الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعرفت الصين كيف تكسب ود العرب

محمد جمول

2010 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


يوما بعد آخر تثبت الصين أنها دولة عظيمة و بلاد حضارة عريقة. ولعل أحدث الأمثلة على ذلك معرفتها بداية الطريق إلى جعل العرب يلهثون وراءها، معلنين أنهم سيكونون دائما في خدمتها وطوع بنانها إذا ما تابعت سياسة الاستخفاف بهم وازدرائهم كما في رفض اعترافها بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية في منتدى التعاون مع العرب الذي عقد قبل أيام.
ربما أدركت الصين أن هؤلاء العرب لم يكونوا يعيرون الاهتمام اللازم لهذا البلد العظيم حين كان يقدم كل الدعم للقضايا العربية، وحين كان يتبرع بالسلاح والدعم وتدريب المقاتلين الفلسطينيين في الصين لتمكينهم من قتال عدوهم واستعادة بلادهم المغتصبة. أما الآن، ومعفي حالة استمرارها في تجاهلهم أو أكثر، فربما يصبحون أكثر احتراما لهذا البلد، واستعدادا لتلبية كل ما يطلبه بعد أن عرف الطريقة التي يفهمون بها، مستفيدا من التجربة الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية.
فليس من المعقول أن لا تكون هذه الدولة ـ صاحبة التاريخ العريق والحضارة العظيمة ـ انتبهت إلى العقلية السائدة لدى التيار السائد في البلدان العربية، وهي العقلية التي كانت دائما تلهث وراء من يعاديها ويعمل ضد مصالح شعوبها. لا بد أن الصين تلاحظ أن حكام هذه البلدان لا يحرصون على شيء قدر حرصهم على إرضاء أمريكا في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة دائما تصارحهم، إن بالقول أو بالفعل، بعدائها الشديد لشعوبهم واحتقارها المطلق لهم ولهذه الشعوب. ولا بد أنها لاحظت أن هؤلاء الحكام كانوا يزدادون تبعية للولايات المتحدة بقدر ما كانت هذه الأخيرة تمعن في احتقارهم وتجاهلهم وفي دعم إسرائيل وتزويدها بالمزيد من الأسلحة القادرة على تدمير بلدانهم وهزيمة شعوبهم. ومن الطبيعي أن تعمد الصين إلى استخدام أفضل الطرق التي تضمن مصالحها في المنطقة، وتستفيد من تجارب الدول الأخرى مع هؤلاء الحكام.
ومن الطبيعي أن تكون الصين متابعة لما يجري في المنطقة خلال السنوات الأخيرة التي شهدت تصاعدا مضطردا في عمليات تجريد الفلسطينيين من حقوقهم عبر زيادة وتيرة الاستيطان وابتلاع غالبية الأرض، وتحويل السلطة الفلسطينية، كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، إلى مخفر متقدم لحماية الاحتلال والدفاع عنه. ومن المؤكد أن الصين تراقب ما يجري في الجانب العربي الذي يزداد رضوخا ولهاثا وراء إسرائيل والولايات المتحدة بقدر ما تتماديان في تجاهل الحكام العرب، وتمضيان في ابتلاع الحقوق الفلسطينية. ولذلك صار التفاوض مع إسرائيل غاية بذاتها بعد رفض الأخيرة لكل مبادراتهم ونتائج المؤتمرات التي جمعتهم بها منذ مؤتمر مدريد وحتى أنا بوليس. ولما كان العرب على وشك أن يفقدوا كل ما يمكن أن يتنازلوا عنه، بعد فراغ إسرائيل من ابتلاع كل الأرض والتمادي في تجاهلهم وإهانتهم، لن يبقى عندهم ما يقدمونه لإسرائيل والولايات المتحدة سوى قتل كل من يقول " لا" لإسرائيل، وعلى رأسهم شعب غزة والمقاومة اللبنانية ومن يدعمهما.
لا بد أن الصين ذات الحضارة العريقة قرأت تاريخ هؤلاء الحكام في علاقتهم مع إيران في الماضي والحاضر. فحين كان الشاه يقوم بدور العصا الأمريكية الغليظة في المنطقة والحليف الأهم لإسرائيل، كان هؤلاء ينظرون إليه بكل التبجيل والاحترام والتقدير. وكانت غالبيتهم ترى فيه الصديق والحليف. ولذلك لم يجد غيرهم يقبل باستضافته حين أسقطه شعبه وطرده من إيران. أما بعد ما أصبحت السفارة الإسرائيلية في طهران سفارة فلسطينية، وأصبحت القضية الفلسطينية قضية إيرانية، فقد تحولت إيران إلى عدو في حين يجري الترويج لإسرائيل كصديق وحليف ومنقذ في مواجهة إيران.
