الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات سورية

فاضل فضة

2004 / 8 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في حوار جانبي مع الذين أرهقتهم الحياة، في احد الأقبية النائية عن الصخب الذي نمارسه في وجود حياتي متسائل، أصرّ زيد من الناس على المعرفة وتقييم ما لا يمكن وزنه بالقبان.

كان السؤال عن المعرفة والادعاء بها وقضية الإرتجال، كجزء من ثقافة الحياة أوثقافة المجتمع ومجتمعنا الخاص. وكم من عديدنا يصرّ على إمتلاك هذه المعرفة، أميّاً كان، أو طباخاً أو كندرجياً أو أي سائح في هذه الدنيا. وكم من أميّ في الإختصاص أدار مصانعاً في دول الولاء ل الكفاءة، وكم من سياسي وصولي عمل بإدارة (أي تهديم) أكثر من مؤسسة في أقتصاد، أخر مايحتاج إليه هو الأنتهازيين الذين لايعرفون شيئاً من الإدارة.

قلت لأحمد: لو عرضت على اي سوري (في قانون المجتمع) يملك الاختصاص أو لا يملكه، إدارة ما لأي مؤسسة سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية، هل سيرفض ذلك؟
تردد أحمد وقال صحيح من الممكن أن يعتقد أنه قادر على القيام بهذه المهمة. وأردفت، حتى لو لم يكن يملك المعرفة والخبرة اللازمة بها. أجاب: إحمد نعم ممكن.
وبين هذا الممكن الذي أدّى في الماضي إلى دمار المؤسسات السورية، ومازال يؤدي بنتائجه إلى فساد ومحسوبية (كما هو حاصل) تكمن نقطة أولى غائبة عن كم كبير عدد المدعين بالمعرفة والاختصاص والقدرة على تحمل مسؤولية ما لا يملكون. وما اصعب الحسم هنا، وتقييم المفرغ من معاييره، والذي لا يمكن الدخول في تفاصيله والدفاع عنه إلا من جانب ارتجالي مصرّ على الهيمنة.

قد ننفذ الحسم والقطع ونعلي الصوت بمسرحية مستمرة، لكن النتائج وحدها كفيلة بتقييم ما حصل وما هو قادم وآت.

عندما نقرأ كل يوم في فضاء الكلمة والنص الهارب من واقع الاسس، فإننا قد نسقط في تيارات ما هبّ ودبّ، ومنهجية محاصرة بانتهازية الهدف ونسيج لم يتغير لا في تجربة الحياة وإرهاصاتها في مكان أو في آخر.
وكم هو صعب أن نختصر الآخرين حبا في الحكم ونشوة النص فقط.

قد يكون لدى البعض القدرة على مواجهة الذات الإنسانية في معانيها وقيمها الحقيقية. هذه القيم غير القابلة للمدّ والجزر الرخيص، المموهة والمشوّهة من قبل اصحاب الادعاء والارتجال المعرفي السطحي بكل المعايير العلمية. هي اصعب من المواجهة لإشباه الحياة في البحث عن مصالح ذاتية متقعّرة في العقل. وقد يكون ألم البحر في تلاطمه الآتي حكاية مترسخة على شاطيء ثقافة لا تعرف النقد الذاتي بل تعمل على تجاوز النسيج المترهّل أملا أسوداً في تربع على أطلال ما تبقّى من رماد.
هل نعذر الذين لا يقرأون، أم أن ثقافة النفاق أقوى من تقديم النصوص وهيجان الموت الآثم في حياة المجتمع السوري.

كم هو مهين لمعنى الحياة، عندما يتفرّغ البعض لمشاريع ليس أكثر من سوقية المحتوى. وكم ينتشي البؤس عندما يصرّ التعساء في العقل ومنهجية الكلمة على استثمار مخازن الشعور الفائضة في حياة الآخرين.

وما بين الفواصل والحواجز الذاتية تكمن حياة أخرى لمن لا يرغب إلا بأمان الروح والصفاء تقديم صورة أخرى مشرقة لمن يحلم بحياة أفضل.
قد يحتاج الزمن إلى فرصة أخرى يقدمها لمن ثبتت جذورهم في رحم الموت وغبار ماتبقّى. قد يحتاج التاريخ إلى حقبات أخرى يرصّع بها ذاته في عويل النساء على ميت اكتشفت جثته من جديد.

غادر أحمد قبو اللقاء الهادئ متسائلاً، في غربة أهدأ. غادر باحثا عن حدود الادعاء والمعرفة وشمولية النقاط‍.
سأكمل الحوار فيما بعد. لقد حان وقت الصلاة، إنه يوم الجمعة. غادر أحمد إلى لقاء ربه في استمرار اعتاد عليه منذ طفولته حتى في طقس بارد لا يحتمل، وبقي الدخان الباحث عن نافذة مفتوحة يحاول أن يساعد على تصفية الهواء ويعيد الأوكسيجين غلى رطوبة الأيام الخوالي.

وما زلنا نعبث في حكاياتنا المسلية بالقهر والألم، ومازال تساؤلنا المضني يبحث عن النقطة الحاسمة في هذا الكيان البشري والثقافي القلق أكثر من اللزوم، أين هي نقطة البداية؟
وإلى أين يمكن أن نسافر في عقولنا وفضاءات النصوص المحاصرة في الأقبية المحرّمة؟

هل يغمرنا الطوفان القادم ونولد من جديد، أم نترك الساحة للمغامرين وما ألصقنا بهم من تهم الانتهازية وأعفانها المغمسة بدماء أجيال تلو أجيال؟

قد تصحو الشمس وتقرر العودة، وقد تبقى غائبة إلى زمن ما شاء الله، كالعادة منذ قرون سائبة، وكان لاشئ يحدث في هذا العالم، إلا صمت الأموات في قبورها وعقولها التي تلاشت من زمن بعيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تزايد اهتمام المغرب وإسبانيا بتنفيذ مشروع الربط القاري بينهم


.. انقسام داخل إسرائيل بشأن العملية العسكرية البرية في رفح




.. الجيش الإسرائيلي يصدر مزيدا من أوامر التهجير لسكان رفح


.. تصاعد وتيرة الغارات الإسرائيلية على وسط قطاع غزة




.. مشاهد لعاصفة شمسية -شديدة- ضربت الأرض لأول مرة منذ 21 عاماً