الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرانكفونية: إيديولوجية استعمارية في عهد ما بعد الكولونيالية - الاستعمار الثقافي كبديل للاستعمار العسكري (تتمة)

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2010 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


(..) و قد اعتمدت فرنسا؛ في استعمارها الجديد على النخبة السياسية و الثقافة؛ التي استفادت من الاستعمار ماديا و رمزيا؛ و كانت أول المتضررين من الانسحاب الاستعماري الفرنسي؛ لذلك كانت هذه النخبة أول حاضن لهذه الطموحات الاستعمارية؛ و أول مروج لها؛ و ذلك تحت يافطة الانفتاح اللغوي؛ و التبادل الثقافي؛ و ترويج قيم الحداثة ...
و لعل الاختراق الحقيقي الذي دشنته الفرانكفونية؛ في مستعمراتها الحاصلة للتو على استقلال شكلي؛ تم من داخل منظومة التعليم؛ حيث كانت اللغة الفرنسية بعد انسحاب فرنسا من مستعمراتها هي لغة التدريس؛ و لا تشاركها العربية إلا بنسبة قليلة جدا؛ و ذلك راجع بالأساس إلى طبيعة تكوين النخبة السياسية و الثقافة التي قادت منظومة التعليم؛ و هو تكوين فرانكفوني صرف؛ لم تنجح السياسات المتبعة فيما بعد؛ في التقليل من هيمنته ( مبدأ التعريب و مبدأ المغربة بخصوص التجربة المغربية مثلا) .
و من داخل مؤسسات التعليم؛ حافظت اللغة الفرنسية على تواجدها القوي؛ داخل مستعمرات فرنسا السابقة؛ لأن ما يهم فرنسا أكثر هو تشكيل النخب السياسية و الثقافية على مقاسها ثقافيا و لغويا؛ و ذلك من منظور استراتيجي بعيد المدى؛ يقوم على اعتبار هذه النخب امتدادا لمصالح فرنسا في مستعمراتها السابقة .
" إن الفرانكفونية في العالم العربي هي بالأساس مدرسية وجامعية" تؤكد أستاذة الأدب المعاصر بجامعة القديس يوسف (كاتيا حداد) . و من خلال دراسة استقرائية لحضور اللغة الفرنسية ( أداة الفرانكفونية) في العالم العربي تخلص (كاتيا حداد) إلى خلاصات كبيرة الأهمية :
- الخلاصة الأولى: ترتبط بتراجع حضور اللغة الفرنسية في مجموع هذه الدول كلغة التواصل اليومي كما كان الأمر أثناء الاستعمار " فقد مضى عهد كان فيه حضور اللغة الفرنسية أكثر تنوعا حيث كانت الفرنسية "تجوب الشوارع " مما يعني أنها لم تكن محصورة في حيز المدرسة."
- الخلاصة الثانية: و في مقابل تراجع اللغة الفرنسية كلغة للتواصل اليومي؛ فإنها تعوض هذا التراجع عبر حضور كثيف في المدارس؛ كلغة أساسية في مناهج التعليم؛ و ذلك باعتبارها أصبحت تقترن (من منظور الاستلاب اللغوي) بمؤشر من مؤشرات التنمية المتمثل في المدرسة؛ و لذلك تؤكد (كاتيا حداد) أن تعلم الفرنسية في المدرسة قد يكون بمثابة استثمار على المدى البعيد . و تفسر ذلك باعتبار أن من يتعلم اللغة في المدرسة؛ خليق أن يحافظ عليها فيما بعد؛ بحيث تصاحبه مدى حياته..
و من خلال هذه الدراسة الاستقرائية؛ تثبت الأستاذة (كاتيا حداد) بالأرقام؛ الهيمنة التي أصبحت تمارسها اللغة الفرنسية في مجموعة من الدول العربية؛ فهي تخترق مؤسسات التعليم؛ باعتبارها لغة العلم و المعرفة الحديثة؛ في زمن لجوء المؤسسات الأكاديمية الفرنسية نفسها إلى اللغة الإنجليزية !؟ و هذا الأمر –في الحقيقة- أكثر من محير؛ و يثبت بالملموس أن اللغة الفرنسية في هذه الدول ليست اختيارا بيداغوجيا؛ يرتبط بمناهج التعليم؛ لأن هذه اللغة تثبت الآن؛ أنها غير قادرة على مسايرة التطور العلمي الحاصل باللغة الإنجليزية ؛ بل حتى باللغة الصينية و اللغة الألمانية و بعض اللغات الحية الأخرى .
تقول الأستاذة كاتيا حداد : " وقد أتاحت لنا الدراسة الاستقرائية التي قمنا بها إبراز حقيقة أن الفرانكفونية المدرسية تقدمت خلال العقد الأخير ولم تتأخر. وكان من أسباب هذا التطور انحسار تيار التعريب من المناهج الدراسية. فقد شهد العقد الأخير إعادة إدراج اللغة الفرنسية أو تقويتها في البرامج الدراسية بدرجات متفاوتة، وذلك في البلدان الآتية: تونس والمغرب وسوريا ومصر. وفي لبنان، تم اعتماد مبدأ الازدواجية اللغوية المبكرة على مستوى الدولة، وهو مبدأ جاء ليزكي اختيارات السكان اللغوية ويضفي طابعاً رسمياً على مكانة اللغات الأجنبية، وبخاصة مكانة اللغة الفرنسية، وكان هذا الإجراء أول سابقة من نوعها في هذا البلد"
إن ما يفسر هذا الحضور القوي للغة الفرنسية ضمن مناهج التدريس في مجموعة من الدول العربية؛ يرتبط في العمق بأبعاد إيديولوجية و مصلحية؛ ترتبط بالهيمنة التي أصبحت تمارسها الفرانكفونية على مستعمرات فرنسا السابقة؛ من خلال الحضور القوي للوبي الفرانكفوني؛ الذي يتشكل من نخب ثقافية و سياسية و اقتصادية؛ لا يهمها سوى الحفاظ على مصالحها الخاصة؛ في علاقتها بالمستعمر السابق؛ الذي نسجت معه شبكة من المصالح؛ الأمر الذي يحول اللغة لديها إلى إيديولوجيا؛ تتجاوز كل حدود المنطق .

