الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارادة الحياة اكبر من الموت

حسين علي الحمداني

2010 / 6 / 1
الارهاب, الحرب والسلام


سيارة مفخخة بكل شيء بالقنابل والبراغي والحقد والكراهية تستهدف مقهى شعبياً في الخالص المدينة التي مازالت تقدم الشهداء منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي, هذه السيارة حولت المقهى إلى ركام والرواد إلى أشلاء مضرجة بالدم وتطايرت شظايا لتصيب الآمنين في بيوتهم, وتحيل المكان الى خراب وهذه هي السيارة الثانية في شهرين تستهدف هذه المدينة المسالمة, يبدو الخبر عادياً حين نقول ثمة سيارة مفخخة انفجرت وأودت بحياة مجموعة من العراقيين, ولكن ما هو ليس بالعادي هو أن نلوم الضحية لجلوسه في المقهى أو ذهابه للتبضع أو تركه نافذة الغرفة مفتوحة لكي تعبر منها شظايا الإرهاب,نعم نترك القاتل يذهب ليستعد لجريمة أخرى ونظل نقرع ونلوم الضحية على فعلته ونستخدم كلمة التمني (لو) لو بقي في البيت لما قتل, لو جلب الصمون من ذلك الفرن لما مات وننسى أن نقول (لو) إن هذا الإرهابي فكر مليا واقتاد سيارته المحملة بالموت إلى الأجهزة الأمنية وسلمها لما حصل التفجير, وننسى إن الذي فخخ السيارة لو فكر قليلا لرفض هذا العمل الجبان والمهنة الدنيئة, وننسى إن المدارس الفكرية التي تدعم الارهاب وتغذيه (لو) فكرت مليا بما تلقنه لهؤلاء وما تغسل به أدمغتهم من تشوهات للمفاهيم الإسلامية والتي تجعلهم يكفرون هذه الملة ويستبيحون دماء الأخرى ويحرمون هذا ويحللون ذاك حسب ما تقتضيه مصالحهم الآنية ونزواتهم الشريرة, نقول لو فكر هؤلاء القائمون على تغذية الإرهاب بإعادة النظر بما يقوله لتغيرت صورة العالم, لكننا نظل نلوم الضحية لأنها ضحية!! ويظل الجلاد والمجرم طليقاً لا احد يذكره لا من قريب ولا من بعيد والغريب في الأمر حتى شهادات الوفاة لضحايا الإرهاب لاتذكر سبب الوفاة الحقيقي وإنما تلقي اللوم على الشرايين الممزقة والكدمات القوية والنزيف الداخلي ولا تذكر حتى عدد الشظايا التي اخترقت الجسد والغريب إن هذه الأسباب ذاتها تكتب لمن يفجر نفسه بحزام ناسف وقد يحسب (شهيداً) وينجز ذووه معاملتهم التقاعدية قبل الضحية فلا فرق هنا بين حامل الموت ومتلقيه!!. هذه التعليلات نسمعها دائما بعد كل عمل إرهابي يستهدفنا جميعا والصدفة وحدها تنجي بعضنا أو تؤجل موتهم بضعة أيام ليس إلا. والإرهاب يسعى دائما لأن تكون شوارعنا خالية من الناس وأسواقنا مغلقة ومطاعمنا لا رواد فيها, هذا ما يهدف له الارهاب يتلخص في إنهاء الحياة في هذا البلد ونحن نساعدهم في ذلك حين نلقي اللوم على الضحايا لأنهم ذهبوا لعملهم أو جلسوا يناقشون شأن ما, نعم نحن نزيد من آلالام الجرحى حين نوبخهم عن خروجهم من البيت وكأننا نطالبهم بالبقاء بين جدران غرفهم بينما ذلك الارهابي يتبضع وهو مطمئن بأن لا يستهدفه أحد من الناس لأنه يدرك جيدا بأن شعب العراق شعب مسالم طيب القلب يعرف تعاليم دينه ويلتزم بها لهذا فالإرهابي في مأمن, تولدت لدينا وعبر سنوات الارهاب هذه أفكار ما كانت موجودة ولا نريدها أن تظل تتداول في أوساطنا الشعبية والثقافية ويجب معالجتها بكل الطرق ومنها أن نحاسب الضحية عن عمل طبيعي يؤديه ونترك المجرم بلا لوم عن عمل غير طبيعي وليس من الإنسانية في شيء, بل وصل الحد في الكثير من مناطق العراق أن تقوم الأجهزة الأمنية بقتل إرهابي يزرع عبوة أو يقود سيارة مفخخة ولا يمتثل للسيطرات أو المفارز, وقتله ومنع وقوع الجريمة فيه إصلاح للمجتمع ونجاة من موت أكيد ولكن في الجانب الآخر منه فيه هلاك للمفرزة التي أدت عملها الوطني والمهني بشرف وإخلاص لأنها ستكون مضطرة للجلوس عشائريا كي (تفصل) هذا الارهابي بملايين الدنانير وقد تعاقب هذه المفرزة بالطرد والسجن أحيانا, ونعود ونلوم عناصر هذه المفرزة عن عمل من صميم واجباتها, وهذا العمل حمى مقهى أو معملاً أو مدرسة كان يستهدفها هذا الارهابي الجبان ولكن نظل ندور في اللوم للضحية متناسين المجرم. وهذا هو الأخطر فقد يلتزم الناس بيوتهم ولكن هل يصح أن يمتنع الجندي والشرطي عن ملاحقة المجرمين واعتقالهم وان اضطر لقتلهم, هل يصح هذا والإرهاب يستهدفنا جميعا أينما كنا, علينا أن لا نظلم الضحية ولا نضيق على الشهداء قبورهم ولا نزيد من ألم الجرحى وان نقول كلمة الحق التي يجب أن تقال بأن الارهاب لا دين له ولا عقيدة بل هو عمل يرتكبه أشخاص بعيدون جدا عن الإنسانية والإسلام وعلينا أن نقضي عليهم ولا نمنحهم فرصة تحقيق غاياتهم الشريرة وأن نشرع أو نفعل القوانين التي تحصن رجل الأمن من أية ملاحقة إذا ما أضطر لقتل إرهابي يزرع عبوة موت لشعبنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن وترامب وجها لوجه | #أميركا_اليوم


.. منذ 7 أكتوبر.. أميركا قدمت مساعدات أمنية لإسرائيل بقيمة 6.5




.. السباق إلى البيت الأبيض | #غرفة_الأخبار


.. بدء الصمت الانتخابي في إيران.. 4 مرشحين يتنافسون على منصب ال




.. مراسل الجزيرة يرصد تطورات استمرار احتجاجات كينيا رغم تراجع ا