الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الموت أختناقا : فضيحة أخرى في عالم المعتقلات والسجون العراقية
شاكر الناصري
2010 / 5 / 23حقوق الانسان
لم تهدأ بعد فضيحة المعتقلات السرية التي تم الكشف عنها مؤخرا ( سجن المثنى في بغداد والذي يدار من قبل الأجهزة الأمنية المرتبطة برئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي) ودللت على مدى الأنتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون في السجون السرية حتى أطلت علينا فضيحة أخرى أبطالها هذه المرة ( قوات دولة القانون) وحيث قام أفراد هذه القوات بحشر 100 معتقل في عربتين تكفي الواحدة منهما ل15 شخص ، اي تم حشر 50 معتقل في كل عربة حديدية ( صندوق حديدي كما وصفه البعض) خالية من النوافذ وأية وسيلة للتهوية ، أثناء نقلهم من سجن التاجي الى سجن اللجنة التحقيقية في مركز تسفيرات الرصافة في بغداد في الثاني عشر من آيار الجاري ، مما أدى الى حدوث حالات أختناق واسعة بين المعتقلين توفى منهم سبعة وأصيب 15 آخرون بحالات ضيق نفس ، نتيجة أرتفاع درجات الحرارة التي يتميز بها الصيف في العراق .
وسط الأوضاع الحالية التي يمر بها العراق وفي ظل العمليات الارهابية والابادة المنظمة التي يتعرض لها الكثير من العراقيين وفي ظل صراعات القوى السياسية من أجل كراسي الحكم ، فإن حادثة وفاة سبعة معتقلين عراقيين أختناقا ، تكاد أن تكون مجرد حادثة عابرة أو هكذا اراد لها البعض أن تكون ،غير أنها حادثة تكشف عن مدى رخص حياة الأنسان في العراق وإنه لايعدو ان يكون سوى الطرف الأضعف والأكثر خسارة وسط كل ما يحدث وما يدور حوله . لاشيء أشد قسوة ووطأة على الأنسان من وضعه رهينة المعتقلات والسجون وتعريضه للتعذيب الجسدي والنفسي وحرمانه من كل ما يجعله يشعر إنه كائن آدمي يستحق الحياة بعد توجيه تهمة ما له وجعله يدفع ثمنها الباهض . هناك وفي تلك الأماكن يشعر الأنسان برخص حياته وقدرة الآخر ، السجان أو المحقق والأجهزة الأمنية المختلفة التي تسعى لأثبات التهمة ضده أولا ،على التلاعب بحياته وتعريضة لكل أشكال الأذلال وأمتهان الكرامة .
هذه الحادثة المأساوية لم تكن حادثة عرضية أوعادية إسوة بالكثير من الحوادث التي تقع في العراق ويكون ضحيتها عدد من العراقيين ، بل هي فضيحة أخرى تضاف الى سيل الفضائح المتواصلة في العراق . فضائح السجون والمعتقلات السرية والأغتيالات والتصفيات والأنتهاكات التي يتعرض لها من يقع في قبضة الأجهزة الأمنية التابعة للدولة أو لمليشيات الأحزاب المختلفة في العراق أو لقوات دولة الأحتلال .
ما حدث للضحايا السبعة ومهما كانت التهم الموجهة اليهم وأي كانت أنتمائاتهم السياسية فإنه يكشف وبشكل لا لبس فيه أننا أزاء ممارسات قمعية بشعة يتم تكرارها وإستنساخها بشكل متواصل وإن الحديث عن عهد جديد وزمن جديد يتم فيه أعلاء شأن وكرامة الأنسان في العراق وأشاعة سلطة وقيم القانون وحكم العدالة ،الذي يهدف لأحقاق الحق وحماية ارواح الابرياء من عنت القمع واستغلال السلطة وأن تكون السجون والمعتقلات علنية ولايتعرض فيها المعتقل أو الموقوف بسبب قضية ما الى اي شكل من اشكال التعذيب والأكراه وأمتهان الكرامة أو تعريضه للانتهاكات الجسدية والنفسية من أجل الحصول الى أعترافاته وتثبيت التهمة الموجهة اليه ، ما هو الا لعبة سمجة وأستهلاك إعلامي مفضوح وإن ما يتم من ممارسات بحق المعتقلين لم يكن سوى وسيلة للتصفيات الجسدية وتنفيذ أحكام مسبقة بحقهم ولعل ما قالته وجدان سالم وزيرة حقوق الأنسان في العراق في معرض تعليقها على حادثة أختناق المعتقلين ( إن كل الأحتمالات مفتوحة بشأن الأسباب التي أدت الى وفاة السجناء السبعة أثناء عملية نقلهم .. مشيرة الى : أمكانية وجود جهات غير معروفة تقف وراء وفاتهم ، إذ كان من المتوقع أطلاق سراح بعضهم في حالة عدم وجود أدلة تثبت الأتهامات الموجهة لهم ) يكشف عن الكثير من الممارسات والأنتهاكات التي تتم بحق المعتقلين من قبل الجهات والأجهزة الأمنية والتابعين لها وأدرات السجون والمعتقلات بشكل سري ومنظم ويدلل على استعدادهم لإرتكاب المزيد من الجرائم بحق المعتقلين من أجل تحقيق مكاسب معينة .
