الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امريكا .. إيران .. إسرائيل ... إنهم حلفاء فأحذروهم

كامل السعدون

2010 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


الحرب قاطرة التاريخ
ماركس
-1-

لا تكون الحروب ذات معنى .. لا تكون موفقة وناجحة ومربحة إلا بالمتغيرات التي تخلقها على الأرض .... ارض الواقع .
دخان البارود .. انهار الدم .. ضجيج الطائرات .. المليارات التي تحرق في الفضاء وعلى الارض .. اطنان اللحم البشري المحترق الذي يستحيل إلى اشلاء تذوب في الارض وتجري فتاتها في الانهار .
جميع هذا لا يمكن أن يكون عبثا لا طائل منه ولا ثمن له .
كل حروب العالم .. جميعا وعبر العصور .. إنتهت إلى متغيرات حاسمة على الارض .. الارض التي تستقر عليها اقدام الناس واديم العقل البشري الذي تكمن فيه مفردات خصوصية الكائن كفرد وخصوصية كينونته الإجتماعية ككائن منتمي إلى هوية عرقية او ثقافية .
ليس من حرب إلا وتقطر التاريخ وراءها صوب مرحلة اخرى .. جديدة .. متقدمة .. مثيرة للدهشة و... خلابة .
ليس من حرب .. وبينها ... حرب امريكا على العراق .. حرب امريكا التي لا زال حتى يوم الله هذا وبعد سبع سنوات من إنفجارها .. لا زال الناس يموتون فرادى وجماعات من آثار يورانيومها المنضب المنبث في التربة والمياه والفضاء .
-2-

لا بل وحتى الحروب الباردة .. حتى تلك لها متغيراتها على الأرض ... وإلا لما عاد الألمان لوحدتهم ولما تفتت يوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا والإتحاد السوفيتي وووو .
ولما عاد الروس لإبتلاع ابخازيا وأوسيتيا الجنوبية .. نكاية بمساعي الأمريكان لضم جورجيا إلى الناتو .

-3-

نحن العراقيون .. او بعضنا على الأقل .. كُنا نتوهم أن غزو امريكا لبلدنا جاء من اجل نشر الديموقراطية التي افتقدناها منذ ما يفوق النصف قرن .
وندم البعض على هذا الوهم وبينهم شخصي المتواضع .. واستمر الكثرة وبينهم ذاك الذي قال أن غزو العراق كان معجزة امريكية .. ولا ندري اي معجزة في أن يأتي غريب ليخرب بيتك ويسلطك على اخيك ويقتل من شعبك قرابة النصف مليون في بحر سبعة اعوام ؟
توهمنا هذا إذ نسينا التجربة الفيتنامية البائسة المخجلة ... ونسينا تجرية الحصار العبثي على كوبا والذي فاق النصف قرن ..ونسينا القضية الفلسطينية والموقف البشع البالغ النذالة من قبل الأمريكان في تلك القضية ... !
نسينا هذا وتذكرنا المانيا وكوريا الجنوبية واليابان ... !
كنا على خطأ ... خطأ كبير ..

-4-

من عجائب غزو العراق ( الإعجازية ) .. وقبلئذ غزو افغانستان ، أن عدوين لا يكفان لحظة ومنذ قرابة الربع قرن عن مشاكسة بعضهما ( إعلاميا على الأقل) ، نجدهما يتفقان بقوة .. ينسجمان بقوة و .. يتعاونان بحميمية من اجل إنجاز مهمتي الحرب هنا وهناك .
أمريكا وإيران .
اول رئيس اجنبي يزور العراق عقب اسقاط النظام الشمولي كان بوش ، تلاه الرئيس الايراني نجاد ...!
مفارقة غريبة .. غريبة جدا لبلدين يدّعيان منذ عشرات السنين انهما عدوان ؟
وكانت اكثر ايام العراق هدوءا هي ايام الزيارة المباركة لاحمدي نجاد .. فجأة كفت القاعدة والمقاومة الشريفة وغير الشريفة عن الحركة حتى اكتملت الزيارة الميمونة ..!
والبلد الوحيد الذي جرت فيه مفاوضات تشكيل الحكومات جميعا منذ الغزو حتى يوم الله هذا هو ايران .. والبلد الوحيد الذي انتفع من الغزو الامريكي للعراق تجاريا هو ايران حيث بلغ حجم التجارة معها ما يفوق الثمانية مليارات دولار سنويا ، بينما يضغط الامريكان هنا وهناك وعلى شركاتهم المحلية لتضييق الحصار على ايران وتجميد اموال فلان وعلان من زعماء الحرس والبنوك والشركات الايرانية .
والبلد الوحيد الذي جلس فيه الأمريكان والإيرانيون معا للتفاوض والدردشة ورسم مستقبل هذا البلد .. هو العراق .

-5-

حاصروا العراق عقدا من السنين وأهلكوا من اهله مئات الآلاف تحت جملة اكاذيب من قبيل العلاقة مع القاعدة واسلحة الدمار الشامل وأمن العالم وحقوق الإنسان .
وصدّق العالم إدّعاءاتهم .. وصدقنا نحن العراقيون ..!
واتضح لاحقا كذب كل تلك الإدعاءات .
وها هم وعلى لسان ابرز رجالات مخابراتهم يؤكدون أن اقطاب القاعدة مقيمين في إيران بضيافة الحرس الثوري منذ الأيام الأولى لغزو إفغانستان .. وكانوا يتواصلون مع ايران حتى قبل ذلك .. ولا زالوا يقيمون حتى يوم الله هذا .
اما عن التهديد النووي والصاروخي فإيران مستمرة بالتحدي .
اعداد اجهزة الطرد المركزي تتزايد .. التخصيب يتكثف ويتصاعد ، مديات الصواريخ تتسع وتتطور وإستفزازاتهم للأمريكان تبلغ حد الإقتراب من بوارج الأمريكان وتصويرها عن قرب في عرض البحر .
ولا نسمع رد ولا تعليق .
وأما كذبة حقوق الإنسان فيفضحها موقفهم المتخاذل من إنتفاضة الشعب الإيراني ضد تزوير الإنتخابات .
وبينما يدعمون اكراد العراق منذ قرابة الربع قرن ، نجدهم يقفون وبقوة بالضد من نضال الشعب الكردي في إيران ويتخاذلون حتى عن التعليق على خبر إعدام خمسة شباب كورد بينهم امرأة .
وناهيك ناهيك عن نذالة صمتهم الموارب المتواطيء مع التمدّد الإيراني الواسع النطاق في العراق والمفروض على الشعب العراقي بقوة قبضة احزاب السلطة المدعومين من كلا الطرفين المتقاطعين .. إيران وأمريكا .

-6-

لماذا ؟ لماذا ؟ .. والف لماذا ؟
قد لا اكون على صواب .. لكنني اشك في اني على خطأ إذا قلت أن هناك توافق امريكي إيراني على تغيير خرائط المنطقة برمتها وبما يفيد طرفين ليس بينهما العرب ...!
إيران وإسرائيل ...!
انا اعرف تمام المعرفة أننا امة مترهلة .. فاسدة .. منخورة ... مريضة الثقافة .. عليلة الفكر ... بائسة الإداء الثقافي والسياسي والإقتصادي والحضاري .
امة مستهلكة ومنتجة للتخلف والإرهاب .. اعرف هذا والله واؤمن به ... لكن لمصلحة من تمزق كيانات هذه الأمة ؟
ألمصلحة الشعوب ؟ قطعا لا .. وإلا بِم انتفع الشعب العراقي منذ سبعة اعوام وهل صار حاله افضل من حاله ايام الدكتاتورية ؟
اوليس العرب جادون ومجتهدون في تقبّل الضغوط الأمريكية وساعون لمصالحة إسرائيل ومجتهدون في ملاحقة الإرهاب الإسلامي الذي انتجوه بمشورة الأمريكان ايام جهود تحرير افغانستان من سيطرة السوفييت ؟
الا ينفع الضغط وحده وقد اثمر عبر السنوات الفائتة الكثير ؟
لست ادري ... حقيقة .. لا ادري .

-7-

اعتقد ( ولا اجزم ) أنهم يريدون الإنتهاء بالكامل من ابرز مقومات الذات العربية .. إسلامها .. وإسلامها بنسخته التي غزت العالم تحت لواء الجهاد وأقامت امبراطوريات مترامية الأطراف .
النسخة الثانية .. اليفة .. انيسة .. طيبة .. مسالمة وحضارية .. رغم تهديدات نجاد لإسرائيل وبشاراته المتكررة بقرب زوالها على يديه ويدي السيد نصر الله ..!
النسخة الثانية يمثلها رهط كريم من امثال زعيم الإسماعيليين كريم خان المسرف في العطاء للمنظمات الإنسانية وجهود خدمة البشرية عبر مراكز البحوث والمستشفيات ووو .
او زعيم البهرة الكريم برهان الدين ... او المبجل السيستاني الذي يأخذ اموال الخمس من العراقيين والخليجيين ليصرفها
على اعمال الخير ونشر الفكر الحسيني في العالم اجمع .. بالحسنى والمال الحلال .
والرجل النبيل مسالمٌ وقد أخذ إبان غزو العراق بخيار منزلة بين منزلتين .. لا تقاوموا الغزو ولا تفرحوا به والزموا بيوتكم يرحمكم الله .
ناهيك عن إن اهل هذا المذهب الكريم لم يعرف عنهم جهدا في توسيع رقعة الدولة الإسلامية ....!
علي والحسين والحسن وووو لم يعرف عن واحد منهم انه قاد جيشا أو شارك في جيش غاز ....!
حتى الرسول فعلها .. لكن اي منهم لم يفعل .
( وأظنهم فعلوا خيرا .. لكن هذا تاريخ .. والمسلمون كانوا قواد قاطرة التاريخ يومذاك ) .
وحتى حين غزا الصليبيون ارض العرب .. وحين غزا هولاكو بغداد .. لم يشترك من اهل هذا المذهب مشارك في تلك الحروب .
لا بل إن بعضهم تحالف مع الغزاة ...!
( تماما كما تحالف البعض في الأندلس مع جيش الفرنجة ، وكما تحالف بعض العرب مع الأمريكان في غزو العراق )
والأحبة اهل هذا المذهب الكريم غير معنيين بالقدس ومسجد قبة الصخرة الذي بني بأمر من الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان ... ليسوا معنيين بقدر إعتناءهم بارض فدك التي اغتصبها الخليفة الأول ورفض منحها لفاطمة حسب رواياتهم .
حسنا .. إذن اهل هذا المذهب اولى بأن يحلو محل الآخر المشاكس والذي لا يمكن أن يؤتمن على الوديعة الصغيرة المباركة .. الحنون .. إسرائيل ..!

-8-

استدراك لا بد منه :

قبل عام 1979 .. قبل ثورة المرحوم الخميني .. لم يكن هناك من خطر جدي حقيقي على العرب من ايران أو من اتباع هذا المذهب الكرام ...!
في الأدبيات المنتجة في بلاد فارس .. ادبيات المذهب الكريم .. كان كل شيء مؤجل ...!
الإنتقام من العرب كان مؤجل ...ذبحهم بالجملة كان مؤجل ..هدم الكعبة ونبش قبور الصحابة وتعليقهم على استار الكعبة كان مؤجل ...!
العودة إلى شريعة داود وسليمان والتكلم بالعبرية كان مؤجل ...!
كل شيء كان مؤجل حتى ظهور المهدي .. قائم آل البيت المنتقم الجبار .. الذي سيقضي على العرب كافة إلا القلّة القليلة ممن آمنوا بولاية أجداده ...!!!
كل شيء .. فمن اوقظ تلك الفتنة يا ترى ....!
اهم الإسرائيليون أم الأمريكان ... أم الإثنين معا ؟
بسرعة البرق يطرد الشاه مدحورا ليموت غريبا في المنفى .
وبأقصى السرعة تشتعل اول حروب الطوائف .... لتدوم ثمانية اعوام .. عجاف ..!



-9-

لا مناص ...!
في ظل هكذا مخطط واسع بعيد المدى .
في ظل هكذا برنامج بدأ منذ ما قبل سبتمبر الدامي وسيستمر لعقود عديدة قادمة .
لا مناص من التغيير ... التغيير الحضاري الواسع الشامل الكامل .
هناك متغيرات كبيرة تحصل في المنطقة .. متغيرات ايجابية عديدة على صعيد الحريات والديموقراطية وتوسيع المشاركة وإعادة النظر في كثير من القوانين والأعراف السائدة ضد المرأة والطفل والمختلف إثنيا وثقافيا .
هناك متغيرات مباركة .. وهناك نكوص أو ضعف في بعض الجوانب .
والوقت لا يحتمل الضعف ولا التأخير .
على اهل الحكم في بلدان العرب تسريع وتيرة الديموقراطية والتحديث بأسرع مما يفعل نجاد في طوارده المركزية ..!
على اهل الحكم الإلتفات بقوة إلى الآخر المختلف عن دين الأغلبية السائد .
تجربة العراق ماثلة امامكم فحذار أن تكرروها .
الجموا السنة التكفيريين فإن مقتلكم على ايديهم .
اضبطوا الدعاة .. فهؤلاء رأس الفتنة ومبعث الخطر وأداة الأمريكان والإيرانيين للإجهاز عليكم .
كلما اتسعت افاق الحرية والديموقراطية والعدل الإجتماعي .. امكن لكم أن تأمنوا من بعض ابناءكم من المظلومين المسحوقين .
كلما تعززت ثقافة احترام الآخر وتقبل الآخر وإشراك الآخر بالسلطة والثروة ، امكن لهذا الآخر أن يكون معكم لا عليكم .. مع وطنه لا ضده .
وأما إسرائيل فليتكم تعجلون بفض ملف النزاع معها والى الأبد .. عسى أن ترضى ويرضى الأمريكان ويكفون عن مسعاهم لتمزيق بلدانكم إلى دويلات طوائف بائسة مثل فيدراليات العراق الموعودة المنتظرة .
الوقت يمضي فهل تسارعون ؟
لست ادري .














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي
شامل عبد العزيز ( 2010 / 5 / 19 - 08:41 )
سيدي الفاضل - أهلاً بعودتك منذ سنة وبضعة أيام لم نشاهدك في الحوار .. غالبية العراقيين ظنوا مثل ظنك .. انت لست على خطا .. الساسة في العراق لم يكونوا على قدر كير من المسؤولية تجاه شعبهم .. سوف لن يسارعوا .. الأيام القادمة هي الاسوا .. ونتمنى عكس ذلك .. .. كان بالإمكان ان نكون كوريا الجنوبية أو اليابان أقصد السير على نفس الخُطى ولكن ولأننا لا زلنا في ثقافة أنا أبن جلا .. لم يحصل التغيير وسوف لن يكون الوقت في الحسبان بالنسبة للمنتفعين
مع خالص الاحترام


2 - تحالف؟
عصام المالح ( 2010 / 5 / 19 - 09:44 )
تحياتي لك يسيدي الفاضل،
انا اتفق معك في كل ما تفضلت به ولكنني اخالفك فيما ذهبت اليه بان تكون هذه الدول الثلاث في تعاون استراتيجي بعيد المدى. امريكا عملت اخطاء او ربما قصدت ان تفعل هكذا ولا اعتقد ان امريكا مرتاحة للوضع الايراني ولا بد ان ياتي دورها ولكن يبدو من الاولويات انهاء المهمة ضد المتشدديين العرب المسلمين منهم او غيرهم.


3 - تحيه
سعد الجيزاني ( 2010 / 5 / 19 - 20:36 )
اهلا ومرحبا بعودتك للكتابه واني مؤمنا بتحليلاتك وباسلوبك المتين واتمنا لك الصحه وان لا تغيب مره ثانيه


4 - العود الاحمد
Nihad Shamaya ( 2010 / 5 / 19 - 22:15 )
اهلا بعودتك استاذنا لكريم...ومن منا لم يطرب لرنين الديمقراطية والحرية واعدالة والتنمية ..هذه المفردات التي ا متطاها الامريكان لتبرير الغزو. لكن هذا لا يعني ان نعاقب انفسنا على تاملنا خيرا في الخلاص من الدكتاتورية ولنقل ,مادام لدينا ما نقوله وما دام هناك من هو بحاجة لان يسمع


5 - الخطا--و---ألجريمة
Hakim amin ( 2010 / 5 / 20 - 07:07 )
سيدى الكاتب لقد كنت من المطبلين للاحتلال فى البدء وتناسيت عن قصد التاريخ الدموى لامريكا--كان ظنك بأن نكون كألمانيا أو اليابان ولكنك تناسيت بالدور الامريكى فى أمريكا الجنوبية
جميل أن تقر بأنك كنت على خطأ--ولى فهم بسيط أن هنالك فرق مابين الخطأ -والجريمة
جريمة التطبيل لااحتلال--ووضع مساحيق تجميل كثيفة على وجهة أمريكا فمهما كانت مساحيق التجميل فأنها لا تغطى من أن أمريكا هى أمراة كهلة وقبيحة
وألان تشحن فى كتاباتك نفسأ طائفى
لك منى المحبة

اخر الافلام

.. عمليات بحث تحت الأنقاض وسط دمار بمربع سكني بمخيم النصيرات في


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإعادة المحتجز




.. رغم المضايقات والترهيب.. حراك طلابي متصاعد في الجامعات الأمر


.. 10 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي النصر شمال مدينة




.. حزب الله يعلن قصف مستوطنات إسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا