الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صحافة نفاقستان

مصطفى عبيد

2010 / 5 / 31
الصحافة والاعلام



يستفزوننى بابتساماتهم الكاذبة ونظراتهم الماكرة ...أراهم فى كل مكان وموقع ، يتحدثون ولا يفعلون ، ينتقدون الأخرين ولا يبصرون مثالبهم وعيوبهم .. يتلصصون ويمكرون ويكيدون ولا يقدمون شيئا ذا قيمة .

فى الدولة وفى الجهات العامة يتقدم التافهون ومعدومو المواهب ويغيب المبدعون واصحاب العقول الواسعة . كنت اتعجب واتساءل : لماذا تعلو اصوات الطبالين والزمارين وتخفت زقزقة العصافير وخرير الماء ونغمات الكمان . كنت اتعجب كيف يحصل انصاف الرجال والجهلاء على المناصب الهامة ، وتهضم حقوق الموهوبين ! كنت ارى الزبد ينمو ويتكاثر ويذهب ما ينفع الناس .

انقلبت الموازين ، وصار التافهون يحكمون ويتحكمون . فى كل مكان تجد المنافقين هم الاعلى والاكبر والاعظم . فى شغلى اراهم كل يوم واتعجب كيف لا يخجلون ! منهم من يقدس مرءوسيه ويصل بهم الى درجة الانبياء ، ومنهم من يصفق لكل صاحب منصب فى الحق والباطل . إنهم يمدحون المصلحين حتى يفسدوهم ، ثم يستمر المديح حتى يرفعونهم الى مصاف الانبياء اللذين لا يخطئون . رأيت أحدهم يفتح باب السيارة لرئيسه ويحمل له حقيبته ثم كان أول من سبه ولعنه عندما أحيل الى الاستيداع . ويوما ما سألنى أحدهم أن كنت استئذنت رئيسى فى العمل أن أكتب شعرا ام لا ، فلم سخرت من سؤاله قال لى انه لا يرحم !

فى الصحف القومية يحكى لى زملائى قصص كوميدية حول شلل المنتفعين وتملقهم لرؤسائهم . قال لى زميل كان يعمل فى مؤسسة قومية أنشأتها الثورة ان رئيس التحرير السابق كان يتلذذ بضرب احد السعاة على مؤخرته الكبيرة ، وشاء احد الصحفيين المتملقين ان ينل الشرف العظيم فهز مؤخرته فى دلال امام رئيس التحرير ليتلقى عليها "شلوطا " موجعا . واعتبر آخر شتيمة رئيسه المباشر له بالأم تعبيرا عن محبة عظيمة . وحكى لى صديق فى مؤسسة أخرى كيف وشى به مسئول الصفحة الدينية بالمؤسسة لأنه قال يوما رأيه فى رئيس التحرير السابق والذى عرف عنه مصاحبة الفتيات وتقديمهن على الرجال فى كل شىء . وكان نصيب صديقنا تجميده فى العمل اربعة سنوات حتى خرج رئيس التحرير الى المعاش . وقتها جاءه صديقه يبكى ويطلب منه ان يسامحه ويغفر له . وحكت لى زميلة كيف تلقت طعنا من زملاء واصدقاء يعملون فى نفس مكانها لأن رئيس مجلس الادارة ابدى تحفظه على انزوائها وانشغالها بالسلام عليه كل يوم . وقالت لى ان ذلك الطعن امتد الى سمعتها وشرفها من أناس اكلت معهم وزاملتهم وجاملتهم .

كنت اسمع وارى واعجب . كيف يكتب هؤلاء ؟ كيف يدعون الناس الى الحق وهم بعيدون عنه ؟ كيف يطالبون بانصاف المظلوم وهم يصنعون كل يوم جريمة ظلم ضد اخوانهم ؟ كيف يدعون الى الحرية وهم اعدائها ؟ وكيف يسمحون لضمائرهم ان تنام فى اطمئنان وقد وشوا ولوثوا واكلوا لحوم زملائهم ؟ كيف يحملون اقلاما واوراقا وعلما ؟
إننى اقول لكم بضمير مستريح : لا تصدقوا كاتبا او صحفيا او حامل قلم ..

لقد كتب الدكتور ابراهيم عبده استاذ الصحافة الشهير قبل ثلاثين عاما كتابا بعنوان "رسائل من نفاقستان " اعتبر فيه المصريين اكثر شعوب العالم نفاقا . واذكر اننى اندهشت لرأيه بعد أن قرأت الكتاب واعتبرته مبالغا ، لكننى الآن أوقن بصدقه وعظمته . رحمه الله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و