الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب المنتقبات ومنع النقاب تعجرفاً

منهل السراج

2010 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ارتدت الصحافية الفرنسية إليزابيث إلكسندر في مجلة «ماري كلير» الفرنسية، النقاب لمدة 5 أيام وانطلقت في شوارع باريس، بغرض الكتابة عن التجربة وتوثيقها بالصور، ومعايشة مشاعر المنقبات.
قامت بكتابة مقال طويل، أقتطف منه بعض العبارات:
«وكأنني تحت خيمة
العباءة تلتف على ساقي وأكاد أن أتعثر
كنت وكأنني ثقب أسود يشفط كل الأفكار والكلمات، كنت بالنسبة الى البعض شيئاً مرهقاً ومتعباً
كأنني شخص مسخ ومشوّه وبغيض
بين القفاز الذى أرتديه وكُمّ العباءة ظهر جزء من ذراعي
اعتبرت ذلك خدشاً لبراءتي، جسدي يصبح بعد الإخفاء فضيحة
تتحول نظرة الرجال إلى عبء وكأنهم جماعة من المهووسين جنسياً الذين يريدون بي وبجسدي شراً، وعليّ أن أحمي طهارتي بحجابي الأسود الذي يتحول قلعة صد تحميني وتفصل بيني وبين العالم. منذ ارتديت النقاب وأنا - للمرة الأولى في حياتي - أشعر بأنني تحولت قنبلة جنسية وكأنني فخ لغاوية».
يستطيع القارئ أن يفهم أنها تشرح مشاعرها كصحافية متشهية لجاذبية التجربة، ولا تشرح مشاعر «منتقبة»، إذ كان يجدر أن تعايش بعضاً من قناعاتهن وتتمثلها كي تحيط بالأمر.
كما يستطيع القارئ أن يفهم أنها في تجريبها النقاب لخمسة أيام، تستعرض أو تعرض أهمية عملها وحجم التضحية في سبيل سبر الحالة، إذ تفعل هذا الأمر «الشديد الصعوبة» بحسب اعتقادها واعتقاد من حولها. وهنا يتوضح فشل المحاولة.
تقول إنها تعثرت بالقماش أكثر من مرة. وفي النهاية شعرت أنها قنبلة جنسية.
يقرأ المرء، محاولات صحافي يتناول مشكلة يعتبرها تخصّه بأدوات ليست منها. ونتساءل كيف بمشكلة عميقة ومتجذرة شرقاً وتستند إلى نصوص دينية هي معتقدات عميقـــــة عند الكثيرين وتزداد تعقيداً وانتشاراً، كيف يمكن تناولها بهذا الاستسهال؟ وماذا تضيف هذه التجارب وتلك المحاولات؟ إن لم أقــل إنني وجدتها استهتاراً ولهواً، فإنني رأيتها تسطحاً، لا يتناول المشكلة ولا يقترب منها بجدية، بل ربما يزيد في نفور أهلها وتقوقعهم على أنفسهم وتشبثهم بهذا الزي. الأمر الذي يطرح هو: كيف غاب عمن يهتم بهذا الموضوع أن النقاب في أوروبا ليس ظاهرة يمكن أن تُمنع بقانون يحظرها، وكيف غاب عن باحثيهم الاجتماعيين والنفسيين أن النقاب حين لا تكون صاحبته في بلد المنقبات، فهو ليس ظاهرة واحدة.
القـــول، إن النقاب فـــي أوروبـــا، وأشدد على، في أوروبا، ليس أمتار قماش، يمكن بقانــــون حظرها، تمزيقها أو تقصيرها أو نزعها. و«المنتقبات» في أوروبا لسن موضوعاً يُحمل بكيس واحد، فلكل «منتقبة» في بلد لا يجبرها على فعل هذا، قصة لنقابها، ولكل محجبة في بلد لا يحرجها في فعل هذا، كما في بلادنا، حكاية لإيمانها وخيارها وخمارها، وأن هذه القصص عبارة عن تراكمات تجمعت عبر سنين طويلة، لتتمظهر عند البعض بهذا الصراخ/ النقاب! والنقاب كلمة لا تؤخذ بأل التعريف، وأن خطورة الأمر تنبع من أل التعريف تلك. حين تضع امرأة في أوروبا، أمتاراً من القماش فوقها، فلأن لديها أسبابها لذلك، وليس لأنها انتمت الى حزب «المنتقبات»، مثلاً.
بحســـب ما يطرح، فعدد المنقبات في أوروبا ليس ذاك العدد الذي يستحق هذا الضجيج. إنما إن كان هذا الأمر شديد الخطورة، ويهدد أمن الدول، فحريّ بالمهتمين أن يتقرّبوا من هؤلاء ويسجلوا أسبابهن الحقيقية. وأجزم بأن لكل منهن سبباً مختلفاً ولكل منهن خلاصاً يخص نقابها. فالأجدى بمدارس علم النفس أن تسبر أولاً طريق هذه المنقبة إلى ربها، وتدرس ذاك الإيمان بالنص الذي حكم عليها بهذا الحل السريع والمنقذ الوحيد لها.
المشكلة في ذهنية الطرفين، وهنا أضع الطرفين في ميزان واحد، أن الإسلاميين المتشددين يمارسون الإسلام من خلال فرض نقــاب المرأة ويقولون إن «المنتقبة» تساعد على تقليل الزنى، ويعرضون في المقابل «الضد/ الغرب» من خلال موضوع التعرّي والحرية الجنسية، كأن يقال: بما أن تركيا أتاحت وجود شاطئ للعراة، فلماذا لا تدع أوروبا المرأة المسلمة تمارس حريتها في اختيار زيّها؟
ولا أظن أن هناك مُحاوِراً أوروبياً أخذ على عاتقـــــه الرد علــــى هذا الخطــــاب أو إبطــــال هذه المقارنة، أو أخذ على عاتقه توضيح أن أوروبا ليست متخصصة بالتعري ولا بمـــوضوع الزنى، وأن مجتمعها لا يولّد هذه الظواهر. وأن من يعيش في أوروبا، وكاتبــــة هــــذه السطور تعيش في السويد، يعرف تماماً أنه لا يوجد أي اهتمام بموضوع الزنى أو رغبــــة مقصودة بالتعري أو تبشير بالتحرر الجنسي، والهمّ ليس هنا على الإطلاق. أما رفضهم للنقاب فليس مقابل تلك الحرية التي يستند إليها ذاك الشيخ حيــــن يقنع المرأة بحفظ نفسها بالنقاب، وأن الإنسان الأوروبي تجاوز هذه الأمور تجاوزاً نهائياً، ولا يوجد أي مجال لأن تكون التمايـــزات بين الطرفين من خلال هذا المنطلق، تلك التمايزات التي، منذ زمن طويل، يستند إليها الشيوخ حين يمارسون فعل «الهداية». والطرف الآخر، أوروبا لم تعتن أو تتواضع بإيجاد صيغة حوار أمام هذه الاتهامات. وهم الآن استسهلوا طرح قانون لا أقرأ فيه إلا تعجرفاً وإمعاناً في تكريس قلة الشأن، قلة القيمة التي تدفع إلى تنشيط هذه الممارسات بما فيها سهولة التشدد الإسلامي.
أمر مثير للاستغراب أن أوروبا لا تعالج هذا، كما تعتني مثلاً بأمور اجتماعية أخرى، ولا تبحث عن طريقة حوار حضارية بعيدة من الضغوط والاستفزازات.
لدينا صديقة تعيش في فرنسا وحدث أنه في يوم وليلة أصبح ولداها الاثنان متشددين سلفيين. تقول إنها لا تنام من قلقها أن يمضيا في يوم إلى اليمن أو يأتي يوم ينجح شخص في إقناعهما بعمل انتحاري، وهو ما استوقفني، ووجدت هذا الهم كارثة حقيقية في حياة الأسرة. وكان سؤالي المباشر لها: ألم تطلبي العون من المؤسسات الاجتماعية الموجودة في منطقتك؟ قالت إنها طرقت أبواباً، لكن لم تعثر على دعم أو حلول لهذه الأزمة، ثم انتقلت مباشرة للحديث عن البطالة وأنه توجد عوائق كثيرة أمام فرص العمل. يفهم المرء أن الأسباب الحقيقية وراء هذا التوجه طموحات الشباب الكبيرة، والدين هو المفرّج عن الهموم، وأول هذه الهموم الإحساس بقلة القيمة، والتشدد المتعجرف في هذا لن يخلق إلا مزيداً من النفور والإمعان بالانفصال والانغماس في دين الأجداد.
* كاتبة سورية تعيش في السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رد بسيط للسيدة منهل السراج
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 6 / 2 - 09:45 )
تحاولين يا سيدتي ببراعة نصف مخبوءة احترافية تخفيف مشكلة الحجاب والنقاب والبرقع لدى المسلمات في الغرب, وإعطائه صفة شخصية عاطفية, وإبعاده عن كل محاولة عنصرية أو اجتماعية أو سياسية. كأن يصبح زيا مشروعا عاديا طبيعيا في هذه البلاد التي حاربت سنينا طويلة في سبيل حقوق المرأة ومساواتها كليا مع الرجل قانونا واجتماعيا ووجوديا, بدون أي استثناء. وكأنما هذا الزى العجيب الغريب لا يشكل أي استفزاز عرقي طائفي, في بلاد جعلت المساواة الاجتماعية عرفا وقاعدة لجميع السكان دون تمييز. مع احترام المبادئ الدينية والفكرية والمعتقدية بشكل واضح تام.
كنت انتظر منك بعد هذا وأنت المثقفة التي تعيش في الغرب, موقفا أكثر راديكالية بالاتجاه المعاكس. يعني أن تكوني ضد الحجاب الذي لا يمثل سوى تقييد المرأة وحبسها واعتبارها أقل من نصف إنسان وكومة من الجنس المتحرك. مع تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


