الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا زمال إلنركبه يطلع قبة

كامل كاظم العضاض

2010 / 5 / 28
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


عنوان هذه المقالة القصيرة قد يبدو غريبا، فهو مثل شعبي باللغة الدارجة البغدادية الشهيرة منذ أواخر العهد العباسي والعثماني بعد ذلك. ولتفسير هذا المثل نوجز بالقول، بأن الزمال، ( أي الحمار، والمُسّمى لدى بعض الناس بأبي صابر!)، هذا الحيوان المحترم، بعيون الكثير من الناس الذين يعرفون قدره، " تره هم يزاغل، إذا تزهك روحه"، ولكن على الأغلب حقة، لأن إذا هو مو آدمي، بإعتباره زمال، لكن اللي يركبه المفروض بيه أنه هو آدمي بس يتصرف بحيونة دون حيونة الزمال الراقية. لذلك يضطر هذا الزمال المستباح ان يزاغل، فيعاند ويحجم عن الحركة عند الطلب على رغم السياط الذي تلهب جسده، او يغيّر إتجاه سيره، أو ينتقم من خلال قذف راكبه بعنفصة أصلية، تتبعها ركلات هوائية، لو مست فارسه المصروع لقتلته، ولكنه غالبا ما يجعل رفساته هوائية للتخويف. ومن وسائل هذا الزمال الصبور لتبزيع صاحبه أو من يتولاه، هي القيام بالنهيق في الوقت غير المناسب، أو السماح لتصاعد شبقه الجنسي، حينما يرى زمالة حلوة في وقت الربيع في طريقه، فيرمي أحماله ويذهب إليها، مسببا رميها لإحمالها هي الأخرى، فيخلقان بذلك فوضى عارمة محترمة!
ولكن حتى هذا المثل الدارج الذي قيل بدون حق عن أبي صابر، حُرّف عن معناه الأصلي، ليطبق، هذه المرة عن حق على الأوادم، البشر المحترمين مظهريا، والمناكفين وغير المخلصين في عملهم، أو المنافقين وغير الموفين بعهودهم، وغير المؤتمنين على ما إئتُمنوا عليه، في سلوكهم الواقعي المخفي والظاهر أحيانا! واليوم يتحدث الناس المنكوبين بسياسي هذا العهد الإحتلالي الأمريكي، يتحدثون عنهم بإعتبارهم "قبة"، أي أنهم يستحوذون على العلف، ولا يقدمون خدمة، بل وبسرقون حتى "العليجة" التي علفوا منها! وهنا نحن نعلن تأييدنا لهذا التحريف بالمثل الشعبي عن الزمايل، وخصوصا الحساوي منهم، ذلك لأن أبي صابر، يصبر كثيرا ويفني حياته بالخدمة والكد والسياط تلهب كل أطراف جسده، الى أن تزهك روحه ويكوم يزاغل عن حق. اما معظم قادة اليوم، فالمفروض فيهم أن يشيلوا الناس على أكتافهم، بإعتبارهم أنذروا انفسهم لخدمة أبناء وطنهم الغالي، ولكنهم يعنفصون ويرفسون الأول والتالي في سبيل مصالحهم، فالفساد والرشوة والتمسك حتى الموت بالإمتيازات والمناصب، وتزييف المفاهيم الديمقراطية وتوظيفها لخدمة مصالحهم، ببطانات الطائفية والمذهبية والعرقية المقنعة الآن بعد إفتضاحها خلال الهدّة الأولى من تحكمهم في العراق الجديد، ورسوبهم المجلجل في إمتحان بناء الديمقراطية الحقيقي في العراق. ولو سأل سائل بأنه ليس كل سياسي هذا العهد الجديد بهذا السؤ، نقول نعم، ولكن نتائج الإنتخابات بعد سبع سنوات من المرارات والموت والدمار والفشل، يعود اللاعبون الفاشلون ذاتهم للتحكم في اللعبة السياسية، لتشكيل مستقبل العراق للسنوات الأربع القادمة. وهذا الأمر إذ يعني شيئا، إنما يعني بأن السياسيين والقادة المخلصين والديمقراطيين بحق وإيمان، هم بالقياس بمثابة ريشة بائسة في الميزان، حيث لم يحرّكهم إيمانهم الصادق لبذل الجهود والتضحيات الإستثنائية الكافية لمواجهة سقوط المرحلة الأولى في مستنقع الفشل والإرهاب والفساد والنهب، للمساهمة في تحقيق أمل ولو مرحلي لخلاص شعبنا من كوارثه وضياع موارده ومستقبل أبنائه. ليتفرج الجميع على مسرحية تشكيل الحكومة الحالية والتي مرّ على عرضها على خشبة المسرح العراقية المهزوزة الآن حوالى ثلاثة أشهر، والمساومات جارية، بينما الإرهاب وضياع الفرص والتمتع بالإمتيازات، وعقود نهب الموارد النفطية ماضية بدون رقيب أو حسيب. يعني مو حرام نحجي على أبو صابر وهو شيّال إثقالنا من صدك، وبمقابل علف لايكلف صاحبه سوى أفلاس! ولكن يبقى الفرق بالمثل الشعبي الذي ظلم عزيزنا الزمال أبو صابر، هو أنك تركبه وتهينه فيعاند، أما ساسة اليوم، فحينما تريد تركبة حتى يشيل حملك، فهو اللي يركبك! وهذا فرق عظيم، نقوله إنصافا لإبي صابر.
كامل العضاض
مايس 2010
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيلي ضد حزب الله.. هل نشهد غزة جديدة في بيروت؟ | #


.. الرئيس التنفيذي لدائرة الحلول منخفضة الكربون في -أدنوك-: نست




.. المتحدثة باسم البيت الأبيض: الإدارة الأمريكية تشعر بالقلق إز


.. رصد لأبرز ردود الغعل الإسرائيلية على اغتيال القيادي في حزب ا




.. وزير الخارجية اللبناني يتهم إسرائيل بـ-الإرهاب- بعد انفجارات