الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكورد والديمقراطية ومستقبل العراق

احمد ناصر الفيلي

2010 / 5 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان الديمقراطية كمفهوم ونظام شهدت تطورات كبيرة في مجرى المتغيرات الدولية منذ اكثر من سبعة عقود، فبعد ان ادت الحربين الكونيتين الى تراجع وانحسار المد الديمقراطي في مساحتها الجغرافية للاقطار المختلفة ، ازدادت الاتجاهات نحو تعزيز المسار الديمقراطي في اجزاء المعمورة بعد انهيار الانظمة الشمولية التي عطلت المشروع الديمقراطي في بلادها ومن الطبيعي ان تطبيق هذا النظام في اوسع دائرة سيعزز بلا شك المخزون التاريخي لها بأعتبارها الركيزة الاساسية للتوجهات الدولية المعاصرة .
والديمقراطية منطلق عقلاني في السياسة كما اشار بذلك نهرو، على انها ايضاً لا تخلو من بعض المساوىء على حد تعبير تشرشل ، فليس هناك من نظام مثالي ، تي شخصت في وقت مبكر الكثير لكن معطيات الواقع التاريخي يشير الى نجاح هذه التجربة في ارساء السلام الاهلي ، فضلاً عن سباق المنافسة السياسية على قاعدة الانتخاب الحر بما يؤمن التداول السلمي للسلطة والذي يؤدي بدوره الى تنوع البرامج الهادفة الى تطوير البلاد من مختلف الجوانب والصعد.
ويحتاج المسار الديمقراطي الى مسار تاريخ طويل كيما تترسخ جذوره عبر مؤسسات على صعيدنظام الحكم ، وتتجسد هذه المؤسسات بشكل برلمان، وسلطة تنفيذية الى جانب فصل السلطات الثلاث التنفيذية، والتشريعية، والقضائية وضمان المنافسة السياسية الحرة والتداول السلمي للسلطة.
والديمقراطية بعد كل هذا تربية وممارسة واخلاق وثقافة ومسؤولية وهي مما تتطلب فهم الانساق الاجتماعية والنفسية للمجتمع، وضمان تفاعل موضوعي على مراحل تؤدي الى ازالة الثقافات السابقة المترسخة في الاذهان التي غالباً ما تمثل الرواسب الفكرية، والاجتماعية، والمخلفات الايديولوجية لانظمة الحكم العفنة بما تحوى من افكار ورؤى مبنية على اساس تناقضي وتناحري تضرب في المجتمع عمقا، والتي تعمل الانظمة الاستبدادية على ترسيخها في الاذهان لضمان وجودها السياسي والاحتفاظ بالسلطة.
الثقافة الديمقراطية ثقافة شفافة تقوم دعائمها على تقبل الاخر والاحترام المتبادل والخصوصيات المختلفة انها تخلق فضاء النمو لمختلف التعارضات وتساهم في احتواء التناقضات دون الوصول بها الى درجة التناحر .
ان الديمقراطية تحتاج الى ارادة وطنية تتعامل مع المفاهيم من انطلاقة واحدة هدفها الحرص على التنوع الخصب الذي يشكل عجلة دفع المجتمع الى الامام .
ان انفتاح المكونات الاجتماعية وتلاحمها عبر مسارات التآخي تحقق بلا شك وحدة وطنية رصينة . وهذا ما رصدته القوى السياسية الكوردية منذ شروعها بعملها السياسي منذ اكثر من ثمانية عقود ، حيث اشارت مختلف التنظيمات التي تشكلت في نهاية ثلاثينيات القرن المنصرم والتي توحدت في ما بعد في منظمة وحدوية امتلكت زمام المبادرة التأريخية بعد ان شرع البارزاني الخالد ببناء الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي رفع شعار الديمقراطية للعراق منذ تأسيسه عام 1946 ويمتلك الحزب الديمقراطي تجربة ديمقراطية عتيدة على صعيد الممارسة والعمل، والى جانب القوى السياسية الكوردية الاخرى والتي تشكلت فيما بعد . بل ان وحدة البناء التنظيمي تقوم على هذا الاساس وهو مااعطى المرونة المطلوبة في تماسك وحدة العمل التنظيمي مما خلق فضاءً حراً افتقر اليه مناخ العمل السياسي في البلاد ، وهوما تستطيع الكثير من القوى السياسية المفتقرة الى التجربة التأريخية من الاستفادة منه.
ان رفع شعار الديمقراطية والعمل من اجلها وتثبيتها كاسلوب لادارة البلاد ،انما يأتي من عمق النظرة السياسية للكورد ونخبهم السياسية والتي شخصت مبكراً الكثير من ازمات ومشكلات البلاد،وقدمت الحلول لها للانظمة الحاكمة ،ولكن لاحياة لمن تنادي .
واليوم اذ اصبح الشجن الديمقراطي عالمياً بعد ان صدر الاستبداد الشرقي كل امراضه وعقدة ودياجير الافكار الظلامية ،تحقق ابعاد النظرة الكوردية العابرة،فضلا عن التقليد الراسخ في الاستفادة من التجارب الانسانية ،الرابط المؤكد لوحدة جمعية المجتمع الانساني.
ان اعتقال الفكر الديمقراطي في العراق من قبل نخبة السياسة على مختلف العهود ، قاد الى كوارث سياسية، واجتماعية، واقتصادية حقيقية ادت الى تدمير الثروات المادية والبشرية، واضاعت فرص حقيقية للتقدم والبناء التي كان من شأنها ان يعد العراق من طلائع الدول المتقدمة آسيوياً وكان حرياً بالبلاد ان تصنع قصة انتصار أسيوية، لو توفر لها الارادة الوطنية الصادقة من قبل انظمة حكمه ولو خلعت احلام قصور الخلافة بملذاتها ، ومكائدها وكوارثها الحتمية ، انه منطق القرو-وسطي التي عشعشت في عقلياتها وفرضت صناعة التخلف برغم غياب المناخ وتغير دورة الازمان.
ان الاصرار على السياسات العنصرية وانتفاء النظر الى مصلحة المجتمع ،والتأكيد على السياسات الاستبدادية، والشوفينية والتي تنطلق من مفاهيم متخلفة متحجرة تنظر الى السلطة كأداة يسهم في بناء ترفها على نحو ما كان قبل اكثر من الف وخمسمائة عام، الى جانب تجديد الموروث القديم على صعيد الفكر، والثقافة ،والعقائد وخاصة الانغلاقية منها والتي تساهم في نشر الضبابية لتعتيم صور الواقع، وتزييف الوعي في صفوف المجتمع كيما تختفي خلفها كل عيوب وتجاوزات السلطات. على ان ثقافة الخوف عدت ركناً اساساً على صعيد الممارسة في نظر تلك السلطات .
ان كل تلك التشوهات ساهمت في خلخلة البنية الفكرية للمجتمع، وخربت النفوس والقيم وهي مستخلصة من ماضي متحجر ودام ،خيم بكلكله على المنطقة لفترات ليست بالقصيرة وقد عانت المجتمعات المختلفة من هول موروثه السيء.
ان الكثير من الدول الحديثة العهد بالمناخ الديمقراطي، والتي شرعت ببناء تجاربها الوطنية الديمقراطية قد عانت الكثير في هذا المجال واستطاعت بواسطة برامجها الاعلامية والثقافية في تحقيق الفكرية نهضة فكرية ادت لاحقاً الى توطيد التجربة ونجاحها بما وفرته من فضاء واسع للحرية المنظمة .
وتحتاج الاحزاب العراقية الى وعي حقيقي بالتأريخ كيما تتجاوز الموروث الثقيل في مجال حقوق الانسان، والاعتراف بالآخر، فضلاً عن مواجهة الازمات وايجاد الحلول، والمخارج العقلانية على اكثر من صعيد خاصة، وان عديد من الانظمة الشوفينية المتعاقبة دفعت الشعب الكوردي في العراق الى الاستياء من السياسات الظالمة التي مارستها تلك الانظمة والتصدي لها، كما ان تلك المظالم قد شملت الاقليات الاثنية كالتركمان، والكلدان، والآشوريين .
ان الاقرار بحقوق الشعب الكوردي والعمل على ازالة آثار السياسات السابقة وطبقاً لدستور البلاد الجديد الذي من شأنه تعزيز التلاحم وهو ما يتطلب النظر الى الابعاد المصيرية في عموم التجربة التي يشكل الكورد مركز توازنها .
ان عدم استيعاب الدروس التأريخية ستضيع الفرصة التأريخية لبناء البلاد على الشراكة الوطنية، وكسر تلك الاسس الشوفينية العقيمة التي وادت البلاد، وعادته قروناً الى الوراء، كما ان المناخ الديمقراطي يتطلب جهوداً وطنية صادقة في مجال الممارسة والعمل، وابعاد دائرة المناورات شالسياسية في مجال اقرار الحقوق خاصة المتفق عليها دستورياً ، ذلك ان حقوق المكونات العراقية والتي لا يستطيع اي سياسي التلاعب بها لانها ضمان التعايش والتلاحم ،ولكون ان هذه الحقوق انما انتزعت بالتضحيات وليست هبة او منة من احد. فقد ولت عهود الانقلابات والبيان رقم واحد.

ان تفهم الذات وتفهم الاخرين يتطلب وعياً متقدماً يؤسس لبناء وحدة اجتماعية متماسكة، ويبعد البلاد عن مشكلات عويصة محلياً ،واقليمياً.

ونذكر في هذا المجال المماطلات الصدامية حول موضوع كركوك والتي تأجلت بعد اتفاقية آذار اربع سنوات ثم افتعل النظام الازمات المتعددة والتي انتهت بشن الحملات العسكرية على الشعب الكوردي والتي ادت الى تخلي النظام عن نصف شط العرب خط التالوك ،وهي ما اصبحت فيما بعد الاساس للحرب العدوانية على الجمهورية الايرانية . وقد دفع الشعب العراقي الكثير من دماء ابناءه في تلك الحرب ، وخسر ثروات طائلة حيث ما زال العراق يعاني من اثار تلك المديونية والتي تؤثر على معالجة الكثير من مشكلاته الحالية ، ناهيك الاثار النفسية لتلك الحرب على الشعبين وتلك هي احد الدروس فهل نعتبر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه


.. اعتصام لطلبة جامعة كامبريدج في بريطانيا للمطالبة بإنهاء تعام




.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح