الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتفاضة الاهوار المسلحة في العراق حزيران 1968

فيصل خليل

2010 / 5 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


انتفاضة الأهوار المسلحة في العراق

((حزيران 1968))
رسالة من القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ...
والرسالة مؤرخة في أواخر مايس 1970 ، وتكتسب أهميتها من عرضها التحليلي التاريخي لتجربة الكفاح المسلح ، كانعطافه في مسيرة الشعب العراقي من أجل التحرير الوطني والديمقراطية الشعبية ، ولانتفاضة الأهوار كدرس من دروس الحرب الأهلية التي خاضتها جميع الشعوب في خلال تلك المسيرة .
تستعرض الرسالة تاريخ الشعب العراقي في نصف قرن ، من قبيل ثورة العشرين (ثورة النجف 1918) مروراً بالإضراب العام 1933 ، وولادة الحزب ، وأحداث 1936 والأربعينيات وانتفاضات ونهضات 48 ، 52 ، 54 ، 1956 . مثبتاً بوضوح أن المسألة الأساسية في الثورة العراقية – وهي حلف العمال والفلاحين – ظلت غير محلولة ، وأن الانفصال الجزئي بين النضال في الريف والمدينة كان السبب الرئيسي لعدم انتصار الثورة الوطنية والديمقراطية بشكل نهائي .
وتستعرض الرسالة الأحداث بعد تموز 1958 ، وردة البرجوازية في السلطة ، المقترنة بالردة التحريفية في قيادة الحزب الشيوعي العراقي ، الذي سيرته بين 59 – 62 زمرة يمينية بعد تجميد الكوادر الثورية بضمنهم الشهيدين ((سلام عادل والحيدري)) .
وتشرح الرسالة بإيجاز بعض جوانب العمل الداخلي لإزاحة (القيادة اليمنية) التي تسلطت على الحزب بعد 1963 ، هذه المرة من موسكو – وتشير لأول مرة إلى الدور الذي لعبه خالد أحمد زكي لإثبات الخط الثوري في الحزب ، والخطوط الرئيسية لوثيقة قدمها الشهيد ، حاوية هيكلاً لخطة متكاملة للعمل الثوري المسلح .
وفي الرسالة تفاصيل هامة عن العمل في الأهوار ، نجاحاته وأخطائه ، ونقد ذاتي لممارسات القيادة المركزية في تلك الفترة ، ووقائع معركة 2حزيران كما عاشها الرفاق القريبين من العمل المسلح ، ومستخلصاً دروساً تاريخية هامة منها :
في أول حزيران عام 1970 حلت الذكرى الثانية لانتفاضة الأهوار التي قادتها جبهة الكفاح الشعبي المسلح ، والتي سجل فيها الشهيد خالد أحمد زكي (ظافر) عضو القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي – ورفاقه في السلاح ، آيات البطولة والأقدام في شق طريق جديد أمام الكادحين في العراق ، طريق الأمل والنصر لتحقيق التحرر الوطني والديمقراطية الشعبية والاشتراكية .
أن القيادة المركزية ، إذ تحيي كافة منظمات الحزب في هذه المناسبة المجيدة ، فأنها تجد في صدور نشرة التجمع الثوري العراقي في أوربا ، خير مناسبة لتقديم أحر تحياتها واعتزازها بمنظمات حزبنا خارج الوطن ، وبجميع المنظمات الثورية والتقدمية الأوربية ومنظماتها الثورية والتقدمية ، متمنية لها جميعاً التقدم والنجاح في إبراز وجه شعبنا المشرق أمام الشعوب الأوربية ومنظماتها الثورية والديمقراطية ، وتود في هذه المناسبة الثورية بيان بعض أوجه تلك التجربة الثورية الرائدة التي شقت طريق الكفاح الشعبي المسلح في العراق .
دروس الحرب الأهلية لا تذهب سدى
تحضر إلى الذاكرة في هذه الذكرى كلمات لينين الخالدة :-
((أن مدرسة الحرب الأهلية لا تذهب سدى بالنسبة للشعوب ، وأنها لمدرسة رهيبة حقاً ، ينطوي منهجها الكامل ، لا محالة ، على انتصارات لأعداء الثورة ، وطغيان الرجعيين الناقمين ، وتنكيل السلطة القديمة الوحشي بالثائرين . غير أنه لا ينوح على دخول الشعوب هذه المدرسة الرهيبة غير المتحذلقين والمنحطين الذين فقدوا الرشد ، إذ أن هذه المدرسة تعلم الطبقات المظلومة شن الحرب الأهلية ، تعلمها الثورة الظافرة)) .
أن انتفاضة الأهوار بمنجزاتها التاريخية وعثراتها التاكتيكية تمثل بالنسبة لشعبنا مثل هذه المدرسة الثورية التي لا بد أن تمر الشعوب المضطهدة والطبقات المظلومة بها من أجل أن تتلمس طريقها للنصر والأنعتاق .
فماذا علمتنا انتفاضة الأهوار ؟ ... وماذا كانت الدروس الثورية التي قدمتها للكادحين في العراق ؟
أنها علمتنا لأن هناك طريقاً أمام شعبنا لإنهاء عهود المآسي والتبعية والظلام التي خيمت على بلادنا منذ عصور خلت ، وخاصة تلك الفترة السوداء التي أطبقت على العراق منذ عام 1963 . أنها فتحت لنا الطريق الثوري المؤدي إلى النصر الأكيد – طريق الكفاح الشعبي المسلح ، طريق تسليح الشعب وتنظيمه لمجابهة عنف الفاشية والطبقات الرجعية والاستعمار الجديد ، بالعنف الثوري . لقد علمتنا ذلك الدرس الذي نطرحه لينين على شعوب الشرق منذ نصف قرن حيث قال :-
(( ...... وأني أعتقد أن ما حققه الجيش الأحمر ، سيكون بالنسبة لشعوب الشرق ذا أهمية عالمية قصوى ، فهو يظهر للشعوب أن الحرب الشعبية التي تخوضها الشعوب المظلومة مهما بلغت هذه الشعوب من الضعف ، ومهما بدا أن قوة الظالمين الأوربيين الذين يستخدمون في القمع جميع معجزات التكتيك والفن العسكري لا تقهر ، تنطوي مع ذلك ، أذا ما أيقظت حقاً الملايين من الكادحين والمستغلين ، على إمكانيات ، على معجزات تجعل تحرير شعوب الشرق في الوقت الحاضر أمراً ممكن التحقيق ، من الناحية العملية ، كل الإمكان ...... )) .
لقد علمتنا انتفاضة الأهوار ذلك الدرس الصعب الذي أكدته تجارب الشعوب المظفرة في فيتنام وكوبا وغيرها من البلدان : ما لم يخلق الشعب جيشه الثوري (الجيش الشعبي) ، ومالم ينتهج الكفاح الشعبي المسلح ، ومالم يربط بين أشكال النضال المختلفة ، فأنه لا رجاء لانتصار الشعب في بلد يخضع لتسلط الاستعمار الجديد (كالعراق) ، ولا أمل في إقامة حكم شعبي حقيقي راسخ الأركان يصفي تركات الماضي العفنة ويتجه لبناء الاشتراكية .
أن انتفاضة الأهوار تمثل انعطافاً هاماً في مجرى كفاح الشعب العراقي ضد الاستعمار والرجعية والإقطاع . فقد خاض شعبنا سلسلة طويلة من الثورات والمعارك الوطنية ، وقدم عشرات مئات الألوف من الضحايا والشهداء ، عبر أكثر من نصف قرن من السنين . ورغم اقترابه من هزيمة الأعداء في أكثر من مرة ، ورغم توفر إمكانيات تحقيق التحرر الوطني والديمقراطية ، فأنه لا زال يرزح تحت حكم الفئات الرجعية والفاشية ، ويخضع لتسلط واستغلال الاستعمار النفطي .
تجارب نصف قرن من كفاح الشعب العراقي
الثورة الوطنية الديمقراطية في مرحلتها الأولى – بقيادة البرجوازية – أن العراق بموقعه الجغرافي على خطوط المواصلات والتجارة العالميتين وموارده النفطية الغزيرة المعروفة منذ القرن الماضي ، وخصوبة أراضيه التي كانت تبشر بأن يكون (مستودع غلال آسيا) كما قال أحد حكام العراق البريطانيين ، كان لا بد أن يصبح موضع تنافس شديد بين الأطماع الاستعمارية العالمية ، وكان مشروع سكة بغداد من الأسباب الهامة للحرب العالمية الأولى ، وقد قدر للعراق أن يكون ضحية غزو بريطاني عام 1914 وأكبر مسرح للعمليات العسكرية خارج القارة الأوربية . لقد كان الهدف تحويل العراق المحتل إلى مركز إمبراطورية بريطانية في المشرق .
وكان طبيعياً أن تقوم بوجه هذا الاحتلال الأجنبي حركة تحرر وطني واسعة ، ففي الفترة التي سبقت تأسيس الحزب الشيوعي العراقي ، حزب الطبقة العاملة العراقية ، قامت ثورات كبيرة دامية في العراق ، لكنها أغرقت جميعها في الدماء . وقد أستعمل لأول مرة في تاريخ الحروب القصف الجوي للسكان المدنين لتدمير القرى البائسة والمساجد والمباني الأهلية ضد سكان العراق عام 1920 .
لقد قامت ثورة وطنية عام 1918 مركزها مدينة النجف في الفرات الأوسط ، ورغم أنها استطاعت السيطرة التامة على المدينة لعدة أشهر ، إلا أن القوات البريطانية استطاعت حصرها في مدينة واحدة ، وتم لها فيما بعد أعادة احتلال المدينة وإعدام القادة الوطنين علناً وبالجملة ، ثم قامت بعد سنتين في 20 حزيران 1920 الثورة العراقية الكبرى ، واستطاعت إلحاق الهزيمة بالجيوش البريطانية في أغلب أرياف العراق ، ورغم استعمال الطائرات بشكل واسع ضد الفلاحين والثوار . وقد شملت هذه الثورة لأول مرة في تاريخ العراق الغالبية الساحقة من فلاحي العراق يساندهم في ذلك سكان المدن ، ورغم أن الثورة كادت أن تنتصر ، مجبرة القوات البريطانية على ترك العراق نهائياً ، إلا أن قيادة الثورة البرجوازية العشائرية تخلت عن الثورة في أوج تقدمها وحرمت الشعب من نصر كان على أبوابه . وكان أحد أسباب ذلك عدم مساهمة المدن بشكل واسع في العمليات الثورية . وأستطاع الاستعمار البريطاني إخماد الثورة بالحديد والنار ، ولكنه أجبر على التخلي عن مشاريعه بإلحاق العراق ، وأقام حكماً (وطنياً) شكلياً ، وشرعت سلطة الاحتلال بتحويل المجتمع العشائري الريفي إلى نظام إقطاعي .
وهكذا نرى أن الثورة الوطنية الديمقراطية في العراق في مرحلتها الأولى ، مرحلة قيادة البرجوازية لها تميزت بغياب قيادة جريئة قادرة على ربط كفاح المدن بالحركة الفلاحية . نرى أن الثورة أما تركزت في المدينة – كما في ثورة النجف – دون الامتداد للريف أو أنها تركزت في الريف دون الاشتراك المباشر من المدن بالثورة رغم إسنادها .
أن الظروف قد تهيأت في الفترة التالية لظهور قوة ثورية جديدة – الطبقة العاملة العراقية .
ولادة الحزب الشيوعي العراقي مرحلة جديدة في الكفاح الوطني التحرري
خاض العمال العراقيون معاركهم الطبقية الأولى في أوائل الثلاثينات ، في معظم المؤسسات الكبيرة خصوصاً في السكك الحديدية ، وساهموا في الإضراب العام في العراق عام 1933 .
وفي خضم هذه المعارك الجماهيرية للعمال والكادحين ولد الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934 .
وبدأت معه مرحلة جديدة للكفاح الوطني التحرري في العراق . لقد ساهم الحزب الشيوعي في حركة عام 1936 العسكرية التقدمية التي جاءت بحكم من عناصر وطنية وتقدمية ضمن النظام الملكي .
لكن تردي أوضاع الحكومة الجديدة ، ثم نجاح الثورة المضادة قد عرض الحزب الشيوعي العراقي للإرهاب والمطاردة وهو غض العود حديث التكوين ... وبعد سلسة من الانقلابات العسكرية والانقلابات المعاكسة أعيد الحكم الهاشمي الملكي وزيره السعيد إلى الحكم في بغداد .
وقد أعيد تنظيم الحزب الشيوعي العراقي أثناء الحرب العالمية الثانية بقيادة قائد حزبنا الفذ الشهيد يوسف سلمان (فهد) وعقد المؤتمر الوطني الأول للحزب في 1945 وطرح خطة واسعة للعمل تحت شعار (قووا تنظيم الحركة الوطنية) واشيدت منظمات الحزب وفق خطوط جهادية ، وتنظيم محكم ، وعلى المبادئ الماركسية الليننية .
لكن قيادة الرفيق فهد اعتقلت من قبل الرجعية الحاكمة عام 1947 . ومع ذلك فقد قاد الحزب الشيوعي العراقي الموجه الجديدة من الكفاح الوطني التحرري التي أعقبت الحرب العالمية الثانية . فكانت وثبة كانون عام 1948 ، والتي أسقطت المعاهدة البريطانية العراقية الجديدة ، لكن الرجعية سرعان ما أخذت ثأرها من الحركة الجماهيرية ، فقدم قادة الحزب السجناء إلى محكمة صورية جديدة وأعدموا علناً في ساحات بغداد 1949 . وبعد ثلاث سنين ، وفي تشرين 1952 قامت انتفاضة كبيرة أسقطت الوزارة القائمة وبرزت فيها قوة الطبقة العاملة حيث مهد لها بإضرابات كبيرة . وبعدها فرضت ديكتاتورية عسكرية صارمة على العراق .
ثم جاءت حكومة نوري السعيد لتفرق البلاد في موجة جديدة من الإرهاب بوجه تنامي الحركة الوطنية عام 1954 . لكن ما لبثت انتفاضة شعبية أن انفجرت في 1956 في عدد من المدن العراقية تضامناً مع كفاح الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي ، ونصبت المشانق العلنية في هذه المرة أيضاً ... في مدينة الحي جنوب العراق .
لكن جميع الانتفاضات التي قامت منذ عام 1948 – 1956 كانت تقتصر على المدن العراقية تقريباً ، مع مساهمة غير واسعة من الريف العراقي الذي كان يئن تحت الاضطهاد الإقطاعي الجديد الذي فرض على العراق منذ عام 1920 ، وخاصة بعد عام 1932 . وهكذا ظلت غير محلولة أحدى المشكلات الأساسية للثورة العراقية ، وهي بناء حلف ثوري بين العمال والفلاحين ، بين المدينة والريف ، بين الطليعة البروليتارية ، وبين الجيش الرئيسي للثورة – الفلاحين .
وقد برزت الحركة الفلاحية منذ أوائل الخمسينات كما يستدل من ثورة فلاحي الأزيرج في لواء العمارة وفلاحي دشت دزه ئي في لواء أربيل ، وغيرهما من المناطق ن وسرعان ما امتدت الحركة إلى الفرات الأوسط (خصوصاً الديوانية) ولواء الكوت على نهر دجلة .
وعندها جاءت ثورة 14 تموز الوطنية ظهر للعيان الاندفاع الثوري للجماهير الفلاحين في العراق أجمع ، ومعها ظهرت إمكانيات واسعة جداً لقيام حلف جماهيري ثوري بين العمال والفلاحين ، يكون الأساس الاجتماعي لتحالف القوى التقدمية الأخرى في المجتمع العراقي .
أن ثورة تموز 1958 تمثل حدثاً هاماً في تاريخ العراق . فقد أنهت الحكم الملكي وشرعت قانوناً للإصلاح الزراعي ، وأطلقت تحت ضغط الجماهير بعض حريات النشر والتنظيم المهني ، وبذلك ساعدت على انتشار الحركة الثورية بين جماهير الشعب ، التي وجدت في الثورة تعبيراً عن مصالحها وأرادتها ، ولكن قيادة قاسم والطبقة لبرجوازية العراقية من ورائه سرعان ما ارتعبت من المد الجماهيري الساحق ، وبدأت حملة الردة منذ 1959 حتى انتهت بالانقلاب الفاشي النفطي في 1963 .
لقد كان بإمكان الجماهير إيقاف البرجوازية عند حدها ، وأخذ الأمور بيدها في جميع أنحاء البلاد نظراً لما تتمتع به القوى الثورية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي من نفوذ واسع بين الفلاحين والعمال والقوات المسلحة خصوصاً بين الجنود ، لكن الردة البرجوازية في العراق قد اقترنت بردة تحريفية داخل قيادة الحزب الشيوعي العراقي بتأثير من التحريفية العالمية .فبدلاً من أن تبادر قيادة الحزب إلى تهيئة الجماهير للوقوف بوجه تراجع البرجوازية الحاكمة عن الثورة وبوجه الهجمات الرجعية على مكاسب الجماهير الديمقراطية ، راحت هذه القيادة تصب الماء على النار ، تدعوا الجماهير للاستسلام والخنوع والسير وراء البرجوازية المرتدة . وكان ذلك ممكناً فقط بسبب تدخل التحريفية السوفيتية ، وعزل العناصر الثورية من قيادة الحزب عام 1959 ، وبينهم الشهيدين سلام عادل (السكرتير العام للجنة المركزية) ، وجمال الحيدري (عضو المكتب السياسي) ، وآخرين . وبذلك سيطرت على الحزب زمرة من الانتهازيين اليمنيين ، على نقيض كامل من قواعد الحزب وكوادره الثورية.
لقد حاولت العناصر الثورية في قيادة الحزب وعلى رأسها الشهيدين سلام عادل وجمال الحيدري تصحيح الأمور في قيادة وعلى رأسها الشهيدين سلام عادل وجمال الحيدري تصحيح الأمور في قيادة الحزب قبل فوات الأوان .
وبالفعل فقد تم إقصاء عناصر من الزمرة الانتهازية اليمنية التي أثرت العيش خارج العراق ، ولكن الطبخة الاستعمارية كانت جاهزة ، وبعد أشهر قلائل قدر للثورة المضادة بدفع الاستعمارية النفطية الإحاطة بحكم قاسم والاستيلاء على مقاليد الأمور في شباط 1963 . وقد أبدت الجماهير آيات البطولة ، مسلحة وعزلاء ولكن دون جدوى ورغم تفوق القوى الثورية على زمرة الانقلابيين الفاشت . ذلك أن سنين من سياسة الميوعة والسير وراء البورجوازية ما كان بالإمكان تجاوزها خلال أشهر قلائل ، وخاصة وأن الخطر التحريفي ودور التحريفية فيه خداع الشعب والشيوعيين العراقيين لم يكن واضحاً بعد ، وهكذا لم يكن من السهل تحسس الخطر الاستعماري في الوقت المناسب بغياب اليقظة الثورية . أن التحريفية العالمية وأتباعها في العراق داخل الحزب الشيوعي العراقي يتحملون مسؤولية تاريخية في تسهيل نجاح الثورة المضادة في العراق .
وقد تبع الانقلاب الاستعماري الجديد موجه هائلة من التقتيل والسجون والإرهاب ، وإعدام الشهيدين سلام عادل وجمال الحيدري وخيرة القادة الشيوعيين في العراق ، إلا أن الزمرة التحريفية اليمنية ، التي كانت في موسكو آنذاك تمكنت من التسلل ثانية إلى قيادة الحزب بعد استشهاد معظم أعضاء اللجنة المركزية ، مستغلة الدعم التحريفي العالمي لها .
بداية طريق الكفاح المسلح
خطوط وثيقة تاريخية للرفيق خالد أحمد زكي عن أساليب الكفاح
لقد برزت في ظروف الحكم الفاشي الاستعماري عام 1963 ، في أجواء التقتيل والإرهاب الأسود التحركات الأولى نحو الطريق الجديد – طريق الكفاح الشعبي المسلح – فقد ظهرت في الريف (الفرات الأوسط وأهوار الناصرية) بعض الفرق المسلحة الأولى ، كما تجددت الدعوات إلى قيادة الحزب من منظمات الحزب وكوادره في داخل الوطن وخارجه ، بضرورة التوجه للسلاح ضد الحكام الفاشت ، والانطلاق من الريف العراقي .
وكان الشهيد خالد أحمد زكي الروح المحركة وراء هذه الدعوة خارج العراق حيث كان يعمل في بريطانيا ضمان حركة الدفاع عن الشعب العراقي وضمن مؤسسة رسل السلام لتعريف الرأي العام العالمي على حقيقة ما كان يجري في العراق .
لقد نظم (ظافر) حملات الضغط على بعض العناصر القيادية التي كانت خارج الوطن لتبني المواقف الثورية ، وضرورة العودة إلى الوطن لتوجيه الكفاح هناك وجهة ثورية . وسرعان ما ألتحق ظافر نفسه بصفوف العاملين داخل الوطن . لكنه وجد نفسه محارباً من قبل القادة اليمينين الانتهازيين ، الذين فرضوا عليه العزلة وحرموا عليه حتى لقاء الأصدقاء والمعارف لأبعاد ما كان يطرحه من آراء من منظمات الحزب . وفي الوقت ذاته كانت إمكانياته العالمية تستخدم من قبل هذا الجناح أو ذاك في الصراعات الجانبية التي كانت تمزق القادة اليمنيين قبل حزيران 1967 وبعدها .
وفي هذه الفترة قدم الشهيد خالد وثيقة إلى قيادة الحزب ضمنها الآراء التي كان يقول بها ، وجاء إلى الوطن ليعمل من أجلها ، عارضاً فيها خطوطاً مفصلة لخطة إستراتيجية أقترح على الحزب تبنيها ، وقد كانت هذه وثيقة تاريخية التفت إليها بعض العناصر القيادية التي ترأست فيما بعد عملية تطهير الحزب من القيادة اليمنية في انتفاضة أيلول 1967 .
(لكن تلك العناصر أدعت أنها هي واضعة الوثيقة نفسها ، وقد شعر الشهيد خالد بعدم الاحترام لأولئك القادة الذين أدعوا ما ليس لديهم ، ووضعوا أسماءهم تحت وثيقة ليست من أعدادهم ، ودون ذكر مصدرها الحقيقي .
لكن الشهيد خالد كان بعيداً كل البعد بطبيعته عن الأنانية وحب الذات والرغبة في الظهور وأمتاز روحه الثورية التي تضع كل شيء من أجل الشعب ومن أجل الثورة ، لذلك لم يثر هذه القضية ، ما دامت الآراء المطروحة قد أصبحت محط قبول شامل).
لقد حدث هذا في مطلع 1968 حيث تبلورت بشكل كامل مطالب قواعد الحزب ومنظماته بعد التطهير بضرورة توضيح اتجاه الحزب الثوري بتبني شعار الكفاح المسلح وتأييد خط مؤتمرها فأنا ، والاستفادة من التجارب الغنية للكفاح البطولي لشعب فيتنام وهذه الخطوط العامة للوثيقة التي طرحها الرفيق ظافر :-
1- استبدال أساليب الكفاح السابقة المعتمدة كلياً على العمل السياسي السلمي كالعرائض والمظاهرات بأساليب كفاح جديدة تعتمد على الكفاح الثوري المسلح بالنظر لأن الطابع المتغلب للكفاح الوطني والطبقي هو الطابع العنفي. أن الكفاح الثوري المسلح لا ينفي بل يقتضي أساليب أخرى في الكفاح، كالكفاح الفكري والسياسي والاقتصادي وفق إستراتيجية متكاملة .
2- تكييف تنظيمات الحزب ورفع روحها الجهادية لتكون قادرة على قيادة الكفاح الثوري المسلح ، ذلك أن قيادة الحزب للكفاح هو الشرط الأساسي لارتباطه بالحركة الجماهيرية وتوجيهه الوجهة الثورية الصحيحة وفق خط سياسي ثوري ماركسي لينني . ومن أجل ذلك فلابد من انتقال قيادة الحزب إلى ساحات الكفاح المسلح لتقود الكفاح قيادة مباشرة بالاستناد إلى خبرة الجماهير والظروف المحلية للعمل واستنباط أساليب مبدعة جديدة في النضال ضد الأعداء .
3- اعتماد الريف العراقي القاعدة الرئيسية للكفاح المسلح ، في ذات الوقت عدم إهمال المدن التي ستكون الهدف النهائي للكفاح المسلح ، والاهتمام بشكل خاص بالحركة العمالية ومناطق عمل وسكن الكادحين ، والعمل على توجيه الحركة الطلابية وجهة ثورية وربطها بحركة العمال والفلاحين ، وخلق الأجهزة الثورية المناسبة للعمل في كلا المدينة والريف . وفي هذا لا بد من الاهتمام بشكل رئيسي بالحركة ودراسة مطالب الفلاحين وعلاقتهم بالأرض وخاصة الفلاحين المعدمين .
4- توحيد القوى التقدمية في البلاء عن طريق التلاحم في الكفاح المسلح ضد الاستعمار الجديد وعملائه ، وفق برنامج سياسي مشترك ، وإيجاد وتثبيت العلاقة الصحيحة بين الحركة التحررية الكردية لتحقيق الحكم الذاتي لكردستان العراق ضمن الوحدة العراقية وعلى أساس التآخي العربي الكردي ، وبين الحركة الثورية في مناطق العراق الأخرى لتكون بمجموعها تياراً ثورياً ديمقراطياً وطنياً واحداً يعمل لإقامة عراق ديمقراطي شعبي جديد .
5- الالتفاف إلى ضرورة تعبئة الجنود والعناصر الوطنية في الجيش والقوات المسلحة ، باعتبارها العمال والفلاحون في البزة العسكرية ، وفي الوقت نفسه اتخاذ الموقف الطبقي الصحيح من الجيش ، من حيث كونه الجهاز القمعي الأساسي في أيدي أعداء الشعب لاضطهاد الجماهير وتثبيت أنظمة الحكم الرجعية .
6- دراسة الوضع الجغرافي للعراق ودراسة الظروف المحلية في كل منطقة ، انطلاقاً من مقتضيات الكفاح المسلح وخبرة الجماهير الشعبية ... وضرورة الاعتماد على النفس في جميع الأمور أولاً وعدم التفريط بمساندة الرأي العام العالمي ، والتضامن المتبادل مع جميع الحركات الثورية في البلاد العربية وفي القارات الثلاثة والعالم أجمع .
هذه هي الخطوط الرئيسي للوثيقة التي طرحها الشهيد خالد قبيل عزل القيادة اليمينية الانتهازية ، وهي تحوي خطوط برنامج متكامل للكفاح المسلح يضمن إذا طبق التغلب على قوى الأعداء . وكان عدم الأخذ به أهم أسباب تعثر العمل المسلح وسقوط قيادة الحزب بأيدي الأعداء في بداية 1969 .
لقد كان الشهيد خالد أحمد زكي يؤمن أن البرامج السياسية مهما كانت صحيحة نبقى حبراً على ورق ما لم تجد طريقها إلى خير التنفيذ ، وأن جدية أية قيادة حزبية تقاس بواقع عملها واهتمامها بتنفيذ البرامج والشعارات السياسية التي تطرحها ،و ربط النظرية بالتطبيق ، وهذا هو ما أبداه الشهيد خالد في جميع سلوكه وأعماله ، وقدم حياته الفتية ثمناً لإيمانه بقضية شعبه والأفكار السياسية التي آمن بها .
انتفاضة الأهوار
العمل الداخلي في الحزب للتهيئة ، بدء العمل ونجاحاته ، المعركة الحاسمة والأخطاء التاكتيكية .
أن الوقت لم يحن بعد للكشف كلياً عن تفاصيل وتنظيم انتفاضة الأهوار ، ويكفينا هنا أن نعرض بإيجاز بعض التفاصيل . لقد بدأ العمل بشكل منظم لإزاحة القيادة اليمينية التي فرضت نفسها على الحزب منذ 1967 .
وكان الشهيد خالد من المساهمين الأساسين في العمل واجتماعات التنسيق ، ولكن هذه الجهود ظلت في نطاق في نطاق العمل السياسي ، ثم جرت التحضيرات العملية للانتفاضة في الأشهر الأخيرة من عام 1967 . وما أن حل العام الجديد حتى كان العمل قد تنظم على أسس جديدة ، خاصة بعد الاجتماع الموسع للكادر المتقدم في الحزب ، والذي طرحت فيه خطة تاكتيكية للعمل على تنظيم الكفاح الشعبي ، وأنضم الشهيد خالد بعدها كمرشح للقيادة المركزية ومسئولاً عن العمل في منطقة الأهوار ، وبالاشتراك مع مسئول آخر فرض فرضاً دون رغبة شخصية منه (بل كان يلح على السماح له بترك العمل في الأهوار ، وكانت هذه القضية كما سنرى أحد أسباب الارتباك في مجمل العمل المسلح في الأهوار) .
وعندما تشكلت جبهة الكفاح الشعبي المسلح كان الشهيد خالد أحد مسؤوليها وقائد العمل في الأهوار ، وقام العاملون مع الشهيد بنشاط واسع بين الفلاحين في المنطقة كما قانت وحدات أخرى من جبهة الكفاح المسلح في مناطق أخرى من ريف العراق . وعقد بعدها اجتماع عام للكفاح المسلح في أحدى المناطق ، واستمرت التهيئة على قدم وساق بالاستفادة من بعض الفعاليات التي نظمت في عام 1967 . وقد وجد الرفاق العاملين في الأرياف أوسع التأييد من قبل الفلاحين الذين حمولهم وقدموا ما يمكنهم من مساعدات ، وقد آثار حماس الفلاحين اندفاع الحزب في الطريق الثوري الجديد الذي ينسجم تماماً مع الروحية الثورية للحركة الفلاحية .
لكن الأوضاع المادية والحالة التي سادت في قيادة الحزب ظلت تعرقل تطور هذا الخط وانطلاقه بالسعة والسرعة المطلوبتين ، خاصة وأن هناك عناصر استطاعت التسلل لقيادة الحزب ولم تكن مؤمنة بصحة الكفاح الشعبي المسلح وراحت تعمل سراً على عرقلته . وقد أتضح ذلك بشكل بارز في اجتماع القيادة المركزية في تشرين الأول عام 1968 ، حيث طرح مشروع باعتبار الكفاح المسلح تاكتيكاً ، وكان ذلك تمهيداً لتعديل خط الحزب العام والعودة للعمل مع اليمن الانتهازي . لكن ذلك الاتجاه هزم بمواقف قواعد الحزب ودور الرفاق الثوريين في القيادة . وسرعان ما انهارت تلك العناصر اليمينية أمام الأعداء . وكان الوضع آنذاك لا يسمح بصراع داخلي في صفوف الحزب وهو قد طهر نفسه لتوه من القيادة التصفوية اليمينية السابقة ، واثر الرفاق العاملون في جبهة الكفاح المسلح المضي بالعمل ورغم المصاعب المالية والأوضاع التنظيمية في الحزب ، واعتمدوا على أنفسهم في كل الأمور . أن المهم في الأمر أن وحدات الكفاح الشعبي المسلح قد أقدمت على أعمالها بأسلحة ضئيلة جداً ودون مؤونة احتياطية تذكر ولم يكن في الأمر خيار . ومع ذلك استطاعت اقتحام ربية للشرطة وأسرت جميع أفرادها دون خسائر ثم اندفعت لاحتلال مركز الشرطة في المنطقة القريبة من ناحية الدواية في هور (الغموكة) في قضاء الشطرة وقد تمت العملية بنجاح بالغ دون خسائر وأسر جميع أفراد ومسئولي المركز ، وتم الأستيلاء على أسلحتهم التي قدرت بخمسين قطعة ولم تقم وحدات الجبهة بالاعتداء على الأسرى بالنظر إلى أنهم لم يبدوا أية مقاومة واكتفى الثوار بشرح أهداف جبهة الكفاح الشعبي لهم ، وأخبارهم أن الجبهة لا تعادي أفراد الشرطة والجنود من الطبقات الفقيرة ، وأن هدفها تحرير البلد من حكم العملاء والرجعيين وضمان الأرض للفلاحين ، وأنفاق موارد العراق الكبيرة لإسعاد الشعب بدلاً من استعمالها لمحاربة الشعب الكردي المطالب بحقوقه القومية المشروعة . وعلى أثر هذه النجاحات الكبيرة أنسحب وحدات ومعها جميع الأسلحة المستولى عليها . وفي الطريق إلى القواعد حدثت المشكلة التكتيكية – فالمكلف بقيادة طريق الانسحاب ضل الطريق وضيع كثيراً من الوقت الثمين في السفاسف (وكان هذا هو نفس العنصر الذي فرض على جبهة الكفاح الشعبي المسلح والذي ثارت حول تصرفاته كثيراً من الشكوك فيما بعد ، وسلم نفسه للأعداء وأنهار أمامهم) . وبعد يومين من التخبط في الأهوار عادت وحدات الجبهة للانسحاب من نفس الممر المائي الذي جرت فيه العمليات المذكورة ، وتعرضت للانكشاف للشرطة الذين فتحوا عليها النار . لكن الثوار لم يعبؤا بهجمات الشرطة وسرعان ما تغلبوا عليهم بعد نزولهم إلى الأرض تاركين الزوارق ورائهم . وفي ذلك خطأ تاكتيكي كبير . رغم تغلب وحدات الجبهة على الشرطة .
سرعان ما وصلت قوات كبيرة من الجيش والشرطة إلى ساحة المعركة مع عدد كبير من الآليات والدبابات البرمائية وطائرة هليوكوبتر ، وقد قدرت القوة مجتمعة بأكثر من ألف جندي وشرطي ، مقابل أثني عشر مقاتلاً ثورياً .
وقد ضمت قوات الحكومة سريتان من المغاوير من اللواء الخامس عشر العائد للفرقة الأولى التي سحبت مؤخراً من كردستان على ضوء تحسس الحكم الرجعي بالتحرك الواسع في الأهوار .
لقد قاوم الثوار مقاومة الأبطال ، لكن المعركة كانت غير متكافئة ، وظلوا يقاومون حتى نفذ عتادهم وبعد استشهاد خالد أحمد زكي ، وأثنين من رفاقه الشجعان وجرح ثلاثة من الرفاق الآخرين . وقد كبدوا العدو خسائر كبيرة ، ستة قتلى من الجيش والشرطة وأكثر من عشرين جريحاً ، وإسقاط طائرة الهيلكوبتر ومقتل طيارها ومساعده . وقد أسرت الحكومة خمسة من الثوار بعضهم جرحى . وأصدرت عليهم أحكام الإعدام ، إلا أن الأحكام لم تنفذ بالنظر للسخط الشعبي الكبير على الحكم ، وتدخل الرأي العام العربي والعالمي .
لقد أحدثت تلك الانتفاضة دوياً كبيراً في جميع أنحاء العراق ، وكان لها صدى أكبر بين جماهير الفلاحين الذين ما زالوا يتحدثون عنها باعتزاز وإعجاب . أنها أعطت الأمل للجماهير العراقية بإمكانية سحق جهاز الدولة القمعي الذي سلط عليها الإرهاب والمآسي ، فرغم الإمكانيات المادية الضئيلة ورغم الأوضاع السائدة في قيادة الحزب ورغم قوة الأعداء الكبيرة فقد أوقعت الانتفاضة هزة كبيرة في نظام الحكم القائم (أنهار بعدها بحوالي شهرين) في 17 تموز 1968 ، حيث سلم الحكم تسليماً إلى عصابة البعث العفلقية الفاشية لتشيع الإرهاب بين الشعب بقصد صد المد الثوري والذي أطلقته انتفاضة الأهوار والذي أصبح عائقاً أمام إمرار المشاريع الاستعمارية الجديدة حول السيطرة على نفط العراق ، وإلغاء التشريعات الوطنية في هذا الحقل ، وكذلك محاولة فرض امتياز أمريكي جديد لاستثمار موارد العراق الكبيرة من الكبريت ، لقد عجز الحكم لعصابة فاشية لا تعرف غير الإرهاب .
وعند الرجوع إلى تلك الأحداث الكبرى ، اليوم بعد عامين ، نرى أن الرفيق الشهيد خالد ورفاقه البواسل كانوا مضطرين لنقل مقر نشاطهم إلى منطقة غير ملائمة استراتيجيا (هور الغموكة) بسبب من ضيق الإمكانيات المادية وشحه الساندة المتأتية من خارج منطقة الأهوار وبسبب توفر الإمكانيات التي تسهل احتلال مركز الشرطة هناك رغم صعوبة طريق الانسحاب لكون المنطقة شبه معزولة عن الأهوار الرئيسية . وكذلك فأن المسئول الذي كلف بقيادة طريق الانسحاب لم يكن أهلاً بالمسؤولية ولا كفؤاً بالعمل ، وكان الأجدى بقيادة الحزب آنذاك قبول طلباته المتكررة بإعفائه من العمل المسلح ، لكنها ألحت على بقائه في مسؤولية لأسباب قد لا تكون لها صلة بالكفاح المسلح . لقد كشفت الأيام طينة هذا المسئول ومعدنه الرديء كما كشفت للأسف ضعف بعض مسئولي حزبنا . وهذه حقيقة نقر بها لنتلمس طريق المستقبل بحذر أكبر وأمل أكبر بالنصر . أن أولئك المسئولين الضعفاء الذين لم يكونوا مؤمنين بطرق الكفاح المسلح ، ولكن بسبب انتهازيتهم سايروا الاتجاه الساحق لدى قواعد الحزب وكوادره الثورية ، فلم يواجهوا الحقيقة ولم يتخلفوا في الوقت المناسب عن مسؤولية هم ليسوا أهلا بها .
لكننا نرى إلى جانب عشرات من رفاق حزبنا البواسل واجهوا المشانق بخطى ثابتة وعزيمة لا تتزعزع وهذا هو درس آخر يعلمنا إياه الكفاح المسلح – وهو أن الطريق الشاق هو خير اختبار لمعدن المناضلين والقادة ، وأن الصعاب إذ تكشف عن الضعفاء فأنها تصنع أبطالاً من الناس العاديين من العمال والفلاحين .
أما دماء الشهداء فما ذهبت يوماً سدى ، بل هي الزيت الذي يغذي شعلة الحرية لتنير طريق الكفاح لثوريين جدد متحدين الصعاب ومعتبرين بدروس الانتفاضة الرائدة ليمضوا في الطريق الجديد نحوا النصر المحتم . نحو أقامة حكم ديمقراطي شعبي يضمن لشعبنا إنهاء عهود التبعية والظلم ويتجه لبناء الاشتراكية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشهيد سلام عادل يقيم انقلاب 8 شباط 1963
سلام عادل ( 2010 / 5 / 24 - 21:09 )
الشهيد سلام عادل يقيم انقلاب 8 شباط 1963 الأمريكي البعثي الأسود.

يقيم الشهيد سلام عادل الانقلاب الفاشي في آخر رسالة كتبها حملت عنوان (ملاحظات أولية) موجهة إلى لجان المناطق والألوية:

إن انقلاب (الردة) في 8 شباط قد بدأ فكرياً وسياسياً واقتصادياً منذ أواسط 1959 حينما تصرف قاسم بما يشبه الاستسلام للقوى السوداء التي أخذت تسترجع المواقع واحدا بعد آخر، في الجيش والدولة والحياة الاقتصادية والمجتمع، ومنذ ذلك الحين فان الخط البياني لتفاقم التهديد الرجعي، وتفاقم أخطار الردة قد تموج لعدة فترات صعوداً ونزولاً، ولكن كخط عام بقى يتصاعد. وفي 8 شباط 1963 أسقطت الرجعية الفاشية السوداء حكم قاسم واستولت على الحكم).

ويتحمل المسؤولية بدرجات متفاوتة كل أولئك الذين ساندوا ردة قاسم منذ أواسط عام 1959، وحملوا شعاراًت ضد ما دعوه -بالفوضوية- و-الحزبية الضيقة-. ووقفوا موقف التأييد أو المساهمة أو تجاهلوا خطر النشاط الرجعي والعصابات الفاشية التي ذر قرنها منذ ذلك الحين).

إن القوميين الأكراد حاربوا قاسم بصورة عمياء وطلبوا العون والمساندة من أية جهة لإسقاطه، وغازلوا القوميين العرب اليمينين وتعانوا معهم وتصوروا بأن انقلاب 8 شباط 1963 كما لو انه انتصار لهم. إن هذه السياسية تنم عن ضيق الأفق القومي وقصر النظر البرجوازي. إنهم يجابهون عدواً أشرس من قاسم. إن مطامح الشعب الكردي تتعارض مع أهدا


2 - تابع - الشهيد سلام عادل يقيم انقلاب 8 شباط
سلام عادل ( 2010 / 5 / 24 - 21:24 )
أهداف الانقلاب على خط مستقيم تماماً. إن قادة الانقلاب أذاعوا بعض الأقوال التخديرية ولكن حتى الأطفال باستطاعتهم أن يدركوا أن هذه الأقوال لا هدف لها سوى التخدير، وكسب الوقت لتركيز سلطتهم.ان قادة الانقلاب وأعوانهم كانوا يضغطون على قاسم باعتباره لا يقمع الحركة القومية الكردية بالقسوة اللازمة. كانوا ولا يزالون يطمحون إلى قمع عسكري أشد دموية وقسوة ضد الشعب الكردي. ان منشوراتهم حتى قبل انقلابهم بأيام اعتبرت حركة القوميين الأكراد حركة استعمارية مشبوهة. ان القوميين الأكراد يتحملون مسؤولية خاصة من بين الحركة الوطنية في تهيئة الظروف المناسبة للانقلاب الرجعي الفاشي.إن الدكتاتورية السوداء الجديدة لم تأت للقضاء على الدكتاتورية كما تزعم، ولم تأت من أجل الوحدة والحرية والاشتراكية والعدالة الاجتماعية، إن طبيعة الدكتاتورية السوداء الجديدة لا يمكن أن تسترها بغربال من الديماغوجية والتهويش. إنها طبيعة رجعية قومية يمينية شوفينية عنصرية طائفية. وبطبيعتها هذه تخدم بالدرجة الأولى الاستعمار والرجعية والإقطاع، أنها تمثل حركة سوداء للنكوص ببقايا مكتسبات ثورة 14 تموز أنها تحمل راية الاستعمار الأمريكي والانكليزي وشركاتهما النفطية، أنها تحمل راية تخريب الإصلاح الزراعي ….. إنها تحمل راية تخريب المقاييس الوطنية وتشويه أهداف الحركة الشعبية وحرفها لصالح الاستعمار والإقطاع، إنها تحمل راية معاداة الشيوعية والديمقراطية


3 - تابع - الشهيد سلام عادل يقيم انقلاب 8 شباط
سلام عادل ( 2010 / 5 / 24 - 21:44 )
. راية ميثاق بغداد. غلاة دعاة الاستعمار والعدوان والحرب، وفرض أبشع أساليب الحكم البوليسية الفاشية على بلادنا، أنها تحمل راية تدمير جيشنا الوطني جيش 14 تموز وتصفية عناصره الوطنية الأشد إخلاصاً للشعب والوطن. إنها سلطة معادية للقوميات والأقليات التي يتألف منها شعبنا، أنها تحمل راية العداء القومي والطائفي وضد الشعب الكردي وضد الأقليات القومية والدينية والطائفية، أنها تحمل راية معاداة العمال والفلاحين، ومعادة المثقفين والثقافة والعلم
لقد علق سلام عادل على قول الشهيد جمال الحيدري له - ان الانقلاب كما يبدو قد بدأ منذ الصباح-. (كلا. لقد بدأ الانقلاب في منتصف تموز 1959 وسهلت الكتلة مروره) (وسرعان ما خط الرضي بيانا تم لصقه على الجدران عندما لم تكن الساعة قد تجاوزت العاشرة إلا قليل، كما تم توزيعه باليد وتلاه خطباء الحزب. وكانت لهجة البيان قاسية وشديدة الانفعال. وجاء فيه: إلى السلاح! اسحقوا المؤامرة الرجعية الإمبريالية!
أيها المواطنون، يا جماهير شعبنا العظيم المناضل، أيها العمال والفلاحون والمثقفون وكل الوطنيين والديمقراطيين الآخرين !
قامت عصابة حقيرة من الضباط الرجعيين والمتآمرين بمحاولة يائسة للاستيلاء على السلطة استعداد لإعادة بلدنا إلى قبضة الإمبريالية والرجعية. وبعد أن سيطروا على محطة البث الإذاعي في أبو غريب وانكبوا على إنجاز غرضهم الخسيس، فأنهم يحاولون الآن تنفيذ مجزرة بحق أبن


4 - خاتمة - الشهيد سلام عادل يقيم انقلاب 8 شباط
سلام عادل ( 2010 / 5 / 24 - 22:22 )
يحاولون الآن تنفيذ مجزرة بحق أبناء جيشنا الشجاع.

يا جماهير شعبنا المناضل الفخور ! إلى الشوارع ! طهروا بلدنا من الخونة!

إلى السلاح دفاعاً عن استقلال شعبنا ومكتسباته!

شكلوا لجان دفاع في كل ثكنة عسكرية وكل مؤسسة وكل حي وكل قرية…

سيلحق الشعب، بقيادة قواه الديمقراطية، الخزي والهزيمة بهذه المؤامرة الجبانة، كما فعل بمؤامرات الكيلاني والمتآمرين الآخرين!

إلى الأمام إلى الشوارع ! اسحقوا المؤامرة والمتآمرين).


5 - سؤال فقط
samir Al atabi ( 2010 / 5 / 24 - 23:03 )
الى كاتب المقال تحيات طيبه
ارجوا ان اوجه سؤال لك اين كنت خلال هذه الاحداث؟ واي موقع حزبي كنت ؟


6 - بكاء على الاطلال
سيد رحيم ( 2010 / 5 / 25 - 00:48 )
امور انتهت وكلامك لايفيد الان...اين المد اليساري في تلك الاعوام من الان اعتقد انك تحلم...مثل بكاء الشيعه على ضلع الزهراء ويطالبون به
المهم تاريخ ثوري لكل شهداء الحزب بلاتهريج على الاخطاء
واين كنت كما قال الاخ سمير؟؟؟

اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م