ما يحدث من أنتهاكات وجرائم بشعة بحق السجناء والمعتقلين يشكل صفعة قوية لمجمل إدعاءات الأمل التي راجت بعد سقوط نظام البعث الأجرامي السابق في العراق التي لم تفارق مخيلة الذين ذاقوا وطأة العيش في ظل نظام حكم إستبدادي . فالممارسات الأجرامية البعشة التي ارتكبها نظام البعث بحق الكثير من العراقيين يتم أستنساخها وتكرارها بشكل متواصل الآن من قبل الكثير من الأجهزة والمؤسسات التي يدعي القائمون عليها أنها مطابقة لكل المواصفات والمعايير والمعاهدات الدولية التي تلبسها ثوبا أنسانيا يمكنها من ازاحة ما تراكم على كاهل العراقيين من فظائع وأنتهاكت سابقة راح ضحيتها الكثير منهم وتحولت حياة القسم الأكبر منهم الى حجيم لايطاق .
حالات حشر السجناء في العربات والقطارات بأعداد كبيرة أثناء نقلهم من مكان الى آخر حتى وإن كانت وسائل النقل هذه غير مخصصة لنقل البشر ، تكاد تكون كلها متشابهة في تاريخ العراق المعاصر ،سواء كانت في فترات حكم البعث الأسود أو الحكومات التي سبقته أو في زمن حكومات العراق الجديد وكلها تتم بهدف واحد هو تنفيذ أحكام أعدام وعقوبات إستباقية قاسية بحق المعتقلين الذين يتم نقلهم محشورين في عربات الموت هذه رغم عدم صدور اي حكم قضائي بحقهم ، بل إن عمليات النقل تتم من أجل أطلاق سراحهم أو عرضهم على المحاكم في أحيان كثيرة أو نقلهم من سجن الى آخر .
المعتقلات والسجون السرية التي يمارس فيها التعذيب الجسدي والنفسي ضد المعتقلين وتنتهك كرامتهم ووجودهم الأنساني ، هي الادوات السرية والمعلنة التي تستخدمها السلطات الحاكمة من أجل القضاء على من يعارضها ويخالف توجهاتها السياسية وهي جزء لايتجزا من موؤسساتها الفوقية . هذه الأدوات إستخدمتها السلطة البعثية الفاشية في العراق ، فضاع في زنازينها وجحورها المظلمة أعداد كبيرة من العراقيين فيما عاش الكثير منهم وطأة القسوة والبطش السافر والأذلال في أقسى وأبشع صوره وغادرها الكثير وقد فقدوا ذاكرتهم ووعيهم وخرجوا فاقدي الارادة ولايمتلكون القدرة على مواصلة العيش بشكل طبيعي مع ذويهم ومحيطهم الأجتماعي . وحين أسقطت سلطة البعث فإن الكثير من العراقيين كانوا يمنون النفس بأن يعيشوا في بلد تنعدم فيه السجون والمعتقلات والزنازين السرية وأن تكون عدالة القانون والمحاكم هي الأساس الذي تستند اليه السلطات في تعاملها مع مخالفيها ، ولكن يبدو أن الكثير من العراقيين يواصلون لعبة الغرق في الوهم وتصديق الخديعة ، وهم الذين ذاقوا مرارة التعذيب وقسوته فتسامت أرواحهم المخنوقة للعيش في عالم أو بلد خال من التعذيب وقسوة الأنتهاك والأذلال .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - قطار الموت
البراق
(
2010 / 5 / 24 - 10:17
)
شكرا لك استاذ شاكر الناصري على مقالتك حول هذه الجريمة البشعة والتي تكشف ان الممارسات الفاشستية مازالت جارية على قدم وساق في العراق الديمقراطي الجديد ويذكرنا بجريمة قطار الموت الذي حشروا فيه الشيوعيون في عز صيف العراق لينقلوا من بغداد الى نقرة السلمان فالتاريخ يعيد نفسه والغريب هو هذا السكوت والتعتيم على الجريمة . ان منظمات حقوق الانسان في كل مكان مطالبة بادانة هذه الجريمة والمطالبة باجراء تحقيق مستقل لكشف ملابساتها والتعرف على المسببين لها
2 - مخلفات الماضي
مدين
(
2010 / 5 / 25 - 07:22
)
لست شامتا ولا فرحا أو مؤيدا لما يجري في السجون العراقية من ممارسات مرفوضة ومدانة ولكن هذه هي أخلاق البعثيين الذين خدموا الأسلاميين اليوم بتوليهم ذات الأعمال السابقة التي كانوا عليها في زمن البعث والحكومة الجديدة أستفادت من خبراتهم في هذا المجال ،ونستنكر تلك الأعمال بشدة فهي لا تنسجم والثوب الديمقراطي الذي يرتديه حكام العراق كان هؤلاء أرهابيون وقتلة فالقانون هو الفيصل ولا يمكن قتلهم بهذه الطريقة ويجب محاكمة المجرمين القائمين بهذا العمل مهما كانت الجهة التي تقف خلفهم رغم أعتقداي أنهم من البعثيين الذين يقتلون القتيل ويمشون خلف جنازته فهم يقتلون ويوصلون الى اسيادهم ما يرتكبون من جرائم لخدمة مشروعهم السياسي في العودة الىالحكم من جديد وعلىالحكومة اجراء التحقيق العلني وعضه أمام الرأي العام والا فهم لا يختلفون عن النظام الائد أجراما
.. اعتقال ضابط إسرائيلي بإطار قضية التسريبات الأمنية.. ما التفا
.. هاريس وترامب يحاولان استقطاب الأقليات في ولاية ويسكونسن
.. كلمة الأمين العام للأمم المتحدة خلال فعاليات المنتدى الحضري
.. كلمة المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البش
.. تغطية خاصة | طرابلس تحتضن النازحين إليها من جنوب لبنان والبق