الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة البطيخ

محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث

2010 / 5 / 15
الصحافة والاعلام


محمد علي محيي الدين
يبدو أن مسار الثقافة في العراق يسير من سيء الى أسوء في ظل الفوضى الخلاقة لمنظومة الحكم في العراق ،فوزارة الثقافة بوصفها راعية الثقافة في العراق تمر بمخاض عسير من الفوضى أفقدها طعمها وأحالها الى شخصية هلامية لا لون لها ولا طعم ولا رائحة،تنح بتصرفاتها من سيء الى أسوء ولا يمكن أصلاحها أو تغيير مسارها في ظل الوضع الحالي بعد أن عصفت العواصف الترابية بكل القيم الثقافية منذ العهد المقبور الى الحاضر المنظور،فالقوى التي أفرزها التغيير الأمريكي تتقاطع مع الثقافة والمثقفين لمعرفتها الكاملة بأن ظهور باحث كالوردي أو شاعر كالجواهري قادر على العصف بكيانها القائم على منظومة فكرية لا أساس لها في الضمير الجمعي للعراقيين ،ووزارة الثقافة أعطت الوجه الكالح لما يكون عليه العمل المؤسساتي في العراق لأنها تفتقر الى الكفاآت القادرة على أدارة العملية الثقافية والارتقاء بها لتصل المستوى الذي نطمح إليه فبعد المهرجانات اليتيمة التي تعقد على عجل وبطريقة لا تخلوا من مآخذ وعثرات عمدت الوزارة الى التنصل عن مسئوليتها إزاء أي نشاط ثقافي وأوكلت الأمر الى الحكومات المحلية التي ترى في الثقافة خنجرا مسموما في خاصرتها مما يعني في أحسن الأحوال نحر الثقافة العراقية ورميها في واد سحيق.
لقد تنصلت وزارة الثقافة عن دعم مهرجان المربد وأوكلت أمره الى مجلس محافظة البصرة بوصفه مهرجانا بصريا،وعطلت مهرجان المتنبي بوصفه شاعرا واسطيا ،وقبرت مهرجان ألجواهري لأنه شاعرا وطنيا،وأهملت المسرح لأنه في نظرها تهريج لا يرجى منه نفعا،ووأدت الموسيقى والغناء لأنها رجس من عمل الشيطان،وقزمت السينما لأنها تفسد الأذواق ،وأهملت وأهملت ،ولا أدري ما نفع الوزارة والجدوى منها أذا لم يكن لها حضور واضح في المجتمع ،هل وجدت لإرضاء حزب بإعطائه حقيبة وزارية وأن كانت من جلد ماعز بدلا من جلد الغزال، وهل ما فيها من وكلاء وزارة أقدمون وهامشيون ومدراء عامون وفراشون وموظفون وجدت لإرضاء هذه الجهة أو تلك وما نفع وزارة لا وجود لها في الحياة بعد أن تعطلت الثقافة وهمش المثقف،وحورب المثقفون،ولماذا تصرف ملايين الدولارات لوزارة معطلة قد تضر ولا تنفع،هل وجدت ليقال عنا أننا بلد يهتم بالثقافة والمثقفين،أو وجدت لتكون من حصة سين أو شين،وماذا قدمت الوزارة في عهدها الجديد.
لقد أتحفتنا الوزارة بوزراء من طراز خاص فأولهم السيد مفيد الجزائري ،أستلم مقاليد الوزارة وميزانيتها تقل عن ميزانية مدرسة أو معهد ثم أنيط أمرها بوزير في حكومة الجعفري جعلها ثكنة عسكري لا تسمع فيها غير سيدي وأيادي ترفع بتحية عسكرية وكأنها معسكر من معسكرات التدريب،وأصبحت بين ليلة وضحاها تسير في خط لا يمت لأي ثقافة من ثقافات المعمورة،وفي حكومة السيد المالكي أسلم قيادها لأحد خدم الجوامع،وأئمة الإرهاب فحولها الى مسلخ من مسالخ الإرهاب والرذيلة ومورست في أروقتها جرائم يندى لها الجبين ثم هرب الوزير بعد ثبوت ارتكابه لجرائم قتل وسرقات كبرى للمال العام،ولأنها في أطار المحاصصة الطائفية أوكل أمرها لوزير جديد لم يكلف نفسه عناء حضور مهرجان أو احتفال عراقي ،وأقتصر حضوره على المهرجانات العربية المخصصة للإساءة الى العراق،بل وأقدم على ما لم يجرؤ عليه سابقيه فمحي بجرة قلم بعضا من متنفس للأدباء والمثقفين بإلغائه المهرجانات التي تقام في مناسبات معلومة. أن الثقافة في العراق بحاجة الى وزير مثقف يجري انتخابه من قبل المثقفين أنفسهم وأن لا تكون ضمن المحاصصة الطائفية القومية،لقد ترك لكم المثقفون العراق فاتركوا لهم ثقافتهم ليتولوا قيادها لأنهم الأعرف بما ينفعهم ولا تقسروهم على ما لا يريدون وإلا فلن تكون العواقب سليمة في ظل ثورة المعلومات
ولنا أن نتساءل ،هل ما يجري هو هجمة مقصودة لإنهاء الوجود الثقافي في العراقي وتحويله الى ثقافة القطيع،وما هو المطلوب من أدباء العراق وكتابه ومثقفيه،هل يرضخون لواقع مفروض عليهم ليكونوا بيادق شطرنج بيد هذا أو ذاك أم تكون ثورتهم الثقافية التي تطيح بعروش الاستبداد،وهل يسكت المثقفون عن هذا التهميش بعد أن لاحت بوادر الهيمنة،ومحاولات الاستلاب،وسيادة الطبالين والراقصين في موائد المسئولين،أم تكون لهم وقفتهم الرافضة لأي شكل من أشكال الهيمنة والتعسف،وهل يكون قياد المثقف بيد السياسي أو العكس أنها معركة حاسمة على الأدباء خوضها فأقلامهم قادرة على تعديل المعوج ،وتليين القوى،وشفرات القلم أحد من شفرة السكين أن وجدت اليد الماهرة التي تستطيع توجيهها في الطريق السليم،وبدلا من أن تكونوا مداحين مطبلين راقصين عاكفين على موائد السياسيين،أقلبوا الأرض تحتهم وأنتم الأعلون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الوزير المثقف ووزارة الثقافة
على عجيل منهل ( 2010 / 5 / 15 - 11:05 )
الاخ الاستاذ محمد على محى الدين لك تحياتى واحترامى لمقالكم المهم والحيوى فى العراق الجديد الذى يسير فى عملية التكوين والبناء. ومن الطبيغى ان الثقافة مهمة اساسية فى البناء والعمران الاجتماعى والفكرى للدولة العراقية . لقد دعا نعم دعا السيد امير الحلو واكيد تعرف من هو, احد زعماء وزارارة الثقافة فى العهد السابق على صفحات الحوار المتمدن,, الى وزير ثقافة مثقف,, مثل الوزير المثقف فى عهد الجنرال دغيول وقلنا له انه عمل مع وزراء شبه اميين من طراز لطيف نصيف جاسم و حامد حمادى ونصف اميين من طراز محمد سعيد الصحاف , وفى التغير الجديد عين وزراء من طراز رفيع بدرجة ذباح ومنهم اسعد الهاشمى رجل دين وارهابى من طراز رافيع قنل اولاد الاستاذ الالوسى مثال وجىء بوزير اخر من الشرطة الوطنية فى عهد الجعفرى السيد الراوى مربى الدواجن والبيض وهكذا هو الوزير المثقف ولاتراجع العراق يتقدم وسلامى لك وشكرا لهذا الموضوع ولو استعرنا من لهجة اهلنا الشعب المصرى فالقضية كوسة وبذنجان ويدرها مجموعة سناكيح والله اعلم


2 - الاستاذ العزيز
صفاء ابراهيم ( 2010 / 5 / 15 - 15:50 )
حياك الله يا ابا زاهد
متى كان الطائفيون القتلة رعاة ثقافه
وماذا يعرفون عن الفن والمسرح والشعر والادب والقصه والصحافة والنحت والفنون التشكيلية
ماذا يعرفون غير لغة التهميش والاقصاء والاجتثاث
اشكرك و كفيت ووفيت
واعتذر عن سوء الفهم السابق
تحياتي لك


3 - رد
محمد علي محيي الدين ( 2010 / 5 / 15 - 18:48 )
الأخ الكريم علي عجيل منهل
بلينا في العراق بأمعات بحق قيل أشباه الرجال
وهذه من المصائب الكبرى أن يتولى إدارة الثقافة أناس بعيدين عن الثقافة يطبقون مقولة سيء الذكر حميد الحصونة مليون أمي ولا مثقف هدام،لذلك يسعون بكل ما يمتلكون من قوة لوأد الثقافة العراقية لأنها الصخرة التي تتحطم عليها أحلامهم المريضة.
الأخ صفاء أبراهيم
لك مني التحية وعلى المثقفين الذين خبرناهم في السنين الخوالي عدم السكوت عن هذا التهميش والوقوف صفا واحدا لمواجهة الهجمة الشرسة لإنهاء كل ما هو جميل ومحاولات العودة بالعراق الى سنين التخلف والضياع.


4 - مساحة واسعه من الحريه
فيصل البيطار ( 2010 / 5 / 15 - 21:49 )
هي ثقافة الطبقه السائده ومناخ فكرها الديني هو الطاغي ، لكن بفعل ظروف العراق الخاصه جدا يمكن لنا تلمس فجوات مضيئه في ذلك المناخ لا يتمثل فقط في اتاحة الشبكه العنكبوتيه الممنوعة زمن الطاغيه ، ولكن وايضا في حرية الصحافة والنقد وتوفر الكتاب والحركة الإعلامية النشطه مما لا يتوفر وبحق في أي بلد عربي .

لا شك أن هناك الكثير من القيود غير المشرعنه بقانون والخاضعه لتقديرات هذا الوزير أو ذاك .. لكن لنا القول مطمئنين أن هناك مساحه من حرية الحركه الإعلاميه والفكريه ويجب إستغلالها لمصلحة كادحي الوطن وهمومهم .
تحية وتقدير لكم سيدي محي الدين .


5 - شكرا للكاتب المحترم
محمود قيس ( 2010 / 5 / 16 - 01:36 )
المشكلة في ثقافة الوزراء ووعيهم فوجود شخصية مثقفة وواعية ووطنية بين من حول وزارة الثقافه الى ثكنه عسكرية والاخر يحولها الى جامع او مقهى وما شابه ذالك غياب مبداْ الرجل المناسب في المكان المناسب مشكلة لوزارة الثقافه والتعليم وباقي الوزارات
مع التحية


6 - رد
محمد علي محيي الدين ( 2010 / 5 / 16 - 08:18 )
الأخ فيصل البيطار
لا خلاف في أن الفسحة الإعلامية المتاحة في العراق هي الأكثر حظا في المنطقة وأن لا حدود مفروضة على وسائل الأعلام وأن حدثت بعض التجاوزات فإنها لا ترقى لمستوى الدول والثقافة بحاجة الى كفاءة علمية مثقفة تخرج من الوسط الثقافي لا أن تفرض عليه شخصية ليس لها صلة بالثقافة من قريب أو بعيد وأن وزارة الثقافة من الأهمية بمكان وقد تفوق في أهميتها ألكثير من الوزارات السيادية لأنها المفتاح لبوابة العراق الثقافية والواجهة الناصعة له،لذلك تتطلب وزيرا له مكانته بين المثقفين في العراق أو خارجه ليعيد للثقافة العراقية وجهها الناصع .
الأخ محمود قيس
أوافقك الرأي فوزير الثقافة يجب أن يكون مثقفا من الطراز الأول وإداريا حازما وشخصية مؤثرة في الداخل والخارج ولا يحمل أي توجه يفرق بين الأطياف العراقية بل يكون جامعا لها .


7 - يجب الغاء وزاره الثقافه
ابو نور ( 2010 / 5 / 16 - 18:08 )
واستبدالها بمجلس اعلى للمثقفين خارج اطر السلطه التشريعيه والتنفيذيه يا ابا زاهد اصبح الموكب لا المسرح مدرسه للشعب وستستبدل جمله راشد يزرع الى راشد يلطم


8 - مطلب سليم
محمد علي محيي الدين ( 2010 / 5 / 16 - 18:40 )
العزيز أبو أنور
يا حبذا أن تستبدل وزارة الثقافة بمجلس أعلى لرعاية الفنون والآداب بعيدا عن المحاصصة الطائفية والقومية التي أصبحت معلما من معالم العراق الجديد وان تكون الآهلية والكفاءة المعيار في الأختيار أو يكون الأنتخاب هو الفيصل في تولي المسئولية ليقود ركب الثقافة من هو الأصلح لهذه المهمة


9 - لكل زمان دولة ورجالها
علي الشمري ( 2010 / 5 / 16 - 23:07 )
الاخ العزيز أبا زاهد المحترم
أنت تعلم وكما يعلم الاخرون بان العراق بلد اسلامي ويجب ان تكون ثقافته أسلامية(هذا ما يصرح به الاخوة من تالقادة الاسلاميين )فعليه يجب منع اي ثقافة تتقاطع مع الثقافات الاسلامية التي يريدوها الاخوة الاسلاميين على غرار دولة ولاية الفقيه,مقابل هذا فان لهم انجازات ثقافية عديدة منها (ثقافة اللطم والتطبير وبها نستطيع اظهار مظلوميتنا,ثقافة البكاء والنحيب ,وبها نجنب انفسنا الدخول الى النار وضمان الجنة رغم كثرة اخطائنا وسلبياتنا,, منع الغناء والفنون الاخرى لكي نبعد همش الشياطين عن أذاننا, القيمة والفسنجون فانها من صلب ايماننالاطعام الجائعين والفقراء ,أستيراد القامات والسيوف مهمة جدا لتنشيط اقتصادنا الوطني وتفعيل السوق التجارية العراقية)كل هذه النشاطات الثقافية المهمة والمصيرية وتطالب وزارة الثقافة بالعمل ؟؟؟؟؟؟؟يا أبا زاهد كن منصفاولو قليلا مع أخوتك في النضال من الاسلاميين,,
تقبل تحياتي..

اخر الافلام

.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق


.. الاعتداء على داعمين لفلسطين اعتصموا بمركز تجاري بالسويد




.. تقرير حالة انعدام الأمن الغذائي: 96% من سكان غزة يواجهون مست


.. مصادر العربية: إطلاق النار في محج قلعة أثناء القبض على من سا




.. -إيرباص- تُعاني بسبب الإمداد.. والرئيس التنفيذي للشركة يتوقع