الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابعاد ومخاطر المفاهيم الشوفينية حول كينونة العراق

احمد ناصر الفيلي

2010 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


دأب عدد من النخب السياسية على تقليعة سياسية انطلاقاً من دوافع غير مدروسة او منطقية ليس اقلها ارتكازها على التثوير العاطفي بالاصطفاف مع دعوة النخب القومانية التي تمتلك تاريخاً وارثاً سيئاً في البلاد بدءاً من مشروعها الاغترابي عن تربة البلد ونسيجه الاجتماعي وانتهاءً بما تركته من اثار تدميرية ماتزال البلاد تدفع باهضاً اثمانها على كل الصعد وبخاصة الصعيد الاقتصادي الذي يعاني من وطأة تراكم الديون المعطلة لاية مشاريع تنموية او نهضوية مما يتسبب في اطالة اماد المعاناة المستمرة منذ عقود. التقليعة السياسية الجديدة القديمة التي ترتكز على مفهوم كون العراق دولة منذ بدء الخليقة وان استمرار وجود هذه الدولة لايكون الا بالشروط التوتالتيارية والهيمنة الشمولية بما تقتضيه من صهر واذابة للاخرين وخنق كل المكونات الاجتماعية المتنوعة تحت ستار خلق القوة الواحدة المتجانسة، وقد برهنت الوقائع التاريخية وبالملموسات المادية خطر وكارثية هذه المفاهيم البالية التي امعنت في البلاد تدميراً عبر مسارات تاريخية كان الطابع الدموي ميسمها الاول ، فضلاً عن تدمير منظومة التعايش بين المكونات، ومنع أي تراكم كمي اوجزئي في هذا المضمار مما يساعد على خلق علاقات وخطابات تؤسس لنمط الوحدة الوطنية الراسخة.
فمسألة كون العراق دولة ولها ارث دولتي في هذا المجال مجرد كلام لم يتحقق الا في اعقاب اتفاقية سايكس- بيكو التي اظهرت دولة العراق في 16 آب 1921 والحقت بها كوردستان الجنوبية بعد القرار الصادر عن عصبة الامم اثر نزاعات وصراعات او ماعرف بمشكلة الموصل والتي حسمت في 16/12/1924 بعد ان طوى النسيان اتفاقية سيفر المستبدلة باتفاقية لوزان.
ان المتتبع لتاريخ العراق القديم والحديث سيجد بوضوح ان العراق كان في فترات تاريخية فاصلة عاصمة لامبراطورية تضرب شرقاً وغرباً، وهي ماجرت على البلاد الويلات من خلال سقوط وتداعيات هذه الامبراطوريات الواحدة تلو الاخرى، فما ان تسقط امبراطورية حتى تتسارع القوى الجديدة بحملاتها العسكرية اطراف البلاد ولتجوبها قتلاً وتدميراً حيث ان القوة الجديدة تحاول تصفية القوى القديمة، وهي ما اكلت القوى البشرية وحرمت البلاد من أي تراكم مبدئي على كل الصعد لتنوع واختلاف الاساليب، والسياسات وحيث البلاد والعباد مرهونان بارادة المنتصرين.
ولا أدري أي شكل هذا مركز امبراطورية يراد لها تجميع ارث قسري لصبها بقالب ومفهوم الدولة الحديث.
ورغم تعاقب الحقب والفصول التاريخية وتنويعاتها على مسرح الحياة الا ان السياسات المتسببة في القهر والالغاء واشكال التعدديات بقيت سنة متداولة وموروثة، برغم كونها سنة سيئة وبغيضة ومعادية للحياة وتوجهاتها ان على صعيد السياسة وشكل تعاطياتها، او البلاد ومايقتضيه عمرانها. فسياسة (فرق تسد) ظلت احدى اقوى استحكامات السلطات واكثرها جاذبية لها لما لها من دعم لسياساتها القائمة على الاستلاب والغبن.
وقرون الاحتلال العثماني الاربعة شهدت انواعاً متعددة مضاعفة لاشكال هذه السياسة التي تخلق بلا شك اكثر من اشكالية في الواقع الاجتماعي التي تتطلب حلولها فترات تاريخية طويلة كما هو معروف.
على ان ظهور دولة العراق بالشكل التاريخي له انجب سلطة قومية وطائفية في العمل والممارسة قادت على صعيد الواقع الى حروب داخلية اضرت بالبنى الاجتماعية، وعطلت مشاريع بناء الهوية الوطنية القائمة على محددات التآخي والتلاحم.
ثم شرعت هذه السلطات في مراحل لاحقة من وجودها في السلطة الى اتباع سياسات عدوانية طائشة قادت الى مسلسل الحروب المتكررة التي انهكت البلد وبددت ثرواته واخلت بميزان القوى الاجتماعي. فأين شكل تكوين العراق كدولة.
ان العراق لو كان دولة قبل التاريخ المعروف في عام 1921 وفي حدوده المستبانة لاسس لبناء يمكن من خلاله توطيد القاعدة المادية المجتمعية التي على اسسها تقوم المشاريع التنموية والنهضوية، لكن وجود الهرج والمرج دلالة على ان البلاد لم تكن سوى ولاية ملحقة بالويلات للامبراطوريات المتعددة ثم اختيرت عاصمة ليتوجه لها البلاء في ساعات المحن المتمثل بالانهيارات الجليدية والانكسارات العسكرية لقد ابتليت البلاد منذ ظهورها التاريخي في بداية عشرينيات القرن الماضي بالنخب السلطوية ذات التوجهات القومية الشوفينية ذات الجذور البرانية التي لاتمت للوجود الاجتماعي الداخلي بصلة وكان هدف هذه السياسات هو تخريب البنى الاجتماعية لضمان استمرار السلطات الطائفية قومياً ودينياً لارتباط تلك السلطات بالدائرة السياسية العالمية ذات التوجهات الاستعمارية آنئذ، والموجهة ضد تطلعات الشعوب في مختلف بقع المعمورة. ان ارتباط تلك السلطات المصيري بالتوجهات الاستعمارية المشبعة باثار النهوج الرأسمالية وتأثيراتها الضارة والمكرسة سياسات بلدانها باتجاه السيطرة والالتفاف على الاسواق وربط مصائر شعوب بتجليات ذلك، فضلاً عن الارتباط المخابراتي واللوجستي ومن هذا المنطق التغريبي القائم فقط على التثوير العاطفي لدى الناس على حساب الاستدلال المنطقي العقلاني.
ان هذه الافكار تشكل حزمة من الاثار الفكرية السابقة التي لابد من غسل الاذهان من اثارها، من اجل بناء وطني سليم وخلق مفاهيم تشاركية قائمة على اسس التجربة الديمقراطية الوليدة وحيث تجد المكونات العراقية الاجتماعية نفسها في البلاد وهي بمنطق الراعي والرعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب