الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى لا ينجو القاتل

محمد السهلي

2010 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



صنف مراقبون موقف السلطة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من الهجوم على «أسطول الحرية» في خانة المواقف التضامنية (!) ورأوا أن هذا الموقف افتقد العلامة الفارقة التي يفترض وجودها في تصريحات قيادة السلطة وبيان اللجنة باعتبارهما من «أعمدة» البيت الذي يشتعل فيه الحريق ويتسع.
وعلى الرغم من أن دعوة المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بردع المعتدي ومعاقبته هو أمر صحيح ومطلوب، وكذلك الأمر بما يخص الجامعة العربية وغير ذلك من المنظمات والهيئات ،إلا أن هذا يأتي في إطار البحث في الجوانب القانونية والإنسانية فقط (وهي مهمة) إلا أن الجريمة المرتكبة سياسية أيضا وبامتياز.
على ذلك، إذا كانت السلطة واللجنة التنفيذية جادتين في اتخاذ موقف على مستوى الحدث، فإن الحديث هنا يجب أن ينصب على بحث الخيارات السياسية المتاحة أمام الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية وهذا يبدأ ـ برأينا ـ بإغلاق باب المفاوضات مع إسرائيل على اعتبار أن ما ارتكبه قراصنتها يشكل عدوانا صارخا على الشعب الفلسطيني من خلال الاعتداء على مناصري حقه في الحرية والاستقلال.
فمن غير المعقول أن يبدو الموقف «الرسمي» الفلسطيني متخلفا ومختلفا عما حوله من مواقف على أصعدة عدة:
• فهو متخلف قياسا بموقف الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها وهؤلاء يشكلون بمواقفهم بوصلة رئيسية يجب الاهتمام بمؤشرات توجهاتهم وأخذها بنظر الاعتبار.
• وهو مغاير لمواقف معظم القوى والفصائل والمؤسسات والهيئات الفلسطينية التي عارضت أولا الدخول في المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان وتعويم مرجعيتها، ومن الطبيعي أن تطالب الآن بوقف هذه المفاوضات فورا أمام هذا الإصرار الإسرائيلي على ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني ومناصريه.
• ما سبق في شقيه الشعبي والسياسي يعبر عن حقيقة الموقف الفلسطيني في الوقت الذي يمثل فيه أي موقف معاكس خيارا ضيقا باتجاه السير نحو المجهول وهو امتداد لحالة الدوران في الحلقة المفرغة والتي دفعنا ولا زلنا ثمنا باهظا جراء ممارسته ومن المفترض أن يجري القطع معه نهائيا.
عندما أعلنت الأغلبية العددية في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عن قبول الدخول في المفاوضات غير المباشرة، سوغت ذلك بأنها تعطي فرصة للجهود الأميركية تجاه التسوية السياسية للصراع القائم، وبأنها لا تريد أن يبدو الجانب الفلسطيني هو المعطل لهذه الجهود وفق تقدير يقول بأن واشنطن ستكتشف أن الجانب الإسرائيلي هو الذي يقف حجر عثرة أمام نجاح هذه الجهود.
وعندما اجتمع المبعوث الأميركي جورج ميتشل مع الفريق الفلسطيني المفاوض ذكر بأن بلاده ستراقب بجدية وحزم أي إجراء استفزازي من قبل أي من الطرفين وبأنها لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه من يقوم بهكذا إجراء، وعندما سئل عن معيار الاستفزاز الذي سيحكم وفقه الجانب الأميركي تكتم على الأمر ولم يوضح سوى مطلب واحد هو وقف التحريض الفلسطيني.
ولا نعرف هنا في حال أعيد طرح الاستفسار على ميتشل مرة أخرى من زاوية تصنيف الهجوم على «أسطول الحرية» فهل سيخرجه من دائرة اختصاص مسار المفاوضات وشروط استمرارها على اعتبار أنه «مسألة دولية» خارج الاختصاص؟
وهل سيعتبر أن الرقابة الأميركية (في حال وجدت) على مسار المفاوضات مقصورة في جغرافيتها على أراضي الضفة الفلسطينية كون قطاع غزة خارج الولاية (الإدارية) للسلطة الفلسطينية في رام الله؟
وبالتالي فإن ما يجري من أحداث تتعلق بحصار القطاع ومعاناة سكانه خارج التداول في سياق الحكم على الاستفزاز والجرائم الإسرائيلية المرتكبة ولا يُسمح بتسجيلها في ملف أداء الجانب الإسرائيلي في موضوعة المفاوضات!؟
وحتى تستقيم الأمور وينسجم الأداء السياسي الفلسطيني مع الأهداف الوطنية المطروحة فإننا نعتقد أنه يجب تحديد النقاط الآتية:
• وضع جريمة الاعتداء على «أسطول الحرية» في إطار الجرائم وحروب الإبادة الممارسة ضد الشعب الفلسطيني ووضع المجتمع الدولي أمام موقف فلسطيني موحد يرى بأن إسرائيل في إجراءاتها وممارساتها ليست شريكا صالحا في أية مفاوضات ضمن الشروط والظروف القائمة، وإذا كانت الإدارة الأميركية ترى أن من مصلحتها التقدم في مسار التسوية السياسية فمن واجبها ومعها أركان المجتمع الدولي أن تعمل على «تأهيل» الجانب الإسرائيلي لهذا الغرض لا أن تصوب كل ضغوطها على الجانب الفلسطيني دون غيره.
• والرسالة هذه لها عنوان آخر هو الجامعة العربية التي من واجب مكوناتها أن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه وتساعده على إنضاج ظروف المفاوضات بدأ من رفض إجراء هذه المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان وتعويم مرجعيتها واستمرار العدوان والتهديد والوقوف إلى جانب هذا الموقف الفلسطيني ودعمه والدفاع عنه بدلا من الانضمام إلى حملة الضغوط الغربية في مواجهته.
• الالتفات الجدي إلى الوضع الفلسطيني الداخلي والعمل الدؤوب لاستعادة الوحدة الوطنية بعد أن أثبتت التطورات المتلاحقة أن الانقسام بات يتسع لمرور جميع مشاريع الحلول التي تنتقص من الحقوق الفلسطينية وتسعى لتصفية القضية الوطنية بدءا من شطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم وصولا إلى التناغم مع التصورات الأميركية ـ الإسرائيلية تجاه مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي إطار السعي المطلوب ومن موقع المسؤولية الوطنية لاستعادة الوحدة نرى أنه من الضروري أن تتخد مكونات الحالة الفلسطينية سياسيا وشعبيا في مواجهة الأخطار الصهيونية اليومية وفي مقدمتها الاستيطان وحملات التهويد فمن المفترض أن تكون هذه مهام وطنية جامعة يجرى في إطار استعارها تجاوز واقع الانقسام المرير الذي يحاول البعض أن يقرأ جميع المهام المطروحة وآليات تنفيذها ضمن قاموس الانقسام البغيض.
• إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني وتظهير أولوياته في إطار الهيئات والمؤسسات الوطنية والأخذ بنظر الاعتبار واقع الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده من خلال إعلاء شأن المهام ذات الصلة بالدفاع عن حق العودة والاهتمام بقضايا اللاجئين الفلسطينيين ضمن خطة وطنية واضحة ينهض لتنفيذها جميع مكونات الحالة الفلسطينية في مواقع اللجوء والشتات. وتوحيد الجهود الوطنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في مواجهة الاستيطان والتهويد وما يتفرع عنها من مهام تتعلق بمواجهة مشاريع الحلول الجزئية والدفاع عن القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية وتكثيف الجهود الوطنية والصديقة من أجل فضح جرائم الاحتلال وتثمير قرارات محكمة لاهاي بشأن الجدار، والتوجه إلى المجتمع الدولي وهيئاته القانونية والإنسانية في إطار خطاب فلسطيني موحد يسعى لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
• وإلى جانب ذلك وقبله تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة الاعتبار لدورها كمرجعية للشعب الفلسطيني واحترام قواعد العمل الوطني الائتلافي في مختلف مؤسساتها وهيئاتها وخاصة اللجنة التنفيذية والقطع مع حالة الاستفراد في الموقف السياسي عبر الاستعانة بالأغلبية العددية في هذه الهيئات والمؤسسات والاحتكام إلى قرارات القواسم المشتركة التي صدرت عنها.
• وفي إطار السلطة الفلسطينية ومؤسساتها ينبغي إعطاء الأولوية للنهوض بأوضاع المواطن الفلسطيني الاقتصادية والاجتماعية واعتماد السياسات التي من شأنها أن تخفف من الضرر الواقع عليهم بسبب السياسات الإلحاقية الإسرائيلية.
• ما سبق يمكن أن يجري في إطار السعي لاستعادة الوحدة الوطنية وإن كانت هذه المهام لا تصل إلى نتائجها المرجوة إلا عند استعادة هذه الوحدة وفق الأسس والمبادئ التي تم اعتمادها في إطار الحوارات الوطنية، على نحو خاص ما رد في وثيقة الوفاق الوطني ويعني في الجوهر إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية بما يكفل للحالة السياسية الفلسطينية استعادة المبادرة من أجل التقدم على سكة انجاز الحقوق الوطنية.
من غير ذلك، ستبقى حالة المراوحة حول الذات وسيبقى العدو الإسرائيلي مستمتعا بما نحن فيه وينتقل من جريمة إلى أخرى لأنه يعرف أنه في ظل هذا الواقع سرعان ما تقعد الدنيا إن هي وقفت في وجهه كلما ارتكب إحدى جرائمه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!