الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة ولكنها من الواقع: (الفحام الوقح الجريء: زوجته وأتانه وأشياء أخرى)

إبراهيم منصوري

2010 / 5 / 21
الادب والفن


كان فحام أمي يعيش في قرية من قرى جبال الأطلس المتوسط بالمغرب. كانت مهنته قطع الأخشاب في الغابات االنائية وتحويلها إلى الفحم الخشبي الذي يستعمل بكثرة في التدفئة والطهي. كل وظائف الاقتصاد السياسي مجتمعة في هذا الفحام غريب الأطوار، فهو الذي يجمع المواد الخام ويحولها إلى منتجات جاهزة على شكل فحم خشبي قبل أن يروجها بنفسه في الأسواق البعيدة على متن حمارته التي أضنتها الأسفار التجارية على مر الفصول الأربعة، وذلك من أجل الحصول على مدخول لا يكاد يسد رمقه ورمق عائلته المتكونة من أفراد متعددين. كان الفحام العجيب قد تزوج في سن مبكرة دون تحرير أي عقد زواج متعارف عليه مكتفيا في زواجه بإحضار شهود وقراءة الفاتحة. رزق فحامنا بستة أطفال في بيئة محافظة ومشجعة على التناسل الجامح والنمو السكاني الانفجاري.

كبر الأطفال الستة فتولدت لدى الفحام حاجة إنجاز وثائق إدارية لصالحهم كنسخ الولادة وبطاقات التعريف الوطنية وشواهد الإقامة وغيرها. للحصول على كل هذه الوثائق كان لا مناص للفحام من التوفر على وثيقة زواج. سأل الفحام الأمي بعض معارفه فنصحوه بمقابلة قاضي القرية المعروف بنزاهته وتفانيه في العمل ونزوعه إلى مساعدة الناس وقضاء حاجياتهم الإدارية والقضائية. في يوم من الأيام، استيقظ الفحام باكرا فأشار إلى زوجته بضرورة مرافقته إلى مكتب القاضي لأمر يهمهما. ذعرت الزوجة من الأمر المهم الغامض فاستسلمت للفحام فشرعا في شق الطرق الوعرة المؤدية إلى مكتب القاضي، هو على متن أتانه وهي على رجليها اللتين تآكلتا بفعل الكدح والأمية والجهل ومرور السنوات والأيام. كانت أثناء السير تستعطف زوجها أن يخبرها بسبب قراره المفاجئ بمقابلة السيد القاضي ولكنه تمادى في غيه ولم يعر لاستعطافها وتوسلها أي اهتمام.

وصل الزوجان أخيرا إلى الحي الإداري بعد طول طريق. ربط الفحام أتانه بالقرب من مكتب القاضي ثم أشار إلى زوجته بمرافقته حالا فتبعته بخنوع حتى وقفا بباب القاضي. طلب الفحام من البواب السماح له بمقابلة القاضي فأشار إليه بالانتظار حتى يستشير رئيسه المباشر. عاد البواب للتو مبشرا وداعيا إياه بالتفضل بالدخول لمقابلة القاضي. دعا هذا الأخير الزوجين للجلوس حول منضدة أنيقة وموضوعة بإتقان. بدأ الفحام يسرد قصته و ويبين السبب الذي دفعه لاستشارة القاضي موضحا أنه يريد المساعدة على إنجاز عقد قران بعدما تعذر عليه ذلك قبل ليلة الدخلة التي تعود لسنين خلت. في ذلك الحين، أحست الزوجة كأنها تتخلص من حمل ثقيل كان يجثم على جسدها النحيل. عاتب القاضي الفحام بلطف قائلا: "كيف يعقل أن تتزوج بهذه السيدة دون تحرير عقد نكاح، وكيف ستبين قانونيا أن أطفالك الستة هم أطفالك فعلا؟". ثارت ثائرة الفحام فأزبد فمه وتجهم وجهه وتجرد من سرواله التقليدي ثم أخرج جهازه التناسلي وشرع في ضربه يمينا وشمالا على المنضدة الأنيقة على مرأى ومسمع من القاضي ورئيس كتابة الضبط والزوجة قائلا بنبرة حادة وبلغة أمازيغية واضحة: "وهذا؟ وهذا؟ وهذا؟... هل هو موجود أم لا؟ هل الأطفال الستة أطفالي أم لا؟ إنهم كلهم لي وأنا لهم وهذا هو البرهان، هل فهمتم؟ هيه، هيه !!...". لم تستطع الزوجة كتم ابتسامتها وعزتها مع التظاهر بالحشمة والخجل. أشار القاضي إلى الفحام ببرودة دم قل نظيرها بضرورة إدخال نصفه السفلي في سرواله السرمدي. امتثل الفحام لأوامر القاضي مضيفا "أينما وجدتم شخصا بعثتموه إلى قريتنا ليطعن في شرفنا ورجولتنا وفحولتنا". أخذ الفحام زوجته بقوة وخرج معها وإزباده متفاقم. قدم القاضي مثالا حيا للرزانة وحسن التعامل مع شخص وقح كان يعرف عنه القاضي أميته وجهله وفقره وحساسيته تجاه كل ما يتعلق بمسائل الشرف. فك الفحام قيد أتانته وامتطى ظهرها ثم نادى زوجته بصرامة فتبعته بخطى حثيثة فاختفيا وسط أشجار اللوز والزيتون عائدين إلى قريتهما النائية. كان دائما يمتطي أتانه بينما تسير هي كما العادة على رجليها الداميتين...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة