الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في غزة المحنةالتي لا تنتهي

أكرم ابو عمرو

2010 / 5 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


من يتجول في شوارع غزة ، في أسواقها ، مدارسها ، جامعاتها ، في طوابير البنوك ، في سيارات الأجرة، في المجالس والدواوين ، في كل مكان ، لا تفارق إذنيه كلمات مثل : نفق، بطالة، جمعية ، كوبونه، حماس ، فتح، حكومة غزة ، رام الله ، راتب ، شيكل ، كهرباء ، ماء ، كلمات أصبحت مفردات للحياة اليومية في قطاع غزة ، وبالتأكيد تعكس الحالة العامة السائدة في غزة وقطاعها ، غزة التي ظلت طوال تاريخها الطويل صامدة قوية في وجه كل الغزوات والهجمات ، غزة التي لم يهزها قوافل الفاتحين والعابرين ، غزة الشوكة في حلق كل معتدى عبر السنين ، هاهو الانقسام الذي يعصف بغزة وفلسطين يدق باب عامه الرابع وحال غزة يقول إلى متى هذه الحال .؟ ... يا مغير الأحوال .... يارب .
مساحة صغيرة جدا من الأرض ، تضم نحو من مليون ونصف المليون من البشر ، ما يجعلها الاكثف في العالم من حيث عدد السكان ، يفرض عليها حصار يلفه حصار وداخله حصار وأشكال جديدة من الحصار .
حصار دولي ظالم يفرضه العالم على غزة غير آبه بكل الأعراف والقوانين والاتفاقيات التي سنها، ويفرضها على كل بقاع العالم ما عدا غزة فهي غير قابلة في نظره لتطبيق هذه القوانين والأعراف .
حصار إسرائيلي جائر بقوة السلاح بدأ في الحقيقة منذ زمن منذ اليوم الأول لنشوء السلطة الوطنية الفلسطينية، وفي قطاع غزة بالتحديد عندما كانت تفرض الأطواق الأمنية على الأراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة في أعقاب العمليات الاستشهادية ، ثم اشتدت وتيرة هذا الحصار مع اندلاع انتفاضة الأقصى ، وهاهو يخنق القطاع منذ ثلاث سنوات .
حصار داخلي سيصبح قاتلا إذا ترك له العنان ، فعندما نحاصر أنفسنا بأنفسنا واقصد هنا محاصرة الإنسان لنفسه ، فقد أصبحنا اسري لحياتنا اليومية وضروراتها التي لا تنتهي ، لقد أصبح الهم اليومي لنا هو فرص العمل ، لقمة العيش الكريمة ، العلاج ، التعليم ، الخ ...
لقد أصبحنا محاصرين في أنفسنا حتى في تفكيرنا وتطلعاتنا ، لقد كانت غزة فيما مضى شعلة للثورة من اجل التحرير والعودة وفي نفس الوقت كانت هناك متابعة لكل الأحداث العالمية التي لها علاقة بقضيتنا ودور الأشقاء والأصدقاء ، ما يبدو على أن شعبنا متشبع بثقافته السياسية ، أما اليوم فقد خفت حديث السياسة ، فالحديث الأغلب هو حديث منصب على الأمور الحياتية المختلفة .
لماذا هذا الحصار ؟ فإذا كانت غزة تستحق هذا الحصار لأنها أصبحت بؤرة من بؤر الإرهاب كما يقولون ، فهل المليون ونصف المليون الذين تضمهم غزة إرهابيون ، وإذا كانوا ا كذلك فلماذا لم نسمع ولم نقرا أن أحدا منهم فعل فعلة إرهابية مشينة ، أو اشترك في حادث إرهابي كبير تناقلته وسائل الإعلام العالمية بالتحليل والتهليل كما نسمع ونقرأ ما يحدث في أماكن كثيرة في العالم .
لقد بلغت حدة المعاناة التي يواجهها سكان قطاع غزة درجة كبيرة ، فإلى متى يستمر الحصار ، إلى متى سيظل أبناؤنا في الخارج لا يستطيعون العودة إلى بلادهم خشية حرمانهم من عدم تمكنهم من استكمال دراساتهم أو مواصلة أعمالهم لان العودة إليها غير مضمونة .
ومتى ستزول رغبة آلاف الشباب في الهجرة من غزة والهروب من جحيمها ، حيث عشرات الآلاف من الشباب الخريجين التي تقذف بهم الجامعات في مختلف التخصصات العلمية أصبحوا لا آمل لهم في مستقبل آمن ومعطلين عن المساهمة الحقيقية في بناء وتنمية وطنهم .
ومتى ستعود النهضة العمرانية إلى غزة لتزيل ما خلفته الحرب من دمار وخراب ، حيث مواد البناء لم تدخل غزة منذ ثلاث سنوات .
ومتى سيتوقف هدير مولدات الكهرباء في الشوارع والمنازل التي يعلو صوتها فوق كل صوت وليضاف ضجيجها إلى قائمة الملوثات البيئية في قطاع غزة .
ومتى سيتوقف القتل البطيء للمرضى الذين ينتظرون على طوابير الانتظار للعلاج حيث سقط 371 شهيدا منهم حتى الآن .
ومتى سيعيش عمالنا حياة كريمة بعد أن أخذت البطالة مأخذها منهم ، والتي بلغت نسبتها أل 38.6% وهى نسبة على الرغم من كبرها فهي حسب المعايير الدولية أي أن النسبة الفعلية اكبر من ذلك بكثير ربما تصل إلى نحو ال60% .
والى متى سيتحرر اقتصادنا من عبودية الأنفاق ليصبح اقتصادا وطنيا يدفع إلى تنمية حقيقية .
والى متى سنظل معتمدين على المساعدات الإنسانية التي لا هدف لها إلا الحفاظ على رمق الحياة ويا ليتها تكفي.
متى ستعود غزة إلى غزة ببحرها وشواطئها الجميلة ، بشموخها وكبريائها ، بأملها وآمالها ، بجدها ونشاطها بأهلها ولأهلها .
نعود ونقول كما قلنا سابقا أن السبب هو من أنفسنا ، وربما ينطبق علينا القول : اللهم اكفني شر أصدقائي أما أعدائي فانا كفيل بهم ، وأقول اللهم اكفنا شر أنفسنا... أنفسنا التي لا يعحبها العجب ولا الصيام في رجب ، إذا تفاوضنا نرفض المفاوضات علما بان المفاوضات أمر مشروع ولا يوجد نص شرعي بحرمانها ، بل هي جزء من المعركة التي يخوضها أي شعب لتحرير أرضه ونيل حقوقه ، وإذا قاومنا نرفض المقاومة لأنها تضر بمصالحنا الوطنية ، فماذا نريد ، اعتقد أنها مجرد مناكفات لخدمة أجندات والتزامات لا نعرفها ، فكل فصيل من الفصائل الفلسطينية يتصرف وكأن فلسطين خلقت له وحده ، وانه هو المكلف فقط بالثورة والتحرير حتى لو كان هذا الفصيل مجرد مجموعة صغيرة من الأفراد ، لا لا أيها الإخوة ففلسطين للجميع لأطفالها ونسائها لشبابها وشيوخها للمقيمين فيها وفي الشتات لبست لوحدكم فقط.
إذن لا بد من إزالة الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء عللنا وأوجاعنا ، انه الانقسام الذي طال أمده ، كنا نتوقع أن ينتهي في غضون شهرين أو ثلاثة منذ حدوثه ولكنه الآن يكاد يكمل الثلاث سنوات ولا بارقة أمل في إنهائه، كل ما نسمعة تصريحات قليل منها مبشر بخير في حين أن معظمها لا يبشر بأي خير .
هناك رغبة معلنة من كل الأطراف في إنهاء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني ، فلا بد من استثمار هذه الرغبة لتحقيق المصالحة الوطنية على قاعدة إننا شعب واحد ، له سلطة واحدة ، وخيارنا هو المسار الديمقراطي ، فلنذهب جميعا إلى صناديق الاقتراع وهو الحل الأنسب لنا جميعا ،وعندها يتولى الفريق الذي يختاره الشعب تحقيق برامجه وفق المصلحة الوطنية ، اعتقد أن الذهاب إلى صناديق الانتخابات وهي ما جاءت به الورقة المصرية هي الضمانة الوحيدة والأكيدة لإنهاء الانقسام ، وما عدا ذلك سنراوح مكاننا سوف تاتي وفود وتذهب وفود من هنا وهناك سعيا لإنهاء الانقسام ولكن دون فائدة تذكر وتضيع الجهود بين تفسير الكلمات والمصطلحات والشروط والشروط المضادة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الآثار المهربة.. تمثال جنائزي رخامي يعود من فرنسا إلى ليبيا


.. بودكاست درجتين وبس | كيف تنشر الصحافة الاستقصائية الوعي بقضا




.. وكالات أنباء فلسطينية: انتشال جثث 49 شخصا في مقبرة جماعية في


.. بعد اقتراحه إرسال جنود لأوكرانيا.. سالفيني يهاجم ماكرون




.. هجوم رفح.. خيارات إسرائيل | #الظهيرة