الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قتلها لانها حامل بانثى

خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

2010 / 5 / 16
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف



يقال أنها صرخت واستغاثت، وركعت عند قدميه تستحلفه بالله أن يتركها لتعيش لأطفالها الثلاثة.. وأنها توسلت إليه ورجته وبكت وناحت.. لكنه كان كوحش أطبق على فريسته، منقاد لغريزة الدم، عيونه تلمع، وأسنانه تصطك وكأنها أنياب غول، فقد حاسة السمع، وتحولت أصابعه إلى مخالب نمر.. ضربها في البداية بقسوة كي تنهار وتضعف مقاومتها، ثم هجم عليها كضبع كاسر أو كخنزير بري هائج.. وماذا كان بإمكانها أن تفعل بجسدها النحيل-- الحامل بالشهر الرابع-- غير أن تبذل محاولات يائسة للفكاك من بين يديه.. حرارة الروح دفعتها لتخرمشه، لكنها أخذت بالانهيار والسقوط تدريجيا، وهو على عكس ذلك ازداد شراسة وزاد من ضغطه على عنقها.. صراخها الذي كان في البداية قويا مزلزلا تقشعر له الأبدان، ونواحها وطلبها للنجدة، أخذا شيئا فشيئا بالخفوت، إلى أن لفظت آخر كلماتها( لعنك الله ) وفارقت الحياة، وأسلمت روحها لباريها.
امرأة كان حظها العاثر أن تتزوج من رجل ينظر للنساء كجواري وماكنات تفريخ.. عاشت حياة الشقاء تطبخ وتكنس وتغسل وتعمل في الحقل، وفي آخر الليل تضطر وهي منهكة لتلبية رغبات زوجها-- وان رفضت أو طلبت إعفاءها من آخر مهمة أو تأجيلها لليلة-- تعرضت لشتى صنوف الضرب والشتم والعذاب.. حملت لثلاث مرات وولدت ذكرين وأنثى، وفي المرة الرابعة ولأنها حملت بأنثى -- كما دلت الفحوص الطبية-- تحولت في عيون زوجها إلى مجرمة.. إذ كيف تحمل بأنثى بينما زوجة أخيه لا تحمل إلا ذكورا..؟؟ ولهذا السبب حكم عليها وفق شريعة الغاب بالموت.. وفي الغاب لا تنجو الفريسة من مهاجمها إلا نادرا.. وليس هناك من تلجأ إليه ليحميها أو يتشفع إليها أو يلين قلب مهاجمها.. ولا تنفع هناك الدموع ولا يستجاب للتشفعات وتترك الفريسة لمصيرها المحتوم..
هذا ما حصل في بلادنا قبل أيام.. ومن المؤكد أن هذه القصة الجريمة ليست الوحيدة، بل هناك قصص أخرى تحدث مع النساء تشيب معها الرؤوس.. لكن ولأننا وكما يقول البعض نعيش في-- مجتمع محافظ-- تدفن كل القصص مع ضحاياها، ويبقى الجناة طليقين أحرار دون عقاب، ودون أن يبلغ عنهم خوفا من العار.. فالمرأة لدى الكثيرين في مجتمعنا تجلب العار، ويجب أن تظل حبيسة أو تحت المراقبة، لتتنفس من حيث يتنفس زوجها، ولا ترى إلا ما يريدها زوجها إن ترى.
هذا ما يحصل في بلادنا التي تعمل فيها العشرات من المؤسسات التي تعنى بحقوق الإنسان، ومئات الجمعيات النسوية التي تدافع عن حقوق المرأة.. هذا ما يحدث رغم كل برامج التوعية والتثقيف المجتمعية وبرامج الجندر وحماية النساء.. هذا ما يحدث رغم استتباب الأمن الداخلي وعودة الهيبة للقوانين.. فلماذا يحدث ذلك..؟؟ ولماذا مازالت المرأة مضطهدة ويسهل اضطهادها وتجريدها من كل حقوقها ومنها الحق بالحياة..؟؟ إنها أسئلة مشروعة.. وعلى صناع القرار من-- حكومة ومجلس تشريعي ومؤسسات حقوق إنسان وجمعيات واطر نسوية-- الإجابة عليها، ووضع حد للجريمة المستمرة بحق النساء.
من المؤكد أن الجريمة هزت مشاعر الجميع في بلادنا، لبشاعتها ولوحشية القاتل الذي لم يرأف لضعف زوجته.. وسيطالب الجميع بإيقاع اشد العقوبات بالقاتل.. لكن هذا الحل لن يوقف تكرار مثل هذه الجريمة وغيرها من الجرائم.. والمطلوب تعديل الكثير من نصوص القوانين-- ليفهم قاتلي النساء ومن تصور لهم أفكارهم أنهم سيتمتعون بالعذر المخفف بعد ارتكابهم جرائم قتل النساء-- أنهم سيواجهون قانونا صارما لا يميز سلبا ضد النساء.. المطلوب أن تكون هناك برامج توعوية بحقوق النساء لإلغاء التمييز ضدهن-- تستهدف مجتمع الرجال أولا.. المطلوب أن تصل الجمعيات والأطر النسوية إلى كل التجمعات السكانية وخاصة تلك الموجودة في الأرياف-- ولا تكتفي بالعمل بين أوساط نساء المدن، أو بالعمل مع بعض النخب من النساء.. المطلوب تغيير الخطاب النسوي ليصبح أكثر جرأة في نقد القوانين وحتى في نقد العادات والتقاليد البالية..
مخيم الفارعة – 16/5/2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول مكتب عقاري بإدارة امرأة في مقاطعة الرقة


.. مسرحية بترا




.. العنف ضد المرأة في تزايد الأسباب متعددة والحلول غائبة


.. ضغوط نفسية وتحديات معيشية معاناة مزدوجة تعيشها نساء غزة




.. تفاعلكم | تفاصيل مفجعة عن شبكة لاغتصاب الأطفال عبر تيك توك ف