الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يعد السكوت ممكناً .. نقطة سطر جديد

ابراهيم الحريري

2010 / 5 / 16
الصحافة والاعلام


يوم 5/5/2010 وجد الصحفي الكردستاني سردشت عثمان الطالب في الصف الرابع لغة انكليزية كلية الاداب في جامعة صلاح الدين في اربيل، وجد، بعد ان اختطف من امام مبنى الجامعة، مقتولا على طريق اربيل- الموصل وعليه اثار تعذيب.
لم يقدر لي أن التقيه، أن اعرفه، بل حتى أن اسمع باسمه.
ولعلي لو قدر لي ذلك لما توقفت عنده طويلاً. كنت سأمر به مرور الكرام.
كان يمكن أن يكون، لو تزوجت مبكراً، واحداً من أحفادي. فما يفصل بيننا يتجاوز نصف القرن.
لم أتزوج مبكراً، لم ارزق بعد بحفيد، لم يكن حفيدي. لكني، لا اكتم، أحسست وأنا أقرأ ظروف مقتله باللوعة ذاتها التي كان يمكن أن تنتابني لو أنني فقدت حفيداً. كان ثمة أكثر من رابط بيننا: الرغبة في اللعب، الحلم، العناد، أي كل ما يميز شقاوة الطفولة.
لم يكن يدرك انه تجاوز، في اللعب الطفولي، منطقة الخطر، وانه دخل ملعب الكبار المحظور.
كان حالماً. لعله حسب إن بامكانه أن يزاوج بين الحلم واللعب وان يحلم بأن يلعب كما الكتّاب والصحفيون في بلاد قيل أننا نسعى لأن نسير على خطاها. فتهشمت بطلقة. جمجمته- الحلم. وكف، فجأة عن اللعب،
كان عنيداً، فبرغم كل المؤشرات (هو كتب عنها) التي كانت تشير الى الحفرة التي ينحدر إليها (كتب ابراهيم زاير؛ عشية انتحاره: "الآن بمنتهى الهدوء انحدر إلى حفرتي الجاهزة" هل كان سرادشت على طريقته ينتحر؟ هل نصب لقاتليه كميناً وقادهم بشقاوة طفولة، إلى الحفرة التي كانوا يقودونه إليها، وهل بعد أن أسقطهم في حفرته التي لن ينهضوا منها أبدا، ولد ونهض ليظل، مثل كاوه، فتياً؟، يعاود، من جديد، اشد طفولة وعناداً، اللعب؟)
سردشت!
اقرأ رسالتك الأخيرة المعنونة: أول أجراس قتلي دقت" التي تقول فيها: "إلى أن نبقى أحياء علينا ان نقول الحق، وأينما انتهت حياتي فليضع أصدقائي نقطة السطر. وليبدؤوا هم بسطر جديد"
سردشت !
يا ولدي! يا حفيدي! أبكيك بحرقة. أبكيك بلوعة. وها انذا أحاول أن أقول الحق: ما كان ينبغي أن تقتل هذا القتل العبثي، المجاني، البربري، المتوحش. كان يمكن معالجة الأمر في إطار القوانين التي تعاقب على التجاوز لو كان ثمة، حقاً، تجاوز.
لكن ليس ثمة جريمة تعادل اغتيال طفلٍ بريءٍ لاهٍ يلعب، حتى لو تجاوز في بلادنا، حدود اللعب.
سردشت!
نقطة السطر.
وها انذا ابدأ، إحياءً لك، سطراً جديداً لأننا معشر اللاهين اللاعبين بالكلمات:
نموت لكلمة..
وبالكلمة نقوم , ننهض، نحيا، من جديد، من جديد...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وضع النقاط على الحروف
دريد الأمين ( 2010 / 5 / 16 - 23:41 )
يا حبذا لهذه الاصوات التي نعت وبكت واستنكرت , ان تقوى على فعل اخر مؤثر ان تشكل جبهتها وتتوحد لتجابه الخطر الواقع , جبهة لاتخاف ولا تكتفي بالدمع والاستنكار , بالامس القريب فقدنا المثقف والباحث كامل شياع وذهب دمه هدرا ويومها بكته الرموز الثقافية والسياسية واستنكرت كما تستنكر الان مقتل سردشت عثمان وبين مقتل كامل وسردشت سقط الكثير والعنف والقسوة والخطر يستفحل ويكبر ولا مجال الا كشف المستور ووضع النقاط على الحروف لعل القاتل يستحي ويهاب الكلمة وبالاخص اذا توحدت ولا نريد قتيل اخر يسقط ويكفينا البكاء والعويل


2 - ها هو الحريري
عمار سيد وهيب ( 2010 / 5 / 16 - 23:58 )
ها هو الحريري ينفض الغبار عن ردائه، طبعاً غبار السبع العجاف الأخيرة، ويعود كما كان شاباً لا يحب الوهم والنفاق، خاصة في الأساسيات


3 - انهم يقتلون القيم السامية
مارسيل فيليب / أبو فادي ( 2010 / 5 / 17 - 12:23 )
في حفل الذكرى السنوية الأولى لرحيل شهيد الثقافة والوطن كامل شياع ، والذي اقامته منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا .. كان من ضمن ما قرأه الشاعرعدنان الصائغ من قصائد ، مقطع قال فيه .

ماذا ستبصر حين تفتح مقلتيك

سوى خرائب خلفتها الحرب ...

أرتالاً من الغرباء

تمثالاً هوى .. فنمت تماثيل أخر

وتناسلت ـ كشبيههن ـ تلك الصور

ماذا ستقرأ

أو ستبصر

ـ أيها الرائي ـ

بملحمة الخليقة ، غير هذا الدم يجري

من جنائن بابل ، حتى الحسين

الى نهايات البلاد ، أو البشر .


4 - سردشت عثمان
محمود ( 2010 / 5 / 17 - 15:37 )
سوف لن ارثيك لانك حي يرزق واصبحت مثلا اعلى يقتدى بك وتكتب المقالات لدمك اصحابك واصدقائك يضعون وردة وقلم على ذكرك وسيساْل القتلة انفسهم بحق من قتلنا سردشت


5 - الى العمل!
سمير طبلة ( 2010 / 5 / 17 - 23:13 )
آن للكلمة الصادقة والمخلصة والمسؤولة ان تتحول الى فعل. فلم يعد مقبولاً ((هضم))الجرائم اليومية البشعة، وتصريفها بانتظار أخر، لا أفق لنهايتها.
فإلى تشكيل لجان الانتصار للانسان، وحقه المطلق بالحياة، أولاً وقبل أي شيء آخر، لتتوجه الجهود. وليفضح جميع المجرمين، ولتعلن أسمائهم، وليقدموا للقضاء العادل، وإلا.... نشاركهم بالجريمة!

اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح