الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مسيحي إلى المسلمين

خالد إبراهيم المحجوبي

2010 / 5 / 14
الادب والفن


لا يغرُبُ عنا ما بين المسيحيين ، وبين المسلمين من تباعدات ، وتزيلات ، وفروقات ،وخلافات، وصدامات ، وتواريخ معتمة ، ووقائع مظلمة ، سجلها التاريخ وحفظتها الذواكر . حيث سارت الأمور على نحو لا ترتضيه الديانة الإسلامية ، والمسيحية كلتاهما.
لكن الأمر في عصرنا هذا -نسبياً- ليس على ذاك القدر من السوء ، برغم تواصل كثير من مظاهر تلك الأوازم ، وآثار تلك الخلافات.
في هذا المقام سأقف في زاوية مضيئة من زوايا الساحة الفاصلة –وإن شئت فقل الواصلة- بين المسيحيين من جهة ،وبين المسلمين من أخرى ، هي ساحة أفضل تسميتها بالواصلة بدلاً عن الفاصلة .
قرأت هاته الرسالة التي كتبها أديب مسيحي ، ووجهها إلى المسلمين بعامة ، فوجدت فيها صفاء ينفذ إلى الضمائر ، ، وتعالياً ينبو عن الصغائر ، وتسامقاً يرقى عن الغوائر ؛ فأحببت أن أشرك لقراء في لذة صفائها ، ونشوة علوها ، ومتعة سموقها .ثم أُردفها بمثالات – أدبية - أخرى تصب في الساقية نفسه ، بوصفها رسائل ودية تواصلية مسيحية إلى المسلمين.
حين يعلو الرجل عن منابع الشقاق ، ويقصد إلى مواطن الوفاق ، فهو بلا ريب قد مكن لنفسه في براحات السمو الإنساني ، وربا بذاته عن غوائر السفول البشري . وما دام نبينا عليه الصلاة والسلام قال :{ الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها} فنحن أولى بدركها ، واهتبال سُنوحها في أي مجال سنحت ، ومن أي حرف نبطت ، وفي أي أرض نبتتْ.
من هنا علينا أن نسمع ذلك المسيحي الذي حفر اسمه في ساحة الأدب العربي ، ونقش معالم روحه في باحة الأدب العالمي . إنه جبران خليل جبران . ذاك الذي لم يحجبه العالم الغربي عن مهده الشرقي ، ولم تمحُ مادية الغرب عنه روحانيتة الشرقية ، ولم تحجزه مفاتن الغرب عن همومه الوطنية. ولم تبدد شقاقات الأديان ، هويته الروحية .
سأسكت الآن وأدع جبران يتكلم .
قال جبران: ((أنا لبناني و لي فخر بذلك , و لست بعثماني و لي فخر بذلك أيضا .
لي وطن أعتز بمحاسنه , و لي أمة أتباهي بمآتيها , و ليس لي دولة أنتمي إليها و أحتمي بها .
أنا مسيحي و لي فخر بذلك , و لكنني أهوى النبي العربي و أكبر اسمه و أحب مجد الإسلام و أخشى زواله , أنا شرقي و لي فخر بذلك و مهما أقصتني الأيام عن بلادي أظل شرقي الأخلاق سوري الأميال لبناني العواطف .
أنا شرقي و للشرق مدينة قديمة العهد ذات هيبة سحرية و نكهة طيبة عطرية و مهما أعجب برقي الغربيين و معارفهم يبقى الشرق موطنا لأحلامي و مسرحاً لأماني و آمالي .في تلك البلاد الممتدة من قلب الهند إلى جزائر العرب , المنبسطة من الخليج الفارسي إلى جبال القوقاس , في تلك البلاد أنبتت الملوك و الأنبياء و الأبطال و الشعراء .في تلك البلاد المقدسة تتراكض روحي شرقا و غربا و تتسارع قبلة و شمالا مرددة أغاني المجد القديم , محدقة إلى الأفق لترى طلائع المجد الجديد .
بينكم أيها الناس من يلفظ اسمي مشفوعا بقوله : " هو فتى جحود يكره الدولة العثمانية و يرجو اضمحلالها "
إي و الله لقد صدقوا , فأنا أكره الدولة العثمانية لأني أحب العثمانيين , أنا أكره الدولة العثمانية لأني أحترق غيره على الأمم الهاجعة في ظل العلم العثماني .
أنا أكره الدولة العثمانية لأني أحب الإسلام وعظمة الإسلام و لي رجاء برجوع مجد الإسلام .أنا لا أحب العلة , و لكنني أحب الجسد المعتل , أنا أكره الشلل و لكنني أحب الأعضاء المصابه به ...
أنا أُجلُّ القرآن و لكنني أزدري من يتخذ القرآن وسيلة لإحباط مساعي المسلمين .كما أنني أمتهن الذين يتخذون الإنجيل وسيلة للحكم برقاب المسيحيين .
و أي منكم أيها الناس لا يكره الأيدي التي تهدم , حبا للسواعد التي تبني ؟
أي بشري يرى العزم نائما ، و لا يطلب إيقاظه ؟ أي فتى يرى العظمة متراجعة إلى الوراء و لا يخشى انحجابها ؟
خذوها يامسلمون كلمة من مسيحي أسكن " يسوع " في شطر من حشاشته و " محمداً " في الشطر الآخر !
إن لم يقم فيكم من ينصر الإسلام على عدوه الداخلي .. فلا ينقضي هذا الجيل إلا
و الشرق في قبضة ذوي الوجوه البائخة و العيون الزرقاء ))

( جبران خليل جبران - نصوص خارج المجموعة.)
هذه الروح التي تكلم بها جبران كانت سمة سائدة وسـَمَـتْ كثيرًا من الأدباء غير المسلمين في بلاد الشام خاصة ، من أمثال: مارون عبود ، وإيليا أبي ماضي ، وخليل مطران ،ورشيد سليم الخوري (الشاعر القروي) ، الذين كان لهم دور في بث التسامح ، وتوثيق الوشائج بين أبناء وطنهم من المسيحيين والمسلمين. ونحن في حاجة لتوطين هاته الروح التسامحية في قلوبنا ، بعيداً عن ضجيج الفتنة ، وصراخ التعصب .
ومن المثالات البديعة لذاك التواصل الاحترامي بين بعض الأدباء المسيحيين ، ودين المسلمين ورسولهم ، ما كتبه الشاعر السوري المسيحي جاك شماس قائلاً ( ):
يمّمتُ ( طهَ ) المُرْسَل الروحانـى ** ويُجلُّ (طه) الشاعـرُ النصرانـى
يا خاتمَ الرسل الموشـح بالهـدى ** ورسـول نبـلٌ شامـخ البنيـان
أَلْقَى عليكَ الوحي طهـرُ عقيـدة ** ٍنبويـةٍ همـرت بفيـض مـعـان
قوّضتَ كهف الجهل تغدق بالمنـى ** ونسفـت شـرك عبـادة الأوثـان
مهما أساء الغـرب في إيلامـه ** لـم يـرق هـون للنبي الباني
لا يحجب الغربـال نـور شريعـة ** ويظـل نـورك طاهـراً روحاني
ماذا أسطر فـى نبـوغ ( محمـد ) ** قـاد السفيـن بحكمـة وأمــان
ومآثر الإسلام فـى سفـر الهـدى ** درب النجـاة و شعلـة الفرقـان
أنا يا ( محمد) من سلالـة يعـرب ** أهـواك ديـن محـبـة وتـفـان
وأذود عنـك مولـهـاً ومتيـمـاً ** حتى ولو أُجـزى بقطـع لساني
أكبرت شأوك فى فصيـح بلاغتـى ** وشغاف قلبي مهجتي وبياني
وأرتل الأشعار في شمـم النـدى ** دين تجلّـى فـى شـذى الغفـران
وتسامـح يزهـو ببـرد فضيلـة ** وشمائـل تشـدو بسيـب أغـانِ
أغدقت للعـرب النصـارى عـزة ** ومكانـة ترقـى لـشـمِّ مـعـان
وأنـرت دربـاً ناضـراً برسالـة ** مسك الرسـول وخاتـم الأديـان
وزرعت في قلب الرعيـة حكمـة ** شماء تنطق في نـدى الوجـدان
أودعت يمنك في حدائـق مقلتي ** ووشمت مجدك في شغاف جنـان
ونذرت روحي للعروبـة هائمـاً ** بالضـاد والإنجـيـل والقرآن
ونقشت خلق (محمد) بمشاعري ** ودرجت أرشف كوثـر الرحمـن
وشتلت في دوح التآخي أحرفي ** أختال زهـواً في بنـى قحطـان
آخيت ( فاطمة) العروبة في دمـى ** وعفاف (مريم) فى فـؤاد كياني
عاودت نور ( محمـد ) بشريعـة ** تزهو شموخـاً في أجـل بيـان
رفلـتْ مبادئـه نضـار رجاحـة ** وتعـطـرت بالـبـر والإيـمـان
والمجد يتبع خطـوهُ أنّـى مشـى ** ويسيل شهـداً في فـم الأزمـان
ولئـن تغطـرس أجنبي حاقـدٌ ** كفقاعة الصابـون فـى الفنجـان
أنا ( مسلم ) لله أمري في الدنـى ** ومفاخـر (بالمسلـم) المـعـوان
وإذا قرأتـم للـرسـول تحـيـة ** فلتقـرؤوه تحـيـة النصراني
الله أكبر يـا رسـول فسـر بنـا ** نحـو الشمـوخ وقبلـة الإيمـان.
إنها قصيدة بديعة ، ارتقت فوق حواجز العصبية الدينية ، وجاوزت تخوم التدين المغلق ، لتصب معانيها في ساحة التسليم والسلام والتآخي على النحو الذي يرضي الإله الذي أسلمت له الأكوان ، واجتمعت على إسلامه الأنبياء، وما بلغته من أديان.
ومن هؤلاء الشاعر جورج صيدح وقصيدته (صحراء يثرب) حيث يقول ( ):
لا يعجز الله الذي إن قال كن للشيء كان
أمر الرمال فأطلعت صحراء يثرب أقحوان
للرسل آيات وهذا الـنبي آيته البيان
الروح يملي ما يترجمه ونعم الترجمان
بالضاد أذن ربه فتخلدت لغة الأذان
شرفاً حراء الغار هل كحراء في الدنيا مكان؟
أخذ الشهادة من شفاه المصطفى أخذ البيان
في صدره ضم النجيّ وصان معجزة الزمان
وتنزلت أم الكتاب على اليتيم مع اللبان
فهدى الأعارب ذلك الأميّ بالسُّوَر الحسان
أضحوا وفي الدنيا لهم شأن وعند الله شان
أما الشاعر والطبيب نقولا فياض ، فله قصيدة اسمها (محمد ) ضمن ديوانه (رفيف الأقحوان) يناجي فيها النبي العربي بقوله:
نبيَّ العرب ألهمْني بيانا ** على عجزي أهز به الزمانا
وأرفع للنفوس لواء حق** وأبسطه على الدنيا أمانا
وأجعل في حنايا كل صدر** لمولدك المبارك مهرجانا.
وهذا شاعر القطرين خليل مطران الذي عاش في مصر بعد أن قدم إليها في العشرين من عمره من لبنان ، عرف بتسامحه واتسلع روحه ، له قصيدة (رسالة محمد رسالة الله) ، قال فيها:
رساله الله لا تنتهي بلا نصب ** يشقي الأمين وتغريب وتنكيد
رسالة الله لو حلت على جبل ** لاندكّ منها وأضحى بطن أخدود
ولو تحملها بحر لشب لظى ** وجف وانهال فيه كل جلمود
فليس بدعاً إذا ناء الصفيّ بها ** وبات في ألم منها وتسهيد
ينوي الترحل عن أهل وعن وطن** وفي جوانحه أحزان مكبود
يكاد يمكث لولا أن تداركه ** أمر الإله لأمر منه موعود
عانى محمد ما عانى بهجرته ** لمأرب في سبيل الله محمود
كذا جهاد والجهاد على ** قدر الحياة ومن فادى بها فُودي
أما الشاعر القروي رشيد سليم الخوري ،فيقول مخاطباً أحد زعماء ثورة الدروز أمام الاستعمار الفرنسي 1963م:
إذا حاولت رفع الضيم فاضرب** بسيف محمد واهجر يسوعا
«أحبوا بعضكم بعضا» وَعَظْنا ** بها ذئبا فما نجى قطيعا
كما يقول في قصيدة أخرى محتفيا بمولد نبينا عليه الصلاة والسلام :
بدا من القفر نور للورى وهدى** ياللتمدن عم الكونَ من بدويّ
يا جاعل الأرض ميدانا لقوته ** صارت بلادك ميدانا لكل قويّ
يا حبذا عهد بغداد وأندلس ** عهد بروحي أفدي عوده وذويّ
فإن ذكرتم رسول الله تكرمةً ** فبلغوه سلام الشاعر القرويّ
وفس سياق الانغمار في محبة رسول الإسلام يقول الشاعر المسيحي إلياس فرحات في إحدى قصائده:
غمر الأرض بأنوار النبوةْ ** كوكب لم تدرك الشمس علوهْ
لم يكد يلمع حتى أصبحت** ترقب الدنيا ومن فيها دنوّه
بينما الكون ظلام دامس** فتحت في مكة للنور كوّه
وطمى الإسلام بحرا زاخرا** بأواذي المعالي والفتوةْ
إن في الإسلام للعرب علا**إن في الإسلام للناس أخوةْ
من رأى الأعراب في وثبتهم**عرف البحر ولم يجهل طموّهْ

في سنة1927م سافرالشاعرالمسيحي اللبناني الكبير شبلي ملاط إلى مصر في مناسبة مبايعة شوقي بإمارة الشعر ،فألقى قصيدة حوت مبايعة لشوقي وامتداح للإسلام ونبيه والعروبة ؛ فقال:
من للزمان بمثل فضل محمد ** وعدالة كعدالة الخطاب؟
رفع الرسول عماد أمة يعرب **وأعزها بالأهل والأصحاب
غشت الفتوح وصفقت راياتها **في الشرق فوق أباطح وهضاب
حي الجزيرة في مسارحها وما ** في الريف من ري ومن إخصاب
واسمع فديتك نبرة مضرية ** عربية في منطق خلاب
واستنشد القرآن قوما جوَّدوا ** منه بآيٍ للنفوس عذاب
واقرأ به فصحى اللغات مدله **في المشرقين بجوهر الأحساب
لولا يد الإسلام لم تسلم بها ** فيها من الأخلاق والآداب
من لم يصن لغة الجدود فليس في** قومية تنميه في الأنساب
أما الشاعر اللبناني المهاجر محبوب الخوري الشرتوني فيقول في إحدى قصائده:
قالوا: تحب العرب؟ قلت: أحبهم ** يقضي الجوار عليّ والأرحام
قالوا وقد بخلوا عليك أجبتهم ** أهلي وإن بخلوا عليّ كرام
ومحمد بطل البرية كلها ** هو للأعارب أجمعين إمام
قالوا البداوة؛ قلت أطهرُ عنصر ** صفت النفوس لديه والأجسام
الأريحية والشهامة والندى ** في الأرض حيث أيانق وخيام
وللشاعر المهجري إلياس قنصل قصيدة بعنوان (النبي العربي الكريم) قالها رداً على بعض من تحامل على الإسلام والعروبة يقول فيها:


إني ذكرتك يا محمد ناشرا**يعلو (بلال) العبد أشرف قبة
حق المواهب أن يقدر أهلها**روح الأخوة في بني الإنسان
ليذيع منها أشرف الألحان**لا فرق في الأجناس والألوان
وهذا الشاعر جورج سلمتي يقول في إحدى قصائده:
ياسيدي يارسول الله معذرة **إذا كبا فيك تبياني وتقصيري
..على لسانك ما جن البيان به **وأقبل الشعر يرنو شبه مسحور
ماذا أوفيك من حق وتكرمة ** وأنت تعلو مدى ظني وتقديري
أما الشاعر السوري ميخائيل بن خليل الله فهو أول شاعر مسيحي يماثل قصيدة البردة، فقد أنشأ قصيدة من مئة وخمسة وعشرين بيتا ملأها بذكر مآثر العرب والإسلام والنبي محمد عليه السلام . قال في مطلعها:
أنوار هادي الورى في كعبة الحرم**فاضت على ذكر (جيران بذي سلم)
ثم يفخر بممدوحه الذي ألهمه هذا الشعر المنـزه عن أي غرض فيقول:
يا أجمل الخلق سيماء وأظرفهم ** طبعا وأوفاهمُ بالعهد والذمم
عشقت فيك صفات جل مبدعها ** كالغيد تفتن لب الشاعر الفهم
وحسن شعري بكم من شمسكم قبس** والنبع ما سال لولا صيب الديم
فإن أجدت بهذا الطل مدحكم ** فكل معنى بكم كالهاطل العرم
ويختم قصيدته بقوله:
صلى الإله على ذكراك ممتدحا ** حتى تؤم صلاة البعث بالأمم
وللشاعر خليل فرحات، وهو شاعر لبناني مسيحي ينتمي إلى الطائفة المارونية، قصيدة حملت عنوان (في محراب علي) . نظم الشاعر هذه القصيدة بعد أن أصيب في رجله بداء استعصي شفاؤه فتوسل إلى الله تعالى بالامام علي؛ حتى شافاه الله تعالى .
يقول خليل فرحات:
دريت، وكلُّ الناس قبلك لـم تدر فقد صُبّتْ الأعصارُ عندك في عصر
وكنت أمير الحدس تدرك غورها وتسبُر أخفاها العصـيّ على السبـر
وتنشرُ مطواها وتفجر خيــرهـا كما يفجر الحفار نجناجـة البئـــر
وحاشاه أن يعيا حصائك طـافراً على قمم المجهول أو مـارج الغمـر
ويقول في موضع آخر..
يزجي إليك الناس أغلى نذورهم وما همّك المنذور بل صاحب النذر
ويقول عن شجاعته:
وقالوك في الهيجاء أوزن فارس تُداري الألى فرواً وتألف من فرِ
وعندك كان القتل خلوا من الأنـا فسيفـك قوّامٌ على الخير والشر
ويقول واصفاً الإمام علياً ونهجه:
سواك، سوى رب الدروب جميعها عسيرٌ عليه السيرُ في الأدرب العُسر
تجليـت نهاجــاً تـؤجُ نهوجــه كمـا أجَّت الأرياح مُشتعل الجمر
و يقول الشاعر:
ولمـا كتـاب الله أعجـز قومه وأغلق لم يفتـح علــى الجلة الكبر
فتحت عليه الباب فالضوء مبهر ولكن فتى الأضواء ما ضــجّ للبهــر
كأنكما من قبل قـد كنتـمـا معاً ومر زمـان بعد آذن بالهجـــر
وعاد لقـــاء النيريـن بأحمـد وعزّ بك الإسلام كالشمس في الظهر( )
وشاعر نصراني آخر هو بولس سلامة في رائعته الملحمة (عيد الغدير).تبرز هذه الملحمة، إعجاب الشاعر وافتتانه بشخصية الإمام علي :
هو فخر التاريخ لا فخر شعب يدّعيـه ويصــطفيـه وليّـــا
ثم قال:
كدت أقضي لو لا النُهى والتأسي ونعـم أصــوغـــه وهمــيـا
أتــأسى بابــن البتـول فيوليني عــزاء وبلسماً معنــويـــا
أتأسى بـالأكـرميــن خصـالاً لم يسيغوا في العمر شُرباً مريـاً
جلجل الحــق في المسيحي حتى عـدّ مــن فـرط حبـه علـويّا
أنا من يعشــق البطولـة والإلهام والعدل والخلاق الرضيّــا
: إن هاته المثالات التي أزجتها ، لتأتي مصداقاً لقول الله تعالى
{ لتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ}( )
ولم يزل للأدب والأدباء دور يقومون به في سياق اصطناع التآلف بين المتخالفين ،و تحقيق التقارب بين المتباعدين، وتجسير المهاوي بين المتدابرين ، سواء على مستوى الأديان أو مستوى الطوائف . في الوقت نفسه الذي نجد فيه للأدب وبعض الأدباء دوراً مغايراً على الضد مما ذكرنا . من ثم تصير المسؤولية ذاتية، متعلقة بكل أديب أو مفكر بذاته ، من جهة مدى تحمله لمسؤولية تقريب شتات أمته ، ورأب صدوعها ، وتضميد كلومها .
من هنا يصير للأدب فائض قيمة ، يضاف إلى قيمته الإبداعية ،وخصائصه الفنية.أي أن يكون له دور خيري و إصلاحي ، في عالم الحياة والأحياء ،والواقع ، بإزاء دوره الفني في عالم الإبداع ،والتصوّر، والخيال .
(خالد إبراهيم المحجوبي)
--------------------------------------------------------------------------------------------------
الهوامش والإحالات:
--------------------
1 - حديث نبوي مرفوع .انظرمفتاح دار السعادة لابن القيم. 1/283. وضعفه ابن العربي في تحفة الأحوذي .5/347 لكن للحديث شواهد كثيرة ومعناه صحيح
2 - نشرت القصيدة في http://www.mugrn.net/vb/showthread.php?t=37058
3 - نشت في مقال شعراء مسيحيون عرب يمدحون النبي الكريم .بقلم: صلاح عبدالستار محمد الشهاوي نشر بمجلة الحرس الوطني على http://haras.naseej.com/Detail.asp?InNewsItemID=333663
4 -12 - مجلة الموسم/ العدد السابع/ 1990/ 877-880. نقلا عن http://www.annabaa.org
5 - نفسه ص307
6- -سورة المائدة . الآية 82








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جزاكم الله خيراً
أحمد علي ( 2012 / 6 / 16 - 00:36 )
أريد قصيدة رسالة محمد رسالة رسالة الله كاملة وقصيدة النبي العربي الكريم والقصيدة التي ألقاها الشاعر شبلي ملاط في مناسبة مبايعة شوقي بإمرة الشعر

اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي