الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سجال البحث عن تحالف شيعي بلا التزام وطني ..

جاسم المطير

2010 / 5 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


سجال البحث عن تحالف شيعي بلا التزام وطني ..
حظيت تصريحات السيد هادي العامري القيادي في الائتلاف الوطني العراقي في الأسبوع الماضي الأول بتغطية واسعة في الصحف العراقية والعربية والمواقع والفضائيات ذات الايدولوجيا القريبة منه . كما حظيت مني باهتمام وتحليل وصل عندي إلى حد الإجهاد في محاولة لفهم مقاصده وأهدافه لأنني ما وجدت منطقا عاما وراء مثل هذا التصريحات التي حملت رؤى توليفية بين شريكين سياسيين ، اكبر واصغر . الأكبر هو ( ائتلاف دولة القانون ) والأصغر هو ( الائتلاف الوطني ) أي أنني ما وجدت منطقا وطنيا عاما يلزم نفسه بمصلحة الشعب العراقي كله .
ربما يسألني أحد عن التصريحات التي اعنيها . سؤال كهذا ، محق ومشروع ، لأن قائلها مثل بقية السياسيين العراقيين (الجدد) لا يكفون عن التصريحات الصحفية مرات عديدة في اليوم الواحد بما يؤدي إلى ضياع الكلمات بمعان تتعارض مع نفسها أو مع تصريحات الشركاء أحيانا . للحقيقة أقول : بمثل هذه التصريحات اليومية المتعاقبة لا تزهر أشجار حدائق السياسة العراقية العطشى إلى ماء المصداقية .
صحيح أن البشر أحرار في تقرير نوع وكمّ التصريحات التي يطلقونها محاولين تقديم الحجج تلو الحجج على كفاءتهم إلى جانب ظهورهم على الشاشة التلفزيونية الفضائية بأرقى شكل من الأناقة والتعالي ، إلا أن مثل تلك التصريحات لا تعبر عن موهبة سياسية أو إعلامية .
قال في تصريحاته ( جريدة الحياة اللندنية يوم 27 – 5 – 2010 ) أن تحالف كتلته ( الائتلاف الوطني العراقي ) مع (ائتلاف دولة القانون) هو (تحالف استراتيجي نهائي لا يمكن التراجع عنه تحت أي ظرف) . وأكد أن التحالف الجديد بين الائتلافين سيتفق على اسم مرشح لرئاسة الوزراء، كما أشار إلى أن هذا الأمر (قد يستغرق أسابيع قليلة أو أكثر).
دهشتُ ، والله ، لمثل هذا التصريح ، الذي صدر عن قيادي في الائتلاف الوطني لسبب واحد هو إنه تجاوز في هذه التصريحات أطار المرونة السياسية ، التي يفترض بكل قيادي أن يتحلى بها . لقد فاضت طاقته التصريحية ، من وجهة نظري ، لتتجاوز كل اطر العلاقات الثنائية في التحالف السياسي بين حزبين أو كتلتين انتخابيتين أو مجموعتين طائفيتين أو حتى ديمقراطيتين وذلك للأسباب التالية :
(1) كانت تصريحاته مدفوعة إلى داخل الضوء السياسي ، المعقد حاليا في العراق ، بتأكيده القول أن تحالف الائتلاف الوطني مع كتلة دولة القانون هو (تحالف استراتيجي) . في هذا المنطق وجدته متسرعا لإعطاء تصريحاته وزنا (ثقيلا) بينما هو من وزن الريشة في حقيقة الأوضاع العراقية الراهنة ، إذ من الصعب ، إن لم اقل من المستحيل ، أن يتحقق أي (تحالف إستراتيجي) في ظل الظروف المعاصرة ، ليس في العراق والسودان والصومال حسب ، بل حتى في أرقى البلدان الديمقراطية أيضا مثل السويد والدانمرك وإيطاليا وهولندا وغيرها . فالتحالف السياسي يظل إلى الأبد وفي أرقى حالاته هو (تحالف تكتيكي ) ليس غير ، بمعنى انه معرض للانفصام في أية لحظة من لحظات الخلاف والاختلاف . بل أود أن أذكر ، بهذا الصدد ، أن تحالفا ثقافيا بين صديقين وليس بين حزبين هما جان بول سارتر والبير كامي انعقد في ثلاثينات القرن الماضي ثم انفرط هذا التحالف قبل خمسينات نفس القرن بسبب اختلاف وجهتي نظرهما في بعض الشئون السياسية والمسرحية . التاريخ لم يقدم لنا تحالفا إستراتيجيا بين الدول والحكومات ولا بين الأحزاب والكتل البرلمانية وغير البرلمانية .
(2) وجدت المصرح هادي العامري يحدق إلى المستقبل بنوع من ( التدافع والتنافس) نحو آمال قد لا تتألق في عملية (التطبيق السياسي) ليس بفعل خلافات فكرية أو سياسية أو بفعل مواقف محتملة لا تمكــّن الائتلاف الوطني الجلوس لمناقشتها على طاولة واحدة مع ائتلاف دولة القانون من دون ظهور اختلافات كامنة حول توزيع المناصب والمكاسب فكل كتلة تسأل : أين تقديري وأين استحقاقي ..؟ لأن التقدير والاستحقاق ، بنظرهما، هما القوة الدافعة للتحالف او الاختلاف . أذكر ، أيضا ، أن أوراق السياسة ، السرية والعلنية ، محشوة دائما بالخلافات وبما تدسه بعض دول الجوار من أسباب متلاحقة ، وهي خلافات ناتجة عن طبيعة التعددية السياسية وعن تعددية الرؤية الفكرية وعن تعددية المواقف وعن تناقض المصالح الشخصية أيضا . فقد أعطانا التاريخ الإنساني أمثلة كثيرة فيها صوتا أو صوتين أو أكثر حول موقف واحد عند جماعة سياسية واحدة يأكلون ويشربون ويفكرون معا ، فكيف الحال عند جماعة سياسية هم في الجوهر (جماعات) لا يأكلون ولا يشربون ولا يفكرون بطريقة واحدة .
(3) كانت مشاعر السيد العامري القلقة الدفينة إزاء عقدة الوضع السياسي الناشئة بعد انتخابات 7 – 3 – 2010 حيث الدولة العراقية (تترنح) ولا احد يستطيع أن يعرف سبب ترنحها هل هي سكرانة أم أنها جريحة ..؟ لكن الجميع يعرفون أنها صارت ، بعد مرور شهرين ونصف على انتهاء الانتخابات ، معتمدة على (صيغة تعريفية) فيها فجوات خطيرة من مثل وجود رئيس الوزراء لكنه بولاية منتهية ، ورئيس الجمهورية بولاية منتهية ، وبرلمان منتهية ولايته ، حتى أصبح الكثير من المحللين السياسيين يضحكون ويثرثرون ويسخرون في الفضائيات التلفزيونية على واقع الحال العراقي . هذا كله أثار مشاعر وقلق وشجون هادي العامري بالقول أن تحالف التكتلين الشيعيين هو (نهائي لا يقبل التراجع مهما كانت الظروف) .
مثل هذه النظرات ليس فيها أي كفاءة سياسية مع احترامي الكبير للسيد العامري وجميع حلفائه السياسيين وليس فيها أي تمييز بين التحالف الطائفي والتحالف السياسي كما لا تحتوي هذه النظرات أي واقعية عميقة ، بل استطيع القول أن فيها شيء كثير من (المثالية الطائفية) التي يرى بعض القائلين بها أن حرية الفرد الطائفي مرتبطة ارتباطا وثيقا بحرية الكتلة الطائفية لكنه لا يدرك حقيقة أن الذاتية الطائفية تفتقر إلى قدرة التمسك بمبادئ التحالف الإستراتيجي ، خاصة في ظروف ركض جميع السياسيين الطائفيين وراء المناصب العليا ووراء جمع المال القائم على المتاجرة بالنضال والسيطرة على أبواب الرأسمالية العراقية الجديدة برمتها . في مثل هذا الظرف ليس هناك في أي تحالف بين مجموعة كبيرة من الأحزاب والكتل والتنظيمات ، كما هو الحال في الائتلافين ، لا يمكن أن ينفرط عقده في ظل العلاقات السياسية الواقعية ، حيث يتصاعد فيها لهب المآسي والصراعات إلى السماء ، في كل يوم ، وليس ذلك ببعيد عن جوع الائتلافين النهم إلى المناصب والكراسي والامتيازات .
أنني أتمنى من كل قلبي تماما ، كما هي أمنيات كل المواطنين العراقيين ، أن يتوفر في برلمان بلادنا كتلة نيابية متحررة من مشاعر تضخم الذات ، كما هو الحال في جميع الكتل السياسية المحبة للشهرة والراكضة وراء الطلبات المادية المهولة ، التي تتعالى على الشعب وعلى أصوات الصحف والصحفيين الناقدة ، حتى أصبحت بسبب الاعتداد بالنفس توعد الشعب بلا مصداقية إلى أن أصبحت ( الدولة العراقية الديمقراطية ) منذ ما يقارب الشهور الثلاثة بلا حكومة منتخبة وهذه حالة غريبة لا يمكن التكهن بنتائجها .
الفرصة الوطنية الفريدة للبرهنة على الإخلاص للشعب والوطن هو في العمل السريع مع كل المخلصين من أبناء الشعب أن يتكاتفوا جميعا لصياغة الاتجاهات الرئيسية الكبرى لتشكيل حكومة عراقية تصل إلى أوج بلاغتها باعتمادها على عناصر التكنوقراط بعيدا عن أي شكل من أشكال المحاصصة الطائفية والتحالفات التكتيكية غير الملتزمة ببرنامج وطني شامل والتي لا تكشف إلا عن أقصى حالات اللامسئولية .
إن خيال المناصب والتنازع حولها هو أعلى أشكال اللامبالاة بمصالح الشعب والوطن وهو الدافع الأساسي للحديث عن ما يسمى بــ( التحالف الاستراتيجي ) وهو تحالف المستحيل بين كتلة دولة القانون والائتلاف الوطني . كذلك فأن الانفعالات المتبادلة في التصريحات السياسية المتبادلة مع الكتل الأخرى لا تؤدي بأصحابها إلا إلى موقف تاريخي سالب لا يمكن أن ينساه شعبنا بعد سبع سنوات من التأمل الحكومي الأعجف من دون إدراك نقطة التحول الكبرى ، حتى هذه اللحظة ، التي يحاول السيد هادي العامري وأصحابه البحث عن معنى التحالف الاستراتيجي .
كما أن اختزال الناس العراقيين وتحويلهم من (مواطنين مدنيين) إلى مجرد (رعية) تابعين للراعي ، المتسلط السياسي ، أمر ناقض للمبادئ الأساسية المتعلقة بالحرية والديمقراطية التي ينادي بها عرضيا دعاة بعض الكتل التي يسمونها فائزة رغم عدم تجاوز مرشحيها للقاسم الانتخابي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 29 – 5 – 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انهم فاقدي الوطنية
محمود ( 2010 / 5 / 30 - 21:23 )
تحالف يعني لهم هو الكل بالكل لا يحترم حتى اعضاء قائمته
تحالف يعني لهم هو السلطة والمال
تحالف يعني لهم عدم اصدار القوانين التي تطاردهم
تحالف يعني لهم بقاء الجهل والفقر والمرض لكي يستمروا
تحالف يعني لهم ابعاد الاساتذة والعلماء والمفكرين والكتاب والمثقفين
تحالف يعني لهم بقاء الوضع كما هو
تحية للاستاذ جاسم المطير


2 - ومن هل المال حمل جمال
عبد الحسين سلمان ( 2010 / 5 / 31 - 05:14 )
استاذ جاسم المحترم
اعذرني وسامحني اذا قلت اك انت غلطططططططططططان
نعم .. العامري خريج اطلاعات السيئة الصيت وقائد فيلق بدر -اليد المسلحة -لاطلاعات.. هو على حق تماما ان تحالفهم -استراتيجي..
تحاف الجزار مع الجزار .. لايمكن ان يتحالف المعلم مع الجزار
نعم تحالف استراتيجي وهذا قديم وليس جديد و اذا حصلت خلافات يوما ما بينهما فانها تحصل بسبب من هو الاول الذي يصدر البانزين الى الوطن الام-ايران ويقبض -تومان-..ومن هل المال حمل جمال
العمر المديد والصحة الطيبة لك


3 - خوية جاسم
محمد الرديني ( 2010 / 5 / 31 - 10:14 )
اكيد نسيت وانت تكتب هذه الرسالة الى العامري ( شكرا لساعي البريد) والنسيان في بعض الاحيان لانه فعلا لايستحق الشكر وتحية لك من صديقك المحب

اخر الافلام

.. ترقب نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة..


.. مفاوضات الهدنة.. ضغوط متزايدة على نتنياهو لقبول الاتفاق




.. الناخبون الفرنسيون يصوتون في الجولة الثانية من الانتخابات ال


.. اعتراض صواريخ في سماء جبل ميرون أطلقت من لبنان




.. قوات الاحتلال تقصف مدرسة العائلة المقدسة في غزة