الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة إسرائيل – ألداء والدواء

محمد نفاع

2010 / 6 / 4
القضية الفلسطينية


ألجريمة الأخيرة التي ارتكبتها إسرائيل – حتى كتابة هذه السطور – هي حلقة تصاعدية في عالم الإجرام والإرهاب الرسمي، اعتداء دموي مبيّت وفي عرض البحر وخارج المياه الإقليمية وبهدف سلامي تضامني إنساني لأسطول الحرية، فك الحصار الإجرامي عن غزّة والمفروض منذ أكثر من ألف يوم. ولا نبالغ في القول إذا أشرنا أن إسرائيل ومنذ قيامها ارتكبت أعمالاً إجرامية قلّما عرفتها البشرية في العصر الحديث: تهجير واحتلال واستيطان وقتل شبه يومي ومجازر بالعشرات وعنصرية وفاشية زاحفة واضطهاد والقائمة طويلة وقد تكون من أطول القوائم في الإجرام لدولة واحدة، يبدو أن هذه هي طبيعة وجوهر السياسة الإسرائيلية وهي تعتمد بذلك على ثلاثة محاور وركائز أساسية بالإضافة إلى الكثير من الركائز الفرعية.
* فهي قوية من ناحية عسكرية – وقوتها تنبع من أهدافها التوسعية ومن طواعيتها للقوى الاستعمارية في المنطقة والعالم، وهذا انسحب وينسحب بشكل خاص على بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، فمصروفاتها العسكرية بالنسبة لحجمها الجغرافي والسكاني هي من أعلى النسب في العالم، ولديها قدرة في التسلح من صناعتها واستيرادها، هذه حقيقة ليست قابلة للنقاش والحروب العدوانية أثبتت ذلك بمعظمها من سنة 1948 وإلى اليوم.
* ولها حُماة ومدافعون وشركاء في طليعتهم اليوم الولايات المتحدة الأمريكية أكبر وأقوى دولة استعمارية، ليس فقط أنها تمدّها بأحدث أنواع وكميات الأسلحة المتطورة عن طريق هبات ومساعدات ومبيعات بل ان أمريكا تقف بالمرصاد في مواجهة كل من يعادي إسرائيل داخل الأمم المتحدة وخارجها بلا ادنى حدّ من الأخلاقيات، واستعمال كلمة أخلاقيات في السياسة من هذا النوع هو ضرب من السخف، فكل تشدق بالمنطق والحق والقانون الدولي يصبح في خبر كان ومهزلة إذا كانت هنالك أدنى محاولة لتطبيقه على إسرائيل، لأن حق النقض الأمريكي حاضر دائمًا ولا يوجد هنالك أي فرق جوهري بين هذا الرئيس الأمريكي أو ذاك، لأن جوهر السياسة الأمريكية هو المعيار. وهذا الجوهر استعماري استغلالي عدواني.
إن أحد دوافع الحرب الإجرامية على العراق وغزوه وتدميره يتلخص في الإبقاء على إسرائيل الدولة الأقوى. وهذا التهديد اليومي والخطير لإيران يدخل في هذه الخانة. ووضع سوريا في قائمة الإرهاب والشر أو المشجعين له يدخل في هذا البند، والتآمر على لبنان وتسويء العلاقات مع سوريا جزء من هذا المخطط، ان قصف إسرائيل لأهداف داخل العراق وسوريا بحجة انها مفاعلات لها علاقة أو حتى رائحة نووية يمر هكذا، وقصف إسرائيل لمنشآت مائية سورية للافادة من حقها الطبيعي من مياه الأردن وروافده يمر بهذه اللامبالاة، فكيف الحال لو ان الأمر كان معكوسًا!! ان المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في الرّفيد وقانا وصبرا وشاتيلا ونحالين ومدرسة بحر البقر ومصنع ابو زعبل والسّموع ودير ياسين وكفرقاسم ويوم الأرض واكتوبر 2000 والاغتيالات التي نفذتها ضد قادة فلسطينيين في لبنان وتونس وفرنسا وايطاليا والكثير الكثير غيرها، والحروب الإجرامية على غزة وجنين ولبنان والأقصى وفي عرض البحر، هي سجل أسود طافح بالإرهاب والعدوان ومع ذلك تبقى في عرف الأسياد والعالم الحر جزءًا من هذا العالم الحر ودولة دمقراطية.
* والأمر الثالث وهو الأهم – هو عدم نجاعة الدواء والعلاج لهذا الداء، وهذا مرتبط بالرجعية العربية أحد أضلاع صنع النكبة واستمرارها. فلم يشهد التاريخ منذ نشوء الخليقة واقعًا نذلاً حقيرًا جبانًا كموقف هذه الرجعية، فهي أداة طيّعة في يد عدوها وخانقها الاستعمار، من البريطاني إلى الأمريكي اليوم، والذي يقف متفرجًا في غالب الأحيان على إسرائيل وهي تقتل في غزة بحجة "حماس" وفي لبنان بحجة حزب الله، ببغاوات هبلاء تردد ما يقوله السيد الأمريكي للعبد، أما وصول قوى فاشية إلى سدّة الحكم في إسرائيل فهذا شأن آخر وتظل إسرائيل دولة دمقراطية وجزءًا من هذا العالم الحُر، كل هذا العالم المتنور الحر بهذا الشكل يفحص ويمحص بالمجهر: هل نفذ حزب الله قرار مجلس الأمن!! هل نفذت إيران قرار مجلس الأمن!! مع أن أكثر دولة لم تنفذ قرارات للأمم المتحدة منذ عشرات السنين وحتى اليوم هي إسرائيل. فهل المجتمع الأمريكي والأوروبي مثلاً وهو مجتمع قارئ ومتعلم لا يعرف هذه الأمور حتى نروح نتهم الإعلام الفلسطيني مثلاً أو السوري أنه مقصّر، هذا المجتمع "يعرف ويحرف" دون تعميم طبعًا.
إن أكبر مؤامرة اليوم هي ضد حق المقاومة وثقافة المقاومة ودمغها بالإرهاب، لذلك يبقى الدواء الناجع والناجح لهذا الدّاء هو المقاومة. المقاومة في الموقف السياسي دون أي تنازل أو رضوخ أو اعتماد على موقف أمريكي جُرب على الدوام، وكم هو صادق المثل الشعبي القائل: "من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب"، مع أن الأمر ليس كذلك، فأمريكا هي حامية كافة النظم العربية الرجعية الذين يرون في الوطنية الحفاظ على عروشهم – وهذه هي المأساة، فحين واجهت إسرائيل مقاومة شعبية في فلسطين ولبنان كانت النتيجة أفضل بكثير من كل طريق آخر، هذا هو الدواء ونقول ذلك ليس حبًا في سفك الدم بل حبًا في حقن الدم، فنحن دعاة سلام عادل وشامل ولسنا دعاة استسلام نذل مضرّج بسفك الدم، لكن من جانب واحد، من جانب الضحية صاحبة الحق.
نحن من أجل إطلاق سراح الجندي جلعاد شليط وعودته سالمًا معافى إلى أسرته، والذي تحوّل إلى إسم عَلَم تعاطت معه الملوك والرؤساء العرب، وماذا مع الألوف المؤلفة من الفلسطينيين والعرب المعتقلين والمخطوفين في إسرائيل!! ان كل واحدٍ منهم يساوي الجندي جلعاد شليط لدى أهله وأسرته فنحن لا نفرق بين دم ودم، هذا مع اختلاف ظروف وساحة الخطف والاعتقال هنا وهناك. إن هذا الفحص والتمحيص والنظر بأدق مجهر لطبيعة المقاومة وانتمائها الفكري والاجتماعي هو وقوع في شرك المحتل والمعتدي، إن أي مقاوم للاحتلال والعدوان مهما كان موقفه وانتماؤه الفكري والطبقي والاجتماعي أشرف ألف مرة من المحتل والمعتدي الدمقراطي والحُر. ومهما فتشنا في صفحات التاريخ وتجارب الشعوب، الحل الوحيد والناجع هو المقاومة، المقاومة في الموقف، واللسان واليد والحجر والسلاح، ان المحتل الذي يعطي لنفسه الحق في استعمال كافة أنواع السلاح وأساليب العدوان، فمن الحَريّ والبديهي جدًا والطبيعي جدًا والمنطقي جدًا أن يعطي المقاوم نفسه الحق في المقاومة بكافة الأشكال، فإذا كان المحتل والمعتدي تؤلمه الضربات السياسية والاقتصادية فيجب اتباع هذا الحق الذي هو ردّ فعل مشروع على فعل غير مشروع. وهذا ينسحب على كافة المجالات الأخرى، نحن نشجب قتل واستهداف المدنيين في كل مكان من قبل المقاومة، لكن ماذا مع قتل واستهداف المدنيين من قِبل المعتدي والمحتل. يجب السير على معيار ومقياس: واحدة بواحدة والبادي أظلم، والسّن بالسّن والعين بالعين. لأن الصمت على جرائم المعتدي والتساهل معه والتذلل له يزيد جشعه وحبه لسفك الدم، إن شعور أي فرد وأي شعب بالاستعلاء والتفوق هو قمة العنصرية والنازية، وشعور أي فرد وأي شعب بالدّون هو قمة الذّل والمهانة وانعدام الكرامة. ولا يمكن لشعب بأسره أن يقبل بابتلاع حقه وهدر ومصادرة كرامته. أما هذا السيل من الشجب الكلامي والقرارات الطُّرح المجهضة قبل ولادتها فأصبحت في خانة القرف، ولا يمكن فقدان الأمل بشعب يدافع عن حقّه المسلوب وكرامته المهدورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يُحطم رياضيو أولمبياد باريس كل الأرقام القياسية بفضل بدلا


.. إسرائيل تقرع طبول الحرب في رفح بعد تعثر محادثات التهدئة| #ال




.. نازحون من شرقي رفح يتحدثون عن معاناتهم بعد قرار إسرائيلي ترح


.. أطماع إيران تتوسع لتعبر الحدود نحو السودان| #الظهيرة




.. أصوات من غزة| البحر المتنفس الوحيد للفلسطينيين رغم المخاطر ا