الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء المعنى و محنة ابن رشد ‏

بودريس درهمان

2010 / 5 / 31
الصحافة والاعلام


المعنى لا وجود له بداخل أدمغة البشر لأنه يوجد في المجال ‏العمومي بمعنى يوجد في الطريق كما قال الجاحظ وهنالك ‏عبر التاريخ مؤسسات رسمية و غير رسمية تسهر على بناء ‏المعنى الاجتماعي. ‏
المعنى الاجتماعي في الدول التي تفتقر إلى الديمقراطية و إلى ‏المؤسسات الديمقراطية يتحول إلى استجابات سلوكية، تشبه ‏إلى حد كبير سلوكيات حيوانات العالم الروسي بافلوف التي ‏روضها كثيرا حتى أصبحت تستجيب بلعابها للإثارة التي ‏كانت تشكلها الأجراس؛ و أمام الملا و بمرأى الجميع...‏
المؤسسات الإعلامية المستقلة المساهمة في بناء المعنى ‏منعدمة و حماة بناء المعنى بداخل الفضاء العمومي تحت ‏تأثير الموجات الانحرافية المهاجرة على شكل برامج دقيقة، ‏أصيبوا هم الآخرين بالانحراف و هنالك مظاهر عدة تثبت ‏هذا الانحراف...‏
حماة بناء المعنى يسهرون على بناء المعنى بما فيه المعنى ‏الثقافي، المعنى السياسي، المعنى الفني و كل المعاني ‏الأخرى. حماة بناء المعنى بداخل المملكة المغربية لا يختلفون ‏تماما مع معارضيهم رغم تضارب وجهات النظر و اختلاف ‏الآراء المترتبة عن بناء معانيهم
ليس هنالك معنى خارج الفضاء العمومي؛ لهذا يفضل حماة ‏بناء المعنى الاقتباس من الشر، لأن المعنى بداخل الفضاء ‏العمومي هو معنى مشترك يساهم في بنائه الجميع و يدافع ‏عنه الجميع و هم لا يريدون أن يكون هنالك قاسم مشترك، ‏إنهم يفضلون فقط أن يكون هنالك لا معنى؛ لهذا ينشرون ‏الفزاعات بداخل جميع حقول الإنتاج ليخيفوا الأغلبية الصامتة ‏و يقفون حجرة عثرة كأداء أمام أي محاولة لبناء معنى حر ‏نزيه و مشترك..‏
باستثناء القاسم المشترك الذي تشكله رمزية وحدة الدين و ‏الوطن و النظام السياسي ( الله، الوطن، الملك) فليس هنالك ‏قاسم أخر غيره مشترك. فاللغة ليست قاسما مشتركا كما يعتقد ‏الجميع، لأن هنالك لغات متعددة بداخل المملكة المغربية لا ‏يريد النظام السياسي الاعتراف بها ليبقى القاسم المشترك ‏الوحيد الذي يتقاسمه المغاربة بشكل حقيقي هو موروثهم ‏الجيني و البيولوجي الذي حافظوا عليه في انصهار ذهني مع ‏وحدة الدين و الوطن و النظام السياسي. الحفاظ على ‏الموروث البيولوجي و الجيني خلال القرون السالفة كان ‏يرتكز على سلطة الخوف و القهر إلا أن هذه السلطة خلال ‏القرنين الأخيرين استطاعت أن تستند في أداء مهامها ‏التاريخية على العلوم الحديثة بما فيها علوم الإعلام و علوم ‏البرمجة الذهنية للمجتمع. هذه العلوم و علوم أخرى جد دقيقة ‏تم استغلالها لتكريس سلطة الخوف و القهر؛ و الاختلاف بين ‏طبيعة سلطة القهر و الخوف خلال القرون السالفة و سلطة ‏الخوف و القهر خلال القرنين الأخيرين هي آن في الأولى ‏سلطة القهر و الخوف هي غاية ووسيلة في حد ذاتها و خلال ‏القرنين الأخيرين هي فقط غاية أما الوسيلة فهي العلوم و ‏الايدولوجيا بالإضافة إلى الدعاية و التخريف.‏
ضآلة محتويات الأوعية الذهنية للمواطنين المغاربة من علوم ‏و آداب و فنون ساعدت كثيرا على تكريس سلطة الخوف و ‏الترهيب ليبقى المثقفون الواعون بتقنيات سلطة القهر و ‏الترهيب يعيشون نفس الحالة التي عاشها ابن رشد لما أعطت ‏السلطة الأوامر لقاضي القضاة بإحراق كافة كتبه. محنة ابن ‏رشد لازالت مستمرة في الشوارع.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
السيدة الحرة ( 2010 / 5 / 31 - 23:43 )
شكرا يااستاذنا على هذا القول .ما اشبه اليوم بالامس.

اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