الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلك هي النكبة

سميرة عبد العليم

2010 / 5 / 21
الادب والفن


ترددت كثيرا قبل الكتابة، ليس لشئ خارج المألوف ولكن لأني أخجل مما حدث ويحدث هنا بغزة....غزة التي تعودنا منها الرقص رغم الجراح، والابتسامة بين الدموع ، فوجدتها قد تبدل حالها وانطفأت شموعها وسط انتهاكات وتصرفات أنهكت قلبها وأثقلت كاهلها رغم صبرها الذي نعرفه وتحملها المصاعب والألم.
اليوم تبكي غزة آسفة علي ابن أنجبته وأرضعته المثل والانتماء للوطن وللأرض السمراء وزهر البرتقال وتميمة الشهداء. أنجبته وقد كتبت علي جبينه ممنوع عليك دم الشقيق... أنجبته ورسمت في كفه قيم الشموخ والإباء وعلمته منذ بواكير أحلامه كيف يصون وحدة شعبه وحريته. أنجبتكم و وضعت نصب أعينكم هدفاً واحدا هو الحب والوحدة من أجل الأرض ومن أجل حرية الشعب.
منذ سنوات قليلة بدأ الابن يتنكر لأمه وتمرد علي المبادئ ضارباً عرض الحائط بجميع المثل والأعراف الفلسطينية التي ترعرعنا عليها وأننا وطن الحب والديمقراطية، والوفاء للشهداء العظام ممن سبقونا للعلا والمجد. اليوم وبكل عنجهية وقسوة غير فلسطينية تمرد ذلك الولد علي كل تقاليد الوطنية والشرف ليقود بالأمس انقساماً فلسطينياً دفعنا ثمنه دماً فلسطينياً محرماً علينا. قاد موجة قدمت إلينا من إعصار الحقد والغضب الغريب عنا، ليقتلع صواري صمودنا ووحدتنا، ليهدم خيمة وفاقنا التي أرسينا دعائمها بالكد والعرق والدم، وبقوافل الشهداء ومئات آلاف الجرحى والمعتقلين في سجون الاحتلال. قاد الابن الضال مع بعض إخوته عبر الوهم وأحلام اليقظة والخرافات جرافته لتقتلع كل القواسم الموحدة لشعبنا، قسم بوحشية وجداننا، ولا نعرف لصالح من أصبحنا شعبين وحكومتين؟ وعلي من تنفذ القوانين في بلد خلت أصلا من القوانين بل من الأخلاق الوطنية! وتمردت علي كل حق للشقيق ؟
اليوم وبكل غطرسة المحتل الأثيم الذي حفر صورة جرافته وبندقيته في مخيلتنا يتكرر هذا المشهد لكنه هذه المرة من الشقيق والابن بكل قسوة وبعين وقحة لا تنتمي للأرض والوطن. يأتي من يطلقون علي أنفسهم مقاومة (عرفت أنهم مقاومة ضد استقرار الفلسطينيين وأمنهم) ليعطوا أنفسهم الحق بتشريد عائلات لا ذنب لها سوى أنها ضحيتهم وضحية الاحتلال من قبلهم، عائلات تشبثت بأمل ملكية أرض ابتاعتها بما ادخرته واستدانته فيأتي من يدعون أنهم حكومة العدل الربانية لوطن ضاع منه العدل فيهدموا بيوتها دون مراعاة لحرمة النساء وبكاء الأطفال، وسط صراخ الخوف من منظر كتب علينا إرثه من المحتل الي الشقيق الظالم، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، لكنهم تطاولوا علي العرف والدين بضربهم النساء اللواتي تصدين لجبروتهم مدافعات عن بيوت تحتضنهن مع أطفالهن. مشهد تكرر أمامي وأعاد ذكريات عام 82 عندما أقدم الاحتلال علي هدم بيتنا فتصدت له والدتي وشباب الحارة. اعتصمت ونحن معها ونصبت الخيمة رافضة مصادرة بيتها، رفضت بكل شموخ المرأة الفلسطينية المناضلة واستمرت لأيام وليال، وتضامن معها الجيران والشباب الذين كان انتمائهم للأرض والعرض اكبر من خوفهم من بندقية المحتل رغم صغر سنهم، وللأسف في النهاية لم تجد والدتي (رحمها الله) مفراً سوى الرحيل بعد أن هدم المحتل بيتنا دون مراعاة لحرمته أو لتشريد ساكنيه.... وهنا أتساءل وإياكم:
أليست هذه المرأة التي أهنتموها اليوم هي من دافعت عنكم بالأمس وواجهت الاحتلال لكي تحميكم ولتستمروا بنضالكم ؟ هل هذا رد الجميل لنساء غزة ؟ أهكذا تربيتم وتربينا ؟ أليس هؤلاء النسوة من ناشدتوهن بالأمس ليقتحمن حدود مصر لرفع الحصار عن غزة ؟ عار عليكم وألف عار، ألم يكن الأجدر بكم في ذكري النكبة الآثمة أن تكونوا يداً تمسح دموع نساءنا ؟ لماذا وألف لماذا يا أبناء غزة تفعلون ذلك؟ لماذا تقدمون علي فعل أحمق دون تفكير؟ هل أصبح نضالكم اليوم

يحسب بكم جلدتم وكم شردتم وكم انتهكتم؟ أنسيتم أنكم أبناء الياسين والرنتيسي؟ أين ذهبت عقولكم ومن أين أتيتم لأنفسكم بهذا الحق ؟ كان ممكناً فهم هذا الإجراء (بدون اعتداء على الحرمات) لو كان الوضع في غزة طبيعياً ولا يوجد حصار وحالة حرب وطواريء، وكان القانون مطبقاً والحياة المدنية هي التي تسود، لكن في ظل ما نعرفه ويعرفه العالم لا يمكن فهم إجراءً وحشياً كالذي جرى. كيف وبأي ذريعة سنطلب من الآخرين التضامن مع شعب غزة وفيه بعض الفلسطينيين يتصرفون معه بهذه الطريقة؟ كيف سنطالبهم ببناء البيوت ونحن نهدمها على رؤوس الناس في رفح ونشرد ساكنيها تحت ذريعة أنها أراض حكومية؟
أتمني أن تقفوا وقفة صدق مع أنفسكم ربما تجدوا من يغفر لكم أخطائكم وخطاياكم، هذا إن وجدتم قلوباً تركتم فيها مكاناً للتسامح.

النقابية /سميرة عبد العليم
رفح / فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_