الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنتخابات جامعية مستنسخة في لبنان

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2010 / 5 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


للعام الثاني على التوالي يعيش البلد موجات الديمقراطية. وانتخابات العام الحالي البلدية والإختيارية ليست بشيء إذا ما قورنت بما حصل العام الماضي، من حملات ضخمة وتدخلات دولية وإقليمية ومواقف محلية وشبكات عملاء ومناورات صهيونية وسموات زرق وكلينتون وبايدن وضباط أربعة. كلّ ما هنالك أنّ لبنان يثبت سنة بعد أخرى، وانتخابات بعد انتخابات أنّه يعتنق الديمقراطية -ولو على قياس سادة الإقطاع- مذهبا نهائيا، فتأتي مكافآت ملائكتها دعماً معنويا له ولسيادته، ومساعدات عسكرية لجيشه وقوى أمنه، وأضعاف ذلك للمبشّرين بتلك الديمقراطية من الأحزاب والقوى اللبنانية الأصيلة.
تلك اللعبة الكبيرة تتدنى درجات عديدة وتنقل أدواتها كل عام إلى الجامعات الوطنية والمتواجدة في لبنان. هنا تنشط حركة انتخابية لا تستدعي حملات ضخمة ولا تجييشا دوليا وإقليميا ولا حتى نشرات أخبار ومراكز إحصاءات تحتل الشاشات وتتحكم بالإتجاهات وتثبت فشلها مع إعلان النتائج الحقيقية. لكن بات من الإعتيادي أنّ القوى نفسها على الساحة السياسية في لبنان ككل، وبما أنّ الشباب الجامعي مثقف وواع... ومعبّأ، تتخذ من تلك الإنتخابات ساحة صراع أخرى تكرّس لها جهودها وقدراتها لتحقيق الإنتصار. هي دوما تخوض المعارك من أجل الإنتصار فحسب، حتى ولو كان مغلفا بخسارة، وحتى لو كان في انتخابات اتحاد رياضي لا غير.
في الجامعة طلاّب يعرفون تماما معنى التواجد في مجلس الطلاّب. وفي الجامعة كذلك طلاّب يعرفون معنى الإنتخاب -كما أريد لهم أن يعرفوه- ويعرفون تماما طعم الإنتصار على الغريم فيها، والأعلام الحزبية المرفوعة في كل انتخابات تعلن عن نفسها صريحة في وجوه الأطراف الأخرى. أليس غريباً أنّ أعلام المنظمات الطلابية التابعة لحزب ما هي نفسها أعلام الأحزاب؟ هل هي انتخابات نيابية؟ هل هي انتخابات بلدية حتى؟ أم هي تظاهرة واعتصام وبطالة اعتادها الطلاّب تقودهم إلى ساحات مليونية تزخر بالأرقام والبطولات والهتافات والتحدّيات والشتائم؟ يعرفون ذلك لكن ماذا بعد!؟ ماذا بعد الإنتخابات؟ ما هي النتائج التي تحققت جامعيا، وما هي الفوائد التي تحققت لهم طلابياً؟
في الجامعة أولئك وفي الجامعة هؤلاء أيضاً. وهؤلاء طلاّب لا يعرفون حتى اليوم بعد، ما دور المجلس الطلاّبي المنتخب، ولماذا كلّ هذه الضجة حول انتخابات سنوية لا تغيّر شيئا ولا تبدّل أبداً. والحقّ كلّ الحقّ معهم، فكيف يمكن لهم أن يعرفوا ما وجوه المساعدة والخدمة التي على المجلس الطلابي أن يقدّمها، طالما أنّ المرشحين لا يعلنون عن مثل هذا البرنامج. وطبعا مثل ذلك مرفوع عنهم أصلاً بترشحهم المنضوي تحت راية صفراء أو خضراء أو حمراء أو زرقاء أو سوداء أو بيضاء أو برتقالية أو متداخلة الألوان.
أنا أيضا من الفريق الثاني ولطالما كنت كذلك كلّ عام جامعي. من الفريق الذي لم يعرف يوما ما معنى هذه الإنتخابات وما جدوى تمثيلها للإنتخابات النيابية. أنا من الفريق الذي لم ينتبه يوما لوجود مجلس طلاب في جامعته رغم كلّ الأعلام والرايات والإعلانات الملصقة على الجدران. ربما أتساءل: هل هو مثلا نقل للتجربة "الديمقراطية" إلى الجامعات؟ هل هو تجهيز وإحماء للطلاّب الذين لم يصلوا بعد إلى سن الإقتراع الرسمي لخوض تلك التجربة تحت الألوان نفسها والأجواء نفسها؟ هل هو تثبيت لسياسات ومواقف الأحزاب على الساحة الشبابية؟
إذا كان كذلك فما دور تلك المجالس الحقيقي؟ أحد الأساتذة وقد كنّا أكثر من مئة طالب في محاضرته قال لنا: انتخبوا من يمثلكم! وكأنّه اخترع شيئا ما! أو هو نوع من المجاز اللغوي معناه انتخبوا الفريق الذي انتمي إليه. ما هذه الثقة في اعتبار فريقه ممثلا للطلاّب خير تمثيل!؟ وانا أعرف فعلا أن كثيرا من الطلاب إناثا وذكورا لم يفهموا من الإنتخابات يومها إلاّ طلب أستاذهم المحبوب ذلك انتخاب من عبّر عنهم، وفعلوا.
هنالك من يعرف فعلا ما دور تلك المجالس، سيجيبني ويتساءل باستغراب عن قلة حيلتي في إدراك ما يدركه. لكنّ الأمر كذلك فعلا هي قلّة حيلة لديّ تهيّئ لي أشكالا مختلفة من التمثيل الطلاّبي. أشكال مختلفة لمنظمات قريبة من الطلاّب لا منفصلة عنهم باهتمامها بشؤون إقليمية ودولية. منظمات قريبة من شؤونهم الدراسية ونشاطاتهم الجامعية الثقافية والترفيهية على حدّ سواء؛ من المكتبة الجامعية والمحاضرات والإستضافات والزيارات والمبادلات والمعارض إلى الرحلات والمباريات. أشكال لمنظمات ملتحمة بالطلاّب كطلاّب، لا كمنتمين إلى حزب وجهة ودين ومذهب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة