الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلينتون تشنّ السلام على الصين

مرح البقاعي

2010 / 5 / 31
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



في رحلتها الرسمية إلى الصين التي وافقت تاريخ 24 أيار/ مايو 2010، ومرافقة بوفد أميركي رسمي عالي المستوى، تخلّت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ـ في استراحة خاصة قصيرة ـ عن أعباء المحادثات الاستراتيجية المكثفة مع القادة الصينيين في الشأنين السياسي والاقتصادي، ابتداء بالخلافات العالقة بينهما حول مواقف البلدين المتباينة من كوريا الشمالية وإيران، ووصولا إلى الأزمة المالية العالمية وقضايا التجارة الدولية، وذلك لتمضي بعضا من الوقت بهدف تحفيز الحوار التصالحي وتشجيع لغة التبادل الثقافي بين الشعبين الأميركي والصيني.

ففي مقابلة مع محطة التلفزيون المركزية الصينية أشادت الوزيرة كلينتون بفخر بالمناسبة القادمة في عائلتها وهي زواج ابنتها تشلسي من حبيبها مارك ميزينسكي، وقالت لمقدّم البرنامج مازحة:" سأعترف لك بأمر ولا تخبره لأحد، إن زفاف ابنتي هو من أهم الأحداث اتي تجري في حياتي الآن! وتابعت: "هو حلم كل أمّ أن ترى ابنتها عروسا في ليلة زفافها، وأنا كأي أم عادية أرى هذه المناسبة من الأمتع والأكثر إثارة في حياة عائلتي". وفي محاولة ذكية منها لتقريب الثقافة والعادات الأميركية الشعبية للمشاهد الصيني أخذت تشرح فكرة الاحتفال الذي ستقيمه لابنتها قبيل حفلة الزفاف والذي يدعى في الثقافة الأميركية Bridal Shower، وقالت:" لا نقصد هنا المعنى الحرفي لمصطلح shower وهو الاستحمام، بل الأمر أشبه باحتفال يقام قبيل العرس حيث يجتمع أصدقاء العروس والأسرة معا، ويقومون بتقديم الهدايا إلى العروس، ويتداولون ذكريات وصور طفولتها وصباها إلى أن غدت عروسا تتهيأ لزفافها إلى زوجها". وقد قوبلت تصريحاتها عن حياتها العائلية الخاصة بتصفيق شديد من قبل الجمهور الذي كان حاضرا الحوار التلفزيوني في الاستوديو.
وخلال زيارتها للمركز الوطني الصيني للفنون المسرحية ـ حيث قالت للدمى الصينية الزرقاء التي كانت في استقبالها "إنها لا يمكن إلا أن تحبهم لأنهم على الأقل لهم لونها الأزرق المفضل الذي كانت ترتديه معطفا"ـ ترأّست كلينتون الاجتماع الأول للجنة المشرفة على برنامج التبادل الثقافي والعلمي المعروف باسم 100,000 Strong، والذي سيدير مشروع إيفاد 100 ألف طالب أميركي للدراسة في الصين خلال السنوات الأربع المقبلة؛ وصرت في المناسبة بالقول: "العلاقة بين الولايات المتحدة والصين يجب أن تخرج من قاعات الحكومات الرسمية لتدّق أبواب البيوت والمدارس والمؤسسات والأفراد، على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، من أجل المزيد من التواصل والتعاون بين الشعبين"، وأضافت: "أرى أن العلاقة الأميركية الصينية يمكن أن تشكّل أنموذجا رائدا للعلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين؛ ونجاحنا يعتمد على مستوى معرفتنا بالآخر واحترامنا لثقافاتنا على اختلافها، وثقتنا بأدائنا، ورغبتنا في التعلم من بعضنا البعض".

في أواخر التسعينيات من القرن الفائت عمدت الحكومة الأميركية إلى التقليل من أهمية ودور برامج الدبلوماسية العامة، وقامت، نتيجةً، بدمج الهيئة الأميركية للمعلومات بالخارجية الأميركية. والجدير بالذكر أن الهيئة كانت تتمتع بخبرة واسعة في الدبلوماسية العامة خلال الحرب الباردة، وكان لديها برامج ورؤى واضحة، ولكن الإدارات الأميركية السابقة رأت أن انتصار أميركا في الحرب الباردة قلل من الحاجة إلى جهود تلك الهيئة.
انتعشت الدبلوماسية العامة من جديد في بدايات الألفية الثالثة حيث ضُخّت الأموال في عروقها وأنشئت عدة مؤسسات في ملاكها كان من أهمها مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية MEPI في دائرة شؤون الشرق الأدنى التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، والتي تعمل على دعم الجهود المبذولة في زيادة المشاركة السياسية وتعزيز دور المجتمع المدني وحكم القانون وتمكين المرأة والشباب وخلق فرص تعليمية وتشجيع الإصلاح الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يعمل مكتب المبادرة، بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية والحكومات في الشرق الأوسط، لتحقيق هذه الأهداف من خلال وضع أسس الإصلاح الديمقراطي في مواضعها. وقد خصّصت المبادرة خلال السبعة أعوام الأخيرة ما ينيف على 530 مليون دولار لأكثر من 600 برنامجاً في17 بلداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

بدا الخطاب، "الكلينتوني" بامتياز، والذي أدارته بحنكة عالية السيدة الدبلوماسية الأولى، بدا من أبرز وأقدر التوجهات الأميركية الجديدة، التي يحمل لواءها الحمائم الديمقراطيون، من أجل التقارب والحوار بين الشعوب وتحقيق الأهداف السياسية التي فشلت في تحقيقها ضربات الصقور الاستباقيّة. وإن لم تكن الدبلوماسية العامة أمرا مستجدّا على السياسة الخارجية الأميركية، إلا أن الجديد كل الجديد فيها هو اللغة التي تعتمدها دبلوماسية كلينتون الحريرية، فهي، كامرأة، تبدو أكثر قدرة على إضافة لمسة العاطفة البشرية إلى عملها السياسي ليكون إنجازها "مؤنسنا" علاوة على حرفيّته العالية.

فصل المقال يكمن في رؤية كلينتون الخاصة التي حدّدت استراتيجيات الدبلوماسية العامة في عهدها، والتي لا تعتمد على تحسين الصورة الأميركية وحسب، بل هي تمدّ يدها إلى شعوب العالم داعية إياها إلى الحوار الثقافي مع الشعب الأميركي، وهي تعمل جاهدة على تحقيق شراكات حقيقية مع منظمات المجتمع المدني في العالم، المجتمع المدني الذي هو الحامل الفعلي للديمقراطيات، وذلك تماهياً مع المقولة الشهيرة: الديمقراطية لا يمكن لها أن تُصدّر، ولكن يمكن لها أن تُدعم Democracy can not be exported but could be supported








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة