الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية حكاية من النجف

عصمان فارس

2010 / 5 / 31
الادب والفن



عن دار فيشون ميديا في السويد صدرت للقاص حمودي عبد محسن رواية حكاية من النجف والتي تتوزع على اثنى عشر فصلآ وبسعة مئة وخمسون صفحة.حمودي وابطاله والحياة والاحداث والميثولوجيا, وكل ابطاله لهم سمات مهمة مرتبطة بالعصر وفق التطورالتأريخي . عندما تكون الحروب مبررآ للقتل فهنا تكمن هول الكارثة، ويصبح الموت شبه يومي،وسلام ابن مهدي يحمل بندقيته يتجول في شوارع مقفرة ومظلمة وازقة معتمة ومدن غارقة في صمتها ومحاصرة بالخوف والظلام وكثرة الجنائز,مدن مقدسة ينام فيها من قتل غدرآ؛؛ مدن انهارها من الدموع ورملها وترابها مقدس، مدن احزانها متوارثة عبر الاجيال،رجالها يفكرون بمصير الامه بسبب الحروب والغزو ويالكثرة الثارات. سلام يفكر بحمام الحضرة المفزوعة من لعلعة الرصاص، زوار وحكايات جدته عن الموت لن يستطيع فك اسرارها، العيش هنا والموت هنا، والدفن هنا؛؛؛ مدن تحوي وتلم الجميع وصراخ هنا وهن اك امام قادم ودخان البنادق والانفجارات، متى يأتي المنقد ؟ الجدة تصرخ لقد مات؛؛؛ في زمن الحروب حتى من يرفع الرايات البيضاء يدفن حيآ تحت التراب انه عصر البرابرة الغزاة؛؛؛ ورائحة البخور والحرمل لاتبعد الشرالقادم والقراصنة تجحفلوا

من خلف البحار البعيدة؛؛؛اغلقت ابواب المدينة وكل شيئ موصد فيها،سراديبنا ومواضعنا هندس فيها الظلام وسويت مع ارض المقابر،لاينفع معها الشموع لان الخطر قادم. سلام يعيش هذيان التجوال وسط جثث القتلى في ساحات المعارك، وهو يقترب من البئر ويرمي بندقيته في عمقها . سلام يواجه ملاكه على ضوء الشموع ويرتشف الماء من شفتيها وهو يتمرغل مع الاجساد ويمارس طقوس الرجولة ، الحروب جعلته خشن الملمس مع الاجساد الرقيقة والناعمة،رغم انها انقدته بوميض وبريق عينيها من محن الظلام . هنا ينقلنا الكاتب حمودي بسحره مابين الفانتازيا والحقيقة باستخدام رموز البئر والببغاء والفتاة الجنية وتحولها الى حمام وملاك، وقاتل الجنية يسقي العطاش من بئره وهو يحمي المدينة من الثعبان، وسلام مسكون بدوامة الحروب والنزاعات على العروش الخاوية،اجواءه واحلامه سوريالة قطط سوداء، ظلام وبرق ورعد واصوات غريبة وظهور المارد ماب ين الكتب المحروقة وسعال جدته وانتظار لحظات الموت، سلام ويالكثرة الهزائم وحروب بابلية؛؛ وجروح وصيحات وبساطيل سوداء تغطي الاجساد وبقع الدم الحمراء،كل شيئ مسكون بالاشباح والخوف،سماء غائمة تمطر دمآ وجراد،المدونات وكتب الثأريخ ورحلة سلام مع القمر، عشتار تصرخ وتحتج وتولول على اختفاء تموز وهي تئن وتحترق داخليآ بحريق هائل في الابدان وتنتظر مرحلة الاخصاب؛؛ سلام ينزل الى السرداب يخشى الحروب والغزاة والاحتلال. مدن غارقة في الظلام والبكاء،وماء سبيل وحمام الحضرة ،نساء ملفعات بالسواد،اطفال الماجينة،والناس عطاشى،دعاء وصلوات الناس ومقابر مترامية الاطراف مدينة الدواوين والشعراء والقبائل وملائكة الرحمة، وجمال شجرة السدرة

انا وقربتي والطاسين اصرخ سبيل ماء للعطاشى؛؛ الناس تنتظر الغائب وانا اصرخ انا الحاضر,رجال ملثمين يدنسون المقدسات،ويمزقون بخناجرهم الاجساد،نساء واطفال تصرخ وتبكي عويلها يغطي السماء: قتل الحسين في كربلاء؛؛ ونستشف ان مهنة القتل والشر قديم، ومن قبل قتل وسحل ابن العقيل وامتلأت الاقداح بالدماء؟؟عاشوراء المدن موشحة بالسواد والبؤس والحزن كل شيئ مشحون بالصراخ والتكبير والدعاء.اصوات مشيعين وحاملي الجنائز

وحفاري القبور، وجيوش جرارة تزحف على المدن لتقتل صرخات الاطفال وعويل النسوة، سلام مثقل بالهموم والخوف والسراديب تحولت الى زنازين مظلمة، كم يشتاق للخروج الى الارض من اجل الخير والانسان, ولقتل الشيطان ورميه في اعماق البئر.وان ترفع رأسك وتقاوم الظلم وجيش شياطين الغزاة ، وامنية سلام ان يدفن في وادي السلام ترافقه النجوم والقمر والشمس وتقدم الاضاحي، ويأتي الطير المجنح ليحمله من سجنه الدنيوي الى الفردوس الابدي. لقد صاغ الكاتب حمودي عبد محسن كل هذه الشخصيات وسلط الضوءعليها،وفي بعض الاحيان بقيت هذه الشخصيات غير واضحة بسبب الانتقالات عبر اماكن مختلفة وتنوع الشخصيات استنادآ على

حالة الاغتراب في الواقع وخلق حالة الايهام ومع ذلك استطاع الوصول الى بعض مظاهر الفرد،وركز على جوانب مهمة منها, تعرض الانسانية للعقاب بسبب جيوش الشياطين الزاحفة لأبتلاع المدن؛؛ الرواية مليئة ومشحونة بكل بواعث البؤس والخوف ومواقف رئيسية مثل الاساطير وحكايات وتواريخ قديمة واستحضار لشخصيات صنعت التأريخ من خلال مواقفها . في هذه الارض المقدسة والمسكونة بالاحلام الجميلة وكذلك الاشباح والاموات

والناس البسطاء الذين يقدسون وحدة المكان،وسلام ولد في هذا المكان بكل ازقته الضيقة واحيانآ تكون بيوتاتها طينية ورطبة، تبقى كل هذه الكوابيس ترافق سلام وبسبب المصير المجهول والسلطة والحروب.واحيانآ تصبح الاقدار تمثل قوى مجهولة وغير واضحة وشبه عابرة ككوابيس الاحلام او قوى محتومة على الانسان بسبب ابوية والهية السلطة كما في الاساطير اليونانية. والكاتب حمودي مغرم في كتاباته بالاساطير القديمة، وهو يركز على الاماكن المعزولة والوحدة وكل هذه الظواهر الفردية والحياتية والتأريخية لمثل هذه الحوادث ويخلق العلاقة

الجدلية مابين الانسان وسيرورة المكان . موأسسات دينية اودنيوية قمعية تفرض على الانسان بقناعة أوخوف طريقة تصرفاته اورسم سلوكه اوعزله عن المجتمع ويكون مصير الانسان الاغتراب اشخصية سلام وغيره مجرد ضحايا للعالم المتوحش اللاإنساني اي التوتاليتاري ، واحيانآ يشعر القارئ إن حمودي يخلط مابين الواقعية ويلبسها ثوب فضفاض من الفانتازيا وخاصة في موقف سلام وهو يستخدم الكف المقدس والذي يرمز لكف العباس في مجابهة الة الفتك والحرب الدبابة، وهناك تناقض في تصوير الواقع وتناقضاته في مثل هذه المدن وخاصة في زمن الحروب،من غيرالممكن الخروج عن الاطار الجبري ؟ ومن خلال هذه المكونات والتناقضات يبني الكاتب حمودي الاحداث وفق مخطط إفتراضي واسطوري واستخدام مظاهر الحياة وتعميمها. فسلوك الناس والحياة البسيطة واستسلام الناس وخوفها وارتباطها بكل هذه الاماكن المقدسة

تحدد من سلوكه وتصرفاته خشية واحترامآ لقدسية المكان. ورغم حالات الوهم والحلم هناك الواقع الناس الشوارع،الازقة وهناك المرأة، ذلك يبقى الانسان يعيش واقع أشبه بزنزانة سجن عديمة النوافد والابواب بسبب تراجيدية الحياة وعزلة الفرد والمكان؛ وفق تراكمات واسباب تأريخية وسيكولوجية معينة ،وليس هناك مخرج سوى إستذكار الماضي بكل نهاياته الاليمة والسباحة في بحر من الدماء، والحاضرالمخيف والمستقبل المجهول . فواقعية حمودي عبد محسن في روايته جسدت وبشكل علني وصريح في الفصل الاخير.ان عملية تصوير الاحلام والكوابيس ومحاولة ادماج عدة اشخاص واختزالها في شخص واحد هي محاولة بناء قريبة من شخصية بطل غوغول واحلامه وهذيانه،وخاصة في حالة الصراع والخصام في تكوين وبناء شخصية سلام وانفصامه والقائه البندقية في البئر وخاصة جيوش الشياطين تحاصر مدينته, ربما اعطته صفة الاستسلام ومع ذلك ربط الكاتب مابين م قاومة اهل المدينة لجنود الشر،هنا في هذا الفصل لاخير الدموي استطاع الكاتب في نقل الواقع وجوانب من حياة العصر الروحية والاجتماعية ومركزآ على شخصياته وضحاياه مابين الكوفة وارض الطف والنجف وحركة الانسان للتأريخ وعدم الانطواء والاستسلام على الاقل من الناحية التأريخية وعبرالكاتب عن جميع التناقضات في تصورات الناس وايمانهم الفطري والبحث عن االصراعات الحياتية. جسد حمودي في روايته حكاية من النجف طموح الانسان وارتباطه وحبه للمكان والمقصود الارض التي ولد وعاش فيها،وسيرة حياة الكاتب وتركيبه النفسي يحتل نمودج الادراك للعالم المحيط به وهو ابن هذا الواقع،هو جدير بمعرفة الربط بين الواقع والخيال وتركيزه على بعض الشخصيات الخيالية والواقعية . فنحن نقدر دوافع الكاتب الانسانية و قدرته على تحريك كل شخصياته وبنخوة الرجال بحثآ عن الارادة والحرية, وقدم أدبآ أكثر فعالية واجود واسهل طريقة لقراءة التأريخ وفهمه ؛؛



* ستوكهولم

-------------



السيرة الذاتية للكاتب حمودي عبد محسن



ولد حمودي عبد محسن في مدينة النجف عام 1953

ترعرع في أجواء الشعر ، والأدب ، والثقافة ، وقال الشعر ، وهو صغير ، ومارس فن الخطابة ، ثم درس في كلية الفقه في النجف

درس الجيولوجيا في كييف عام 1973-1974 وأنهى دراسته عام 1980

نشر عشرات القصص ، والنقد الأدبي ، والمقالات الفلسفية ، والقصائد في المجلات ، والصحف

أصدر عام 1997 رواية : الدفان والغجرية

وفي عام 2001 ترجمت له رواية ( حورية اكشو) إلى السويدية

وأصدر عام 2005 رواية : المزمار

وفي عام 2006 أصدر ملحمة شعرية بعنوان : الإله تموز

وفي عام 2007 أصدر مجموعة قصصية بعنوان : تنبؤات كاسندرا

عضو اتحاد الكتاب السويدين




عصمان فارس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي