الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى مجازر الأرمن.. عندما يكتب الموت رسالة الحياة

مسعود عكو

2010 / 5 / 27
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


تسعة عقود ونصف مرت، على أكبر وأبشع جريمة تاريخية ارتكبت بحق الشعب الأرمني، عندما بدأت السلطات العثمانية بذبح وقتل ما يقارب مليوناً ونصف المليون أرمني وسرياني، في عام 1915، دون أن تأخذ قلوبهم شفقة أو رحمة، بالأطفال والنساء وكبار العمر، لم تستثن آلة القتل العثمانية الطاغية ذلك الوقت، أي كبير أو صغير، بل أبادت شعباً عن بكرة أبيه، وخلفت تراثاً من القتل والفتك، ما تزال آثاره شاهدة إلى يومنا هذا.

تسعة عقود ونصف مرت، وما تزال الجراح غير مندملة، نزيف مستمر بالألم والدم، طاعنون في السن الأن يتذكرون هول وإرهاب قتلة، وآلام وآهات مرت عليها سنون كثيرة، كانوا أطفالاً بالأمس واليوم يقصون روايات وقصص الموت لأحفادهم، إنهم يتذكرون الآهات كلما خرج زفير واستنشق شهيق.

تسعة عقود ونصف مرت، وما يزال أحفاد العثمانيين وأبناءهم يتنكرون لجرائهم التي ارتكبوها بحق شعب كان فقط مختلفاً معه بالدين والعرق، إبادة جماعية ارتكبت بحق أمة كاملة، اجبروا الناس على قتلهم علهم يفوزون بالجنة وبأربعين حورية. فأية جنة تحتضن قاتلاً؟ قاتل جعل من الدين مطية لأطماعه القومية الطورانية.

لقد كان قرار مجلس النواب الأمريكي في اعتبار مقتل أكثر من مليون ونصف المليون أرمني إبان الحرب العالمية الأولى على يد الدولة العثمانية، لطمة قوية في وجه الطورانية التركية الحاكمة، تلك التي تتبرأ من هذه الجريمة البشعة، وتدين قرار مجلس النواب الأمريكي وتقول بأنها لم ترتكبها. بالرغم من كل الثبوتيات التاريخية، والشواهد الكثيرة على ذلك.

وما كان قرار البرلمان السويدي، اعتبار مجازر الأرمن على أنها إبادة جماعية، إلا ضربة أخرى للعثمانيين الجدد، ويمهد الطريق لأن تتحول هذه القضية إلى قضية رأي عام، علها تأخذ منحىً دولياً لاعتبار تلك المجازر إبادة جماعية بحق الأرمن. تجبر الحكومة التركية الاعتراف بها والاعتذار عنها علناً، وتعويض ضحاياها.

كان تصرفاً ملفتاً للنظر وربما نبيلاً من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، عندما انفعل وترك إحدى منصات منتدى دافوس الصيف الماضي، احتجاجاً على حرب إسرائيل الأخيرة على قطاع غزة الفلسطيني، ولكن أن يصر أردوغان وحكومة بلاده على عدم الاعتراف بمجازر ارتكبت بحق الشعوب والأقليات القومية التي تعيش في تركيا، حيث نالت هذه القوميات أكثر بكثير مما ناله الفلسطينيون من إسرائيل. تناقض ما بعده تناقض.

كان حرياً بأردوغان وكل حكومته وعلى رأسها الرئيس التركي عبد الله غل، أن يقفوا موقف رجولة أمام التاريخ، ويعترفوا بإبادة شعب بأكمله، ويعتذروا عما اقترفه أجدادهم العثمانيون بحق الشعب الأرمني والكردي والسرياني على مر السنين. وإلا تبق كل تلك المواقف سياسية لكسب فائدة معينة، وليس حباً أو ألماً على الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب التي ترى الحكومة التركية نفسها، مسؤولة أمامها بحسها الإسلامي ونفسها العثماني الطامح إلى إعادة مجد إمبراطورية، كانت من أظلم وأكثر الدكتاتوريات دموية على وجه البسيطة.

تسعة عقود ونصف مرت، وما يزال آرام تيكران وكره بيت خاجو يغنيان عن الحب والحياة، وما تزال سيفان مليئة بالطيب والأمل، ما يزال آرارات شامخاً عالياً، تشرق من خلفه شمس الحياة الجديدة، تطير أسراب الحمام من حول أشجار ييريفان وتكبت على أوراق الزهور والورود أغنية العشق ورسالة الحياة.

تسعة عقود ونصف مرت، وما تزال أفئدة مليئة بالحزن تكتب رسالة للسماء، أعين بكت دماً ودمعاً، آلام تأبى النسيان وتنخر الذاكرة حتى انتهاء الحياة. لكن يبق الشعب الأرمني حياً ومفعماً بالأمل، سيحول كل آلامه آمالاً، يحكي قصة حياته للحياة التي تتجدد دائماً مع كل ربيع، إن الشعب الأرمني العظيم جعل من الموت حياة، ومن الحياة روضة أمل، ما زال هناك أرمني يعزف لحن الخلود، ويكتب للموت رسالة الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية لكاتبة المقال
محمود ( 2010 / 5 / 27 - 22:35 )
وتحية للشهداء الارمن والسريان من الشعب المسيحي التاريخي الوجود على ارض تركيا وبلاد الرافدين والشام ومصر
واضطهاد الاتراك ايام العثمانيين كان متنوع ضد الاخوة المسيحيين والاكراد والعرب وكان جمال باشا نموذج للسفاح العثماني الدموي انه نهج اما ان تكون مسلم ومعنا وترضخ او تموت رجب طيب اوردغان والحكومة التركية والازدواجية والكيل بمكيالين ان تبدر الجرائم من القيادات التركية فهذا امرا طبيعي وليس دموي وسافل وان بدرت من اسرائيل فهذا عيبا انسانيا وسياسيا
انه العار على الحكومة التركية التي تدعي الاسلام ولكن هذا هو نهج الاسلاميين في كل زمان ومكان وعراقنا دليل ساطع على همجية نهجهم


2 - المجزرة المنسية
جورج كتن ( 2010 / 5 / 27 - 23:58 )
المجزرة الأرمنية لم تعد منسية وفشلت كل محاولات الحكومات التركية المتعاقبة في طمسها وتغييبها، إذ أن اعتراف الدول بها يتزايد يوماً بعد يوم، فهي جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم وليست مسألة تركية بل مسألة عالمية تهم المجتمع الدولي بكامله. السبب الاساسي لها هو التطرف القومي والديني والعنصري. ولأن تركيا لم تتخلص بعد من التعصب القومي فإنها لا تزال تميز ضد القوميات الاخرى وخاصة أكرادها الذين يشكلون نسبة كبيرة من سكانها ومحرومون من حقوقهم القومية والثقافية. إن اعتراف الحكومة التركية بالمجزرة سيسهل تصالحها مع تاريخها ويكون مقدمة ضرورية للتصالح مع الآخر الكردي وإقرار حقوقه. مسؤوليةالمجتمع الدولي كبيرة في إبراز المجزرة والضغط عل الحكومة التركية.
شكراً للصديق مسعود الذي يساهم في إبقاء القضية في الأذهان لكي لا تضيع حقوق ضحاياها.


3 - عفوا
محمود ( 2010 / 5 / 28 - 10:15 )
خطا في عنوان التعليق الاول واعني تحية لكاتب المقال
مع الاعتذار والاحترام


4 - محاكمة عادلة وليس منافقة كاذبة
أشورية ( 2010 / 5 / 28 - 14:25 )
أخي في المسيح + حسب قرأتي وتصفحي في كوكل بأنه كان هناك ضحايا مائة وخمسون ألف سرياني ومائة وخمسون ألف أشوري وخمسون ألف للأخوة الكلدان , طبعا لأ ننسى العدد المهول الذي لأ يتعقله عقل بشري من ضحايا الأحباء الأرمن, أي قلب لهؤلأء البشر وهل كان في صدورهم قلوب لحمية هؤلأء القتلى لذبحهم خليقة الله هكذا وبدون رحمة, الواحد منا لو داست قدمه على أصغر حشرة مثل النملة يقشعر بدننا ونحزن لأننا نعرف هناك يد ألهية محبة خلقت المخلوقات ويأتي الأنسان بكل عنجهية ويعطي لنفسه الأذن بتعذيب أرواح وفتك أجساد بشرية بريئة لأ حول لها ولأ قوة فقط ذنبها لأنها لأ تدين عقيدتهم التي أعطت لنفسها الأحقية بأبادة كل من ليس منها بحسب المكتوب في كتبهم,ولحد يومنا هذا ودماء مسيحي المشرق ينزف ولأ من أحد يتحرك ويوقف كل هذا فالكل يعمل لمصلحته فقط...أعترفوا أم أخفوا فدم برىء واحد لن يذهب هكذا هدرا سيأتي اليوم الذي كل واحد منا سيقف أمام الحضرة الألهية ومحكمة السماء ليست كالمحاكم الأرضية الأنسانية المنافقة الكاذبة ... فهناك العدالة الألهية التي ستاخذ مجراها .


5 - لاحول ولا قوة الا بالله
فلاديسلاف سكولوف ( 2011 / 1 / 2 - 19:41 )
كان عدد الأرمن –حسب الإحصائيات العثمانية والأجنبية كذلك– يتراوح بين مليون ومئتي ألف إلى مليون ونصف مليون في جميع أراضي الدولة العثمانية
ارجو من كاتب المقال,ان يقرأ قليلا في التاريخ ليعلم الحقيقة, و اكبر دليل على كذب الارمن , رفض رئيس ارمينيا روبرت كوتشاريان عرض رجب طيب اردوغان نبش الارشيف لاستعراض الحقائق
كانت هناك عمليات قتل و تهجير,و في هذه العمليات قتل حوالي او يزيد عن مليون مسلم لم يات احد على ذكرهم
و ارجو من الاخوة اصحاب التعليقات ان يقرؤوا القصة من البداية_خيان الارمن للاتراك_ كما فعلوا عندما تحالفو مع المغول, فهذا تاريخهم كذب خداع و استغلال فرص, و كما يقول المثل الروسي
عندما ولد الارمني بكى اليهودي(لانه لم يعد الاخبث و الامكر) . و السلام

اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجهز لنا أكلة أوزبكية المنتو الكذاب مع


.. غزة : هل تتوفر ضمانات الهدنة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. انهيار جبلي في منطقة رامبان في إقليم كشمير بالهند #سوشال_سكا


.. الصين تصعّد.. ميزانية عسكرية خيالية بوجه أميركا| #التاسعة




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الدفاع المدني بغزة: أكثر من 10 آلا