 13:26 )
لقد ارسلت الجزء الاول من التعليق ولكن لم ينشر ..ولهذا جاء مبتور ا عن سياقه..المهم لقد اشرت بان مظفر انقدني حين كنت تحت رحمة الجلاد في ثمانينيات القرن الماضي...وان في حفلة التعذيب وكدت استسلم حضرتني مقطوعة من قصيدة يتحدث فيها عن الشهداء وهو تحت التعذيب..الحسين وعلي وجيفار ا ولومومبا..وان وجوه الشهداء تتشابه..فاخترت الكرامة او الاستشهاد على الذل...على فكرة عمري لم يكن يتجاوز 16سنة.وقد هددني الجلاد بالا اكتب شعرا مرة اخرى..ولكن تحديت وها انا على درب الكلمة لما يفوق 27سنة كان زادي ومصدر قوتي مظفر معه ابتدات من قلب الزنزانة ومعه لا زلت .اتمنى له الشفاء حتى يخرج لنا ابداعه باشرافه لان هناك العديد ممن تجنى على مجموعاته الشعرية.

اخر الافلام

.. الفنان عبدالله رشاد: الحياة أصبحت سهلة بالنسبة للفنانين الشب


.. الفنان عبدالله رشاد يتحدث لصباح العربية عن دور السعودية وهيئ




.. أسباب نجاح أغنية -كان ودي نلتقي-.. الفنان الدكتور عبدالله رش


.. جزء من أغنية -أستاذ عشق وفلسفة-.. للفنان الدكتور عبدالله رشا




.. الفنان عبدالله رشاد يبدع في صباح العربية بغناء -كأني مغرم بل