الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين - الوطنية - و - الخيانة -

عادل أحمد

2004 / 8 / 4
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


بين " الوطنية " و " الخيانة "
- حول مقالة الأستاذ حازم صاغية ( أبعد من " عميل " و " وطني " ، المنشورة في جريدة " الحياة " اللبنانية .
يطرح الأستاذ حازم صاغية إشكالية " عربية " بامتياز ، فكل الأنظمة العربية – على اختلاف تلاوينها – أنظمة قمعية مستبدة ومعادية للديموقراطية والتعددية وحقوق الإنسان.وكل الملوك والسلاطين والأمراء والرؤساء يعتبرون أنفسهم " المختارين " لحكم شعوبهم ودولهم والتصرف بشؤؤنهم على طرقة يوشع بن نون أو سليم الثاني .
ولأن الطريق إلى المستقبل والحياة الحرة الكريمة ، يفترض تلقائيا وبالبداهة تغيير هذه الأنظمة المتسلطة والفاسدة ، يسمي البعض هذا التغيير بالإصلاح تارة وبالتطوير والتحديث تارة أخرى وهذا أمر ليس مجال خوضه في هذه العجالة . فالمهم هو أن تتمكن الشعوب العربية من التصرف بشؤونها وتقرر طريقة حياتها وأسلوب نظامها السياسي بكل حرية وشفافية .
ولإنجاز هذا التغيير تختلف النخب والقوى السياسية العربية المؤمنة به والداعية إليه
فبين من يرى المطالبة والقبول بالتدخل من الخارج مع كل ما سيجره من موت ودمار وتخريب وإلغاء ، تدخل يحرق الشعوب بجحيمه ويولد حالة من اللااستقرار والعنف وحتى الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد ؛ وبين رفض لهذا التدخل – تحت يافطة الوطنية – وبالتالي القبول بالخنوع لنظم مستكبرة ومستبدة تقمع شعوبها وتعيش على دمائها ممعنة في القمع والاستبداد ولو بوتائر مختلفة الشدة ، دون أن تكترث للأخطار المحدقة بأوطانها وكل ذلك للحفاظ على مصالحها وبقائها في السلطة .
يشخص الكاتب هذه الإشكالية فيقول : " إن هذا الموقف أبعد من مأزق . انه أزمة ضاربة في تكويننا الثقافي/ السياسي ." ويصل إلى النتيجة التالية : " حين تكون الحال هكذا ، لا تعود الرغبة في التدخل ، وهي متسرعة وخاطئة ، > خيانةوطنية < ... فالأمور أكثر تركيبا وتداخلا من ذي قبل ، وأشد استدعاء للمسؤولية من أوقات سابقة ..." .
ان القول بأن الموقف أبعد من مأزق ، انه أزمة ضاربة في تكويننا الثقافي / السياسي ، هو أكثر من صحيح لأن ثقافة القوة والعنف وإلغاء الآخر و منذ بداية الحضارة وحتى اللحظة – باستثناء فترات تاريخية نادرة – تصبغ تاريخنا السياسي والاجتماعي وحتى الثقافي .
أما أن يقول بأن الرغبة في التدخل وهي متسرعة وخاطئة ليست " خيانه " ، كما لا تعود الحماسة في رفض التدخل " وطنية " فهذا ما لا نوافقه عليه ؛ لماذا ؟ لأن الرغبة في التدخل وبالتالي حصوله هو النهاية المنطقية لاستعداء الخارج على الوطن ، وما من تدخل عبر التاريخ الا وكان نتيجة لمثل هذا الاستعداء وبمشاركة فعلية أو اسمية ممن يحملون هذه الرغية ويملكون ذلك الميل ، العراق مثالا .
وبالتالي، فان رفض التدخل يبقى " وطنية " على هذا الأساس نفسه ، فالرغبة في إسقاط طغمة حاكمة أو نظام مستبد لا تبيح قتل الأبرياء وتهديم الوطن . أما الحديث عن الفرص الممنوحة والضائعة لتقليع الشوك بالأيدي فهي قضية تخص النخب والقوى السياسية والفاعلة في المجتمع.. وهي ما تشكل الأزمة الفعلية ، أي الطريقة والأسلوب التي تمكن هذه النخب والقوى وبالتالي الشعوب من إنجاز التغيير أو الإصلاح . وعن حق كما يقول الكاتب فان الأمور أكثر تركيتا وتداخلا من ذي قبل ، وأشد استدعاء للمسؤولية من أوقات سابقة .
هل يعني هذا أن التضحيات والمعاناة التي كانت تقدم ولا تزال تقدم على مذبح الحرية والتقدم والديموقراطية بالتقسيط لم تعد ناجعة في أيامنا هذه ؟ ؟ وهل ينبغي أن تدفع اليوم فورا " كاش " وبسخاء .؟؟ كيف ؟
هل نقول بالعصيان المدني وبطريقة سلمية خالية من العنف ..؟.
وهل يمكن لشعوب مسحوقة وجائعة ومصابة برهاب الخوف والرعب، والتي تحول القمع الذاتي عندها إلى آلية داخلية تلقائية ؟ . هل يمكن لشعوب هكذا وضعها أن تلجأ لهذا الأسلوب وتشارك في هذا الخيار المكلف والشاق ؟ .
ربما هذا ممكن التحقيق ؛ / ثورة 1919 في مصر ، المظاهرات العاصفة التي خرجت الى الشوارع مطالبة بعودة عبد الناصر عن قراره في التنحي ، ما جرى في الضفة الغربية ابان الانتفاضة الأولى / لكن شرطه هو أن تتوافق هذه النخب والقوى والفعاليات- صاحبة المأزق الأزمة في الأساس – على تقديم المثل والتحول إلى أمثولة تلهم الناس وتقودهم إلى خوض غمار هذا الخيار الصعب والطويل والذي يبدو أنه المخرج الأشد عقلانية من هذا المأزق – الأزمة .
هكذا يمكن لنا أن نبدأ بقلع شوكنا بأيدينا لا بأيدي الغير .
هل نستطيع .. وإذا استطعنا هل نفعل ؟ هذا هو السؤال ؟؟؟
1/8/2004 عادل أحمد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: انقسام الجمهوريون وأمل تبعثه الجبهة الشعبية الجديدة


.. هل تتجه فرنسا نحو المجهول بعد قرار ماكرون حل البرلمان وإجراء




.. حزب الله.. كيف أصبح العدو الأكثر شراسة لإسرائيل منذ عام 1973


.. ترامب ينتقد زيلينسكي ويصفه -بأفضل رجل مبيعات-| #أميركا_اليوم




.. تصادم قطارين في الهند يودي بالعشرات