الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انا مًقاطع

تميم منصور

2010 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية



المقاطعة مهما تنوعت صورها واشكالها ، خاصة اذا كانت على خلفية سياسية ليست جديدة على الدول والشعوب والحركات والاحزاب والافراد في الشرق الاوسط ، انها كانت وستبقى آلية من آليات الصراع السياسي والعسكري وحتى الثقافي في هذه المنطقة .

في الماضي البعيد فرضت جميع دول الجامعة العربية مقاطعة سياسية واقتصادية على اسرائيل ، أي ان التعاون كان مع ما اسموه في حينه بالكيان الصهيوني محرماً ، وقد وصل هذا التحريم الى درجة الكفر بوجود اسرائيل ، وكانت اسباب هذا الموقف متوفرة ، يعرفها الكبير والصغير ، اهمها اغتصاب اسرائيل لفلسطين وتشريد اهلها ، بسبب هذه المقاطعة التي كانت محكمة تقريباً عاشت اسرائيل في عزلة داخل منطقة الشرق الأوسط ، كانت تتمنى التخلص منها .

اما اليوم فقد انقلبت الآية بعد ان اصبحت اسرائيل هي من يفرض المقاطعة على الدولة العربية التي تريدها ، وعلى الاحزاب والحركات والشركات العربية التي تعتبرها اسرائيل معارضة لسياستها العدوانية التوسعية .

قال اريئل شارون عندما كان رئيساً للوزراء ، في الماضي كنا نستجدي الدول العربية كي نفتح بيننا وبينها باباً واحداً من التطبيع ، اما اليوم وبفضل السادات ومبارك والعائلة الهاشمية في عمان واصدقاؤنا في دول الخليج والمغرب وتونس بفضل هؤلاء وغيرهم اصبحت اسرائيل هي التي تقرر وتختار وتفتح ابواب التطبيع مع العرب مع الدولة التي تريدها وتلائمها .

هذه حقيقة ، فمنذ ردة السادات وما تبعها حدثت عملية فرز قاطعة ومفصلية بين القوى الداعمة للمشروع الامريكي الصهيوني في المنطقة وبين القوى الرافضة لهذا المشروع في مقدمتها جميع التنظيمات الناصرية في الوطن العربي ، والعديد من الاطر الحزبية والنقابية والاتحادات المهنية في كل من الاردن والعراق ومصر والجزائر والمغرب ، اضافة الى سوريا وجميع فصائل المقاومة .

منذ هذا الفرز حدث انقلاب في جغرافية المقاطعة السياسية الاقليمية، تحولت وجهتها من محاصرة اسرائيل ومقاطعتها الى مقاطعة العديد من الدول العربية مثل سوريا والسودان وجميع الفصائل التي تقاوم المشروع الامريكي الصهيوني في المنطقة .

لكن ما حدث في الآونة الآخيرة لم تتوقعه اسرائيل ، لم تتوقع هذه المقاطعة من داخلها ، فبعد ان اعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية عن مقاطعهتا جميع منتوجات المستوطنات القائمة في الضفة العربية ، لم تتاخر سكرتارية لجنة متابعة قضايا المواطنين العرب ( عرب 48 ) باصدار قرار تاريخي تحث من خلاله الجماهير الفلسطينية في الداخل مقاطعة جميع منتوجات المستوطنات ، لان هذه المستوطنات جزءاً من الاحتلال ووجودها فوق ارض فلسطينية يكرس هذا لاحتلال والتعامل معها يعتبر دعماً لها واعترافاً بشرعيتها .

ان قرار لجنة المتابعة نقلة نوعية في تاريخ نضال وكفاح عرب 48 انه قراراً تاريخياً فيه كل المصداقية والحكمة والرشد والوطنية ، هذا القرار بكل ما يعنيه يمثل ارادة ومواقف ومشاعر غالبية الجماهير العربية الفلسطينية من عرب 48 ، انه يؤكد انهم متجذرون في وطنهم وانهم جزء لايتجزا من الشعب الفلسطيني ، وما الخط الاخضر سوى خطاً سياسياً مفروضاً وهمياً غير قادر على تفكيك الجسد الفلسطيني الواحد .

ان قرار لجنة المتابعة العربية بمثابة لطمة ورداً مناسباً على السياسة العنصرية التي تمارسها الحكومات الاسرائيلية ضد الجماهير الفلسطينية التي تخضع لحكمها منذ النكبة وحتى اليوم .

معروف على مر العصور ان ما يهم اليهودي جيبه ، واذا توقف تدفق المال الى هذا الجيب فقد توازنه وصوابه ، لان المال روحه والرئة التي يتنفس منها ، ومقاطعة منتوجات المستوطنات عقابها مزدوج ، اولاً ضد عصابات المستوطنين انفسهم ، ومن ثم ضد الاحزاب ومؤسسات الدولة التي تدعمهم وتوفر لهم الحماية والاموال وتصادر الارض والمياه من اجلهم .

نحن امام قرارين تاريخيين للسلطة الوطنية ولجنة المتابعة ، لكن هل بالامكان تنفيذ هذين القرارين ، لان منع وصول منتوجات هؤلاء العنصرين الى الاسواق والبيوت الفلسطينية بحاجة الى تنظيم ومتابعة وتخطيط ، على السلطة الفلسطينية ان تكون حادة وحازمة في هذا المجال ، عليها منع استشراء الفساد داخل لجان المقاطعة حتى لا يكون مصيرها كباقي مؤسسات السلطة المختلفة ، على السلطة الفلسطينية منع العمال الفلسطينين من العمل في مزارع ومصانع وبناء البيوت في المستوطنات لان توفير ايادي عاملة رخيصة من الفلسطينين يدعم اقتصاد المستوطنات ويساعدها على الاستمرارية والتمدد .

على السلطة توفير اماكن العمل وبظروف انسانية لجميع العمال الذين يبعدون عن العمل في المستوطنات ، عليهم ايجاد بدائل للمنتوجات التي يتم مقاطعتها ، اما بالاستيراد او من انتاج المصانع الفلسطينية ، اننا نخشى ان تكون العودة للمفاوضات خطوة الى الوراء واغلاق ابواب المقاطعة التي شُرعت بقناعة ورضى جميع الفلسطينين .

اما بالنسبة لعرب 48 فمهمة المقاطعة ليست مستحيلة لانها فردية وجماعية ، المواطن الفلسطيني قادر على تمييز منتوجات المستوطنات ومقاطعتها ، لكن يجب توفير غطاءاً اعلامياً منظماً لابراز اهمية ثقافة المقاطعة المذكورة ، يجب اقامة لجان خاصة لتوضيح البعد الوطني لهذه المقاطعة وفتح قنوات للاتصال مع التجار العرب خاصة من يتعاملون مع المستوطنين لاستيراد منتوجاتهم ، يوجد للاحزاب السياسية والجمعيات المختلفة دوراً هاماً في جعل المقاطعة تقف في مقدمة اولويات المواطن العربي ، واعتبارها التزاماً وواجباً وطنياً واحدى آليات مقاومة الاحتلال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر