الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على ضفاف العمر

سعيد حسين عليوي

2010 / 5 / 17
الادب والفن


على ضفاف العمر
بخطواته المتثاقلة يصل الى المكان الذي يقصده هو وابنه الصغير حيث اصر على مرافقته ليرى كيف يستلم ابيه الراتب التقاعدي من المصرف ولكي يحقق له وعده بشراء هدية النجاح بعد عام دراسي خرج فيه بنتيجة طيبة افرحت الاهل . لقد تجهمت السماء والغبار احاط بكل شئ مما زاد في المعانات للأب وأحس بضيق النفس وعندما دخل الى بناية المصرف بعد انتظار طويل في الطابور والتفتيش من قبل حماية المصرف مع هواجس بتوقع ان يحدث عمل ارهابي في اي لحظة مما ارعبه هذا الهاجس وفكر في ابنه اذا حدث مكروه. في كل مرة يأتي لاستحصال راتبه يلازمه سوء الحظ حيث يتأخر كثيرا والذين وصلوا بعده يراهم يستلمون الراتب قبله فيتجرع مرارة الانتظار والازدحام والحرارة القاتلة صيفا والضوضاء المزعجة التي تمنعه من سماع اسمه . كان ولده يتطلع الناس وكأنه في عيد فيحاول ان يعرف كل شئ تقع عليه عيناه فيسأل أباه عن كل ما لم يستطع استيعابه من الوجوه والحركة والاصوات .كان الاب يلاحظ تعابير الذهول في وجوه البشر المتكدس والذي لا يقرأ منه الا القلق والارتباك وسماع كلمات الاستهجان وهمسات الترقب والخوف . ترك ابنه قرب احد النوافذ المخصصة لاستلام الراتب ويذهب الى الاخرى لكي يسمع الاسم ويراقب كل الذي امامه ومن خلفه فتقع عيناه على فتاة بعمر الورد أتت لاستلام راتب ابيها المتوفي واخرى لاستلام راتب زوجها المتوفي او الشهيد . اناس انهكتهم الحياة القاسية والعوز وتعايشوا مع المصائب وكل يتكلم عن همومه اذا سنحت له الفرصة لكي يقتل الانتظار . يفكر بأبنه وينظر اليه من بعيد فأصابته رعشة بأن سيأتي اليوم الذي يأتون في ابنائه لاستلام الراتب بدلا عنه اذا توفى او اقعده المرض وتعود به الذكريات لايام طفولته وكيف كان يحلم ان يكون موظفاً او صاحب مهنة ويتزوج ويكون عائلة وكيف سيقوم بتطبيق افكاره في بيت سعيد ويحلم ان يسافرمعهم الى الاماكن السياحية داخل وخارج الوطن ويخطط كي يحصل ابنائه على ارقى الشهادات الدراسية ويغرز فيهم حب الخير والانسان والوطن ولكن تجري الرياح بما لا يشتهي والسفينة تبحر به صوب المجهول وسط الامواج العاتية وتأخذه الحروب والقساوة والمطاردة بحيث جعلت منه هيكلا معطلا ينظر بحسرة الى امنياته المسلوبة . يمعن النظر في ابنه وكله امل ان يكمل ما لم يقدر هو ان يحققه وفي طريق عودته يضع كل راتبه في جيب ولده ويقول له اشتري يا ولدي ما شئت فأ نت ابي وانت انا واملي القادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - على ضفاف الحياة
رشاد حميد/ديالى ( 2010 / 5 / 18 - 20:40 )
لقد احسنت فى نقل معانات وطموحات وامنيات شريحه مهمه من شرائح المجتمع
المتقاعدين وهموهم التي لاتنتهي حتى بعد نهاية حياتهم -اشد على يدك واطلب منك
المزيد من الابداع

اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث