الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أدبيات تحقير الاسلام : الى اين ؟

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2010 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


أتعجب كثيرا من المقالات التى تدبج للتحقير من الاسلام والتطاول على مقدسات مليار ونصف مليار مسلم (وفى مقدمتها القرآن ونبي الاسلام) . ما الهدف الذى يتوخاه كتبة هذه المقالات ؟ ولمن تكتب ؟ وما الأثر الذى يظن كتاب هذه المقالات انهم سيحدثوه ؟ ... ان كاتب هذه السطور انسان لا يشك عاقل فى ايمانه بالحداثة والعلم والانسانية وفصل الدين عن السياسة . كيف لا وهو الذى اولى جل وقته وجهده لتأليف قرابة الثلاثين كتابا واكثر من الف مقالة بأكثر من لغة للدفاع عن هذه القيم (التعددية ، الغيرية ، عالمية العلم والمعرفة ، اعلاء شأن العقل بمنطق أرسطي - رشدي يتهمه البعض بالغلو فى رشديته (نسبة لابن رشد)، حقوق الانسان واهمها حقوق المرأة ، التسامح الديني والثقافي والعيش المشترك ، اعلاء قيمة الحياة الانسانية .... الخ) . ولكن هذا شيء وكتابات البعض التى لا هدف لها غير تحقير معتقدات ربع (25% من) البشرية شيء آخر . ان هدف المصلح الحقيقي ينبغي ان يكون احترام معتقدات الجميع (وفى طليعتها "معتقدات المسلمين") والتركيز على مطالبتهم باحترام قيم الانسانية المتحضرة والتى ذكرت آنفا بعضها . ان اليهود لا يؤمنون بالمسيح لا كإبن لله (كما تقول العقيدة المسيحية) ولا كرسول او نبي (كما يقول الاسلام) ... ولكن اليهود لم يفعلوا ما يفعله بعض الكتاب الذين لا قضية لهم الا تحقير الاسلام . والمسيحيون بالمثل لا يؤمنون بالاسلام كدين سماوي ، ولكنهم لم ينشغلوا بذات العملية التحقيرية . واتباع البوذية (بشتى فروعها) لم يكن شغلهم فى يوم من الايام تحقير اية مجموعة بشرية . وكيف نتصدي لاصلاح احوال بشر (هم اهلنا) اذا كنا نستهل العملية الاصلاحية بتحقير واهانة اهم ما عندهم ؟ ... ان ما يكتب وينشر تحقيرا واهانة وادانة للإسلام لا يعجب به الا اقران وامثال كتابه بدون استثناء ، اي انه كلام داخل النادي وبين اعضاءه ليس الا . انني افهم ان يتحرك مفكر مخلص لاصلاح احوال مجتمعاتنا العربية ولاسلامية من نقطة انطلاق قوامها ان فهم الكثير من المسلمين لدينهم (وبفعل عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية معروفة) هو فهم بحاجة ماسة لمراجعة شبه كلية ، وان دور الاسلام السياسي فى الوصول لتلك الحالة الثقافية المتردية هو احد اهم اسباب وجود الحالة . ان يهودية اليوم (فى القرن الحادى والعشرين) تختلف عن يهودية القرن العاشر الميلادي ... ومسيحية اليوم ، جد مختلفة عن المسيحية التى قتلت علماء مثل غاليلليو وكوبرينيكوس وغيرهما ... احيانا اشعر وانا اقرأ تلك الأدبيات التحقيرية ان بصدور كاتبيها (من الجنسين) من المشاكل والمعضلات السيكوباتية ما يحتاج بالفعل لترياق . انهم أصحاب الموضوع الواحد الذين حذر البشرية منهم روتشيليو ! واذا افترضنا جدلا انهم (وهم ليسو كذلك) صائبون فى كل ما يكتبون : فهل يتوقع أيهم (أيهن) سقوط قلعة الاسلام بسبب مقالاتهم التى لا تحظى باعجاب احد غير اعضاء ناديهم ؟ ... فى شهر فبراير 2006 زارت وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية كونداليزا رايس القاهرة والتقت بعشرة من مثقفيها (كنت احدهم) . فى هذا اللقاء (وهذا منشور على نطاق واسع على شبكة الانتيرنيت) قلت للسيدة رايس ان التعامل مع الاسلاميين ينبغي ان يلتزم بالآتي : (1) احترام معتقدات الجميع (2) التعامل مع خطابهم بخطاب عقلاني مقابل (3) عدم استعمال العنف او الاعتقالات مع اي منهم الا اذا حمل السلاح ضد الناس وضد الدولة . واكرر هنا ان الغضبات السيكوباتية المترجمة فى كتابات تحقيرية ومهينة لربع البشرية لا يمكن ان تصلح اي شىء ، بل ان مساهمتها فى اتساع الشقة بين ربع البشرية وسائر الانسانية "مؤكدة" ... ورغم أن قلة من كتبة هذه الادبيات التحقيرية هم من اصحاب المحصول المعرفي الثري (وان كان إسطرابلهم قد افسدته نوازعهم السيكولوجية) ، فان غالبية كتبة هذه المقالات التحقيرية هم من اصحاب التكوين المعرفي الهزيل ، ومعرفتهم بالأديان المقارنة وتاريخ الأديان معرفة ضئيلة ونحيلة غاية الضآلة والنحالة . ومن الواضح ان معظم كتاب الموقع من الماركسيين لا يشاركوا فى هذه العملية (عملية تحقير واهانة الاسلام) ... فالماركسي الحقيقي لا يمكن ان يسير عى أديم هذه الطريق الخاسرة . ان اصلاح احوال المسلمين المعاصرين وحال المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة لا تتأتى بتحقير واهانة الاسلام وانما (فقط) بتحسين الظروف الحياتية وتحديث التعليم بهذه المجتمعات ... اما السباب والاهانات والتحقير ورمي المقدسات بالوحل فانه يزيد الشقة ما بين المسلمين والذين يزعمون انهم يتوخون الاصلاح (وبعض هؤلاء يزعم انه يتوخى اصلاح مجتمعات فر وهرب منها للمنافي عوضا عن البقاء في مجتمعه كما آثر كاتب هذه السطور ، ومواصلة محاولات الاصلاح عن قرب وبدون هروب ) ... ط . ح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر يبدع في تحضير جاج بالفريكة ????


.. ما تأثير وفاة رئيسي على السياسة الخارجية الإيرانية؟ • فرانس




.. كيف سقطت مروحية الرئيس الإيراني رئيسي؟ وما سبب تحطمها؟


.. كيف حولت أميركا طائرات إيران إلى -نعوش طائرة-؟




.. بعد مقتل رئيسي.. كيف أثرت العقوبات الأميركية على قطاع الطيرا