الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام الملالي في إيران بين مطرقة العقوبات الاقتصادية وسندان الاحتجاجات الجماهيرية

وصفي احمد

2010 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



من يتابع تاريخ الرقعة الجغرافية التي تسمى اليوم بـ ( رحلة إبران ) يرى العديد من الامبراطوريات قد نشأت فيها وإنما نفوذها يتجاوز حدودها الجغرافية في معظم الأحيان . كما يلاحظ أيضاً أن هذه الامبراطوريات غالباً ما تسقط بشكل دراماتيكي بفعل مؤثرات خارجية وأخرى داخلية . وهذا ما حصل لنظام الشاه الاستبدادي الذي تسلط على رقاب الجماهير الإيرانية لعقود من الزمن لكنه تهاوى بفعل العقوبات القوية التي وجهتها هذه الجماهير له ولأركان نظامه .
لقد كانت الثورة التي أطاحت بها النظام في سنة 1979 م تتفاعل فيها أو لنقل تقودها تيارات اجتماعية وسياسية يمكن تصنيفها إلى تيارين رئيسيين الأول يمثل البرجوازية إسلامية كانت أو قومية أو لبرالية والثاني يمثل اليسار الإيراني الذي يتبنى قضايا الطبقات والشرائح المحرومة في المجتمع .
عندما أحست الدوائر الغربية بأن الأمور في إيران ستتحول بالضد مما تشتهي سفنها وأن النظام الشاهنشائي آيل إلى السقوط لا محالة قامت بالتواطؤ مع الملالي بقيادة خميني وقد ساعدها في ذلك العديد من الأحزاب والشخصيات التي تسمي نفسها ( علمانية ) بعد أن اعتقدت أن هؤلاء الملالي يمكن أن يسمحوا لها بهامش ولو محدود للمشاركة في السلطة .
لكن الذي جرى أن الملالي ما أن أمسكوا بخيوط السلطة حتى أخذوا يزيدون من قبضتهم على السلطة عن طريق إزاحة خصومهم السياسيين عن طريق النفي كما حصل مع أبو الحسن بني صدر أول رئيس إيراني منتخب ، أو عن طريق التنكيل سواء بزج المعارضين في السجون والمعتقلات وحتى إعدامهم خصوصاً من يثبت انتمائه إلى اليسار الإيراني أو حمله الأفكار القومية من القوميات غير الفارسية . ولم يشمل من هذه العمليات التنكيلية حتى بعض رموز النظام الجديد فالكل يتذكر العملية التي جرى فيها قتل العديد من أركان السلطة الجديدة مثل رئيس البلاد وقتها ( رجائي ) .
وقد استغل هذا النظام القرون التي رافقت الحرب العراقية – الإيرانية ليستغلها كذريعة في رفع درجة الملاحقات والتنكيلات بحق معارضيه . وبعد انتهاء هذه الحرب التي أريد منها استنزاف كلا النظامين العراقي والإيراني الذي أخذ يبني ترسانته العسكرية من الأسلحة التقليدية وخصوصاً الصواريخ بعيدة المدى ليُشعِر إسرائيل بأن اختلالاً قد يحصل في موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط . ولم يكتف النظام بهذا الأمر بل أخذ يتدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة عن طريق دعم الحركات والأحزاب الشيعية وهذا ما أرعب الأنظمة القائمة فيها وحلفائها الغربيين مخافة أن يسيطر نظام الملالي على منابع النفط ( عصب الحياة المعاصرة ) بالشكل الذي أدى إلى أن تدق ناقوس الخطر ، حتى أن الإدارة الأمريكية السابقة كانت قد صنفت النظام الإيراني ضمن محور الشر .
كل هذه الأمور كانت تجري على حساب الطبقات المسحوقة للشعب الإيراني ، على اعتبار أن موارد البلاد بدل أن تنفق على تحسين أوضاعها ، كانت تذهب في الاتجاه الذي ذكرناه سابقاً . مما جعلها تسعى إلى الخلاص من هذه الأوضاع وغيرها عن طريق الاحتجاجات السلمية التي قمعت بكل قساوة من قبل النظام .
لقد ولدت هذه الأمور حالة من الإحباط واليأس لدى الجماهير ما دفع غالبيتها العظمى إلى مقاطعة كل الانتخابات التي جرت في ظل النظام كونها انتخابات تصمم بالشكل الذي يؤدي إلى صعود السياسيين الموالين لنظام الملالي عن طريق فلترة كل إنسان يشك في ولائه للسلطة القائمة .
إلا أن الجماهير كانت قد توجهت إلى صناديق الاقتراع بكثافة لأنها اعتقدت أنها تستطيع تعديل كفة الميزان لصالح الإصلاحيين . لكن الأمور جرت بالضد من رغبتها حيث زورت الانتخابات لصالح أحمد نجاد على حد قول العديد من أركان التيار الإصلاحي .
وقد أدى ذلك إلى هياج الشارع حيث خرجت الجماهير إلى الشوارع محتجة على ما جرى رافعة شعارات أكدت أن الحركة الاحتجاجية ليست ملك الإصلاحيين وحدهم ، وإن كانوا هم رموز هذه الحركة ، مثل شعار ( يسقط الدكتاتور ) وعلى الرغم من القمع الوحشي الذي جوبهت به هذه الحركة الاحتجاجية لكن الجماهير تحدت وظلت مصرة على مواقفها .
كل هذه الأمور تجري في ظل عزلة دولية خانقة للسلطة الإيرانية القائمة على خلفية العقوبات الاقتصادية التي بدأت تفرضها الدوارة الأمريكية السابقة بالتعاون مع حليفاتها في الاتحاد الأوربي كي تثني هذا النظام من طموحاته النووية . إلا أن هذا النظام لم يستجب لهذه الضغوطات مستنداً إلى الدعم الذي كان يحصل عليه من قبل روسيا والصين . إلا أن الخناق بدأ يضيق بشكل تدريجي على هذا النظام بعد أن استطاعت إدارة أوباما إلى إقناع روسيا والصين بالتخلي عن دعمها لهذا النظام في ظل صفقات اقتصادية يعلمها كل المراجعين للشأن الإيراني .
كل الدلائل تشير أن التغيير سيحصل في إيران لا محالة ولآن نظام الملالي أصبح محقوناً داخلياً وخارجياً . وبالتأكيد فإنَّ التغيير المحتمل سيلقي بظلاله الإيجابية على عموم منطقة الشرق الأوسط برمتها ، إذ سيعمل النظام الجديد في إيران على إيقاف دعمه لأذرعة إيران في المنطقة أو خفضه على الأقل مما يسهل قلب موازين القوى لصالح القوى التحررية في المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