الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم للاسلام على الطريقة الامريكية والاوربية ..واليابانية ايضا

ازهر مهدي

2010 / 5 / 18
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


( الاسلام على الطريقة الامريكية ) تلك العبارة الشريرة التي اطلقها الامام الخميني في حملته المعادية لأمريكا والغرب وهي عبارة وان كانت شاعرية وبراقة للكثيرين من الراديكاليين لدينا فصارت شعارا ينددون ويسخرون به من أي محاولة للتحديث والتعايش مع الآخر لكنها من جانب لخصت واقع النظرة الضيقة للحكام والسياسيين الاصوليين في العالم الاسلامي بجميع توجهاتهم وهم يتربعون على عروش الدول الاسلامية التي لا تزحزهم عنها الا القدرة الالهية بالموت وليس الرغبة البشرية بالتغيير وحب الحياة وإننا في بلداننا الاسلامية لا بد ان نشكر الرب على نعمة الموت وإلا لعشنا في ظلام سرمدي من القهر والظلم ،ورغم أن الموت لم يلغ ظاهرة القهر عن كاهل شعوبنا بموت الحاكم الظالم والمتجبر في بلداننا لكنه على الأقل يمنحنا فرصة فريدة لتجربة صنوف أخرى من القهر والاستبداد التي يتحفنا بها الحكام الطيبين الجدد !!! ، تخيلوا لو لم تخل الارض من جبروت حكامنا ومشايخنا فهل كنا سنستمتع بالتجربة السادية اللذيذة للجيل التالي من حكام الرعب الذين ينعمون على شعوبنا الماسوشية بكل ما هو حديث في عالم الظلام والبؤس والشقاء والعبودية.

عموما لا ادري لماذا اقحم الخميني الاسلام كدين في الحضارة الغربية كما اقحمه عدوه اللدود صدام حسين في تبنيه للاصولية بعد أن كان معاديا متطرفا للدين الاسلامي؟ ربما هي رغبته وعقيدته في فرض القيم الدينية على المجتمع بدلا من محاولته لتطويع الدين ( أي دين وظيفته الارتقاء بالانسان ) ليتعايش مع الحضارة ( أي حضارة مهمتها ابراز الجانب الكامن والايجابي للانسان) لكنه عرف عن الخميني عباراته النارية واسلوبه الجذاب في السيطرة على عقول المستمعين في كاريزما استثنائية قلما توافرت لشخصية سياسية شغلت العالم لاكثر من عقدين في حياته وربما ستسمر طويلا بعد مماته وفشل ثورته من الناحية العملية والاخلاقية.

لا اعلم لو قدر للخميني العيش حتى اليوم ليرى ثورته وأيديولوجيته فما كان سيقول ؟ ربما كان سيغير كلامه في قرارة نفسه على الاقل ، لكن وعودا على بدء يبدو ان هنالك غموضا وعدم فهم لدى المواطن العربي خصوصا والمواطن المسلم عموما في مفهومي الدين والحضارة فالدين منبع روحي والحضارة نتاج انساني مادي صرف يجب ان لا يوجد تعارض بينهما وقد يكون اكبر شاهد على ما ادعي وقد يعتبر ردا على كلام آية الله روح الله زعيم الثورة ولي أمر المسلمين الامام الخميني قد سره الشريف ( مع احترامي للالقاب ) ان الاسلام كدين والحضارة التي يسميها المؤرخون لدينا بالحضارة العربية الاسلامية لم ينفكا من التعايش مع الآخر والاستفادة من ذلك الاخر فهل ينكر الخميني ( وهو في جوار ربه الآن ) ان العلوم الدينية التي درسها – وأقصد أسس العلوم اكثرمن موضوعها - والتي تشمل علوم الكلام والفقه والخطابة والمنطق والاصول واصول الاستنباط والتشريع والعشرات من المباحث الأخرى هل هي مباحث جاءت بوحي منزل تلقفها بدو الصحراء الاشد كفرا ونفاقا ونشروها الى العالم ام هي إقتباس مطلق وكامل لما انتجته الحضارتين الفارسية والإغريقية وحتى الحضارات السامية الأخرى كالسريانية والآرامية ولن اقول العبرية كي لا نزعج البعض.

هل يمكن انكار الدور القوي والحيوي الذي قام به احفاد الامم الاخرى في نشر وبحث الدين الاسلامي معتمدين على تراثهم السابق للاسلام فهل جاء الامام ابو حنيفة من اللاشيء وترك لنا تراثه الفقهي الجبار ولم يتأثر بخلفيته الفارسية التي تركت بصماتها على كافة نواحي فكره ناهيك عن بقية الائمة الاربعة وغير الاربعة والذين ان انتسبوا للعروبة بالولاء مع قبائل عربية لكنهم يدخلون في فئة الموالي ( اي العجم الذين تحالفوا مع قبائل عربية وانتموا اليها لكسب مكانة او حماية ما )

هل يمكن انكار ان السنة النبوية نفسها قد كتبت ودونت بالكامل على ايدي ابناء الفرس او العجم الذين دفعتهم خلفيتهم الحضارية لتدوين السنة والتراث الاسلامي .

هل يمكن انكار الدور الذي قام به غير العرب بما لديهم من خلفية تاريخية لتفسير القرآن وبحثه وتأسيس علومه وادخال مباحث الالفاظ والاستقراء واساليب المقارنة والرد والتفصيل والتوفيق بين المنقولات والمعقولات وخلاف ذلك ؟!

هل يمكن دورهم في جمع وتدوين اللغة العربية متسلحين بما لديهم من ثقافة متميزة في البحث والمطالعة وخلق النظريات العلمية والادبية واللغوية وإننا ان راجعنا التاريخ لوجدنا ان هذه الامم كالفرس والاغريق والسريان وغيرهم بما لديهم من تراث ذو طابع حضاري خاص هي التي طبعت الاسلام بطابعها المتمييز وعلى جميع الصعد وعلى جميع المذاهب والتوجهات.

هذا في ما يشمل الناحية الدينية البحتة اما في الحياة المدنية فقد كانت الامور تجري وفقا للتقليد المطلق لما اسس له الفرس في نظام الادارة العامة وحتى نظام الحكم ( لان نظام الحكم الفارسي كان يتلائم مع اسلوب الحكم المطلق في الفترة العباسية ) عندما جرى اقتباس نظام الحياة الفارسي للاسر الحاكمة والشعب قبل الاسلام وهل نسينا احتفال العباسيين المهيب بالنوروز وتقليدهم للازياء الفارسية والاتكيت والبروتوكولات الفارسية السابقة للاسلام ناهيك عن ان اللغة العربية الدارجة وحتى الفصحى تكاد تكون طافحة بأسماء فارسية وهندية لمفردات كثيرة من أساليب العيش والرفاهية وحتى المهن والادوات والبضائع والمعدات وهلم جرا

وأن كان الفرس قد قاموا بكل ما ذكرناه وأكثر ، فكيف يمكن انكار الدور الاغريقي في العقلية الاسلامية في أدق التفاصيل فالعقل الاغريقي – الكافر – قد تغلغل في جميع المناحي الفكرية خلال فترة ازدهار الحضارة الاسلامية وإن كان للمسلمين – وأكثرهم من الفرس ان لم يكن جميعهم- دور في البحث والتطوير والانتاج فحضارة أثينا واليونانيين هي الأساس الذي بنيت عليه جميع توجهاتنا العقيدية والفلسفية والفكرية في الحقبة التي نسميها بالفترة الذهبية للمسلمين ، ولنتخيل لو لم تتم ترجمة كتب الاغريق وعلومهم ( تم تجاهل الادب ونظام الحكم الاغريقيين لانهما يتعارضان مع فكرة الحكم المطلق للخليفة وتضمنه فكرة الديمقراطية وحكم الشعب ) فهل كان فلاسفتنا سيعرفون مباديء الاستقراء والقياس والمنطق والاستنباط والبحث والجدل وهل كنا سنشهد جدلا علميا لدى اسلافنا في الفترة المتحضرة ومنها نظريات حدوث او قدم العالم ونظرية العدل والجبر والتفويض والاختيار ومباحث خلق القرآن والأفعال ونظرية الفيض والكم الاكبر من علم الكلام الاسلامي الذي استند وبشكل كامل الى ما انتجته شبه جزيرة البلقان في العهد الاغريقي والامثلة تطول.

اين نحن من تلك الفترة التي ساد فيها الحوار المتحضر والشفاف عندما كان مجلس المأمون يغص باهل العقائد والفلسفات حينما كان المفكرون يتقاطرون على مجلسه لعرض مبادئهم وافكارهم المتنوعة من دون خوف او وجل وعندما كان اهل المذاهب الدينية وحتى الزنادقة ينشرون فكرهم عند الحرم المكي والمسجد النبوي لا يسمعون لغوا ولا تأثيما قبل ان ينحدر المجتمع المسلم على يد خليفته امير المؤمنين المتوكل – حامي السنة – وتبنيه لعقيدته المتخلفة وفرضه قسرا لمذهب متحجر دون غيره وجائت بعده الاقوام الطورانية كالاتراك والمغول والعثمانيين والصفويين فأكملوا الدور فأحالوا تلك المدنية الراقية – كما هو حال اي مدنية لا بد ان تحمل عيوبا ما - الى حطام وركام استمر قرونا طوال فدمروا الانسان واستعبدوا عقله وهدموا كل شيء في طريقهم فأصبحنا - الامة التي ضحكت من جهلها الأمم –

أن فكرة علمنة الدولة في مجتمعاتنا العربية والمسلمة قد لا تكون فكرة واضحة ان لم تسبقها علمنة للدين أولا وإن على رجال الدين ان يقبلوا طوعا او كرها ان وجودهم وتدخلهم في الحياة الثقافية قد اصبح مبالغا فيه بل وأنه جاء على حساب العقيدة الدينية نفسها ناهيك عن الحياة المدنية والفكر الحر للفرد والمجتمع ، ولا اعلم ما الخطر من الحضارة المعاصرة التي ينعم المسلمون بظلها في الغرب وحتى في اوطانهم الاصلية ونحن نرى أن المسلم الذي يذهب هناك قد اصبح مسلما افضل على الصعيدين الشخصي والعام – باستثناء الذين جندتهم القاعدة والحركات الاصولية طبعا – أما آن لنا الاوان لنتعلم من الهنادكة والكونفوشيوسيين والبوذيين وحتى من هم في مجاهل افريقا الذين مرت عليهم المدنية وتشبعوا بمفاهيم حقوق الانسان والحيوان أيضا لكنهم بقوا هنودا وصينيين ويابانيين وافارقة لم يتبدلوا او يتغيروا ؟

لن اقول اننا يجب ان نعود الى الفكر الاغريقي لابن سينا والفارابي ومسكويه وغيرهم من الفرس فهم فعلا شخصيات عظيمة لا بد ان نعتز بهم ونكرمهم دوما لكننا لا بد ان نعي ان الحضارة الانسانية هي خلق انساني حي ومتطور ولا بد لنا أن نقبل على ما تنتجه تلك الحضارة التي تؤمن بكرامة الانسان واحترامه لنعيد على اساسها بناء مفاهيمنا وأخلاقياتنا وحتى العديد من المقدسات التي نشأنا عليها وإننا يجب ان نعتبر الفترة التي اعقبت المتوكل العباسي وحكم السلاجقة والعثمانيين والصفويين الاتراك – وانا اقصد بهم الثقافة لا العنصر- فترة ظلامية يجب تجاهلها والتنديد بها ايضا من دون الخوض في الخطابات والشعارات الرنانة التي لا تبقي ولا تذر

http://alwah.net/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م