( و للحديث بقية) ...

أنظر: كاتيا حداد : حصيلة دراسة واقع الفرنكفونية في العالم العربي- أعمال ندوة الفرانكفونية و العالم العربي : حوار الثقافات 31-30 مايو / أيار 2000 - إصدار الإيسيسكو .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وراءك .. سيد جنداري !
ادريس ( 2010 / 5 / 24 - 18:46 )
لن امل ولن اكل من متابعة العقلية العروبية العنصرية ، وهدفي من خلال تعليقاتي على مقالاتك ان ابين مدى ازدواجية العروبيين ونفاقهم بحيث هم آخر من يحق لهم ان يتحدثوا عن الاستيلاب وعن العنصرية
يدكرني كلامك عن ما تسميه وما تستنكره من هيمنة اللغة الفرنسية في مجموعة من الدول ( العربية ) بكلام احد العروبيين الجزائريين في احد البرامج العروبية على احدى القنوات العروبية وهو يواجه احد الباحثين الفرنسيين حيث قال ذلك العروبي بأن الاستعمار الفرنسي كان يحاول القضاء على اللغة العربية في الجزائر .. ولكن ذلك الفرنسي لم تنقصه الجرأة على ان يقر ما قاله ذلك العروبي واضاف انه لم يكن من حق فرنسا ان تقضي على اللغة العربية .. فيا ترى يا سيد جنداري هل يمتلك العروبيون نفس الجرأة ويقولوا انه ليس من حقهم محاولة القضاء على الامازيغية في شمال افريقيا وانه ليس من حقهم ان يتفوهوا بتلك الحماقة ( المغرب العربي ) ؟ شتان بين الفريقين !!!


2 - الرعاع يا سيد جنداري هم ..
ادريس ( 2010 / 5 / 24 - 19:24 )
الدين اذا تغلبوا على اوطان اسرع اليها الخراب وليس نحن كما تصفنا في تعليقك 13 من مقالتك السابقة
تتهم ما تسميه بالامازيغوفونية بانها ترسخ لدى أتباعها روحا سادية خطيرة تجاه كل ما هو عربي و إسلامي ؛ ولكن مادا تقول عن من يصرح وبدون ادنى خجل ( يجب اماتة تلك اللهجات البربرية في المغرب ) ، وما دا تقول في من يصرح وبكل شوفينية ( مال هذه الامازيغية تريد ان تناطح سيدتها العربية ) ؟ . وذلك حتى تخلو الساحة ل ( القديسة عربية ) وما ادراك ما العربية ،لغة اهل الجنة.
ما تزال تصر على تسميتك المغاربة بانهم عرب وتزعم بان اغلبية المغاربة عرب وما زلت اصر انا على تقدم لنا تعريفك ل ( العربي ) . ولو تكرمت اشرح لنا و باسهاب كيف صار اغلب المغاربة عرب . التاريخ يقول لنا ان سكان شمال افريقيا قبل الاسلام كانوا امازيغ ، والعرب كانوا سكان الجزيرة العربية ، فهل هاجر اغلب العرب الى المغرب ؟ ام ان عدد القبائل العربية التي هاجرت الى المغرب كان اكثر بكثير من عدد الامازيغ الذي كانوا يسكنون المغرب؟
وما زلت مصرا على ان تجيبني : هل كون الغرب تبنى اللغة العربية يعني ان المغاربة عرب؟


3 - الرعاع يا سيد جنداري هم ..
ادريس ( 2010 / 5 / 24 - 19:25 )
الدين اذا تغلبوا على اوطان اسرع اليها الخراب وليس نحن كما تصفنا في تعليقك 13 من مقالتك السابقة
تتهم ما تسميه بالامازيغوفونية بانها ترسخ لدى أتباعها روحا سادية خطيرة تجاه كل ما هو عربي و إسلامي ؛ ولكن مادا تقول عن من يصرح وبدون ادنى خجل ( يجب اماتة تلك اللهجات البربرية في المغرب ) ، وما دا تقول في من يصرح وبكل شوفينية ( مال هذه الامازيغية تريد ان تناطح سيدتها العربية ) ؟ . وذلك حتى تخلو الساحة ل ( القديسة عربية ) وما ادراك ما العربية ،لغة اهل الجنة.
ما تزال تصر على تسميتك المغاربة بانهم عرب وتزعم بان اغلبية المغاربة عرب وما زلت اصر انا على تقدم لنا تعريفك ل ( العربي ) . ولو تكرمت اشرح لنا و باسهاب كيف صار اغلب المغاربة عرب . التاريخ يقول لنا ان سكان شمال افريقيا قبل الاسلام كانوا امازيغ ، والعرب كانوا سكان الجزيرة العربية ، فهل هاجر اغلب العرب الى المغرب ؟ ام ان عدد القبائل العربية التي هاجرت الى المغرب كان اكثر بكثير من عدد الامازيغ الذي كانوا يسكنون المغرب؟
وما زلت مصرا على ان تجيبني : هل كون المغرب تبنى اللغة العربية يعني ان المغاربة عرب؟


4 - لك مطلق الحرية والسلطة ان تصادر تعليقاتي
ادريس ( 2010 / 5 / 24 - 19:35 )
هناك عدة شعوب تبنت لغة مستعمريها ولكنها ابدا لم تنتسب الى عرقهم ، ام ان الهوية العربية فوق كل الهويات ؟
اما عن تلك الانتهازية الواضحة في كلامك واقحامك الاسلام لتمرير ايديولوجيتك. فاقول لك بان الامازيغ لم يقولوا يوما بانهم غير مسلمين ، هم لا يحاربون الاسلام ،ببساطة ، لان الاسلام لا يحاربهم ،فهو لم ياتي لتعريب الناس ولم يكن ذلك هدفه على الاطلاق ، بل الاسلام يقف الى جانب مطالب الامازيغ المشروعة وذلك عندما اقر في سورة الروم اية 22 اختلاف الالسنة ،بل اعتبره اية من ايات الله

اخر الافلام

.. تعرف على تفاصيل كمين جباليا الذي أعلنت القسام فيه عن قتل وأس


.. قراءة عسكرية.. منظمة إسرائيلية تكشف عن أن عدد جرحى الاحتلال




.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: العمليات حققت أهدافها وكانت


.. ماذا تعرف عن طائرة -هرميس 900- التي أعلن حزب الله إسقاطها




.. استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم بلاطة