الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحيون عملت معهم ...... فاضل خليل

يوسف العاني

2010 / 5 / 23
الادب والفن


حين عاد قاسم محمد من موسكو.. ومعه السفر المسرحي (النخلة والجيران) -ان جازت لي هذه التسمية عاشت فرقتنا –المسرح الفني الحديث- في حالة الاستنفار الفني المسؤول:- لان تكون على قدر المهمة التي اخذتها على عاتقها، لتقدمها على المسرح عام 1969.. المسرحية عمل كبير.. كبير في كل مكوناته.. منذ الرواية ثم الاعداد المسرحي الى ما قدمته المسرحية من اجواء عراقية اصيلة.. وحتى رؤى المخرج الحميمة فيها.. واخيرا وليس آخراً.. مجموعة الشخصيات التي قاربت الثلاثين شخصية من مجموع من يقف على المسرح ليؤدي دوراً يتباين في زمن الحضور.. لكنه يظل مهماً وله التأثير في سياق الاحداث.. لقد اشرت الى هذا الجانب تفصيلا عند تناولي (قاسم محمد) مخرجاً عملت معه.. الامر هنا وانا اقدم (فاضل خليل) الشاب الجميل الوديع كالنسمة وهو يتقدم بثقة العارف بما يراد منه وبما يريده هو.. وبما يريده المخرج من متطلبات تصل الى (النأمة) كما نقول والصدق في الأداء، حد الصدق الكاذب!!.. احياناً.. أمور يدري من وقف على مسرحنا امام حشد من رواد وشباب متفتحين بحثاً عن تجربة جمعت كل عضوات واعضاء الفرقة ليقفوا في صف الاجادة والابداع وعمق التأثير.. في وسط هذه الحالة.. او الملحمة الفنية الكبيرة المتزنة الخالية من سفاسف سهلة ومتوفرة عند من يريد ان يمر بها فيضحك ان اراد.. وربما ان يبكي المشاهد ان اراد ايضاً.. لا.. لم تكن امام المجموعة بملحمتهم الفنية تلك الا العمل الفني المصان من كل تأثيرات السطحية الميسورة والتي تخرج عن اطار الفنية الحالية الحبيبة للنفس والذهن معاً: هكذا برز (فاضل خليل).. من بين تلك (الخلية) النظيفة الشريفة.. والتي قبل كل ممثل او ممثلة فيها.. حضوراً حتى لو بلغ زمنه دقائق قليلة على المسرح.. لكنه يظل حاضراً في الخاطر لا يغيب.. مع هذه الخلية.. والتي حملت اسماء لها ثقلها الفني الكبير والتجربة الاكبر.. مثل زينب، خليل شوقي، ناهدة الرماح يوسف العاني عبد الجبار عباس ازاد وهي صاموئيل زكية خليفة، مقداد عبد الرضا، سامي عبد الحميد، مجيد الفراتي، فاروق فياض، سليمة خضير، عبد الواحد طه.. وأخرين واخريات.. مع اصحاب هذه الاسماء وقف (فاضل خليل) يمثل دور (حسين) الشخصية التي تدور اهم الاحداث حوله وتنبع منه ليكون موقعاً مهماً مع المجموعة التي اشرت الى بعض اسمائها.. فماذا عليه ان يكون..؟ في اول رواية عراقية كبيرة للقاص المبدع- غائب طعمة فرحان – والمخرج قاسم محمد. هناك عرفته عن قرب.. بل عشقته ممثلا واعداً يقول لمن يتابعه على المسرح.. (هذا انا..!) وتعلقت به.. وكنت حين لا يكون لي حضور على المسرح أتابعه باهتمام كبير من بين الكواليس لأنه بالنسبة لي لم يكن مجرد ممثل في مسرحية (النخلة والجيران..) بل شريحة من مسرح قادم هو مسرح العراق المتألق والعميق.. ومن هذه التجربة وما بعدها.. صار عند (فاضل خليل) مسألة لا تمر هكذا دون ان يكون لها شأن خلال الآتي مما تقدمه فرقتنا اولا.. وبما سيقدمه المسرح العراقي مستقبلا: وكان فاضل في ذات الوقت يعمل من أجل الا يكون ممثلا حسب.. بل (رجل مسرح) بكل ما تعنيه هاتان الكلمتان.. وان تكون الاستزادة هدفا والدراسة الرحبة غاية تنقله الى عوالم اكثر سعة ومعرفة.. ليدرس المسرح في بلغاريا باشراف استاذ مسرحي كبير هو (فيليب فيلي بوف).. كنت قد تعرفت عليه عام 1959 وانا ازور المسرح البلغاري آنذاك.. لاكتشف فيه أي (فيليب فيلي بوف) مدرسة مسرحية كبيرة.. هكذا كانت البداية مع الممثل المتألق فاضل خليل.. لأخوض معه عدة تجارب مسرحية وتلفزيونية واسعد بها من خلاله. ويعود الينا الدكتور فاضل خليل محملا بزاد المعرفة الفنية الجديدة.. وهو عضو الفرقة منذ عام 1968.. وبعودته معنا عاد يحلم من جديد وكنا ننصت اليه.. فاذا به يقول بصوت عال (اريد أخرج مسرحية- خيط البريسم) ضحكنا اول الأمر.. لأن خيط البريسم.. تمثيلية تلفزيونية طويلة قدمت عام 1979.. ونحن الآن في عام 1987.. قال وهو يضحك ساخراً: (ادري:- ودوري فيها لا انساه طول عمري..) وأردت ان اغير موضوع الحديث.. لكنه أصر على طلبه هذا واضاف طلباً آخر.. (أن اعيد كتابتها –مسرحياً- وأنس كما سينسى هو -المخرج- ذاك النص التلفزيوني..) ولم يمض كبير وقت الا وانا اكتب النص ذاك الى المسرح وكأنني اكتبه من جديد.. وهذه كانت اول تجربة لي مع (فاضل خليل).. ورحنا نلغي كل حالة تجرنا الى الصيغة التلفزيونية.. وتبلور العمل وتغيرت الأسماء.. التي كانت -اعني الممثلين - وصارت شخصية الحائك الشاب الذي مثله (فاضل) نفسه.. صار (رياض الباهلي) ورحنا بحماسة كبيرة نضع كل حالة بصيغتها الجديدة .. حتى التمثيل نفسه افرغنا منه بعضا من تصور سابق.. والمخرج فاضل خليل .. يعمل بلا ادعاء وبلا (استاذية) ظاهرة.. بل بدقة متواضعة.. وروح من الصداقة والمحبة والتواضع.. وكانت المجموعة كلها تشعر انها تتعامل مع واحد من الاسرة الواحدة، الكبار يحسبونه (ابنا) والصغار اخاً.. والآخرون صديقا.. لتأتلف المجموعة وامامها حالة من (السلب) النسبي.. ان المشاهدين قد يعودون بها الى رؤيتهم لها يوم كانت على (شاشة التلفزيون).. لكن فاضل ظل مصرا على ان الأمر مختلف.. وانه مسؤول.. عن كل ما ستقدمه المسرحية الجديدة.. وكان مصراً على ان امثل دوراً قصيراً أظهر في نهاية المسرحية.. فقبلت.. وسارت الامور على حالة من الصدق والطبيعة.. الأمر الذي جعل الدكتور- علي جواد الطاهر رحمه الله.. يشيد بالمسرحية.. ويعتبرها واحدة من اعمال فرقة المسرح الفني الحديث الجادة والجيدة والممتعة.. وانتظرنا جديد فاضل خليل.. بعد ان قدم اعمالاً مسرحية ناجحة في كلية الفنون.. فاذا به يأتينا بمفاجأة جديدة وغريبة..؟ ان يعيد تقديم مسرحية (الشريعة) التي كتبتها وقدمتها فرقتنا في 26/5/1971.. اي بعد ستة عشر عاما على تقديمها من قبلنا.. وان يقدم المسرحية للفرقة القومية.. ويتولى اخراجها.. وان أمثل انا فيها نفس الدور الذي مثلته أول مرة.. وهو دور (دعبول) البلام! بقينا لفترة بين أخذ ورد.. ورحنا نضع سلبيات هذه التجربة وايجابياتها: فالمسرحية – عرضاً- ليست جديدة.. وقد قدمت في وقتها بمستوى عال من الحضور المبدع حين أخرجها قاسم محمد وصاغ ديكورها كاظم حيدر.. وسوف تحفز المشاهدين على مقارنة بين العرضين.. وكان رد فاضل: (وهذا ما أريده) الايجاب في الاعادة.. ان تتولاها ادوات جديدة من الممثلين والفنيين وان تكون هناك صيغة جديدة.. فالمسرح دوار.. والديكور مختلف كلياً. والممثلون عدا ممثل دعبول البلام.. مختلفون عمن مثل اول مرة.. واقنعني.. وبدأ العمل مع الفرقة القومية.. وحدثت اشكالات تبدو بسيطة اول الأمر.. فالفرقة القومية فرقة- الدولة- ورقابة الدولة تدخلت في حذف عبارات هنا وهناك.. واوشكت ان أتأزم لولم يكن المخرج فاضل خليل.. وعرضت المسرحية.. في تموز 1987. وقد تحقق ما كنا قد توقعناه.. فراح النقاد ولفيف من المشاهدين يقارنون بين العرض الاول والثاني.. ولا سيما في الجو العام الذي حققته المسرحية المرحلية حين كان هناك زورق –بلم- في وسط الجمهور.. والبيت البغدادي بتفاصيله والمقهى.. والطيور.. ثم مقارنة بين هذا الممثل وذاك وهذه الممثلة وتلك. وكان فاضل قد تناسى فعلا .. ما كان.. وراح يرسم ما بمخيلته الا بالقدر الذي يجب الا يغيب من حيث الاداء الجيد بالرغم من تفاوت في (طباع) الممثلين وما اعتادوا عليه سيما في المواقع او المواقف الكوميدية: اما بالنسبة لي.. فان المخرج فاضل خليل- ظل اميناً على العمل فكرة واثراً وانه راح يغدق من عنده الكثير من اجل ابعاد اللا مقبول من البعض.. فهو – اي فاضل- كان واحداً من الممثلين الذين أبدعوا في مسرحية الشريعة. وابناً باراً.. فكنت ارقبه.. او ارقب (عشقه) للأعمال التي يشارك فيها او يخرجها.. ومعاناته المخلصة في ان يكون او لا يكون.. مع الاعتزاز بكل ما قدم سواء كنت مشاركاً معه أم بعيداً عنه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مرحبا استاذنا الكبير
سمير احمد ( 2010 / 5 / 24 - 02:45 )
واخيرا فنان الشعب وامين المسرح العراقي على صفحات الحوار المتمدن مرحبا بك ونتمنى ان نقرأ لك المزيد
تحيه حب واحترام وتقدير


2 - نَوّرتَ
امين يونس ( 2010 / 5 / 24 - 09:41 )
استاذنا الكبير
قبل يومين تابعتك في برنامج -قريب جداً- على فضائية الحُرة ، بحديثك الرائع وذكرياتك الغنية
واليوم في الحوار المتمدن ، يالها من مُتعة
اتمنى لك طول العمر والصحة الجيدة والعطاء المتواصل
امين يونس
صحفي / العراق / دهوك


3 - افرحت كل محبيك
سمير فاضل النجار ( 2010 / 5 / 24 - 12:24 )
الاستاذ العزيز يوسف العاني المحترم ،

افرحت كل محبيك بسماع صوتك ، اتمنى لك موفور الصحه والعافيه .
ارجو واطمح ان نقرأ لك المزيد واعتقد هذا طلب عام لكثير من العراقيين فى الداخل او في بلاد الشتات .. يا اسفي على العراق وما أل اليه ،،استنجد بمقولة اعجبتني ~ ما اضيق العيش لولا فسحة الامل ~ وما تجود به ذاكرة الزمن ..تحياتي


4 - اعتزازنا اللامتناهي بفنان الشعب العراقي المتا
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 5 / 25 - 15:29 )
هذه المقاله نص فائق الجمال في النقد الفني والتوثيق للثقافة العراقيه
المتاءلقه والتي يعتبر الاستاذ يوسف العاني من بناتها المعاصرين بلا منازع ناهيك عن كونه نجما ساطعا في سمائها
جميل جدا ارثنا القريب والبعيد انه الدليل على يتم هذه اللغه البائسه ليس فقط عن الحلال والحرام بل خصوصا عما يسمى بالمكونات والشرائح
ان يكتب يوسف العاني وبهذا الحب والتقدير العارم عن الفنان الفذ العراقي العماري الدكتور فاضل خليل له طعم خاص خصوصا في ايامنا البائسه حاليا
ارق واجمل التحيات والامنيات لاستاذنا القدير يوسف العاني مع اخلص التمنيات باستمرار العطاء الغني للفنان المبدع فاضل خليل


5 - اعتزازنا اللامتناهي بفنان الشعب العراقي المتا
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 5 / 25 - 15:29 )
هذه المقاله نص فائق الجمال في النقد الفني والتوثيق للثقافة العراقيه
المتاءلقه والتي يعتبر الاستاذ يوسف العاني من بناتها المعاصرين بلا منازع ناهيك عن كونه نجما ساطعا في سمائها
جميل جدا ارثنا القريب والبعيد انه الدليل على يتم هذه اللغه البائسه ليس فقط عن الحلال والحرام بل خصوصا عما يسمى بالمكونات والشرائح
ان يكتب يوسف العاني وبهذا الحب والتقدير العارم عن الفنان الفذ العراقي العماري الدكتور فاضل خليل له طعم خاص خصوصا في ايامنا البائسه حاليا
ارق واجمل التحيات والامنيات لاستاذنا القدير يوسف العاني مع اخلص التمنيات باستمرار العطاء الغني للفنان المبدع فاضل خليل


6 - اعتزازنا اللامتناهي بفنان الشعب العراقي المتا
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 5 / 25 - 15:29 )
هذه المقاله نص فائق الجمال في النقد الفني والتوثيق للثقافة العراقيه
المتاءلقه والتي يعتبر الاستاذ يوسف العاني من بناتها المعاصرين بلا منازع ناهيك عن كونه نجما ساطعا في سمائها
جميل جدا ارثنا القريب والبعيد انه الدليل على يتم هذه اللغه البائسه ليس فقط عن الحلال والحرام بل خصوصا عما يسمى بالمكونات والشرائح
ان يكتب يوسف العاني وبهذا الحب والتقدير العارم عن الفنان الفذ العراقي العماري الدكتور فاضل خليل له طعم خاص خصوصا في ايامنا البائسه حاليا
ارق واجمل التحيات والامنيات لاستاذنا القدير يوسف العاني مع اخلص التمنيات باستمرار العطاء الغني للفنان المبدع فاضل خليل


7 - الاستاذ يوسف العانى و النخلة والجيران
على عجيل منهل ( 2010 / 5 / 25 - 16:36 )
السلام عليكم نرحب بكم على صفحات الحوار المتمدن ولم ننسس النخلة والجيران والشريعة ويوسف العانى ان المدنية تعلمنا كيف نتعلق بالاشياء مع ان واجبها ان تلقنن افن التخلى عن الاشياء كما قال الكاتب الرومانى سيوران تحياتى الى الاستاذ يوسف العانى


8 - الاستاذ المبدع يوسف العانى
وليد حنا بيداويد ( 2010 / 5 / 25 - 18:01 )
تحية، وانا اطالع افكارك الجميلة كطلاتك على المسرح والتمثيل الرائع والهادف التى كنا نتابعها عائليا وكان اخوتى الصغار يقلدونها واكاد اقول انهم كانوا ممثلون مسرحيون صغارولكن على طريقة مدرسة يوسف العانى، فرحت عندما شاهدت د.القدير فاضل خليل وهو يكتب فى صفحة المثقفين العراقيين فاطمنيت ان نخبة من ممثلينا الافاضل اللذين لا يعوضون بثمن وهم يواصلون العطاء وهم بصحة وعافية . فكنت حينها التقيت به صدفة حيث كان ابن عمى طالبا فى اكاديمية الفنون الجميلة وكذلك عندما ذهبت الى بغداد لغرض تقديم شقيقى الاصغر الفنان المبدع بشار البابلى الى اكاديمية الفنون الجميلة الذى لم يقبل سبب بعض الاجراءات الفنية والمستمسكات التى لم يتمكن انجازها فى نفس اليوم بسبب تعقيدات السفر من محافظة الى الاخرى فلم يقبل ظلما واجحافا رغم مقابلة وزير التعليم العالى (الشيخلى) ان ما اطالعه هنا هو ابداع كنا ننتظره طويلا واخذتنى احلام اليقظة الى بعيد الماضى عندما كنا نجلس بشغف امام شاشات التلفاز لنستمتع باجمل ساعات الراحة والمتابعة وياليتها ان تعود وكانها كانت حلما وتلاشى، لكم جميعا تحية ودعاء بالصحة يا ايتها النخبة المثقفةالتى لا بالثمن

اخر الافلام

.. خلال ستة عقود قضاها بين المسرح والسينما والتلفزيون


.. عيو ن القلب سهرانة ما بتنامشي??.. إسراء عصام تبدع في الغناء




.. جيف مونسون مصارع الفنون القتالية المختلطة يعلن إسلامه في موس


.. ياليلة العيد آنستينا وجددتي الآمل ??.. إبداع فرقة أعز الناس




.. الفنان القدير دريد لحام يوضح آراء ومواقف شخصية ارتبطت بمسيرت