الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العهر الإسرائيلي عاريا!!

كامل كاظم العضاض

2010 / 6 / 2
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


العهر الإسرائيلي عاريا!!
د. كامل العضاض


ليس مفاجئا أو غريبا أن تقتل إسرائيل الأبرياء التائقين الى مجرد الحق بالحياة، و لا نقول إستعادة وطنهم المسروق، وليس غريبا أن تزيّف الحقائق، وتخدع العالم على إمتداد أكثر من ستين عاما، ولكن ما حصل أمس الأول من قتل 19 إنسان، وجرح أكثر من ستين شخص، ومعظمهم ناس لا ينتمون الى أهل المصاب الفلسطينيين، بل الى البشرية التي يتوهج في أعماقها الضمير الإنساني، ناس جاؤا على ظهر باخرة وقوارب قليلة، ليقدموا العون والغوث لإخوانهم في الإنسانية المحاصرين داخل قطاع غزة من بضع سنوات، وينقصهم الدواء والكهرباء والغذاء، وربما لو كان بيد إسرائيل لحرمتهم الهواء، ولكنها تكتفي بغاراتها الجوية لتغتال وتقتص وتهدم البيوت والمرافق، أينما وكلما شاءت، فتحرم أطفال وشيوخ ونساء من الهواء والحياة، ولا يحاسبها أحد إطلاقا. فأي إستهتار هذا؟
ومن أجل جلب الإنتباه الى هذا العهر الإسرائيلي الجبان الذي لا يجد من يلجمه، لا من قبل دول العالم الحضارية الكبرى، كما تدعى، ولا من قبل الدول العربية أو المنظمات الدولية، تداعى قلة من الناشطين الإنسانيين، بمباركة تركية الى تنظيم غوث إنساني لإخوانهم الممتهنين إنسانيا والمحاصرين وجوديا في غزة، وذلك بإعداد موكب صغير من القوارب الكبيرة لتحمل الدواء والمعدات الطبية والغذاء الى أكثر من مليون إنسان محاصر في غزة، وهي رقعة صغيرة لا تساوي 10% من مجموع مساحة فلسطين الأصلية التي إستحوذ عليها الصهاينة اليهود تدريجيا، بالقوة الغاشمة والدعم الغربي الخبيث والتوسع العسكري الإبادي
منذ عام 1948. وقد أُعلنت أهداف هذه الرحلة على الملأ، وليس فيها ما يتجاوز على أية سيادة أو قوانين إسرائيلية، فالسواحل في قطاع غزة ليست إسرائيلية، والغوث سوف لا يمّر بأراض تقع تحت الهيمنة الإسرائيلية المباشرة، وليس في الشحنات المحملة أي سلاح أو محذورات تهدد أمن إسرائيل الذين يقولون أنهم يريدون حمايته. ومع ذلك، هوجم هذا الموكب المسالم الذي سمُّي بالفلوتيا، اي الموكب الطافي، هوجم وهو في المياه الدولية، قبالة السواحل الجنوبية اللبنانية، وبعيدا عن سواحل شمال فلسطين، إسرائيل حاليا. وقال الإعلام العسكري الإسرائيلي وزعماء العصابات الإسرائيلية، بأن جنودنا الذين حاولوا الإستيلاء على مركب الحرية الأساسي، قد قوبلوا بالصد العنيف وجُرح بعضهم! كيف يجوز ذلك؟! كان ينبغي مقابلتهم بالورد والياسمين! وكيف كان الإجراء الإسرائيلي المدجج بالسلاح القاتل، لإيقاف محاولة إحباط إنزال أوصعود الجنود القتلة على سطح الباخرة الحرية؟ كان الكيف، بالقتل وبحصد تسعة عشر شهيدا وجرح العشرات من العزل الإبرياء من الناس الأنقياء الذين يجب أن تفخر الإنسانية اليوم بهم وتقيم لهم التماثيل فوق سطح هذه المياه الدولية التي تم إغتيالهم أو جرحهم، وهم على سطح مركبهم، الحرية، فيها. وبغض النظر عن أي تفسير سياسي زئبقي، كيف يمكن تبرير هذه الجريمة البشعة أمام أنظار العالم كله؟ أليس هذا إلا عُهر وإستهتار وإحتقار لكل القيم الإنسانية والقوانين الدولية، ناهيك عن الأعراف والأخلاق والمبادئ التي يتمشدقون بها، مبادئ الحرية والديمقراطية! لتخرس إذن الصحافة الغربية المنافقة التي ما فتأت على مدى ستين عام تصف إسرائيل بالدولة الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط، بل أن بعضهم وصفها بواحة الحرية في صحراء العرب الجرداء والمتخلفة!! العجب كل العجب كيف يتم فتل الحقائق لتعني نقيضها، و لا نعني بأن في صحرائنا حرية، ولكن ليس فيها صفاقة وعهر كالعهر الإسرائيلي الذي شاهده اليوم العالم بأسره. وعلى الرغم من ذلك، تطالعك أحيانا بعض تعليقات عمياء منحازة و مريضة في الإعلام الغربي، الى جانب صيحات الإستنكار والغضب، الطاغية الآن، والتي أضحت تطال العالم كله، بما فيه الغرب الحاضن لإسرائيل. بل أن العالم الآن بدأ يلمس لمس اليد إن إسرائيل وليس غيرها هي الدولة المارقة!
ان من أهم تداعيات هذا الإعتداء والإستهتار الدولي الإسرائيلي هو ربما سيشكل بداية لإنحسار العربدة الإسرائيلية وإغترارها بترسانتها العسكرية وأساليبها الفاشية في القمع والتمييز العنصري والإبادة، هي بداية تشابة بداية إنحسار ثم تلاشي الدول العنصرية الفاشية، مثل رودسيا وإتحاد جنوبي أفريقيا، فإسرائيل لا تملك ذاكرة جيدة للتأريخ؛ فهو يزخر بشواهده التي تثبت بأنه ما من قوة، متمثلة بدولة أو بإمبراطورية تدوم أبد الدهر، فعناصر القوة تتغير وموازينها تتبدل، وتحالفاتها تتقلب، كما أن حظوظها المواردية قد تنضب أو تتضائل في زحمة هذا العالم المتنافس والمتوسع. اضف الى ذلك، فإن العوامل الديمغرافية والجغرافية والمواردية والبيئية لها دور كبير في تحديد مراكز القوى في العالم؛ وهنا تكاد تقع إسرائيل بالضبط في وسط نمو يومي لمثل هذه العوامل العاملة بدأب لخنق الكيان الإسرائيل الملفق. ولوكانت لدى حكماء إسرائيل حصافة لفكروا مليا بالمستقبل البعيد لإجيالهم، فلا يمكن العيش لنهاية الدهر إعتمادا على المدفع القاتل، سيأتي يوما لا ينفع فيه هذا المدفع، ولكن من أين تأتيهم هذه الحصافة، هل من حصافة حكماء صهيون!؟
لننظر الآن للتداعيات المباشرة والقصيرة المدى، فإسرائيل بفعلها الطائش والبلطجي، ستفقد الكثير ليس فقط من صدقيتها، بل من مركزها كدولة عضو في الأمم المتحدة، وهناك من بدأ يراها كعصابة منظمة للقتل والتدمير. فها هي الآن بهجمتها على باخرة تركية ستفقد حليفا تركيا، طالما حاول أن يتعاون مع كيانها اللقيط، من أجل تحقيق سلام وإستقرار في المنطقة؛ وقد ألغت تركيا مناوراتها العسكرية المزمعة مع إسرائيل، وصرح وزير خارجية تركيا اليوم على قناة العربية بأن العلاقات مع إسرائيل سوف تتأثر بصورة بالغة. كما أن إسرائيل إرتكبت هذه الحماقة في الوقت الذي تسعى فيه إدارة أوباما في الولايات المتحدة الى تنظيم مفاوضات مباشرة مع السلطة الفلسطينية من أجل تحقيق حلّ الدولتين. وكان اوباما على موعد للقاء نيتينياهو بعد غد، فأُجل الإجتماع، واصيبت الولايات المتحدة، وهي حامية حمى إسرائيل، بالحرج الشديد، فإسرائيل تقلب المعادلات بحماقة، وقد يأتي يوم تصبح فيه إسرائيل عبئا وليس مكسبا إستراتيجيا للولايات المتحدة والغرب عموما. كما أن القضية سترفع الى مجلس الأمن، وحتى لو لم تتخذ عقوبات ضدها بفعل نفوذ الولايات المتحدة، ولكن صفحتها ستصبح كالحة السواد في أروقة الأمم المتحدة. فضلا عن ذلك فإن الرأي العام العالمي بدأ ينظر الى أسرائيل بأنها هي المارقة وليس غيرها!!


د. كامل العضاض
1حزيران، 2010









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف