الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مداخلة الرفيق تيسير خالد في الجلسة الرابعة لمؤتمر - بدائل -

تيسير خالد

2010 / 5 / 27
القضية الفلسطينية


" صناع القرار بين مسؤولية الماضي وافاق المستقبل "

• تابعت نقاشات المؤتمر السنوي الذي يعقده المركز الفلسطيني للاعلام والابحاث والدراسات "بدائل" عبر ما كان ينشر في وسائل الاعلام .
• ملاحظتي السريعة ، حول ما قرأت من وجهات نظر المدعوين لابداء الرأي في " مسؤولية الماضي وآفاق المستقبل " لدى المتحدثين "صناع القرار" ، ان الحديث كان يركز على السجال في اجواء أقرب الى تبرير المواقف منه الى مراجعة التجربة والبناء عليها لاستشراف "افاق المستقبل" ، وهو سجال ضعيف الصلة بالعنوان الهام . الذي اختاره المركز أساسا للبحث عن قواسم سياسية مشتركة تضع أقدامنا على الطريق الصحيح للخلاص الوطني .
• وعليه سوف ابدأ مداخلتي باثارة اسئلة حول التجربة في بعض جوانبها وفصولها في محاولة للبحث عن حلول لأزمة وطنية نعيشها تبحث عن حلول .

• أولاً : من نحن كقوى سياسية وحركة وطنية وما هي طبيعة العلاقات التي نعيشها والمهمات الملقاة على عاتقنا .
• وثانيا : ما طبيعة المرحلة ، التي يمر بها النضال الوطني الفلسطيني وما هي المهام المطروحة على جدول اعمالنا .
• وثالثا :ما طبيعة النظام السياسي ، الذي نعيش في ظله وكيف يمكن معالجة تركيبته ، لنؤسس عليه بناء ينتقل بنا من وضع راهن يحمل في داخله بذور فشل الى وضع واعد يضعنا على طريق خلاص وطني .
في الاجابة على هذه الاسئلة يجب علينا ان نتفق أولاً على اننا كقوى سياسية وحركة وطنية، ما زلنا حركة تحرر وطني لم تنجز مهامها بعد .وان نتفق كذلك على ان المرحلة الراهنة لنضالنا هي مرحلة تحرر وطني أولاً وقبل كل شئ ، وان النظام السياسي ، الذي نعيش في ظله نظام مركب تشكل منظمة التحرير الفلسطينية اطاره الوطني العام ممثلاً شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني وتشكل السلطة الفلسطينية اطاره المحلي كسلطة حكم اداري ذاتي تحت سلطة اعلى هي سلطة الاحتلال .
• في مرحلة التحرر الوطني ليس هنالك ما هو اثمن من الوحدة الوطنية اساسا للنهوض بالمهمة الوطنية الرئيسية وهي التخلص من الاحتلال ومن الاستعمار . خاصة اذا كانت ممارساته تعكس طبيعته كأحتلال احلالي ، واحتلال استعماري ونظام آبارتهايد ، او فصل عنصري .
- هذه قاعدة ذهبية ، ولكل قاعدة شواذ ، اعني ان هنالك تجارب انجزت مهمة التحرر في ظل انقسام ، كما كان الحال مثلاً في انغولا بين MPLA و UNITA . ظروف انغولا في حينه تختلف عن ظروفنا ولهذا اجدد التأكيد على القاعدة الذهبية الاساس ،التي تحكم العلاقات في مرحلة التحرر الوطني .
- في التجربة التي مررنا بها وخاصة بعد التوقيع على اتفاقية اوسلو الاولى في ايلول 1993، اعتقد البعض اننا وضعنا اقدامنا بثبات على طريق الخلاص الوطني وطريق الدولة الوطنية المستقلة ، دون ان يدرك الكم الهائل من الالغام ، التي زرعتها اسرائيل في ثنايا الاتفاق ، والتي حذرنا في حينه من اخطارها .
- وفي التجربة ، التي مررنا بها كذلك ، وما رافقها من أوهام ، اعتقد البعض ان السلطة الفلسطينية هي الاساس في نظامنا السياسي ، وعلى هذه القاعدة لا ضير من تهميش النظام السياسي الوطني الاساس ، وهو منظمة التحرير الفلسطينية ، بل لا ضير من استيعابه واحتوائه في سلطة هي أقرب الى حكم اداري ذاتي منه الى نظام سياسي وطني يملك في داخله القدرة على التطور الى مشروع دولة مستقلة . وكان ذلك خطأ فادحا ، قاد في فترة معينه الى تنازع صلاحيات ، كتنازع الصلاحيات بين مجلس وطني ومجلس تشريعي أو تنازع صلاحيات بين دائرة سياسية ووزارة تخطيط وتعاون ولاحقا وزارة شؤون خارجية .
- وفي التجربة ، التي مررنا بها كذلك ، اعتقد البعض أن صندوق الاقتراع يفتح الأبواب تلقائيا لتداول السلطة ، دون ان يدرك ان السلطة التي يجري الحديث عنها هي سلطة تحت سلطة الاحتلال . في ظروف ما بعد الاستقلال ، لا شك ان صندوق الاقتراع ، أي الانتخابات ، هي وسيلة للتداول السلمي الديمقراطي للسلطة ، حيث من حق الاغلبية ان تحكم ومن واجب وحق الاقلية ان تضطلع بدورها في المعارضة والمساءلة . غير ان الاستعارة الشكلية في ظروف التحرر الوطني من شأنها ، وهذا ما حدث ، ان تمس بصورة جوهرية بالوحدة الوطنية كقاعدة ذهبية يجري التمسك بها وصونها ورعايتها للنهوض بمهمات التحرر الوطني .
- وفي التجربة التي مررنا بها حصر البعض خياراته السياسية في ادارة العلاقة مع دولة الاحتلال بالمفاوضات وحسب دون ان يوفر لهذه المفاوضات عناصر القوة الضرورية ، التي من شأنها ان تساعد في احداث توازن نسبي بين اطراف التفاوض . جرت المفاوضات في غرف مغلقة ، بمعزل عن الهيئات والمؤسسات الرسمية والمعنية وتحديدا في منظمة التحرير الفلسطينية وبمعزل عن الرأي العام . ارتدى المفاوض الفلسطيني ثوب الامبراطور وزين له المطبخ السياسي الثوب والعرض والموكب ، في مشهد عبثي ، لم يمنع دولة اسرائيل من مضاعفة نشاطاتها الاستيطانية ومضاعفة اعداد المستوطنين ومن مواصلة سياسة التهويد والتطهير العرقي وخاصة في مدينة ومحافظة القدس العربية .
- وجاء الانقلاب ، الذي قامت به حركة حماس في قطاع غزه في حزيران من العام 2007 ، ليدفع قوى في منظمة التحرير الفلسطينية نحو شئ من المراجعة ، ولكنها ما زالت مراجعة تشوبها الثغرات والنواقص . جرى اعادة الحياة ، او شئ من اعادة الحياة الى منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها كالمجلس المركزي واللجنة التنفيذية دون الاعتراف الواضح والصريح بهذه المؤسسات باعتبارها القيادة السياسية الرسمية للشعب وباعتبارها المرجعية السياسية للسلطة . فالسلطة حافظت على دورها كجسم مستقل وبريق الامتيازات فيها ما زال مصدر الهام لنشاط " لوبي الاستيزار"، الذي يربك عملها . وفي ظل غياب دور المجلس التشريعي ، تواصل مؤسسات السلطة وخاصة مجلس وزرائها العمل دون توجيه أو رقابة أو مساءلة . لا شك أن السلطة بمجلس وزرائها حققت عددا من الانجازات ، التي ينبغي الاعتراف بها كانهاء حالة الفلتان الأمني وعدد من الاصلاحات الادارية على هياكلها ونفذت عددا من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية في الضفة الغربية واقتربت في نشاطها العملي من الجمهور ، غير أن مؤسسات السلطة بدورها ارتدت ملابس الامبراطور بخطة حكومية لبناء ما اسمته مؤسسات دولة ، كانت حتى وقت قريب مصدر توتر في العلاقة بين اطرافها ، جرى حله او السيطرة عليه دون معالجة لاسبابه ودوافعه .
- أمام هذه المراجعة السريعة وعلى خلفيتها يطرح سؤال جوهري نفسه : هل استفدنا من التجربة ، هل نحن في وضع يؤهلنا للنظر في المستقبل بعيون الامل والتفاؤل والقدرة على النهوض بالمسؤوليات والاضطلاع بالمهمات المطروحة على جدول أعمال حركة تحرر ، تناضل ضد : احتلال احلالي ، واحتلال استعماري ونظام ابارتهايد تقيمه اسرائيل على ارضنا ويقطع الطريق على حقنا في تقرير المصير والاستقلال .

• لا شك اننا امام نوع من التطور في اوضاعنا ، امام خطوة الى الامام ، غير اننا لا نستطيع الادعاء بأننا نقف على أرض صلبة . على الارض وفي الوعي الجمعي للرأي العام عاد حق اللاجئيين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم ، التي هجروا منها عام 1948 يطرح نفسه بقوة كحق غير قابل للتصرف يؤكد عدم امكانية التوصل الى اتفاق تسوية سياسية تنطوي بنوده على انهاء المطالب والاعتراف بيهودية دولة اسرائيل أو حل وكالة الغوث قبل حل عادل لقضية اللاجئين ، وعلى الارض وفي الوعي الجمعي للرأي العام ويجد صدى لدى القيادة ، يتطور وعي وادارك بضرورة توفير عناصر قوة واسناد لاية عملية تفاوضية بدءا من تنظيم وادارة المعركة الشعبية ضد الاستيطان وتحويلها الى معركة مفتوحة ضد الاحتلال ومقاطعة المستوطنات ومنتجاتها بربط المفاوضات واستمرارها بالوقف الشامل للنشاطات الاستيطانية وانتهاء بتجنيد العمق العربي وتوظيفه في خدمة استراتيجية وطنية وقومية يجب ان تستند في الاساس على نبذ الاوهام حول فرص التقدم في مفاوضات مباشرة او غير مباشرة مع دولة اسرائيل في المدى الزمني القريب والاعداد استنادا الى ذلك للتوجه الى الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها القادمة والى مجلس الامن الدولي ، ومحكمة العدل الدولية ، أو الدول المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ومحكمة الجنايات الدولية لمساءلة ومحاسبة اسرائيل كدولة تمارس ضد الشعب الفلسطيني سياسة احتلال احلالي ، واحتلال عسكري وسياسة ابرتهايد ، بهدف فرض العزلة عليها ومقاطعتها . فدولة اسرائيل بعد كل انتهاكاتها للقانون الدولي وبعد كل جرائم الحرب الموصوفة في تقرير القاضي ريتشارد غولدستون لم تعد قادرة على الاستفادة من ازدواجية المعايير ، التي تسير عليها الادارة الاميركية أو الاختباء وراء جريمة الهولوكست للإفلات من العدالة الدولية .

وتبقى المسألة السياسية الوطنية ، التي تتطلب بذل كل الجهود من أجل التوصل الى حلول يشأنها ، تساعدنا على الصمود في وجه التحديات التي نواجهها ، وهي المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة السياسية ووحدة النظام السياسي في السلطة الوطنية الفلسطينية . لقد جربت الأطراف الحوارات الثنائية للتغلب على حالة الانقسام ، التي ترتبت على الانقلاب ، الذي قامت به حركة حماس في قطاع غزة وأصبح واضحا أن هذه الحوارات محكومة في الاساس بجملة من المصالح الفئوية يصطلح على تسميتها بالمحاصصة ، وهذه لا تصلح مدخلا لإنهاء حالة الانقسام ، التي تتحكم بها عوامل ابعد وأشمل من مصالح فئوية ، أي يتحكم بها العامل الاسرائيلي كما تتحكم بها عوامل اقليمية ودولية ، فضلا عن أخرى تتصل بما هو مضمر في التعبير عن الهوية والتعريف عن الذات لدى احد أطراف الاستقطاب الثنائي ، الذي أصبح حقيقة موضوعية في النظام السياسي القائم .

اذا كانت الحوارات الثنائية لهذه الاعتبارات لا تصلح مدخلا لاستعادة الوحدة الوطنية ووحدة النظام السياسي في السلطة الوطنية الفلسطينية ، فكيف يمكن معالجة حالة الانقسام وطنيا من خارج سياق حالة الاستقطاب الثنائي . من الزاوية الموضوعية تبدو الظروف مساعدة لتفكيك حدة هذا الاستقطاب على يد قوة ثالثة تعبر عنها وتقودها القوى الديمقراطية والتقدمية الفلسطينية . دور هذه القوى على هذا الصعيد ليس معطى قائما وليس دورا تلقائيا ، بل هو في الأصل والأساس رهن باقبال هذه القوى على الاضطلاع بدورها الوطني على نحو متميز من ناحية ورهن كذلك بمقارباتها النضالية ومن موقعها الديمقراطي والتفدمي للقضايا الاجتماعية والديمقراطية المطلبية وقضايا الفقر والبطالة وسوء توزيع الثروة الوطنية والموارد المالية المتاحة للشعب الفلسطيني ورهن بالمعالجة الجريئة للحقوق المدنية وبالعمل من أجل نظام ديمقراطي علماني يسد الطريق في وجه نظام حاكمبة يجري العمل بصمت واصرار على فرضه على المجتمع الفلسطيني . ذلك لا يبدو في متناول اليد راهنا ، ولكنه يجب الا ينحى عن طاولة البحث في العلاقات الوطنية والعلاقات بين القوى الديمقراطية والتقدمية ، بانتظار تطورات تسمح باستئناف حوار وطني شامل جاد ومسؤول وبعيد عن الحسابات الفئوية لاستعادة الوحدة الوطنية ووحدة النظام السياسي في السلطة الفلسطينية ، يكون فيها لهذه القوى دور مباشر وفعال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى