الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب دولة القانون؟

زكرياء الفاضل

2010 / 5 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


المغرب دولة القانون؟

المادة 4
القانون هو اسمى تعبير عن ارادة الامة،
ويجب على الجميع الامتثال له، وليس للقانون اثر رجعي.
المادة 5
جميع المغاربة سواء امام القانون.
(من الدستور المغربي)

حادثة ابن الوزير بالرباط جسدت وأظهرت ما حاولت الحكومات المتعاقبة على كاهل الشعب المغربي في زمن "مغرب العهد الجديد" إخفاؤه وإنكاره. فهذه الحكومات، بمختلف أطيافها، تغنّت دوما بالديمقراطية ورددت، عبثا، شعار "دولة القانون" وتفانت في محاولة تنويمنا بخطاباتها الرنانة شكليا الركيكة ضمنيا حول مجتمع المدنية، رغم أن الشعب المغربي بكامله يعلم ويحق أن المغرب بلد الطبقية والسيادة فيه لذوي النفوذ وأصحاب رؤوس الأموال وجماهيرنا المستضعفة تعبر عن ذلك بعبارة "المغرب ديالهم" أي "المغرب لهم". هذه العبارة لها دلالة على شعور الكادحين المغاربة بأنهم يعاملون بوطنهم كالأغراب مع فارق بسيط هو أنّ للغريب حقوق في الدولة المستضيفة.
إنّ حادثة ابن الوزير "التقدمي الاشتراكي" ليست فريدة من نوعها في مغرب "العهد الجديد"، فأول أمس أطلق صهر الملك النار على شرطي المرور ونعته بالحشرة الحقيرة ومع ذلك لم يهب نسيم العدالة العليل، ولا أقول الريح، في اتجاهه. وبالأمس اعتدت خالة الملك على محامية مغربية أمام قسم الشرطة التي لم يتحرك لها ساكن خوفا من سخط المعتدية، رغم أّنّ بعضهم استنكروا الواقعة في قلوبهم وذلك أضعف الإيمان. واليوم يهدد ابن الوزير مواطنا مغربيا بالسلاح الأبيض ويسلم من قبضة العدالة لكونه ابن وزير. في حين نرى الصحف تُغلق والأقلام تُكسر والصحفيين يحاكمون ويعاقبون لا لشيء إلا لأنّهم يحاولون أداء واجبهم الإعلامي بمهنية وضمير حي وربما لأنهم آمنوا بخرافة حرية التعبير والديمقراطية في "العهد الجديد".
كل هذه الوقائع والحقائق تؤكد على أنه ما تغير في المغرب شيء وأنّ مغرب "العهد الجديد" امتداد لمغرب "عهد الرصاص" بقناع المدنية والحضارة. فالدولة التي تشهد تشكيل حكومة لا تمثل حتى الأقلية (شاركت في انتخابات 2007 نسبة لا تزيد عن27 %) لا يمكنها أن تكون ديمقراطية ولا مدنية أو حضارية ولا يمكنها أن تعامل كل المواطنين بالمساواة. ولذلك لا يمكن تصنيف هذه الدولة إلا في خانة الأنظمة الإقطاعية التي تعتبر الشعوب ملكا لها وليس العكس. كما أنّ حكومة أقل من الأقلية لا تبث بصلة للشعب المغربي ولا تمثل إلا الجهة التي عينتها. الشيء الذي يعني أنّ المغاربة خارج حقل اتخاذ القرار السياسي أي أنهم لا يشاركون في تدبير أمور بلادهم كما ينص على ذلك الدستور المغربي:
المادة 2
السيادة للامة تمارسها مباشرة بالاستفتاء وبصفة غير مباشرة بواسطة المؤسسات الدستورية.
ومن المضحك والمبكي، في آن واحد، هو أنّ هذا الدستور نفسه يقيد المادة الثانية، إن لم نقل يلغيها، في بابه الثاني المتعلق بالملكية:
المادة 28
للملك ان يخاطب الامة والبرلمان ويتلى خطابه امام كلا المجلسين، ولا يمكن ان يكون مضمونه موضوع اي نقاش.
وهذا تناقض صريح في الدستور المغربي وغير ناتج عن سهو أو عدم الكفاءة بل هو مقصود وله أبعاد سياسية جوهرها أنّ المغرب ملكية دستورية شكلا ومطلقة من حيث المضمون. وهنا نطرح سؤالا على الجميع: هل هناك فرق بين مغرب أمس ومغرب اليوم؟ بالنسبة لي، وهذا رأيي وأنا حر فيه ولا أفرضه على أحد، الجواب، قطعا، سلبي. وذلك لكون مركز القرار السياسي لم يتزحزح من مكانه ولو قيد أنملة، فدار لقمان لا تزال على حالها رغم عمليات التجميل التي تُجرى لها من وقت لآخر. وما دام الوضع هكذا فإنه شيء حتمي أن يشعر كل مقترب من سدة الحكم بأنه فوق القانون الذي وُضع للأوباش والحشرات. لذلك أتقدم بالشكر الخالص لوزيرنا الذي كشف الستار عن المحجوب وأيقظ كل نائم من أحلامه الوردية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة أكسفورد البريطانية يواصلون الضغط على جامعتهم لمقا


.. خفر السواحل الجيبوتي يكثف دورياته بمضيق باب المندب




.. وصفته بـ-التطور الشائن-.. وكالة -أونروا- تغلق مجمّع مكاتبها


.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم




.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في