الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤيا

أدونيس

2010 / 5 / 24
الادب والفن



هربت مدينتنا
فركضت أستجلي مسالكها
ونظرت - لم ألمح سوى الأفق
ورأيت أن الهاربين غداً
و العائدين غداً
جسد أمزقه على ورقي.

ورأيت - كان الغيم حنجرة
و الماء جدراناً من اللهب
ورأيت خيطاً أصفراً دبقاً
خيطاً من التاريخ يعلق بي

تجتر أيامي وتعقدها
وتكرّها فيه - يد ورثت
جنس الدمى وسلالة الخرق.

ودخلت في طقس الخليقة في
رحم المياه وعذرة الشجر
فرأيت أشجاراً تراودني
ورأيت بين غصونها غرفاً
و أسرّة وكوى تعاندني،
ورأيت أطفالاً قرأت لهم
رملي ، قرأت لهم
سور الغمام وآية الحجر
ورأيت كيف يسافرون معي
ورأيت كيف تضيء خلفهم
برك الدموع وجثة المطر.

هربت مدينتنا
ماذا أنا، ماذا؟ أسنبلة
تبكي لقبرة
ماتت وراء الثلج و البرد
ماتت ولم تكشف رسائلها
عني ولم تكتب إلى أحد
و سألتها ورأيت جثتها
مطروحة في آخر الزمن
وصرخت - " يا صمت الجليد أنا
وطن لغربتها
و أنا الغريب وقبرها وطني. "

هربت مدينتنا
فرأيت كيف تحولت قدمي
نهراً يطوف دماً
ومراكباً تنأى وتتسع
ورأيت أن شواطئي غرقٌ
يغوي و موجي الريح و البجعُ.

هربت مدينتنا
و الرفض لؤلؤة مكسرة
ترسو بقاياها على سفني
و الرفض حطاب يعيش على
وجهي - يلملمني ويشعلني
و الرفض أبعاد تشتتني
فأرى دمي وأرى وراء دمي
موتي يحاورني ويتبعني.

هربت مدينتنا
فرأيت كيف يضيئني كفني
ورأيت - ليت الموت يمهلني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الإحالة في شعر أدونيس
إيليا ( 2010 / 5 / 25 - 13:45 )
ظاهرة الغموض في الشعر لها دوافعها عند الشاعر. فإما أن تكون تغريباً متعمداً لإثارة خيال القارئ، وإما أن تكون تمرداً على منطق اللغة الآسر، وإما أن تكون محاولة للخروج عن المألوف باسم التجديد، وإما أن تكون وعكة ركيكة أصابت لغة الشاعر وهو يحاول العبور نحو المعنى.
وكثيراً ما تتعب ظاهرة الغموض ذهن القارئ، وتحول دون استمتاعه بما يقرأ. وأسوأ أنواعها الإحالة وهي كثيرة في شعر أدونيس. والإحالة اختلال واضح في العلاقة الصحيحة بين المفردات والوقائع والأفكار، يظنها الشاعر إبداعاً وهي أبعد ما تكون عن الإبداع. ومن أمثلتها قوله في المقطع الأول:
ورأيت أن الهاربين غداً والعائدين غداً، جسدٌ أمزّقه على ورقي.
فالفعل (رأيت) حدثٌ وقع وانتهى. موضوع الرؤية (الهاربين غداً) سيتحقق في المستقبل القريب. فهل الجمع بين زمنين لا يجتمعان إبداعٌ؟ أليس من المحال أن يكون المرء حاضراً في الماضي والمستقبل في نفس اللحظة؟ أيشقّ على الشاعر أن يستبدل (أرى، أو أي فعل آخر يتضمن معنى الاستقبال) ب (رأيت) !؟ صحيح أن الرؤى لا تسير وفق المنطق، ولكن التعبير عنها يقتضي شيئاً من المنطق


2 - إلى المشرف على التحكم
إيليا ( 2010 / 5 / 25 - 14:34 )
لو تفضلت بذكر القواعد التي خالفناها!
هل أصبح النقد الأدبي يخالف القواعد التي لا يدري بها أحد. قالوا لنا الحوار المتمدن علماني ديمقراطي، فصدقنا. ألا ليتنا ما صدقنا.
وهذه آخر كلمة وقراءة لي في الحوار المتمدن

اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05