الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل غزة ومابعد غزة

بدر الدين شنن

2010 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


قادة قطبي الصراع العربي الصهيوني الأساسيين يعرفون جيداً مضمون الدور الحقيقي لأسطول الحرية ، الذي يضم متضامنين ينتمون إلى أكثر من ثلاثين دولة . وقد تعاملوا منذ البدايات مع حراك هذا الأسطول ، بالحد الأقصى من الحشد ، ومن السياسة ، ومن الإعلام . فالجانب العربي والمتضامنين معه ، يهدفون من إعداد الأسطول ومن حراكه كسر الحصار على غزة ، أي دعم المقاومة ضد الحصار الصهيوني العربي الدولي الشامل لشعب غزة. والجانب الصهيوني يهدف من إفشال عملية الأسطول كسر مقاومة الحصار، وكسر أية مقاومة ، تحت أية مسميات كانت ، لمشاريعه الاحتلالية .

ولحساسية الكيان الصهيوني وخوفه على وجوده لايجد خياراً في مواجهة أي حراك داعم للحق العربي ، وخاصة الحراك الذي له امتدادات دولية ، سوى خيار الدم والجريمة ، ليتفادى تداعيات هذا الحراك قبل أن يخرج عن السيطرة .
ولايحتاج العدوان الصهيوني على أ سطول الحرية لكبير جهد لمعر فة ، أن خلفية هذا العدوان ، إنما تعتمد على إدراك صهيوني حاسم ، أن حركة هذا الأسطول هي حركة نوع من المقاومة لاحتلاله وحصاره . وقد ظهر ذلك من عبارات المسوغات الصهيونية لهذا العدوان ، باتهام المتضامنين الذين على متن سفن هذا الأسطول بالإرهاب وبالتنسيق مع " حماس " . وإذا كانت الحماقة التي اتسمت بها هذه المسوغات يسخر منها الواقع ويكذبها ، فإن لا أحد قادر أن ينفي ، أن جوهر التضامن مع شعب غزة والشعب الفلسطيني كله ، هو فعل مقاومة . وأمام روح .. وشبح المقاومة .. كيفما تجلت يرتجف الصهاينة ويفقدون توازنهم .


وعلى ضوء ذلك ، فإن ما قدمه أ سطول الحرية في غمرة الصراع العربي الصهيوني ، هو أكبر من الدعم البطولي الرائع لكسر الحصار على غزة ، وأكبر من نصرة إنسانية لشعب غزة ، الذي ’أخذ " بذنب " ممارسة حقه الديمقراطي في انتخابات تشريعية دستورية ، إنه إنجاز عملي ميداني متطور في مفهوم وأساليب وتنوع أ شكال المقاومة .. إنجاز يتجاوز كل الطروحات المتخاذلة التبريرية للاستسلام للكيان الصهيوني .. مرة با سم السلام .. ومرات با سم الاعتدال ، والواقعية ، والعقلانية، ومقتضيات العولمة ، ويتجاوز أيضاً طروحات صراع الأيديولوجيات وصراع الأديان والحضارات ، ويتجاوز اتفاقية كامب ديفيد واتفاقية وادي عربة ومبادرة السلام العربية . وهذا ماعبر عنه بلا لبس ، أن المطران هيلاريون كبوجي والشيخ رائد صلاح والسفينة التي تحمل ا سم الشهيدة البطلة راشيل كوري كانوا في عداد المشتركين في أ سطول الحرية .. إنه تنور فاض ضوءاً وبشارة وإرادة ..

ما يؤلم ويحز في النفس ، أنه في الوقت الذي يلتقي فيه مئات من الناس الشرفاء الطيبين .. من دول ومن ديانات شتى .. ويتعاهدون .. ويركبون عباب البحر .. ليكسروا حصاراً .. هو أولاً فعل عسكري بامتياز ، ولينصروا شعباً تخلت عنه دول عظمى ودول شقيقة ، مايزال البعض في مواقع سياسية وإعلامية عربية ، يحاول أن يحرف اتجاه بوصلة العقيدة الوطنية العربية من العدو الصهيوني إلى جهة أخرى ، ويحاول أن يضر بسمعة المقاومة للمشروع الصهيوني في الوطن العربي ، ليس المقاومة المسلحة فقط ، التي تعطر بعبق دماء شهدائها فضاءنا العربي الملوث بالعجز والفساد والقمع ، وإنما كل أ شكال المقاومة السياسية والاقتصادية والثقافية .

كل الناس البسطاء في دنيانا العربية وفي كافة بقاع الدنيا ، الذين تنبض قلوبهم طيبة وشرفاً وحباً للإنسانية ، عندما كان أسطول الحرية يحاصر ويعتدى على المتضامنين مع غزة على متنه قتلاً واعتقالاً ، كانوا يتلهفون إلى رؤية أو سماع ، ان أسطولاً عربيًا حربيًا ، أو طيراناً عربياً مقاتلاً ، أو قطع بترول اوغاز ، أوسحب أموال وأرصدة ، أو التهديد بقطع علاقات دبلوماسية مع وإسرائيل ، أو .. أو .. لوقف المجزرة ولمتابعة مشرفة أكثر مضاء في الصراع العربي الصهيوني ، لكن الأنظمة العربية التي صرفت مئات المليارات على التسلح وبناءالجيوش ، والتي تملك تريليونات الدولارات ، كانت عمياء وطرشاء وخرساء ، إزاء الجريمة الأكثر انفضاحاً وعدوانية على شرفاء العالم المناصرين للحق العربي فوق البحر المتوسط .

نعم لقد حرك أ سطول الحرية الشارع العربي إلى حد ما ، لكن ذلك ليس كافياً ، ولايتناسب ومستوى المضمون الفعلي لما قام به أ سطول الحرية ، الذي ينبغي ان يتصاعد ويستمر . إن أ سوأ ما قد تكون عليه النهايات ، أن تقتصر المسألة على عنوان كسر حصارغزة . فكسر الحصار على غزة إنجاز نضالي كبير . لكنه جزء من الصراع العربي الصهيوني . وإذا ماتم تحت الضغوط الشعبية والدولية التخفيف من هذا الحصار ، فإن فلسطين تبقى مغتصبة ، ويبقى الوجود العربي مهدداً بمفاعيل الكيان الصهيوني وأطماعه العدوانية التوسعية .

أي أن المواجهة مع الكيان الصهيوني ينبغي ألاّ تخضع لألاعيب دول " الاعتدال العربي " المتواطئة مع المشروع الصهيوني ، وأن لاتتوقف عند أ سوار غزة . بل ينبغي متابعة العمل لإطلاق سراح كافة أسرى وسفن أ سطول الحرية .. ومتابعة النضال إلى مابعد أ سوار غزة .
لقد أ سهم أ سطول الحرية بتعزيز الاعتبار للمقاومة ، بفتح ثغرة لابأس بها في أ سوار الكيان الصهيوني الأخلاقية والسياسية . والمطلوب متابعة المقاومة والمثابرة بأشكال متعددة ، لكسر حصار الأنظمة العربية على شعوبها المقهورة ، لفتح ثغرات أخرى أكبر وأهم في مجالات عديدة ، سياسية واقتصادية إقليمية ودولية يتحصن خلفها الكيان الصهيوني ، وصولاً لانتصار يعيد فلسطين لأهلها ويجدد بنائها على أ سس علمانية ديمقراطية ، تجسد موئلاً للسلام والحرية والإنسانية بديلة للأسرلة الصهيونية العنصرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟


.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د




.. مطالبات بايدن بالتراجع ليست الأولى.. 3 رؤساء سابقين اختاروا


.. أوربان يثير قلق الغرب.. الاتحاد الأوروبي في -عُهدة صديق روسي




.. لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.. فرنسا لسيناريو غير مسب