الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزق عباس وسلة البيض الامريكية

محمود عبد الرحيم

2010 / 5 / 13
القضية الفلسطينية


لا أدري ماذا بقى للعرب، وللسلطة الفلسطينية قبلهم ، ليقولوه الآن؟ وكيف سيبررون تزامن إستمرار الكيان الصهيوني في نشاطه الإستيطاني، مع الجولة الأولي للمفاوضات غير المباشرة؟
أليس هذا وفقا لمنطقهم إعلانا للفشل؟ وتأكيدا لعدم وجود دلائل على الجدية في عملية السلام، وألا يثبت هذا الموقف أن إفتقاد الجدية لا يقتصر فحسب على الجانب الإسرائيلي، وانما يمتد ليشمل كذلك واشنطن التى قال العرب في إجتماعهم الأخير بالجامعة العربية " أنهم يمنحونها الفرصة والمهلة"، ثم ها هى تخدعهم من جديد، وتتكشف سريعا حقيقة أنه لاتوجد أية ضمانات، ولو بتجميد مؤقت للاستيطان، ما يعني أن الضغط الامريكي مكرس فقط للجانب العربي، دون "الإسرائيليين"، وأن التحذيرات الامريكية التى أطلقتها هيلاري كلينتون، مؤخرا، بشأن ضرورة تفادى القيام بإجراءات لتقويض فرص التفاوض، لا تعدو كونها فقاعات هواء، فيما يخص اسرائيل، وعين حمراء لمحمود عباس الذي لا يسمع الا صوت نفسه الذي هو صدى للأوامر الأمريكية، فيما يصر على تجاهل أصوات الفصائل الفلسطينية المحذرة من العودة مجددا للعبة التفاوض العبثي، وإضاعة الوقت سدى، على النحو الذي يمنح مهلة للمخططات الصهيونية، لتكتمل وتصبح حقائق على الارض.
والسؤال الآن، هل سيعاود العرب الإجتماع سريعا، لإنهاء مهزلة التفاوض، وسحب التفويض الذي منحوه لعباس للمرة الثانية، والبحث عن البدائل الأخرى التي تحدثوا عنها في بيان لجنة المتابعة العربية، وغيرها الأعلى سقفا ، لمواجهة الخديعة الأمريكية، والنهج العدواني الصهيوني أم ماذا؟ وهل سيجرؤون على الاعتراف بأن خيار التسوية السلمية وصل إلى طريق مسدود، وأنهم أضاعوا قرابة عشرين عاما في وهم أسمه "عملية السلام"، و"الراعي الامريكي" الذي يمتلك 99 في المئة من أورارق اللعبة في المنطقة ، مثلما أعتاد أن يردد السادات، صاحب هذا النهج التفريطي الذي قاد العالم العربي إلى هذة الهوة السحيقة، والوضعية المزرية.
في تصوري، أنهم لن يفعلوا أي شئ من هذا، حتى الإجتماع في الجامعة العربية، الذي فعلوه مؤخرا لثلاث مرات، لا أظن أنهم سيعقدونه قريبا، وربما ينتظرون حتى نهاية المهلة المقررة بأربعة أشهر، لأن مثل هذه الاجتماعات صارت تحسب عليهم ، ولا تحسب لهم، لأنها تكشف عن تردد في المواقف، وعجز عن الفعل، وفشل في إتخاذ قرارات شجاعة تقتضيها اللحظة التاريخية بكل تعقيداتها، ورغم الثمن الفادح لتأجيل الحسم، إلى جانب أن مثل هذه الاجتماعات صارت تظهرهم أمام الرأي العام المحلي والعالمي، بمظهر المهرجين الذين يثير خطابهم السخرية، لا التعاطف.
ولاشك أن زيارة كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات إلى القاهرة، بعد أيام من إنطلاق المفاوضات غير المباشرة، وللقائه بالأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي، ووزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، تكشف عن المأزق الذي وضع محمود عباس نفسه فيه، والحالة التى لا يُحسد عليها، خاصة بعد تلقيه طعنة، وراء طعنة من الإدارة الامريكية، واستنفاد كل الحجج الذي يسوقها، وتجلي فشل نهجه الاستسلامي، الذي يضر بمصير القضية الفلسطينية، على نحو لا يستطيع أحد إنكاره.
غير أن القاهرة ليست الوجهة الصحيحة حاليا، فليس بوسعها أن تقدم لعباس طوق نجاة، ينقذه مما هو فيه، فالنظام المصري، تماما كالسلطة الفلسطينية، في مأزق ، والتبعية لواشنطن هى ذاتها، ولا هم له في هذه المرحلة، ولا مشروع يشغله، سوى"التوريث" وآليات التنفيذ التى من بينها مد العمل بحالة الطوارئ، واسترضاء واشنطن وتل أبيب، وكل ما يمكنه فعله هو جمل إنشائية، من قبيل أنه غير مقبول الإستمرار في الإستيطان، أو القبول بدولة فلسطينية على حدود مؤقتة، وفي أحسن الاحوال، مناشدة الطرف الأمريكي إنقاذ عملية السلام، مثلما هي العادة، ومناشدة مماثلة للجانب "الاسرائيلي" بأن يمنحوا عباس شيئا ما، حتى لا تنهار سلطته "المعتدلة"، ويُواجهون بقوى"متطرفة"، غير أن هذا النهج في الأخير، لا يفضي إلى شئ، وأنما يشرعن منهج التفاوض من أجل التفاوض، وترحيل قرار الحسم والمواجهة، بالإضافة إلى أن تكثيف إتصال الدولة العربية الكبري، التى كانت تُسمى، قبلا، بقلب العروبة النابض، والتى تستضيف "بيت العرب" ، وحميمية العلاقة المرفوضة بالكيان الصهيوني، وإستقبال قادة العدو على أراضيها، يعطي شرعية لوجود هذا الكيان، وإجراءات حكومته اليمينية المتطرفة، وهو ما يخصم من رصيد الدعم المصري للقضية الفلسطينية، ويضر، سواء بشكل مباشر، أو غير مباشر بهذه القضية.
على محمود عباس أن يقف مع نفسه قليلا، ويراجع نهجه، وتحالفاته التى أفقدته مصداقيته، وأضرت بمصالح شعبه، وقضيته العادلة، وله في لبنان قدوة حسنة، بمقاومتها الباسلة التى أستردت الجنوب بكفاحها المسلح، وقوة الإيمان بقضيتها ، وحسن التقدير للموقف استراتيجيا ،والرهان على التحالفات التى تضيف إلي قوتها الرادعة للكيان الصهيوني، وكذلك السوريين، الذين رغم موافقتهم على الدخول إلى التفاوض، لإسترداد أراضيهم المحتلة، فأنهم عندما وجدوا أن الأمر لا يسير في اتجاه تسوية عادلة، فضلوا الإعلان عن الإنسحاب من هذه اللعبة، وعندما حاصرهم الأمريكان، وأدخلوهم إلى"محور الشر"، أستطاع اللاعب السياسي السوري أن يكسر جدار العزلة، ويجعل دمشق رقما صعبا في المعادلة الأقليمية، من دون تقديم تنازلات بإتجاه الكيان الصهيوني مثلما يفعل عباس والنظام المصري، ما أستدعي الأوربيون، فالأمريكان إلى الحج إلى سوريا، وعندما تركها العرب في مهب الريح، وشاركوا في عزلتها، وطدت تحالفها الإستراتيجي أكثر مع اللاعب الاقليمي القوي ايران، وها هي تدخل في حلف مع تركيا أنشط القوى على الساحة الشرق أوسطية، وتمكنت حتى من إحتواء"أعداء الأمس" في لبنان، والتجاوب مع النظام السعودي، بل وإرسال اشارات مصالحة بإتجاه النظام المصري ، للأسف ،تجاهلها بسوء تقدير سياسي، وها هي يختارها الرئيس الروسي لزيارتها، وتدشين عودة "الدب الروسي" للشرق الاوسط، من بوابتها، دون غيرها من بلدان المنطقة بما فيها مصر، ويعلن دعم مواقفها وتوثيق التعاون معها في نواح عديدة، بل أن الرئيس "الاسرائيلي" شيمعون بيريز يمرر رسالة عبر موسكو، لدمشق، يعلن فيها تراجع تل أبيب عن استهداف سوريا، ما يؤكد جدارة دمشق ونظامها، كلاعب سياسي محترف، يمتلك زمام المبادرة والقدرة على المناورة، وتوسيع دوائر الحركة، وقاعدة التحالفات، وليس وضع البيض كله في السلة الامريكية، وفق النهج المصري الذي أبتدعه السادات، وأكمله نظام مبارك، الذي قزم من دور ومكانة مصر، والذي يرى فيه محمود عباس النموذج المحتذى، رغم سقوط السلة، وإنكسار كل البيض المصري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