2 - رد بسيط للسيدة منهل السراج
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 6 / 2 - 09:49 )
تحاولين يا سيدتي ببراعة نصف مخبوءة احترافية تخفيف مشكلة الحجاب والنقاب والبرقع لدى المسلمات في الغرب, وإعطائه صفة شخصية عاطفية, وإبعاده عن كل محاولة عنصرية أو اجتماعية أو سياسية. كأن يصبح زيا مشروعا عاديا طبيعيا في هذه البلاد التي حاربت سنينا طويلة في سبيل حقوق المرأة ومساواتها كليا مع الرجل قانونا واجتماعيا ووجوديا, بدون أي استثناء. وكأنما هذا الزى العجيب الغريب لا يشكل أي استفزاز عرقي طائفي, في بلاد جعلت المساواة الاجتماعية عرفا وقاعدة لجميع السكان دون تمييز. مع احترام المبادئ الدينية والفكرية والمعتقدية بشكل واضح تام.
كنت انتظر منك بعد هذا وأنت المثقفة التي تعيش في الغرب, موقفا أكثر راديكالية بالاتجاه المعاكس. يعني أن تكوني ضد الحجاب الذي لا يمثل سوى تقييد المرأة وحبسها واعتبارها أقل من نصف إنسان وكومة من الجنس المتحرك. مع تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


3 - انها امة إقرأ - امة مسخرة
محمد البدري ( 2010 / 6 / 2 - 09:50 )
سيدتي الفاضلة انت تتعجبين بالقول: أمر مثير للاستغراب أن أوروبا لا تعالج هذا، ..... فهل تريدين من اوروبا ان تكون مصحة للامراض التاريخية والاورام الحضارية المليئة بالصديد لدي العرب والمسلمين؟ هؤلاء القادمين اليها بلحي ونقاب اعطتهم اوروبا الفرصة لعلاج انفسهم من امراض اوطانهم المزمنه من خلال حق العمل والانخراط في مؤسساست مدنية كانقابات واتحادات العمال والاحزاب السياسية اضافة لمكتباتها ومتاحفها ومعارضها التي يتوه العقل في مدي ابداعات الحضارة الانسانية. هؤلاء يريدون ما اراده عمرو ابن العاص لمصر وسعد ابن ابي وقاص للعراق ومعاوية للشام. يريدون زرع التخلف والجهل مرة اخري بدعوة فرنسا الي الله. انا لا اري فرقا بين العارية تماما علي شواطئ العري التام في برايتون الانجليزية وتلك التي تلف نفسها اخفاءا لجسدها. الاولي صريحة في حبها لنفسها وتقديرا لجمالها اما الثانية فهي تحتقره من خلال كراهيته . هناك وحده واحده تضمهما بينهما عداء مستتر. صاحبة النقاب لم ترتقي الي مستوي العارية. فلنقرا مبادئ علم النفس مرة اخري دون ان نبدأ بالمعوذتين والبسملة. ففرويد وغيره كثيرين لم يكونوا ناصحين لنا بل معالجين لامراضنا


4 - اي طابور خامس هذا
سفير ( 2010 / 6 / 2 - 11:17 )
اتفق تماما مع ا/احمد يسمار و ا/ محمد البدري في كلامهما
محاولة جذب اوروبا الى مستنقع الانقسام على النفس وخلق مبادئ موازية للمبادئ التي قادت اوروبا الى النهوض والارتقاء لكن المبادئ الموازية ستكون حجر تتعثر به اوروبا دافعا لها للانقسام والفرقة وفي النهاية انهيار تام وعندها سيكون لا فرق بين الشرق المتخلف المتخم بالامراض الحضارية وبين الغرب المنقسم على ذاته المهدد بالانهيار
فاي طابور خامس هذا الذي يعيش من خيرات الغرب وينخر سوسا في هيكلها لتنهار وينقض اصحاب مشروع التخلف الحضاري مسيطرا عليها


5 - نداء إلى الأنتليجنسيا العربية والإسلامية
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 6 / 2 - 13:07 )
شكرا لكلمتك يا سيد سفير. أكرر ولا أقع في فخ الترديد أنه خطؤنا نحن الأنتليجنسيا العربية, وخاصة المسلمة بيننا, المقيمة في الغرب, لأننا لا نـتـكـلـم ولا نـقـاوم كفاية هذه التيارات الإسلامية المتشددة التي تأتي من الوهابية أو من مصر وليبيا وإيران وبعض الدول المغربية. تيارات اتخذت المرأة وفرجها ولباسها راية لمحاولات فتوحاتهم الخيالية وانقباضاتهم النفسية.
خطؤنا هو صمتنا وخوفنا من هذه التيارات المتحجرة التي تنشر الخوف والعودة إلى بدايات العتمة التي تمحو كل فكر وتحليل وحضارة ومكاسب إنسانية. علينا نحن أن نقول لهم كفا. ولمنقباتهن بالاختيار أو بالفرض والأمر أن نقول لهن بكل وضوح ودون أي تردد من تفسيرات مرغبة لا منطق لها ولا أصول, أن نقول لهن إنـزعـن يا أخواتي هذه العلامة المذلة التي تحجب عنكن النور ومعرفة الآخر.. مع أصدق تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة.


6 - النقاب والارهاب وجهين لعملة واحدة
سامر عنكاوي ( 2010 / 6 / 2 - 18:46 )
العالم يعصف به الارهاب والارهاب مختفي خلف الستار والمنقبة كذلك, لذا ارى انه من واجب رجال الدين ان يحرموا النقاب شرعا لانه يساعد الارهاب, وخاصتا في بلداننا العربية والاسلامية, فلا احد يعرف من وراء النقاب واللبس الاسود والجوارب في اليد, قد يكون امراة وقد يكون رجل وقد يكون مجرم او قاتل او مفخخ وقد يكون تاجر مخدرات وقد تكون مومس مختفية عن الاعين, ثم الوجه هوية الانسان الشخصية الوحيدة عند تشابه الاسماء لذلك توضع صورة في كل الهويات للتعريف بالشخص, وهل توجد امراة بالعالم تقبل ان تسير في الشوارع بدون وجه بدون معالم, لا اعتقد انه توجد امراة تقبل ان تمسخ وتمسح بنقاب يحجب وجها عن النور والشمس, وبتقديري المراة لا تؤكل من وجهها, وظهور الوجه لا يكسر جدار الفضيلة كما ظهور الشعر لا يعني الزنى, وبتقديري ايضا ان العيون هي اكثر ما يغري في المراة, فلا داعي لكل هذه الترهات من حجاب ونقاب, ولله في خلقه شؤون


7 - لماذا يذهبن
البراق ( 2010 / 6 / 3 - 10:01 )
السيدة الكاتبة السؤال لماذا يذهبن المنقبات الى بلاد الكفر والصليبيين ؟؟ لماذا لايبقين في دولهن وتحت رعاية ولي الامر ؟ لم تتطرقي في مقالتك الى ان شيخ الازهر المرحوم طنطاوي كان له موقف من النقاب وقال مخاطبا لطالبة في جامعة الازهر انه عادة وليس عبادة فارفعيه من على وجهك ؟ فان كان هذا هو موقف اكبر شيخ اسلامي وفي دولة اسلامية فلماذا نعترض على اجراءات دول غير اسلامية ؟؟

اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس