الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام وصياغة المفاهيم الجديدة

حسين علي الحمداني

2010 / 5 / 18
الصحافة والاعلام


يعرف الجميع إن للإعلام دورا كبيرا في ترسيخ الكثير من القيم وإشاعتها في المجتمع عبر وسائله المتعددة ومنها التلفاز والصحافة , ولعل هذه الوسائل تكون أكثر تأثيرا في ظل الأنظمة الشمولية التي تمكنت من استغلالها بشكل واضح في تعبئة شعوبها لحالة معينة وبث ما تريده من أفكار وقيم وثوابت ما أدى إلى خلق أجيال كثيرة في داخلها ثقافة احادية غير قادرة على قبول الآخر , متمسكة بما اكتسبته تحت تأثير إعلام الدولة الأحادي الجانب , ولعلنا في العراق عانينا كثيرا من هذا في العقود الماضية حيث مارست الدولة سياسة غلق كافة المنافذ الإعلامية التي من الممكن ان ننهل منها والابقاء على اعلام الدولة سواء صحافة او تلفاز او محطات اذاعية بما يؤمن بقاء الحزب الحاكم في السلطة لأطول فترة ممكنة وبذلك تحولت مهمة الإعلام العراقي آنذاك من مهام اجتماعية جماهيرية وخلق مجتمع سليم وصحيح قائم على المحبة والتعاون إلى مهام جديدة هي تلميع صورة النظام وشخصنة الدولة في فرد واحد وتلخيص العراق فيه , وهذه المهمة بالتأكيد أضرت كثيرا ليس بالإعلام العراقي فقط بل بالمجتمع العراقي عبر أجيال متعاقبة كانت تعيش تحت ضغط هذا التأثير حقباً طويلة ما جعل بعضها تفشل في تغيير مفاهيمها في المرحلة التي أعقبت سقوط النظام البائد . وبالتأكيد فإن مرحلة ما بعد نيسان 2003 كانت تحتاج إلى فلسفة إعلامية جديدة على المتلقي العراقي الذي اعتاد على هياكل جاهزة وقوالب معينة من المواد الاعلامية تضخ إليه بانتظام عبر الماكنة الاعلامية آنذاك , هذه المرحلة الحرجة جدا كانت تحتاج إلى صناعة إعلام جديد خاصة وان سقوط النظام الشمولي فتح الباب على مصراعيه أمام المتلقي العراقي الذي وجد نفسه لأول مرة يتعامل مع ماكينات إعلامية متعددة تبث له ما تريده هي سواء عبر الفضائيات او الصحافة المحلية العراقية التي تكاثرت بقوة أو ما يصله من صحف عربية هي الأخرى وجدت في الإحداث العراقية مادة دسمة لها شأنها في ذلك شأن الفضائيات التي اعتاشت على الحدث العراقي منذ يومه الأول وحتى الآن , ويمكننا القول بأن أغلب المعارضين للعملية السياسية في العراقي في أعوامها الأولى كانوا يستغلون غياب الخطاب الاعلامي العراقي الوطني القادر على بلورة وصناعة رأي عام عراقي قادر على مواكبة الأحداث المتسارعة في البلد من جهة ومن جهة ثانية مواكبة وسائل الاعلام في العالم العربي والإقليمي ذات التأثير الكبير على المتلقي العراقي , حيث ظل المواطن العراقي يلجأ إلى وسائل الاعلام العربية والعالمية في متابعة أحداث بلده كما اعتاد ذلك في حقبة النظام السابق حيث اعتاد الناس آنذاك متابعة مجريات الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج 1991 عبر محطات الإذاعة الأجنبية التي تبث باللغة العربية بسبب عدم ثقتهم بإعلام الدولة , وعدم الثقة هذه ظلت مترسخة لديهم لفترة لم تطل كثيرا حيث تمكنت شبكة الاعلام العراقي سواء عبر قنواتها الفضائية او جريدة الصباح من أن تصنع لها مكانا متميزا لدى المتلقي العراقي الذي منحها الثقة كإعلام دولة وليس اعلام حكومة وهنا نجد بان الاعلام العراقي نجح في اقناع المتلقي بان هنالك فرقاً كبيراً بين الدولة كبناء مؤسسي ثابت ودائم وبين الحكومة التي تنتجها الانتخابات وتتغير عبر صناديق الاقتراع , وباتت المفاهيم الجديدة التي دخلت قاموس المفردات العراقية تأخذ حيزا كبيراً في التداول اليومي للمواطن العراقي الذي يريد أن يعرف ما هي الديمقراطية والفدرالية والتعددية وما هو المجتمع المدني وماذا تعني حقوق الإنسان وغير من الأسئلة التي كانت تحتاج إلى إجابات شافية , وهذه الإجابات لم يجدها المواطن العراقي في الفضائيات العربية والأجنبية ولم يقرأ عنها في الصحف العربية بل وجدها في الاعلام العراقي للدولة سواء الفضائية العراقية او جريدة الصباح التي كانت سباقة في إصدار ملحق اسبوعي يهتم بهذا الشأن , استطاعت من خلاله نشر الوعي بالديمقراطية وإشاعة مفاهيمها مستندة بذلك على وعي وإدراك الشعب العراقي من جهة وعلى حاجاته لفهم هذه المصطلحات من جهة أخرى لكونه هو من سيصنع الحياة الجديدة في العراق الديمقراطي , ومن هنا وجدنا بان مقومات نجاح الاعلام العراقي أكتسبها من خلال القراءة الصحيحة لما يحتاجه العراق في مرحلة ما بعد أبريل 2003 وكيف استطاع هذا الاعلام من طرد كل المفاهيم المغلوطة التي روج لها البعض عن مساوئ الديمقراطية ومخاطر الفدرالية وغيرها , حيث لعب اعلام الدولة في السنوات الأخيرة دورا بارزا ومهما في إعادة صياغة الأهداف الحقيقية للإعلام بعيدا عن التأليه والشخصنة , بل كان وما زال التركيز على العراق كبلد يضم مكونات متآلفة متحابة , يمكننا القول بان الاعلام العراقي الرسمي استطاع أن يتجاوز مرحلة البداية وينتقل الى مرحلة جديدة هي مرحلة البناء للشخصية العراقية خاصة بعد أن اصبحت الكثير من المفاهيم التي كان يسأل عنها ابناء العراق كالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وحكومة الشراكة وغيرها من المصطلحات باتت معروفة لدى الجميع وهذا لم يأت من فراغ بل من خلال جهد كبير بذله صناع الرأي في البلد وفي مقدمتهم العاملين في المؤسسات الاعلامية الرسمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن وترامب وجها لوجه | #أميركا_اليوم


.. منذ 7 أكتوبر.. أميركا قدمت مساعدات أمنية لإسرائيل بقيمة 6.5




.. السباق إلى البيت الأبيض | #غرفة_الأخبار


.. بدء الصمت الانتخابي في إيران.. 4 مرشحين يتنافسون على منصب ال




.. مراسل الجزيرة يرصد تطورات استمرار احتجاجات كينيا رغم تراجع ا