وليس تاريخ الحكام العرب مع الاتحاد السوفيتي إلا برهانا ساطعا على استمرائهم الإهانات واستمتاعهم المازوخي بما يجود عليهم أعداؤهم به من الإذلال والمهانات. ففي الوقت الذي لم يكن فيه أمام العرب أي مصدر للسلاح يدافعون به عن أرضهم في وجه العدوان الإسرائيلي المدعوم بكل القدرات والأسلحة الأمريكية والغربية، وفي حين كان الخبراء السوفييت يموتون إلى جانب الجندي العربي المدافع عن أرضه، كان غالبية العرب يتمسحون بالغربي، ويمنحونه أفضل أشكال التعامل والتقدير والاحترام والتعظيم. وحين لم يبق لديهم ما يمكن أن يقدموه إرضاء للولايات المتحدة ردا على جميلها وفضلها في دعم إسرائيل وتدمير آمال الشعب الفلسطيني، هبوا لتقديم أرواحهم وتدافعوا زرافات ووحدانا إلى القتال مع القوات الأمريكية في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي. وكما هو الحال دائما، واعتمادا على معرفتها بهم وبما يناسبهم دائما، لجأت إلى تدمير بعض بلدانهم واتهامهم بالإرهاب. وهي الآن مستمرة في مكافأتهم عبر دعم إسرائيل في مواصلة استيطانها والمضي في تهويد فلسطين وطرد سكانها.
فهل يعقل أن لا تكون قوة عظيمة صاعدة مثل الصين قرأت تاريخ هؤلاء الحكام وأخذت العبرة من تجاربهم التاريخية الطويلة في الارتهان لأعداء شعوبهم والتعلق بحب السلامة بعيدا عن المعالي وتعظيما لفضيلة الكسل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حديث ليس بحديث
محمد البدري ( 2010 / 5 / 17 - 08:28 )
هناك حديث يؤمن به المسلمين يقول : خذوا العلم ولو في الصين. فرغم ان صياغته مسخرة، ومعانيه ودلالاته بها استهزاء بالعرب والمسلمين اضافة الي الصين الا ان ترديده بشكل ببغائي لم يتوقف ابدا علي لسان العرب المسلمين. ماذا عن لفظ -ولو - هذا. اليس معناه ان الصينين لا علم لديهم بل ان الاستهزاء بالعرب اكثر فالحديث يؤكد الجهل العميق عند العرب حتي ولو بحثوا عنه في اماكن لا يتوقع بها علم رغم قولهم وما فرطنل في الكتاب من شئ. ام ان العلم ليس شيئا عندهم. لازال العرب المسلمين يرددون الحديث رغم ان الصين اليوم تصدر لهم كل ما يخدم الاسلام من سجادات الصلاة التي توجه نفسها تلقلئيا الي القبلة من اجل دعاء مستجاب بان يمحو الله الكافرين (من امثال اهل الصين) في عرف الاسلام. حتي لو استجاب ربهم لبلاهاتهم فهل سيعرف العرب المسلمين اين القبلة بعد ذلك ام ان صلاتهم ستكون باطلة؟


2 - ما نسيت قوله
محمد البدري ( 2010 / 5 / 17 - 09:06 )
شكرا جزيلا علي التحليل الذي هو خلاصة مشاهدات واحداث جرت لاكثر من نصف قرن علي الساحة العالمية كان العرب المسلمين علي وجه الخصوص في قلبها. ويبقي السؤال لماذا ينتج العرب المسلمين مثل هذه النذالة السياسية مع الجميع غربا وشرقا ويلحقون بانفسهم العار بقيم عدم الامتنان والجحود وخيانة المعاهدات ومواقف عدم الثقة في كل الاطلراف مع التطفل علي جميع منتجات الغرب بدءا من تكنلوجيا التصنت وتعذيب المعارضين السياسيين الي استيراد الحفاظات للعادة الشهرية لنسائهم العفيفات الشريفات !!!! حافظات الشرف العربي الذي يحمل القيم السابق قولها وهي عدم الامتنان والجحود وخيانة المعاهدات ومواقف عدم الثقة . تحيه لك ولقلمك النزيه

اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